عن الديمقراطية الإمبريالية..!
يمانيون/ كتابات/ طه العامري
في أمريكا يتنافس مرشحو الرئاسة وتنافسهم لا علاقة له بقضايا الداخل الأمريكي، بل يتنافسون على أنظمة وشعوب العالم، والفائز دائما يجب أن يكون الأكثر حبا وقربا ودعما (للكيان الصهيوني) والأشد عداوة للعرب والمسلمين أولا، وثانيا الأكثر عداوة لروسيا والصين ولشعوب العالم الثالث، والأكثر إخلاصا لمجمع الصناعات العسكرية وهو يكاد يكون (الحاكم الفعلي للبيت الأبيض والبنتاجون)..!
إضافة إلى أهمية وضرورة أن يتمتع الفائز في الانتخابات الأمريكية بالقدرة على تطويع أنظمة ودول وجعلها تحت رحمة الشركات الأمريكية من خلال منحها التسهيلات الكاملة لنهب ثروات هذه الدول مقابل إبقاء أنظمتها المرتهنة لأمريكا على سدة الحكم..!
في أوروبا التنافس يكون على المهاجرين وعلى أبناء الجاليات العربية والإسلامية و(العالمثالثية)، والفائز في الانتخابات الأوروبية سواءً الرئاسية أو البرلمانية يجب أن يكون الأكثر عداءً وكرها للعرب والمسلمين والمهاجرين من بقية أصقاع الأرض..!
(الصهاينة) هم الأكثر دموية وهمجية، فديمقراطيتهم تقوم على قاعدة تنافسية راسخة وهي أن الفائز فيها هو من يقتل أكبر عددٍ من الشعب العربي الفلسطيني ويصادر المزيد من الأراضي العربية المحتلة ويدنس وبتفاخر المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين ويهدد بإزالتها ويعد العدة لبناء (الهيكل) المزعوم على انقاض المسجد الأقصى ..!
باختصار، العرب والمسلمون وفقراء العالم، هم محور التنافس، دماؤهم وثرواتهم وسيادتهم وحريتهم وكرامتهم، بل ووجودهم الحضاري والتاريخي، مستباح لرموز الديمقراطية الإمبريالية المتوحشة، وهم عنوان تنافسهم وأهم ما تحتويه برامجهم الانتخابية..!
وأكبر دليل على ذلك أن غزو يوغسلافيا الدولة والوطن والجغرافية وتقسيم هذا البلد إلى مجموعة دويلات، كان في لحظة تاريخية من أولويات البرامج الانتخابية الأمريكية -الغربية، وغزو أفغانستان كذلك والعراق و(حرب الشيشان) التي كان هدفها البدء في تقسيم الجغرافية الروسية.. تلى ذلك غزو العراق، بعد حربين مدمرتين دفع إليهما العراق دفعا هما حربه مع إيران التي دامت ثمان سنوات وأدت لمقتل أكثر من مليوني شخص من البلدين وملايين من الجرحى وآلاف من المفقودين وتدمير قدرات البلدين، ثم لاحقا غزو ليبيا وإسقاط نظامه وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
تلى هذا التنافس الديمقراطي الإمبريالي استهداف سوريا واليمن والسودان وزعزعة استقرار العديد من دول وشعوب العالم من أوكرانيا حتى فلسطين، التي تسفك اليوم دماء أبنائها في حرب إبادة غير مسبوقة داخلة في أجندة البرامج الانتخابية لكل من (هاريس، وترامب) و(لابيد ونتنياهو) بغض النظر عن حجم الكارثة التي حلت بفلسطين ولا بعدد الشهداء وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ والهمجية والتوحش في حرب لم تترك البشر والحجر والشجر، حرب إبادة جماعية متكاملة منافية لكل القوانين والتشريعات والأخلاقيات والاعراف السماوية والأرضية، حرب داست على كل هذه القيم وعلى المشاعر الإنسانية التي انتفضت ونزلت للشوارع في كل قارات العالم الخمس، ومع ذلك لم تهتز لها جفون المتنافسين في واشنطن والعواصم الغربية وداخل الكيان المحتل الذي يزهق مع حلفائه أرواح شعب، فيما رموزه يهددون بنسف المقدسات واحلال بدائل وأساطير عنها، غير مكترثين لكل القيم والمبادئ والقوانين الدولية..
إننا حقيقة في زمن الانهيار الكلي لكل القيم والأخلاقيات الإنسانية، ناهيكم عن القانون الدولي الذي يداس مع كل طلعة شمس طالما في ذلك مصلحة لأصحاب الهيمنة والنفوذ على الخارطة الكونية، وتلكم هي أخلاقيات الديمقراطية الإمبريالية المتوحشة التي لا يزال هناك من بعض المخدوعين العرب والمسلمين يتشدقون بها، متمسكين بقيمها الزائفة أكثر من تمسكهم بقيمهم الدينية والوطنية والقومية.