Herelllllan
herelllllan2

8 سنوات على جريمة قصف السعودية للقاعة الكبرى.. وجع لا ينساه اليمنيون

يمانيون|

يعد الثامن من أكتوبر تشرين الأول من أبرز الأيام التي لا يمكن أن تفارق الذاكرة اليمنية، ففي مثل هذا اليوم من عام 2016 ارتكب العدو الأمريكي السعودي مجزرة قصف القاعة الكبرى بصنعاء.

في هذا اليوم خيم الحزن على معظم الأسر اليمنية، ودخل الأسى إلى كل بيت، حيث حلقت طائرات العدوان في سماء العاصمة صنعاء، واستهدفت قاعة عزاء كان يتواجد فيها المئات من اليمنيين الذين حضروا لتقديم واجب العزاء في وفاة رجل الأعمال علي الرويشان.

استغل العدوان هذا التجمع، ليستهدف بكل قبح ودناءة الحاضرين، مخلفاً أكبر الجرائم على اليمن، في محاولة لدفع اليمنيين للاستسلام أمام وحشيته وعنفوانه.

سارع العدوان للاعتراف بارتكابه لهذه الجريمة، بغارتين جويتين الفارق بينهما 7 دقائق، على أجساد مئات المعزين بينهم قيادات كبيرة في الدولة مدنية وعسكرية ومن مختلف التوجهات السياسية، ومشايخ قبلية، علاوة على الأطفال، والمسعفين.

 أسفرت هذه الجريمة عن استشهاد وجرح أكثر من ألف مدني منهم استشهاد  193مدنياً، بينهم ثلاثة وثلاثون طفلاً، 890 جريحاً، بينهم أربعون طفلاً ، ومنهم 20 طفلاً إعاقاتهم دائمة، وتفحم 13 جثة لم يتم التعرف على هويتها، لتكن واحدة من جرائم الحرب الأكثر دموية في اليمن.

مكان وزمان الجريمة وكل تفاصيلها تؤكد وحشية العدوان وإمعانه في سفك الدم اليمني، حيث تعمد استهداف القاعة الكبرى أثناء اكتظاظها بالمعزيين في وفاة الشيخ علي بن علي الرويشان، وقراءتهم  فاتحةَ الكتاب على روحه، فحولت الغارات لحظات السكون والحزن والتعازي القلبية في وجوه الحاضرين إلى مشهد رعب، وقيامة كبرى هبت من السماء على رؤوسهم تحرق وتبعثر وتكسر وتبيد دون هوادة، وخلال تحرك المسعفين لإنقاذ ضحايا الغارة الأولى عاود الطيران لاستهدافهم بغارة ثانية راكمت الجثث وضاعفت الشهداء وأعداد الجرحى ، وأرعبت سكان الأحياء المجاورة وطواقم الإسعاف التي تخشى معاودة الغارات مجدداً، فكانت المشاركة في رفع الأنقاض وانتشال الجثث واسعاف الجرحى نوع من الاستبسال والجهوزية لشهادة تحت وابل الغارات المتجددة.

في تلك المحرقة الهيلوكستية عم الحزن أرجاء اليمن وتناثرت الأشلاء والجثث المتفحمة أرجاء القاعة، وارتوت الأرض التي عليها بدماء مئات الشهداء والجرحى، وارتفعت صرخات الضحايا من تحت الدمار، ومن بين أعمدة الدخان وألسنة النيران، ومعها رائحة الشواء والموت والبارود، في مشهد إجرامي عمق الحزن في قلوب الشعب اليمني، وأثر فيه قيم الولاء لله وللوطن، وتماسكت الأيادي لتزيد من لحمة اليمن شعباً وقيادة، أمام آلة القتل والدمار العدوانية.

وتعد هذه الإبادة المقصودة عن سابق إصرار وترصد  من قبل العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب متكاملة الأركان وفقاً للقانون الدولي الإنساني، واستخدم فيها  سلاح أمريكي الصنع من نوع (Paveway ll GBU-12) بوزن 225 كيلوغرام موجهة بالليزر نوع (MK82) ، حسب ما أكدته منظمة “هيومن رايتس”،

 ورغم اقرار العدوان بارتكاب الجريمة الا أنه لم تتخذ أية اجراءات للمساءلة والعقاب لقادته ومسؤوليه وفقاً للقانون الدولي، وكذا لم يحصل أهالي الضحايا على أي تعويض رغم وعود العدوان بتعويضهم.

تهرب من المحاكمة

ويؤكد وزير حقوق الإنسان السابق علي الديلمي في تغطية مسبقة لصحيفة “المسيرة” على أهمية رفع هذه الجريمة وآلاف الجرائم مثلها إلى مجلس الأمن ليقوم بشكل نهائي بتحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية ، وملاحقة مجرمي الحرب وتقديمهم للعدالة الدولية والمحلية”.

 ويضيف أنه “وعلى الرغم من اكتمال أركان الجريمة واعتراف تحالف العدوان بالحادثة إلَّا أن محكمة الجنايات الدولية لم تقم بأية إجراءات عقابية كإدخَال تحالف العدوان ضمن القائمة السوداء أَو منع تصدير الأسلحة لتلك الدول المجرمة”.

ويلفت الديلمي إلى أن “وزارة حقوق الإنسان وثقت تلك الجريمة وتحدثت عنها في أكثر من مناسبة، وأنه يتم التذكير بها بشكل كامل ومُستمرّ”، منوِّهًا إلى أن “الوزارة أعدت تقاريرَ لجريمة القاعة الكبرى وغيرها من الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والأطفال وأن التقرير صيغ وفق المعايير الدولية”.

ويختم الديلمي حديثه بالقول: “نعرف جميعاً بأن الآليات الدولية للأسف الشديد تخدم الاستعمار، وآليات معقدة، وآليات مسيّسة، وآليات تهدف بالدرجة الأَسَاسية إلى خدمة الدول الكبرى ضد الدول المعارضة لدول الاستكبار العالمي”.

بدوره يقول رئيس منظمة إنسان للحقوق والحريات، أمير الدين جحاف: إن “جرائم العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن تنوعت وتعددت، غير أن جريمة قصف القاعة الكبرى تعد من الجرائم الأبشع خلال هذا العقد من الزمن”.

وفي تغطية سابقة لصحيفة “المسيرة” يضيف جحاف أنه “بالإمْكَان اعتبار الجرائم السعوديّة بحق المدنيين جرائم حرب بشعة لا تمت للقيم الإنسانية والأخلاقية بأية صلة”، مؤكّـداً أن “جريمة قصف القاعة الكبرى ارتكبت من قبل طيران تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي الغاشم بشكل متعمد لاستهداف المدنيين والأطفال والأبرياء”.

ويشير جحاف إلى أن “هذه الجريمة تصنف ضمن أبشع الجرائم، بل وترقى إلى جرائم الإبادة التي ترتكب بحق الإنسان، وأنه لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وستبقى راسخة في أذهان اليمنيين”.

ويوضح أن “جرائم النظام السعوديّ بحق المدنيين اليمنيين سوف تأخذ مجراها بعد الانتهاء من العدوان والحصار المفروض على الشعب اليمني منذ تسع سنوات”، مؤكّـداً أن “الأسر التي فقدت أحبابها والأطفال الذين يُتموا؛ بسَببِ جرائم تحالف العدوان سوف تصل إلى المحاكم الدولية والمحاكم الإقليمية لينال المجرمون الجزاء العادل نظيرَ جرائمهم”، لافتاً إلى أن “المال السعوديّ أسهم بشكل فعال في تكميم الأفواه وصمت المنظمات الحقوقية ومن ضمنها الأمم المتحدة والتي ظلت محايدة أمام غالبية الجرائم المرتكبة في اليمن”.

  أقوال الشهود والضحايا:

 ويروي المواطن (عمار) لحظات ما بعد القصف قائلاً: “كان مكاناً مشتعلاً بكثرة يصعب على أي واحد من الموجودين أن يقترب منه، واتضح فيما بعد أن أعمامي الاثنين وعيال أعمامي كانوا هناك.

ويواصل: “كنت أصيح بأعلى صوتي، أناديهم، يا حسين زياد، يا عبد العزيز، يا أمين، يا طه، قلت ربما أحدهم لايزال حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي”.

 ويضيف بأسى: “لم أقتنع، اتصلت أسأل (خالد) الجريح: يا خالد هل رأيت أحد منهم بعد الغارات؟ رد وهو فاقد الأمل: خلاص لا عاد تدور، الغارة  كان مكانه بينهم تماماً، حينها اسودت الدنيا في وجهي، وكان الخبر كالصاعقة التي قسمتني نصفين، كنت على أمل أن أجدهم”.

ويزيد والوجع يملأ كل مفاصل جسده: “كنت أقنع نفسي رغم بحثي وكلام خالد بأًني سأجد أحدهم، ورجعت أبحث من جديد وأنا أعتصر الألم عليهم، وعلى تلك المناظر، وكنت أصيح في كل الموجودين: (إذا رأيتم واحداً، يتحرك لا تتركوه، اخرجوه.. اسعفوه وبعدا سهل اتعرفوا عليه)، بعدها دخل بقية أبناء عمومتي أهل القرية، وكنا نخرج الجثث حتى الساعة الثامنة ليلاً ولم نجد لهم أدنى أثر”.

ويستمر عمار في رواية الحادثة “خرجنا من القاعة كلنا بعد جهد جهيد دونما فائدة، وتوزعنا على المستشفيات، قلنا عسى نلقاهم جرحى، أو في ثلاجات الموتى، وطول الليل واحنا نبحث ونلف مستشفيات العاصمة حتى العيادات الخاصة والمراكز الطبية، وفي الساعة الثانية ليلاً ، وقد وجوهنا مصفرة كلنا وكأننا بعثنا من القبور ذهبت لمستشفى الشرطة وقد بحث الجميع فيه لأكثر من مرة، لكني أصررت للذهاب إليه ثانية فقلبي يحدثني أني سأجد شيئاً هناك.


وقال عمار: “وصلت إلى باب المستشفى ولقيت بعض من أهلي، ودخلت معهم فرأينا جثثاً ملامحها مطموسة تماماً، وكنا نعيد الكرة، ونلف وندور على نفس الجثث، كانت إحدى الجثث ذات رأس منقسم نصفين لم تتضح صورته، لكن قلبي كان يخفق بشدة، كلما مريت بتلك الجثة أحسست بشيء يشدني لها، فقلت لحارس الثلاجة: (لو سمحت أريد كفوف طبية) ولبستها على الفور ومسكت الوجه من الجانبين وجمعت النصفين رتبت تقاسيم الوجه بصعوبة وطلع ابن عمي أحد من نبحث عنهم، إنه (أمين عبدالله زياد)، اتصلنا بالبقية وجاء الجميع وتعرف ابن عمي (صدام حسين زياد) على يده وقال: (نعم هذا أمين)، وعرف كذلك الشال الذي أخذه منه أمين قبل الذهاب للقاعة، أما عمي (حسين زياد) فلم نجده إلا في اليوم الثالث في المستشفى العسكري وهو جثة محترقة لا ملامح ولا أي دليل يثبت أنها له إلا فقط ساعته! ، وهكذا وجدنا اثنين ولم نجد عمي عبد العزيز ولا طه”.

ويقول أحد الشهود: “عندما وصلت، كانت هناك أكثر من 50 جثة محترقة يمكن التعرف على ملامحها، لكن مع اختفاء نصف الجسد واختفاء نصف الرأس، أما الباقين فكان من الصعب جداً معرفة من كانوا”.

عادل الهارش البالغ من العمر 41 عاماً، والذي حضر العزاء مع صديقه، يقول إن القاعة كانت “مكتظة بالناس من جميع طبقات المجتمع – عسكريين ومدنيين وشيوخ وأعيان وصحفيين”، قرر عادل وصديقه المغادرة بعد رؤيته للازدحام، لكنه عانى من صعوبة الخروج مع محاولة الحشود الدخول.

 يضيف عادل أنه سمع صوت أزيز في السماء، تلاه “انفجار ضخم”، بعد بضع دقائق، سقطت قذيفة أخرى، سمع صوت طائرة وفر من مكان الحادث.

 

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com