“الحريديم”: التجنّد في “الجيش” أسوأ علينا من الموت
يمانيون – متابعات
يعاني “الجيش” الإسرائيلي نقصاً في عديده، وفق ما أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة، وفي الشمال مع لبنان، وفي جبهة تتوسّع باطّراد في الضفة الغربية المحتلة.
وينعكس النقص في عديد “الجيش” على أزمة الاحتلال في تجنيد اليهود الأرثوذكس، “الحريديم”، والذين “نقاوم أغلبيتهم الخدمة العسكرية”، بحيث حضر، في منتصف آب/أغسطس، 48 شاباً فقط من أصل 900 شاب من “الحريديم”، تلقوا أوامر التجنيد الصادرة عن المحكمة، إلى مركز التجنيد من أجل استكمال تقويماتهم الأولية.
والتحق 300 شاب من “الحريديم” بـ”الجيش”، يوم الأحد، في حديقة خارج “تل أبيب”، لبدء إجراءات تجنيدهم من أجل تجنب المضايقات. وواجهتهم مجموعات من المتظاهرين “الحريديم”، الذين انهالوا عليهم بالشتائم، وصرخوا “خونة”، وطالبوهم بإزالة “الكيبوت” (القبعات) التي تميزهم.
وقال أحد “الحريديم” المتهرّبين من الخدمة العسكرية إن “التجنّد في الجيش، بالنسبة إلينا، أسوأ من الموت”.
وأشارت الصحيفة إلى خشية زعماء الطائفة المتشددة من أي يكون “الجيش” الإسرائيلي بوتقةً ينصهر فيها اليهود المتدينون المتشددون، وتجذبون إلى “الثقافة الإسرائيلية” السائدة، الأمر الذي قد يدفع “الجيش”، قريباً، إلى اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع التهرب من الخدمة العسكرية، في وقت يسعى للحصول على قوة بشرية إضافية، بسبب الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وشددت الصحيفة على أن الحرب المستمرة غيرت نهج “إسرائيل” تجاه تجنيد “الحريديم”، بحيث لم ينظر إليهم في السابق على أنهم “أولوية”. ودفعت توجيهات قادة “الجيش” إلى مضاعفة الجهود لجلب “الحريديم”. وقال مسؤول مشارك في تجنيدهم إنه “وصلنا إلى النقطة التي يحتاج فيها الجيش الإسرائيلي إلى الحريديم”.
ولفتت إلى أن القادة الإسرائيليين لم يحسموا بعدُ كيف سيتعامل “الجيش” مع “الحريديم” المتهربين من الخدمة العسكرية. وتتلخص العملية العامة “للجيش” في إرسال نحو ثلاثة أوامر حضور قبل بدء الإجراءات القانونية. وإذا تم إعلان شخص ما هارباً، فيمكن منعه من مغادرة “إسرائيل”، أو اعتقاله.
وخرجت الأزمة عن نطاق “الجيش”، وتعدّتها إلى إشعال توترات، كانت قائمةً قبل الحرب، بين طائفة “الحريديم” و”العلمانيين”. ويشعر “عامة” الإسرائيليين، بحسب الصحيفة، بالاستياء، “لأنهم يتركون عبء بناء اقتصاد إسرائيل وأمنها للآخرين”.
ويقول أحد جنود الاحتياط، وكان خدم مدة خمسة أشهر في غزة، إن “شريحة ضخمة من المجتمع لم يتغير فيها شيء، كأن ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر لم يحدث قط”. ويَرئِس الجندي جمعيةً تسعى “للحد من النفوذ الديني على مفاصل الحكم”، ويضيف أن “التناقض صارخ للغاية في الوقت الحالي”.
ولم تقتصر محاولات الاحتلال بشأن معالجة النقص في عديده، من خلال تجنيد “الحريديم” فقط، بحيث أعلن، في الشهر الماضي، استدعاء آلاف الجنود الاحتياطيين المسرّحين إلى الخدمة، كما تدفع وزارة الأمن الإسرائيلية إلى سنّ تشريعات لزيادة الحد الأدنى للخدمة الإلزامية والتزامات جنود الاحتياط.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إن الحرب على قطاع غزة استنفدت طاقات جنود الاحتياط الإسرائيليين، وإن عدداً من الجنود في الاحتياط يقترب من “نقطة الانهيار”.
ويعاني الاحتياط الإرهاق والإحباط، ويكافح من أجل تحقيق التوازن مع الخدمة العسكرية، في حين تتزايد خسائرهم الاقتصادية الناجمة عن غيابهم عن أعمالهم الأصلية.
وأشارت إلى أن الضغوط، التي تمارَس على الجنود، هي أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الإسرائيليين مترددين في شنّ حرب شاملة على لبنان، لأنها تتطلب “الاستعانة بالمجموعة نفسها من الجنود في الاحتياط، المرهقين أصلاً، في القتال ضد قوة عسكرية لديها قدرات عسكرية ضخمة”.