الإعلام وَدورُه في ثقافة ووعي الأُمة
بشرى المؤيد
هل كان الخير والشر موجودان منذ خلق آدم وحواء وكيف استطاع الإعلام آن ذاك الوقت أن يأجج التوتر بينهما؟ كيف استطاع أن يغوي عقول الناس بحيث ينخرطون ويكونون مع رؤية الشر؟
“إعلام” في زمن آدم وحواء كلمة غريبة أليس كذلك؟ حين طرد آدم وحواء من الجنة لم يكن موجود في الأرض غير سواهما والشيطان طرد معهم قال تعالى “فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ”.
وتكاثر من نسل آدم عشيرة من أبنائه. فكان لا بد للإعلام الشيطاني أن يبدأ دوره في بث الخلافات، بث النزاعات، بث الفرقة، بث الكره والحقد والبغض في النفوس، الاشتراك في سفك الدماء بين الأخوة؛ فكان هو سببا في أول قضية سفك الدماء وانتشار الشر في أوساط البشرية “﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} فوسوس لقابيل الذي لم يتقبل الله عمله بقتل أخيه هابيل الذي رضي الله عنه. وكانت كما قالت الملائكة لله سبحانه” أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ” فكانت هذه حكمة ومشيئة الله أن يميز في الأرض الناس من هم المؤمنين وَمن هم الكافرين والمنافقين ليدخل المؤمنين الجنة والكافرين والمنافقين يدخلون النار التي أعدها الله لهم.
إذن نلاحظ أن الإعلام الشيطاني بدأ مسيرته منذ خلق آدم وحواء حتى تستمر مسيرته إلى يوم القيامة. ويتحاسب الناس على أفعالهم فمن عمل صالحًا سيرى أعماله ويأخذ كتابه بيمينه ويذهب إلى جنة الله ومن عمل شرا مسك كتابه بيساره وذهب إلى النار وحين يرون شيطانهم سيلومونه ويوجهون إصبع الاتّهام إليه لكنه سيصدمهم بإجابته ويقول لهم أنتم من استجبتم إلى مبادرتي ولم أغصبكم على ذلك ”
﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أنفسكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
[إبراهيم: 22]
فالإعلام الشيطاني آن ذاك الوقت كما الإعلام الآن الذي يتبع خطوات الشيطان ولكن بأُسلُـوب حديث ويقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به سابقًا. وما دور الإعلام الحديث الذي يتبع طريق الخير إلا أن يكون له دور مهم وعظيم في توعية وثقافة الناس وَمواجهة الإعلام الشيطاني من يقوم بعدة أدوار مختلفة ويقوم ببرمجة عقول الناس على ما يريدون بضخهم الإعلامي المزيف للحقائق وحشوها في عقول الناس بطرق عديدة ومنها الكذب؛ لأَنَّها أبواق للشيطان نفسه. إن قنواتهم تعمل عمل الشيطان في
▪️مسخ العقول.
▪️طمس الهُــوِيَّة.
▪️تزييف الوعي.
▪️غسل العقول.
▪️تزييف الحقائق.
وأَيْـضاً دور الإعلام الذي يتبع طريق الخير أن يكثّـف جهوده ويطور من أساليبه ومهاراته الإعلامية وهناك قنوات ممتازة لديها هذا التطور الملحوظ. ويجب عليها أن تعمل في تشجيع وإبراز الأعمال الجيدة ونشرها إعلاميًّا لتحث الجانب الفني والثقافي على إنتاج برامج هادفة وفن راقي تحافظ به على قلوب وعقول الناس من زيغها وانحرافها فكريًّا حتى تبقى
▪️ سليمة القلب.
▪️سليمة العقل.
▪️سليمة الإيمان.
▪️سليمة النفس.
▪️سليمة الفكر.
▪️سليمة الفطرة.
فيلقى الإعلام الخير ربه بوجه سليم وعمل نظيف يزيد من حسناته ويثقلها في ميزان حسناتهم ويفوزون في الدارين الدنيا والآخرة.
ومن أراد أن تكون نفسه مطمئنة، ساكنة، هادئة، واثقة بنفسها ووعد ربها فما عليه إلا أن يبتعد عن أية قناة تكون بوقا للشيطان تتبع أوامره وتكون معه في خطه وطريقه. اللهم نسألك الثبات الذي لا يتزعزع ولا يرتاب ولا يشك.