المقاومةُ في لبنان استنطقت الميدان فتكلّم.. العدوُّ يتألّم ويكابر وسيصرخُ قريبًا
يمانيون – متابعات
لليوم الـ9 بعد عامٍ من ملحمة (طُـوفَان الأقصى)؛ تستمرُّ المقاومةُ الإسلامية بالقيام بواجباتها؛ دفاعًا عن الأرض والشعب اللبناني؛ وإسنادًا لفلسطين ومقاومته الباسلة، ضاربةً بالمشروع الصهيوني الهادف إلى القضاء عليهما عرض صخرة الصمود الاستثنائي.
في التفاصيل؛ ومع بداية الأسبوع الثالث لما يسمى “المناورة البرية” للفرق الصهيونية الأربعة، زائدًا فرقتين احتياط، فَــإنَّ الخطة الانتقالية التي ابتدعها رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الكيان “هرتسي هاليفي” وقائد المنطقة الشمالية “دايفيد غوردين”، والتي طعمت مؤخّرًا بأفكار الجنرال “تشيكو تامير”، يبدو أنها لا تسير كما تم التخطيط لها.
هذه الخطة التي اقترنت بوعودٍ وآمالٍ كبيرةٍ وطموحة، جاءت لأن تكون النسخة المحدّثة لخطة “تنوفا” والتي تدرَّبت عليها الفرق والألوية والوحدات، وُصُـولًا إلى طاقم الحكومة السياسي والأمني (الكابينيت) من “نتنياهو” إلى آخر وزير في حكومته المصغرة.
“اللكمة” الخطةُ الانتقالية الصهيونية والمحدثة لخطة “تنوفا”:
في فبراير 2020م، نشر رئيس هيئة الأركان السابق في جيش الكيان، “أفيف كوخافي”، خطة سميت بـ”تنوفا”، وتعني “رافعة أَو اندفاعة”، تهدف إلى إعادة بناء وحدات الجيش الصهيوني وإنشاء وحدات جديدة فيه، مُشيرًا إلى أن من أبرز أهدافها زيادة قدرة الكشف عن قوة العدوّ وزيادة قدرة التدمير لأذرع الجيش المتعددة، وأعلن جيش الكيان حينها أن “كوخافي” ينوي، كجزءٍ من الخطة، تعيينَ لواء يهتم فقط بالتهديد القادم من لبنان.
وبحسب تقاريرَ إعلامية فَــإنَّ جديدَ الخطة الانتقالية اليوم، أنها تضمنت تشغيلًا لقوات الكوماندوس والقوات الخَاصَّة بمعاونة قوات الجو، هدفت لتحقيق نقطتين رئيسيتين هما: “تدمير قوات المقاومة في الجنوب اللبناني -حزب الله- وتحديدًا فرقة الرضوان”، والآخر “تحجيم بنية حزب الله العسكرية”.
وعن فعالية الخطة، صرّحت تقاريرُ عبرية، أنها “لم تتمكّن حتى الآن من أن تنجز شيئًا من الوعود الكبيرة التي بُنِيَت عليها الخطة التدريبية”، والتي أسماها قائد المنطقة الشمالية خطة “اللكمة” والتي كانت محاكاة لغزو كُـلّ لبنان؛ من خلال تنفيذ وحدات الكوماندوس المستقدمة لخطة “فكتوريا”، التي تحمل بصمة “هاليفي”، والتي بحسب الإعلام العبري، كان للجنرال “مايك كوريلا” قائد القيادة الوسطى الأمريكية دور فيها.
وفقًا لترجمات خَاصَّة، فخطة “اللكمة” هي خطة بديلة أَو مطورة لخطة “تنوفا” الرباعية، تعتمد فلسفتها على “عقيدة الفتك السريع” واستخدام القوات الخَاصَّة والكوماندوس لتنفيذ اختراقات عميقة في لبنان، بعد السيطرة السريعة على التلال الحاكمة واعتماد النيران الدقيقة والقوة التدميرية المصاحبة من سلاح الجو وسلاح المدفعية؛ لتأمين الاختراق العميق بالاعتماد على طرق القتال والتكتيكات المتنوعة.
جهودُ العدوّ ومخطّطاته تذهبُ سدى أمام صلابة المقاومة:
ووفقًا للمعطيات الميدانية؛ ومنذ اللحظات الأولى للحرب البرية على الحدود والكمين والاشتباك الأول الذي تعرضت له وحدة “الإيغوز” في “عديسة”، ظهر واضحًا لجنرالات الحرب الصهيونية أن جهود سنتين من المناورات التدريبية الشاقة، قد ذهب سدى وأن اعتماد المخطّطين على تضعضع المقاومة، بعد تعرضها لضربات نارية افتتاحية قوية، تحول إلى سراب.
وتوالت الإخفاقات وسوء التقدير فصولًا في “يارون”، حَيثُ تعامل معها رجال الله بأساليب قتال متعددة:- واحد من الحركة، والثاني من قواعد النار غير المباشرة والدقيقة، والثالث بالتعرض غير المباشر؛ من خلال العبوات الخَاصَّة التي انفجرت بالفصائل الأولى المتسللة التابعة للكتيبة “12 غولاني”.
وفي مواجهة “مارون الراس”، افتتح رجال الله دفاعهم بضرب ثلاث دبابات “ميركافا” جرى إعطابها في اللحظات الأولى من محاولة قوة مشتركة من الكتيبة “51 التابعة للواء غولاني” ومن الكتيبة “53 التابعة للواء 188 مدرع”.
في “كفر كلا”، التي تقع بكاملها على الشريط الحدودي، والتي تلقت ضربات يومية من مدفعية وسلاح جو العدوّ منذ 8 أُكتوبر العام الماضي، تصدّت البلدة “العاملية” الصغيرة في الـ2 من أُكتوبر الجاري، لقوة مشتركة من الكوماندوس تابعة للواء “89 واللواء المظلي 35″، واستطاعت منذ اللحظات الأولى أن تفرض على العدوّ أن يقاتل في الاتّجاهات التي تختارها هي وفي نقاط التقرب التي تسمح بها قوات التعبئة العامة فيها وبعض أفراد من “وحدة الرضوان”.
وتكرّر نفس السيناريو في محاور الغرب بدءًا من “عيترون وكل المناطق المحاذية لها حتى يارين”، والتي أجبر أداء مجاهدي المقاومة الدفاعي المرن وامتلاكها لمعلوماتٍ استخبارية وتكتيكية دقيقة، على التراجع، فضلًا عن استخدام أبطال المقاومة ما يناسب كُـلّ اشتباك من سلاح وتكتيك انتشار، وآخرها ما حصل فجر الأحد، عندما افتتح العدوّ محورًا جديدًا في “رامية وعيتا الشعب”؛ بهَدفِ احتلال عارض “القوزح” الحساس الذي يمكّن العدوّ من السيطرة بالرؤية وبالنار في الاتّجاهات الشمالية والشرقية والغربية.
شهدت الحدودُ اللبنانية الفلسطينية تصعيدًا عسكريًّا هو الأخطر منذ سنوات، نفذت خلاله المقاومة الإسلامية سلسلةً من العمليات الهجومية المُركَّزة ضد أهداف إسرائيلية عسكرية واستراتيجية؛ رَدًّا على اعتداءات صهيونيةٍ سابقة.
ووفقًا لبيانات العمليات؛ يوثق هذا التقرير سلسلة مكثّـفة من العمليات الهجومية التي شنتها المقاومة الإسلامية ضد أهداف إسرائيلية عسكرية ومدنية على مدار 72 ساعة، ويوضح التقرير تصعيدًا ملحوظًا في وتيرة ونطاق العمليات، مُصاحبًا برسائل سياسية وعسكرية واضحة.
حيث شهد يوم السبت، 12 أُكتوبر، زيادة ملحوظة في عدد الهجمات الصاروخية، استهدفت مواقع أبعد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ومن أبرز الأهداف التي تم ضربها قاعدة “طيرة الكرمل” وهو مركز تدريب هام ومصنع للمواد المتفجرة؛ مما ألحق أضرارًا مادية وعسكرية كبيرة لكيان العدوّ، كما تم التركيز وتكرار استهداف مواقع في “حيفا” ومحيطها بشكلٍ ملفت، ويبدو أنها تحولت إلى هدف رئيسي للمقاومة.
كما شهد يوم الأحد، 13 أُكتوبر، استمرارًا للعمليات الهجومية البالغة 40 عملية؛ إذ لم تتوقف المقاومة عند هذا الحد، بل واصلت هجماتها في اليوم التالي باستخدام نفس التكتيكات السابقة، وتمكّنت المقاومة من تنفيذ عملية نوعية باستخدام المسيّرات ضد معسكر للواء “غولاني” في “بنيامينا”، واعترف الإعلام الإسرائيلي بـ70 بين صريعٍ وجريح في صفوف الجنود الإسرائيليين، عقب العملية.
ويوم الاثنين، الـ14 من أُكتوبر الجاري، استمرت المقاومة الإسلامية في لبنان، بعملياتها البالغة حتى كتابة هذا التقرير 32 عملية أبرزها استهداف قاعدة “ستيلا ماريس” البحرية شمالي غربي ”حيفا” المحتلّة، وفي إطار سلسلة عمليات “خيبر”، استهدفت ثكنة “بيت ليد” شرقي “نتانيا”، ومناطق مثل “كريات شمونة”، شمالي فلسطين المحتلّة.
وفي السياق، أعلن مستشفى “نهاريا” في الجليل الغربي المحتلّ، أنهُ “استقبلنا من الحدود الشمالية 5 جرحى أُصيبوا بشظايا صواريخ أطلقت من جنوب لبنان”، ووسائل الإعلام العبرية تشير إلى أن صفارات الإنذار دوت في “جنوب حيفا وشمال شرق الخطيرة، وتل أبيب ومحيطها”.
قال مركز زيف الطبي الإسرائيلي في “صفد”: “استقبلنا 7 جنود أُصيبوا خلال معارك اليوم في جنوب لبنان”، كما دوت في أكثر من 194 بلدة ومدينة وموقع في الكيان، إضافة إلى أن أكثر من 180 بلدة صهيونية دخلت للملاجئ.
ومن خلال هذه العمليات تبعث المقاومة برسائل التحدي والصمود، وأكّـدت في بياناتها أن هذه الهجمات مُجَـرّد “اليسير” وأنها ستواصل الدفاع عن لبنان، بعد أن حوّلت مدينة “حيفا” إلى ساحة مواجهة رئيسية، واستهدفت قواعد ومواقع عسكرية وصناعية “حسّاسة” في المدينة ومحيطها بأسلحة نوعية مثل صواريخ “بركان” وأسراب المسيرات الحديثة.
ويُشير هذا التحوّل -بحسب خبراء عسكريين- إلى نية المقاومة نقل المعركة إلى العمق الإسرائيلي وإلحاق أضرار كبيرة بقدراته العسكرية والاقتصادية، كما أظهرت المقاومة يقظةً عاليةً في التصدي لمحاولات التسلل الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية، مستخدمةً تكتيكات مختلفة بين الكمائن والاشتباكات المباشرة والقصف المُوجّه، ويُعزِّز هذا النجاح من ثقة عناصر المقاومة ويُفشِلُ أية محاولات إسرائيلية لتنفيذ عمليات برية مفاجئة.
في الإطار؛ تؤكّـد غرفة عمليات المقاومة في بياناتها أن هذه الهجمات ما هي إلا “اليسير” من قدراتها، وأنها لن تتردّد في استخدام المزيد من القوة، إذَا لم تتوقف “إسرائيل” عن اعتداءاتها، وتُظهر هذه الرسائل تصميمًا واضحًا من قبل المقاومة على ردع العدوّ وإجباره على دفع ثمن جرائمه.
ويرى خبراء أن استهداف المقاومة قواعِدَ عسكرية كبيرة ومواقعَ حسّاسة مثل قاعدة “طيرة الكرمل”، ومصنع المواد المتفجرة، وقاعدة الدفاع الجوي في “كريات إليعازر”؛ بهَدفِ إلحاق أكبر قدر من الخسائر وتعطيل القدرات العسكرية الإسرائيلية، وتأتي تأكيدًا على أن عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات المقاومة لن يردعها، بل على العكس من ذلك، شهدت الفترة التالية لهذه العمليات تصعيدًا غير مسبوق في العمليات الهجومية.
مراقبون لفتوا إلى أن الرسائل من وراء هذه العمليات، تؤكّـد تصميم المقاومة على الردع والثأر؛ إذ تُشدّد في بياناتها على أن هذه العمليات ردٌّ على “الاستباحة الهمجية الإسرائيلية” و”المجازر” التي يرتكبها العدوّ بحق المدنيين؛ ما يعكس قوة التصميم وعدم الرضوخ، مهما كانت التضحيات، وأنها قادرة على مواصلة القتال مهما بلغ العدوان الإسرائيلي.
كما توجّـه المقاومة رسالة ردع واضحة لحكومة المجرم “نتنياهو”، وتحذّرها من مُواصلة اعتداءاتها على لبنان، مؤكّـدةً على أنها ستبقى “الدرع الحامي” للشعب اللبناني، وأنها مُستمرّة في الدفاع عن لبنان وفقًا لخطط ميدانية أشرف عليها الشهيد السيد حسن نصر الله شخصيًّا.
أيضًا أتى بث وسائل إعلام المقاومة لكلمة سماحة الأمين العام للمجاهدين رفع معنويات اللبنانيين شعبًا ومقاومة، وطمأنتهم هذه الكلمة بأنّ مسار المقاومة متألق وصاعد وهي قادرة على حماية الأرض والإنسان والدفاع عنهما، وستكون الأيّام القادمة حاسمة في تحديد مسار الأحداث، خَاصَّة مع ترقب رد الفعل الصهيوني على هذه الضربات الموجعة.
—————————————-
– المسيرة نت: عبد القوي السباعي