Herelllllan
herelllllan2

إسرائيل غُده سرطانية لخدمة مصالح الاستعمار

طاهر محمد الجنيد

أوجد الغرب إسرائيل كمشروع استيطاني لخدمة مشاريعه الاستعمارية ولضمان استمرار التخلف والفرقة والشتات، وضمان تفوقه إلى ما لا نهاية. ولذلك، أدخل الوطن العربي في أزمات وحروب متواصلة، ما إن تنتهي واحدة حتى تبدأ الأخرى. ليست هذه المرة التي يتعرض فيها الوطن العربي والمسلمون للغزو والعدوان؛ فقد غادر الصليبيون، لكن هذه المرة تم التأسيس للتوطين من خلال البعد الديني والعقيدة اليهودية، بعد فشل الحملات الدينية الصليبية المعتمدة على العقيدة النصرانية. حيث أثمر التعاون بين اليهود والنصارى وتم فصل المشرق العربي عن المغرب، وفقًا للخطة التي أعدها رئيس الوزراء البريطاني (كامبل بنرمان). من المهم إنشاء حاجز قوي وغريب على الجسر الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر. إنشاء هذه الدولة في هذه المنطقة، على مقربة من قناة السويس، سيكون مفيدًا، حيث ستصبح قوة معادية لأهل البلد وصديقة للدول الأوروبية.

فإسرائيل صديقة لكل الدول الأوروبية وعدوة للعرب والمسلمين. وقد سبق هذا التصريح دعوة إمبراطور فرنسا نابليون بونابرت إلى تأسيس دولة لليهود في فلسطين، وذلك خلال حملته لاحتلال مدينة عكا الفلسطينية عام 1799م، أي قبل مئة سنة من تصريح بانرمان. لكن بانرمان جمع قادة الدول الأوروبية في مؤتمر استمر لعامين، وأقروا إنشاء دولة إسرائيل لتكون في خدمتهم ولتحقيق سياسة التفرقة والتبعية وتكريس التخلف والانحطاط.

كانت الإمبراطورية البريطانية الأساس في التأسيس والتنفيذ، وانضمت إليها أمريكا ودعمت فكرة الحلف الصليبي اليهودي، رغم معارضة بعض اليهود الصهاينة. كما صرح الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان (1945ـ1953م) قائلًا: “لقد كان لدينا معارضون حتى بين اليهود الصهاينة ضد أي شيء يجب القيام به إذا لم يتمكنوا من الحصول على فلسطين كاملة. لقد تم تقديم كل شيء لهم على طبق من فضة ولم يضطروا لعمل أي شيء، أما عن الكيفية التي استخدمت، كان علينا أن نأخذها بدفعات صغيرة، لأننا لا نستطيع تحريك 5 أو 6 ملايين إنسان من البلد وإعادة ملئها بـ 5 أو 6 ملايين آخرين. وبرغم كل الاعتراضات، فعلنا كل شيء وتم إنجاز العمل وهو يعمل الآن بنجاح.”

إسرائيل تعمل كمشروع استيطاني من أجل تحقيق أهداف التحالف الصهيوني الصليبي، وكل هذا الإجرام يمثل توجهات تلك الأطراف المساهمة فيه، إضافة إلى الأطراف العربية المساهمة والداعمة بالخيانة والعمالة.

صحيح أن الثورات العربية قد أخرجت الاحتلال بوجهه العسكري من أقطار الوطن العربي، لكن السياسات القطرية تعمل جاهدة على تنفيذ كل توجهات الحلف بكل تفاصيلها وفي مختلف المجالات. فالجيوش العربية تقف حامية وحارسة للحدود التي رسمها الاستعمار، والحواجز متنامية، والسياسات متباعدة تسير بعكس المعطيات الطبيعية والتاريخية والدينية، مثل اللغة والتاريخ والدين والأصل والعادات والتقاليد، وكل ذلك من أجل المعطيات المفروضة من الشرق أو الغرب. بل إن الأنظمة القائمة على شؤون الحكم تستغل الإمكانيات الوطنية لخدمة المشاريع الإجرامية، وللقضاء على كل التوجهات التي تخدم بلدانها وشعوبها التي تهتف باسمها.

تسقط الأنظمة وتأتي أخرى، لكن المحصلة محددة سلفًا من الخارج. الإمكانيات مهدرة، والمواطنة مستباحة، والحقوق مصادرة، والحملات الموجهة لتدمير أساسيات التوحد، كلما سقطت واحدة قامت أخرى أسوأ منها. هناك حملات ممنهجة للاختلاف الديني، سواء بين السنة والشيعة أو غير ذلك من المسميات. ومثل ذلك في الاقتصاد والتنمية والسياسة وغيرها.

في جلسة استماع لعميل استخبارات سابق (مايكل شوير)، تحدث عن أسباب تدهور الوطن العربي وتنامي المعارضة للغرب وأمريكا. والمحفز الرئيسي لصالح الجهادية الإسلامية لخص ذلك بالجمل التالية:

1. دعمنا للإسرائيليين وضمان صعودهم مقابل العمل على تدهور الوطن العربي.
2. دعم الغرب للطغيان لأكثر من خمسين عامًا في العالم العربي والإسلامي كمحفز للتواجد في شبه الجزيرة العربية.
3. قدرتنا لفترات طويلة على الحصول على النفط بأسعار أقل بكثير من أسعار السوق.
4. التواجد العسكري الغربي في بلدان العالم الإسلامي والعربي.
5. الاستعداد الدائم لتصنيف أي مجموعة سكانية أو عرقية لا يحبها أحد حلفاؤنا، سواء من الروس أو الصينيين أو غيرهم، على أنهم إرهابيون.

فمثلًا، تم تشويه الجهاد في العالم الإسلامي على أنه إرهاب. وتم اغتيال كثير من المواطنين في بلدانهم دون أن يكون لهم نشاط إرهابي. كما تم إنشاء جماعات إرهابية تديرها المخابرات الأجنبية وأسند إليها القيام بأعمال تشوه حقيقة الجهاد الإسلامي. وهي فكرة استخدمتها أمريكا لاغتيال قادة الجهاد الأفغاني بعد خروج الاتحاد السوفيتي، حتى لا يتحولوا إلى مجاهدين ضد اليهود على أرض فلسطين، وفق خطة أعدتها المخابرات الأمريكية وأشرف عليها المرشح الرئاسي السابق جون مكين والمرشحة هيلاري كلينتون، واعترف بها الرئيس ترامب.

لقد أسند إلى هذه الجماعات الإرهابية تصفية زعماء الجهاد الذين يخشاهم الغرب، خاصة من لهم توجهات تحررية، كما حدث في اغتيال أحمد شاه مسعود وعبد الله عزام وغيرهما كثير، حيث تم تصنيفهم من مجاهدين إلى إرهابيين يجب القضاء عليهم.

وتم إنشاء جماعات إرهابية استخباراتية تحت مسميات إسلامية يديرها اليهود والمتحالفون معهم من المخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها من دول الغرب. وهذه الجماعات لا تظهر إلا عندما يراد القيام بتصفية المخالفين للغرب، فتفتك بالمسلمين وتخدم توجهات الغرب، ولا أدل على ذلك من غيابها للرد على جرائم الصهاينة على أرض غزة، بل إنها أعلنت الحرب على المقاومة تحت مبرر عدم الالتزام بتعاليم الإسلام.

ومثال آخر على التبعية، حينما فشلت أمريكا في دخول الفلوجة، ظهرت بصورة مفاجئة جماعات مثل الزرقاوي والبغدادي، مما أتاح لأمريكا دخول الفلوجة بعد قصفها بالفسفور المحرم دوليًا. ومع ذلك، خرجت تلك الجماعات سالمة، ولم يصبها أذى، وامتلأت المقابر بالضحايا من الشباب. ثم ظهرت تلك الجماعات في مناطق أخرى تتبنى التفجيرات التي حصدت المئات من الأبرياء.

وكشفت وسائل الإعلام العالمية حقيقة تلك الجماعات وأنه تم تجنيدها للعمل على تشويه الجهاد الإسلامي وتشويه كل القوى المقاومة، سواء إسلامية أو قومية أو غيرها، والتي لا تتفق مع توجهات التطبيع والتبعية والعمالة للحلف الصهيوني الصليبي.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com