(حكاية عملية الانقضاض الكبير)
مراد راجح شلي
الساعة السابعة والنصف بتوقيت بيروت مساء الخميس الماضي 10 أكتوبر 2024م.
في الطابق الثالث بعمارة سكنية في حي النويرة المكتظ وسط بيروت، تتناول أسرة نجدي عشاءها الأخير.
الأسرة التي نزحت من صريفا مكونة من الأب والأم وثلاثة أطفال ولدين وبنت.
كان أفراد الأسرة يواصلون تناول العشاء واعينهم متسمرة على صورة الشهيد القائد حسن نصر الله، فبقدر كل اللبنانيين لم ينتهوا من هول الفقد وأوجاعه.
تسألهم فاطمة: لماذا لا تتناولون الطعام؟وهي تنظر إليهم جميعاً.
يجيبها الأب بابتسامة حزينة: ربما نفتقد منزلنا الذي كنا نأكل فيه بشهية أكبر.
فيما حانت منه التفاتة لصورة الشهيد القائد : الطفلة فاطمة التي ترى عيون والدتها أيضاً تنظر حزينة باتجاه الصورة، ذهبت إليها وصعدت على الكنبة للوصول للصورة لتقبل جبين القائد الشهيد.
وفجأة صواريخ العدوان الإسرائيلي تقصف العمارة لترتقي فاطمة وأسرتها جميعاً شهداء وشهوداً على آلة الإجرام الإسرائيلية وفيما عرفت بعدها بمجزرة وسط بيروت.
* * *
” مجزرة وسط بيروت ”
استهدف الجيش الإسرائيلي المحتل مساء الخميس الماضي، قلب بيروت المكتظ بالسكان، حيث شن غارتين على مبنيين سكنيين بمنطقة النويري وحي البسطة.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع حصيلة شهداء الغارتين الجويتين الإسرائيليتين على العاصمة بيروت مساء الخميس الماضي، إلى 22 شهيدًا و117 مصابًا.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن الغارة الأولى استهدفت الطابق الثالث من مبنى سكني مؤلف من 8 أدوار بمنطقة النويري، أما الغارة الثانية، فطالت مبنى سكنيًا مؤلفًا من 4 أدوار في شارع فتح الله، في حي البسطة، ما أدى إلى انهيارالمبنى بشكل كامل.
* * *
الساعة الخامسة من مساء الاثنين 13 أكتوبر 2024م، وبداخل مقر عسكري سري لحزب الله، يقف خمسة من القادة العسكريين على شكل نصف دائرة، مستمعين للقائد الأربعيني ذي اللحية الكثة والعينيين الواسعتين وهو يشرح تفاصيل عمليتهم القادمة: يجب أن نضرب بقوة، فدماء القائد وتضحياته أعز علينا، فنمضي على دربه ونعمل بوصاياه إسنادا لغزة ودفاعا عن بلدنا ولنثأر لدمائه ودماء كل قاداتنا وشعبنا وآخرهم شهداء مجزرة حي النويرة والبسطة.
عندما ذكر الجملة الأخيرة شاهد الحزن على وجه أحد القادة المقابلين له، فإحدى قريباته استشهدت مع جميع أسرتها. لينظر له نظرة فخر ويواصل حديثه: سنوجه اليوم عملية انقضاض كبيرة على العدو بمسيّراتنا الهجومية مسنودين بتوفيق الله وأرواح قائدنا الشهيد وجميع شهدائنا وبتقنية تخفٍ عن رصد أنظمة دفاعهم الجوي ادخلها المجاهدون حديثا.
ليتذكر أحد القادة الشهداء الذي كان هو صاحب مشروع تطوير هذه التقنية وقد استشهد قبل أيام.
يواصل حديثه: العملية ستكون رسالة للعدو تؤكد على صلابة موقفنا وتجاوزنا لخسائرنا وانطلاق مرحلة الزخم الهجومي في معركتنا مع العدو.
* * *
الساعة السابعة والنصف من مساء الأحد 13 أكتوبر 2024م، داخل معسكر تابع للواء غولاني في بنيامينا جنوب حيفا كان يتناول الجنود الإسرائيليون ” عشاءهم الأخير ” في قاعة كبيرة للأكل تحتوي على طاولات سوداء حديثة وجدار أمامي مرسوم عليه أطفال شياطين.
تسمع قهقهة الجنود وعربدتهم وهم يشاهدون رسومات الأطفال الملعونين.
وفجأة يسمع صوت طائرة مسيّرة يرفع الجنود الإسرائيليون رؤوسهم باتجاه الصوت يعقبه انفجار هائل تسمع بعده صراخات الجنود الضحايا.
تنقشع موجة الغبار ويتحول المكان لمستنقع من الدماء وأنات جرهاهم، فيما تشاهدهم رسومات الأطفال الشباطين بكل فرح وسخرية..
* * *
في هجوم مزدوج بالمسيّرات والصواريخ شنه حزب الله، يوم الأحد الماضي، على حيفا شمالي إسرائيل، وصف بأنه الأكثر دموية منذ بدء الحرب.
وأفاد الإسعاف الإسرائيلي بأن الهجوم أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 67 في حصيلة أولية جراء انفجار مسيّرة في بنيامينا جنوبي حيفا.
وقال مصدر قيادي في حزب الله إن عملية بنيامينا نفذت بسرب من المسيّرات الانقضاضية، مضيفا أن إمكانات المقاومة لا تزال قوية وقادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي.
وأكد أن الحزب هاجم بسرب من المسيّرات الانقضاضية معسكرا تابعا للواء غولاني في بنيامينا.
وفي بيان، قال حزب الله إنه أطلق سربا من المسيّرات الانقضاضية على معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على أحياء النويري والبسطة في قلب بيروت.
ولم تدوِّ صفارات الإنذار في المنطقة المستهدَفة قبل سقوط المسيّرات، وفق صحيفة إسرائيل اليوم.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن منظومات الدفاع الجوي فشلت في رصد المسيّرات، قائلا إن التحقيق جار لمعرفة السبب.