لماذا القرض الحسن؟!!
يمانيون/ كتابات/ أحمد يحيى الديلمي
بمرور الأيام وتعاقب الأحداث الأليمة، وفي مقدمتها حروب الإبادة والتطهير العرقي التي تخوضها أمريكا وبريطانيا مباشرة أو عبر امتدادهما بالمنطقة العربية دويلة الكيان الصهيوني أو الغدة السرطانية الموضوعة في خاصرة الأمة، بحسب وصف الإمام الخميني – قدس الله روحه.
من هذه المعطيات تكشفت الكثير من الحقائق وأبرزها طبيعة الاستهداف الحاقد للشعبين الفلسطيني واللبناني، وعندما نستنطق ماهية العمليات العسكرية في لبنان الشقيق تتضح أكثر طبيعة هذا المنهج الحقير واتجاهاته، فبالأمس القريب ركز العدو الصهيوني على ضرب مؤسسة القرض الحسن، التي تؤكد مدى عُمق فهم الشهيد العظيم السيد حسن نصرالله للإسلام وأحكامه السامية، ومن خلال هذا الفهم استطاع أن يترجم التعليمات المقدسة بخطوات عملية بارزة كما هو حال هذه المؤسسة التي جاءت بديلاً للمؤسسات الربوية فأفزعت أمريكا والنظام المالي الربوي في العالم .
قبل أن تُضرب هذه المؤسسة عسكرياً سعت أمريكا إلى محاربتها من خلال العقوبات وفرض الكثير من الحواجز عليها ومنع الدول العربية السائرة في فلك أمريكا من فتح مكاتب لها، أي أن الهدف واضح وهو محاولة استئصال الإسلام بكل مؤسساته المترجمة لمنهجه العظيم، كون المؤسسة قدمت البديل العملي للمعاملات الربوية وبدأت تستقطب الآخرين حتى من غير المسلمين، فلقد بلغ عدد المستفيدين من هذه المؤسسة أكثر من 300ألف مستفيد، جمعت بين السني والشيعي والدُرزي والمسيحي وكل أطياف الشعب اللبناني، ووصل حجم المبالغ التي تم إنفاقها في هذا الجانب إلى أكثر من 4 مليارات دولار، دون إرهاق الناس بالفوائد المجحفة وبطريقة سوية ترجمت كما قُلنا منهج الدين الحنيف، وهو ما لا تريده أمريكا التي أثقلت الاقتصاد الدولي بمعاملات لا نقول ربوية فقط ولكنها مؤامرات حقيرة تحاول استقطاب العالم إلى حظيرة التبعية لهذا النظام البائس بمساعدة ما يُسمى بالمؤسسات المالية الدولية.
هذا من جانب، هذا ما فهمه العدو الصهيوني، للتضامن والوقوف المشرف للشعب اليمني واسنادهم الأخوي للقضية الفلسطينية الأمريكي ، ومن جانب آخر فإن العملية أكدت أن خالد الذكر الشهيد العظيم حسن نصر الله كان ذا أُفق معرفي واسع للدين ولشؤون الحياة لذلك حرص على أن يكون الحزب مؤسسة متكاملة جعل البناء المؤسسي هو محور التشكيل في هذا المكون الاجتماعي الشامل لأمور الدنيا والدين، وهذا بالفعل ما أزعج الآخرين لكنه يدفعنا نحن كمسلمين إلى فهم معانيه والسير على خطاه، فالرجل لم يتحدث عن تحريم الربا فقط ويترك الأمور على علاتها، لكنه قدم البديل العملي الموافق لتعاليم الدين فحقق الفائدة لكل المسلمين وكما قلنا حتى غير المسلمين استفادوا منه على نفس القاعدة التي أرسى دعائمها إمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما وجد رجلاً مسيحياً يتكفف الناس فأمر بإعطائه من أموال الزكاة، وقال: كيف تستفيدون منه في شبابه وتتركوه في كهولته أعطوه من بيت مال المسلمين حتى لا يظل يتكفف الناس. أو كما قال، ومن هذا المنطلق تصرف السيد حسن نصر الله وجعل هذه المؤسسة مظلة لكل المحتاجين وخزينة عامة للموسرين تستقطب أموالهم كمساهمة في مشاريع تنفذها المؤسسة يتم توزع أرباحها بالتساوي أو تعلن الخسائر، كما هو حال النظام الإسلامي الثابت في المنهج.
مما تقدم يتضح لنا قبح المشروع الأمريكي الصيهوني وأنه لا يستهدف الجانب العسكري فقط للمؤسسات الإسلامية لكنه يحاول اجتثاث كل مؤسساتها وفي مقدمتها المالية، وعلينا أن نفهم هذا البُعد ونُدرك أن العرب والمسلمين بشكل عام يواجهون حرب إبادة شاملة وتدميراً ممنهجا لكل ما هو إسلامي، وهذا ما فهمه الإخوة في حزب الله وحاولوا التصدي له لذلك واجهوا هذه الحرب الشرسة.
السنوار بطل الفتح المُبين
من خلال متابعة ردود الأفعال في أمريكا وأوروبا التي تحدثت عن النهاية المُشرفة التي رسمها لنفسه القائد العظيم الشهيد يحيى السنوار رمز الصمود والجهاد المُبين، تتضح حقيقة هامة مفادها أن العالم يتلهف لأي بطولة وأي نظام يُخفف عنه أثقال أمريكا ونظامها المستفحل ولأن الموضوع يطول أقول بأن علينا أن نأخذ الدروس من مثل هذه الأحداث.
وفي الختام سيظل السنوار فكرة لا تموت وأيقونة جهاد عظيمة خالدة تُترجم مدرسة جهادية فريدة قلبت المعادلات بثقافة إيمانية صادقة حددت معاني الانتماء إلى العروبة والدين، رحم الله كل الشهداء والنصر المبين إن شاء الله للإسلام والمسلمين، ومن نصر إلى نصر، والله من وراء القصد.