Herelllllan
herelllllan2

أطفال غزة.. بين جبهات الإسناد وخذلان دول التطبيع والترفيه

منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر 2023م، شهدت المنطقة العربية والإسلامية مفارقات كبيرة في مواقفها تجاه هذا الحدث الجلل في تاريخ الأمة، ما بين موقف مناصر ومساند، وموقف صامت ومتخاذل أو شامت ومتراقص على إشلاء ودماء أطفال غزة.

إن المتأمل لموقف جبهات الإسناد في محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وإيران، تجاه ما يحدث من حرب إبادة تشنها آلة الحرب الصهيونية وبدعم أمريكي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبين مواقف أنظمة التطبيع العربي المتراقصة على أشلاء ودماء أكثر من 42 ألفا و718 شهيدًا، و100 ألف و282 مصاب حتى اللحظة غالبيتهم من الأطفال والنساء، تتضح المفارقات وتتكشف الحقائق.

حفلات رقص على إشلاء أطفال غزة

حفلات المجون في مصر

بالتزامن مع الحدث الأبرز في حياة الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي “عملية طوفان الأقصى، كانت هناك صورة أخرى مناقضة للفطرة والإنسانية وللهوية العربية والإسلامية، تمثلت في مهرجانات الترفيه في السعودية، والتي لم تتوقف لأكثر من عام وحتى اللحظة، مروراً بحفلات الرقص والغناء يوم الجمعة الماضي في مصر، على وجه التحديد في الإسكندرية التي لا يفصل بينها وبين الشعب الفلسطيني في غزة سوى أمتار معدودة، تزاحم فيها ما يزيد عن 100 ألف شاب وشابه على حضور حفلة غنائية “لفنان مصري” والتي أدت لتدافع ومناوشات، وفق وسائل الإعلام المصرية .

فقد أكدت وسائل الإعلام المصرية، أن الحفل شهد حالات إغماء بين الجماهير بسبب التدافع والزحام الشديدين، فضلا عن مشادات بين الحضور ورجال الأمن المسؤولين عن التنظيم، بسبب محاولات البعض الصعود على المسرح، وهو ما أثار انتقاد نشطاء مصريين، عن كيفية إقامة حفل صاخب في مدينة الإسكندرية في حين يتعرض قطاع غزة لإبادة جماعية على يد قوات العدو الصهيوني.

السؤال المطروح، كيف غابت ساحات الاحتشاد الشعبي المناصر لغزة عن تلك الدول وتم منعها ولو كانت حتى لأعداد لا تتجاوز العشرات؟

إن حفلات الترفيه ليست بالمصادفة، بل ضمن خطة حرب مدروسة، وجزء من الحرب الناعمة والنفسية التي تُستهدف بها الأمة، والمقاومة الإسلامية داخل فلسطين على وجه التحديد، يسعى من خلالها العدو الصهيوني وبدعم أمريكي إلى فصل الأمة العربية والإسلامية عن قضيتها، بإشغالها بمهرجانات اللهو والترفيه، في حين يتفرغ العدو ويجتمع من كل حدب وصوب لشن حرب وعدوان على مساحة صغيرة من أرض عربية، ويرتكب بحق أهلها ابشع حرب إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا في عصرنا الحاضر.

فشعب عربي مسلم محاصر في غزة ومن دول عربية منعت عنه المأكل والمشرب والدواء، ويضرب بأفتك الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية والغربية، دون أن يتحرك أو يكون لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم أي موقف عربي أو إسلامي أو إنساني تجاه ذلك.

فما بين حفلات الترفيه والحصار العربي لفلسطين وغزة، يبث العدو حربه النفسية على الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في غزة على وجه التحديد، بأن العرب والدول العربية والإسلامية قد خذلتهم ولم تكترث لمعاناتهم وجوعهم وعطشهم وأشلائهم ودمائهم التي تسفك وتتناثر بأسلحة العدو الصهيو أمريكي أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وفي حين تنفق الدول العربية المليارات على حفلات الترفيه منعت عن أطفال غزة الماء والأكل والدواء، ومدت في المقابل جسور الإمداد البرية للعدو الصهيوني بعد أن فرض اليمن حصاره البحري على موانئ وسفن العدو بهدف فك الحصار عن غزة المحاصرة.

خذلان عربي إسلامي

إن المتابع لمجريات الأحدث ورصد ردود الشارع العربي، يجد حجم الخذلان العربي والإسلامي الذي عانى ويعاني منه الشعب الفلسطيني في غزة.

يقول الدكتور زيد أحمد المحيسن، في مقال له على الإنترنت في سبتمبر الماضي: لقد كانت هناك محاولات عديدة من قبل الشعوب العربية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكن هذه المحاولات غالبًا ما تصطدم بسياقات سياسية معقدة وقبضات أمنية مؤلمة واعتبارات غير إنسانية.

وأضاف: في الوقت الذي يتفهم فيه الطلبة في الجامعات الغربية الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، ويخرجون إلى الشوارع زرافات تأييدًا ودعمًا للحق الفلسطيني، نجد أن الأنظمة العربية تُقصّر في دعم الحقوق الإنسانية الأساسية والمشروعة قانونيًا وحقوقيًا وعرفيًا ودينيًا لهذا الشعب.

وتابع المحيسن: يتزايد الشعور بالخذلان بين الفلسطينيين، حيث يرون أن إخوانهم في الوطن العربي، الذين يشتركون معهم في اللغة والتاريخ والدين، يقفون مكتوفي الأيدي أمام مأساة إنسانية تُعتبر من أبشع المآسي في العصر الحديث. هذا الخذلان لا يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل المساعدات الإنسانية والدعم الاقتصادي، مما يترك الفلسطينيين في عزلة متزايدة.

واختتم مقاله: يبقى الأمل معقودًا على الأجيال الجديدة، التي ترفض الخذلان وتُطالب بحقوق الإنسان، وتُدرك أن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية أو عربية، بل هي قضية إنسانية عادلة تقتضي التضامن والدعم من كل من يؤمن بالعدالة والحرية وطرد الاستعمار والمحتل من أرضه بغير رجعة.

 

اليمن حُجة على كل متخاذل

اللاجئ الفلسطيني محمد أحمد العيلة، يؤكد أن صمت دول التطبيع وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية على الإبادة في غزة، “رغم الألم الكبير الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة لأكثر من عام، حيث لم تتخذ السعودية أي موقف عملي يردع العدو، رغم امتلاكها أوراق كثيرة، بل على العكس قايضت في دماء الفلسطينيين في سبيل رفع ثمن التطبيع مع الاحتلال.!

وتابع في تغريدة له على حسابة على “إكس”: المطلوب من الدول العربية، خطوات عملية تدفع العدو لإيقاف شلال الدماء في غزة لا أن تكون جزءا من خططه.

وقال العيلة: إن  “أنصار الله – في اليمن- حُجّة على كل من تخاذل عن نُصرة غزّة، فمن تعذّر عن النُصرة بحجّة البعد الجغرافي، فأنصار الله حجّة عليه، ومن تعذّر بحجة التضييق والاعتقالات، فمقاتلو أنصار الله  يدفعون الدم، ومن تعذّر بحجة الأولويات، فأنصار الله تجاهلوا الاغراءات الأمريكية برفعهم عن قوائم الإرهاب، وقاتلوا الإرهاب الإسرائيلي، ومن تعذّر بحجّة العوائق المحليّة كالأنظمة، فبين أنصار الله والكيان، جيوش وتحالفات عربية ودولية، ومن تعذّر بحجّة لا سبيل للنٌصرة، فأنصار الله اجترحوا السبل بحرًا وجوًا، ومن تعذّر بحجة غياب الإعداد، فأنصار الله طوّروا أدوات قتالية تناسب المعركة خلال أسابيع.

أما المهندس ورجل الأعمال الأردني، أشرف فاحوش، فقال: بعد كل ما نشاهده من أحداث دائرة في منطقتنا العربية وحجم العربدة الإسرائيلية واختراقها لكل القواعد والمحرمات شرعيا ودوليا وأخلاقيا ودينيا وإنسانيا، ثم نراقب بالتوازي كيفية ونوعية الردود وما نتج عنها من قبول من قبل حكوماتنا العربية أولا ومن ثم المجتمع الدولي بشكل عام، كيف لنا بعد ذلك أن نثق كمجتمعات عربية وشعوب في المنطقة بأن حكوماتنا قادرة على توفير الحماية والأمن لنا في بيوتنا وأوطاننا!؟

وتابع: كيف لنا كشعوب أن نشعر بالأمن في بيوتنا ونحن نرى ما يحدث لشعوب عربية في دول مجاورة كلبنان وفلسطين والسودان واليمن وغيرها وما يتعرض له من الظلم والمعاناة دون أن يحرك ذلك كله ساكنا في أي من الجيوش العربية في المنطقة!!

وتسأل فاحوش: هل ما زال هنالك أمل بأن يستفيق أبناء هذه الأمة وينهضوا بها من هذا الحضيض الذي وصلت إليه؟ فهذه حرب وجود لا حرب حدود.

جبهات الإسناد

إن المتأمل لساحات دول محور المقاومة وعلى وجه التحديد في اليمن التي لم تخلو ساحات الاحتشاد فيها أسبوع واحد طيلة أكثر من عام وبحشود مليونية أذهلت العالم نصرة لغزة ومقاومتها الباسلة، ظلت الساحات العربية في دول التطبيع خالية تماماً من أي موقف مساند لغزة ولبنان، غيبت معها تلك الأنظمة شعوبها في أن يكون لها صوت في نصرة مظلومية الشعب الفلسطيني في غزة.

يقول رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم، الالكترونية عبد الباري عطوان، في حديث لقناة المسيرة : إن “المظاهرات الحاشدة التي تشهدها اليمن أسبوعياً هي ظاهرة فريدة وغير مسبوقة في التاريخ العربي”.. مؤكداً أن هذه المظاهرات كشفت عن مواقف الشعوب العربية الحقيقية، وكشفت عن الوجوه الحقيقية للأنظمة العربية التي تقف متفرجة أمام العدوان على غزة، مشيراً إلى أن المظاهرات قد أعطت رسالة واضحة للعالم بأن الشعب اليمني لن يتخلى عن دعمه للقضية الفلسطينية.

ويؤكد متابعون أخرون للشأن اليمني، أن موقف اليمن، يعلو ولا يُعلى عليه، فاليمنيون يقدمون القضية الفلسطينية على قضيتهم أو قضاياهم وهذا ما يميزهم عن بقية الشعوب العربية والإسلامية، فاليمن الدولة العربية الوحيدة قيادة وشعباً التي تتحرك نصرةً للأشقاء الفلسطينيين في زمن يوجد فيه حكام “عرب” متصهينين ومطبعين وخائنين.

كيف لا يكون للشعب اليمني هذا الموقف المشرف، وقد كانت خطابات وكلمات وتوجيهات قائد الثورة السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله واضحة وجلية من أول يوم لمعركة طوفان الأقصى للمقاومة الفلسطينية في غزة، بأنهم ليسوا وحدهم، وأن اليمن قيادة وشعباً معهم.

وظل اليمن ومازال حتى اللحظة مستمرًا في عملية إسناد متواصلة للشعب الفلسطيني وعلى كافة الأصعدة الشعبية والعسكرية والإعلامية في معركة أطلق عليها السيد القائد، معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، حتى يكتب الله النصر لإخواننا في غزة.

إلى جانب ذلك فقد ساهمت جبهة الإسناد في لبنان التي دخلت مرحلة متقدمة، من تلقين العدو الصهيوني ضربات موجعة إسناداً للشعب الفلسطيني، إلى جانب جبهات الإسناد من العراق وإيران التي كان لها أيضا أثرها الملموس والمباشر في مساندة المقاومة الفلسطينية في غزة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com