مقاومة عصية على الانكسار
أحمد داوود
“طوفان الأقصى” بما له من أهمية، ليس حدثاً عابراً، أو استثنائياً، أو ملحمة ستتوقف في منتصف الطريق، وتزول كما يتوهم البعض، بل هو مسار لمعركة مفصلية لأحرار الأمّة مع الأعداء، لن تهدأ إلا بزوالهم وانتصار الدم على السيف.
في هذا الطوفان، ستتضح الكثير من الحقائق، وتتكشف الكثير من المواقف، وتتعرى الكثير من الأنظمة، لا سِيَّما تلك التي تتشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فهي معركة بين الحق والباطل، والخير والشر، وهي معركة الخلاص التي يتوقع الكثيرون أن تأتي بعدها أحداث وأهوال يوم القيامة.
لا مجال للتراخي أو الانكسار، أو الحياد في هذه المعركة، سواء على مستوى الدول أو الجماعات أو الأفراد، فمن لم يحدد موقفه مع الحق ومع المظلومين فقد خسر دنياه وآخرته، ومن وفقه الله وأعانه فإنه سيسلك هذا الطريق حتى وإن كان شاقاً وصعباً ومليئاً بالمتاعب والصعاب، ولهذا نجد المواقف قد حددت، والفرز قد اتّضح بجلاء للجميع، فمن يقف اليوم مع غزة ومع الطوفان المبارك، هم القلة القليلة، بينما الكثيرون هم غثاء كغثاء السيل، يقفون مع الباطل بأفواههم وأعمالهم وكُلّ خطواتهم ونزواتهم.
مع “طوفان الأقصى” تجد المخلصين في مقدمة الصفوف، يتسابقون نحو الخيرات، لا فرق بين القائد والرعية، فكلهم سواء في خندق واحد، يواجهون العدو بكل بسالة وتضحية، فالمدنيون الأبرياء في غزة يعانون من قسوة العدوان وجرائمه، والقادة يقدمون أرواحهم فداء للوطن، في مشهد بطولي تلاحمي لا مثيل له في العالم، ولهذا ارتقى السنوار، وهنية، والعاروري، شهداء على طريق القدس، مدافعين عن القضية والمبدأ، وعن حقهم في مواجهة المحتل والمغتصبين الصهاينة.
وفي الجبهة المقابلة، يقدم حزب الله اللبناني أروع التضحيات في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة المظلومين، ومواجهة الغزاة المحتلين، مقدمين القادة شهداء، السيد حسن نصر الله، والسيد العلامة هاشم صفي الدين، والشهيد فؤاد شكر، وغيرهم من الأحرار المناضلين على طريق القدس.. وعلى طريقهم يمضي الأحرار في العراق واليمن مؤكدين على موقفهم المبدئي المساند لغزة ولبنان، مهما كانت التحديات والمخاطر.
هذه الأحداث رغم هولها وشدتها، إلا أنها تعطي تجارب ودروس من ميدان الشرف والحكمة، فالغزاويون لا ينكسرون ولا يهزمون، وهم بأجسادهم النحيلة يواجهون آلة القتل والدمار لأكثر من عام، والأحرار في لبنان جنوبه وبقاعه وشرقه وغربه يقدمون أروع البطولات والتضحية والفداء، ومن سار على هذا الطريق فهو منصور بإذن الله، وسيخرج من المعركة رافع الرأس، عالي الهمة.
قلوبنا كيمنيين مع الشعبين في فلسطين ولبنان، ونحن إلى جانبهم، نشاطرهم الآلام والأحزان، ونبادلهم الأفراح والانتصارات، ونحن كمحور في المقاومة على ثقة تامة بأن مقدساتنا لن تحرر إلا على أيدينا، وأن المعاناة مهما طالت، والحرب مهما اشتدت، فسيعقبها النصر الكبير والمؤزر بإذن الله تعالى.
* المصدر : موقع أنصار الله