لبنان يوم الشهيد بدون الأب الحنون لكل أبناء الشهداء
أم الحسنين الزايدي
١١/١١ هو يوم الشهيد في لبنان، يوم يستذكر فيه أعظم وأشجع وأنبل رجالها من واجهوا الصهيوني في ساحة الحرب فلم يكتب لهم يومًا سوى النصر؛ في مثل هذا اليوم من كُـلّ عام يطل سماحه الأمين العام الشهيد القائد العظيم سيد الجهاد والمقاومة والإنسانية، من مضى شهيدًا عزيزًا على طريق القدس السيد حسن نصرالله -رضوان الله عليه- يطل يلقي أجمل العبارات التي تداوي أوجاع قلوب كُـلّ أسر الشهداء، يتكلم وفي كُـلّ كلمة له يصنع بلسماً يدخل قلوب المكلومين فيداويها، يستذكر الشهداء وتضحياتهم وبطولاتهم ويتمنى الشهادة.
لا أعلم كيف سيكون حال أهلنا في لبنان وبالأخص أسر الشهداء في هذا اليوم وقد رحل مداويهم وقد رحل الأب الحنون لكل أبناء الشهداء وهو أب لـشهيد مثلهم، لم يدخر أبنائه للمستقبل والمناصب بل قدم أحدهم وهو الشهيد هادي قربانًا في سبيل تحرير الأرض وصيانة العرض؛ من لهم اليوم يداوي جراحاتهم التي داواها سيدها فأُصيبوا بأعظم الجراح بفقد مداويهم؛ حقاً توقفت الكلمات في الحنجرة يؤلمها الخروج لتتكلم عن هكذا مصاب جلل.
الفراغ الذي تركه السيد حسن نصرالله -رضوان الله عليه- لن يسد أبداً، والوجع الذي أحدثه رحيله لن يندمل، والشوق لرؤيته بتلك الابتسامة التي تريح القلب وتهدى النفس لن يهدأ، وبتلك الكلمات التي لم تكن تخرج هباء بل كُـلّ كلمة تخرج لهدف لدرس يتعلم منه الأجيال؛ قلوبنا موجوعة وخبر رحيله لم يستوعبه العقل إلى يومنا هذا رغم كُـلّ الشوق والحنين الذي في القلب ألا أننا لم نهيئ أنفسنا لرحيله، كان رحيله فاجعة لا توصف؛ وسيبقى رحيله وجعاً ولو مرَّ ألف عام.
سيدي أبا هادي تركت خلفك أيتاماً كنت لهم الأب الحنون، تركت خلفك محبون لم يعرفوا منذ طفولتهم سواك قائدًا، سيدي منبرك يفتقدك بشدة، جماهيرك تتمنى رؤيتك ولو لمرة تلوح بتلك اليدين الطاهرتين مهدّدًا الصهيوني بمواجهتهم حتى تحرير الأرض؛ تتمنى رؤيتك بتلك الابتسامة الحنونة وتلك النبرة الهادئة عندما يتعلق الأمر بالشهداء وبتلك الروحية الإيمانية وذلك الصوت الروحاني الذي كنت تشدنا به إلى المولى عز وجل، عندما يكون الموضوع يتعلق برب العالمين، لتلك الدموع التي كنت تذرفها عندما تتكلم عن مصائب وآلام آل محمد -عليهم السلام- لتلك المزحات الخفيفة التي كانت تختلط بكلامك أحيانًا.
سيدي لم تكن رجلًا دينيًّا فقط بل كنت لنا معلمًا في كُـلّ مجالات الحياة مربيًا لنا قائدًا قُدوة تتطرق في خطاباتك إلى كُـلّ المواضيع سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا ودينيًّا وأسريًّا وأخلاقيًّا وتربويًّا، خطاباتك هي من أوصلتنا إلى ما نحن عليه، وستبقى يا سيدي منارة علم يهتدي بها التائهون ومحطة وقود لمن أصابه يأس بكلماتك التي تبعث الأمل فتتحول إلى وقود نمضي به في الحياة.
يوم الشهيد في لبنان لهذا العام مختلف؛ كونه بدون سيد حسن وهذا ما سيوجع القلوب، ولكن عهدًا والقسم لك يا نصرالله لن نترك المواجهة، لن نترك المقاومة، لن نترك الصهاينة حتى التنكيل بهم في كُـلّ بقاع الأرض، وكلّ من موقع عمله سنواجههم حتى ننهيهم من على الوجود، ولو انتهوا وأصبحوا ذرات في الهواء لن يشفي قلوبنا بعد رحيلك إلا تطهير كُـلّ بقاع العالم من رجس اليهود والطواغيت، وأن ما قام به الصهاينة من استهداف لك فتح على أنفسهم أبواب جهنم في الدنيا على أيدي جند الله، جند المحور للتعجيل بهم إلى الخلود في جهنم وبئس المصير.
مشاركةFacebookTwitterالبريد الإلكتروني