على عتبة المضيق.. هنا تنتهي عربدة أمريكا
يلعب اليمن دور محوري في تغيير موازين القوى الإقليمية والدولية. مع تزايد التوترات والصراعات، يُظهر اليمن قدرة على التأثير في السياسة البحرية والتجارة العالمية، مما يشير إلى تحول في الهيمنة الأمريكية. الولايات المتحدة، التي كانت تُعتبر لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، تواجه الآن تحديات جديدة تتمثل في الحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وتعزيز الشراكات الدولية في ظل الوضع الراهن. الأحداث الأخيرة تُظهر أن اليمن فاعلًا يمكنه أن يُسهم في إعادة تشكيل النظام الإقليمي والدولي. هذا التحول يُعد مؤشرًا أن العصر الذي كانت فيه الولايات المتحدة تُمارس فيه نفوذًا منقطع النظير قد يكون في طريقه إلى الزوال، مما يُعزز من مكانة اليمن كدولة ذات سيادة وقدرة على التأثير في مستقبل المنطقة.
التطورات الأخيرة في اليمن تشير إلى تصاعد العمليات العسكرية التي تشمل استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ، مما يؤثر على السفن التجارية في البحر الأحمر. هذه الهجمات لها تأثير مباشر على طرق التجارة البحرية العالمية وتثير قلق القوى الكبرى بشأن أمن الملاحة واستقرار التجارة الدولية. يظهر الجيش اليمني قدرات متزايدة في استهداف السفن، مما يعكس تطور قدراته العسكرية ويشير إلى تغير في موازين القوى في المنطقة.
في الوقت الذي يواصل فيه اليمنيون هجماتهم بالطائرات دون طيار والصواريخ على مجموعة واسعة من السفن الدولية التي تنتهك قرار الحظر الذي أعلنته بمنع مرور السفن الإسرائيلية، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف عدواني تحت مسمى “حارس الازدهار” لوقف هجمات القوات اليمنية.
لكن الحقيقة المرة التي تواجهها أمريكا هي أن العملية البحرية لم تتمكن من إيقاف القوات اليمنية في البحر الأحمر كما خططت لها في استراتيجياتها العسكرية في المنطقة. ورغم تشكيلها لتحالف بحري عسكري، تفتقر الولايات المتحدة إلى خطة منهجية لإدارة الأزمة في المنطقة. فالواقع يشير إلى أن أمريكا رغم ادعائها أنها دخلت البحر الأحمر شخصية متحكمة فيما تطلق عليه بمجريات الأزمة، إلا أنها وجدت نفسها عاجزة أمام القوة اليمنية.
تغطرس وتباه أمريكي يتزامن مع تناس متعمد منها أنها طرف رئيسي في الأزمة، وأنها لم تعد تمتلك حكما ولا علما في البحر الأحمر بعد اليوم. فقد ظهر للبحر حارس وطني، يُكنى بالبحرية اليمنية. برز من وهلته الأولى ند فاق في ظهوره فلسفة المناظرة، ليبدو قوة ضاربة تهاجم بشراسة دفاعًا عن حق مشروع لليمن في إدارة منافذه البحرية الواقعة في مياهه الإقليمية. وقائد مفوض من قبل جماهير الأمة بالوقوف إلى جانب قضاياها المصيرية، وقوف المشارك في قلب المعركة، لا المتفرج المندد عن بعد، ولا الخانع المطبع مع العدو.
وفي مقابل الدعم غير المشروط الذي قدمته حكومة بايدن لنتنياهو في حرب غزة، بما يزيد من تفاقم الأزمة في المنطقة وجعل الوضع أكثر توترًا، يأتي الموقف اليمني تسنده مواقف رفقاء دربه الجهادي في محور المقاومة، ليقلب الطاولة في وجه أمريكا، ويعلن عن مواصلته عملياته العسكرية ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية وكل سفينة تسول لها نفسها انتهاك قرار حظر أي سفينة تتجه إلى موانئ الأراضي المحتل في البحر الأحمر حتى تتوقف الحرب في غزة.
كما كان من الطبيعي أن تمثل تجربة حرب الثماني سنوات التي خاضها اليمن مع تحالف هو من صنيعة أمريكا، فرصة ثمينة للدخول في المواجهة وجهاً لوجه مع رأس الأفعى (الشيطان الأكبر) أمريكا. وقد أثبت اليمن بمعادلة القوة التي فرضها على أرض الواقع صحة تخوفات توماس جونو، الأستاذ المشارك في جامعة أوتاوا بكندا، الذي صرح لموقع العربي الجديد: “من الصعب للغاية تصور استراتيجية يمكن أن تجبر اليمنيين على وقف هجماتهم”. حقيقة ماثلة تخرم أعين أمريكا.
“البنتاغون” يعاني
وتتوالى الشواهد المؤكدة على الفشل والعجز الأمريكي في المعركة البحرية، آخرها اعتراف البنتاغون أن قواته عجزت حتى عن إطفاء الحرائق على متن السفينة اليونانية المشتعلة في البحر الأحمر.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية باتريك رايدر، أكد، الثلاثاء، أن ناقلة النفط الخام (سونيون) التي تحمل العلم اليوناني لا تزال مشتعلة في البحر الأحمر بعد أن هاجمتها القوات اليمنية، مضيفا أن طرفا ثالثا حاول إرسال قاطرتين للمساعدة في إنقاذ (سونيون) لكن القوات اليمنية منعوها من الاقتراب و هددوا بمهاجمتهما، مشيرا إلى أن الناقلة تحمل نحو مليون برميل من النفط الخام وأضاف: “الواقع اننا نعاني من هجمات اليمنيين والقيادة المركزية الامريكية تواصل تقيم الوضع”.
إنه موقف صعب للولايات المتحدة التي أسقطت دولاً وحمت أخرى، وأقاما حكومات وأنهكت أخرى بإطلاق مجموعة من التصريحات دون الحاجة لخوض معارك عسكرية، وفي النهاية، في ظل المعركة مع اليمن يعلن البنتاغون (المؤسسة الأكثر رعباً) أن قواته عجزت عن حماية السفن واضطرت للهروب من مسرح المعركة ويعترف بأن قواته” تعاني” فإن هذا خير مؤشر على زمن أفول أمريكا.
المفاجأة اليمنية
وفي سرد تراجيدي للمغامرة الأمريكية في البحر الأحمر، تعهدت أمريكا على نفسها في بداية المعركة في طوفان الأقصى بحماية السفن ودخلت المعركة البحرية من خلال نشر البوارج وحاملات الطائرات للتصدي للصواريخ والطائرات اليمنية، بل وشنت عدوانا واسعا على اليمن بالغارات الجوية ولكن كلها فشلت.
وفجأة تنصدم أمريكا بتحول في تكتيكات البحرية اليمنية من استهداف السفن بالصواريخ إلى الصعود على متننها تفخيخها وتفجرها بكل حرية، ودون ان تتمكن البوارج الغربية من حمايتها.
أمريكا من الغطرسة إلى السخرية
على مدى 10 أشهر من المواجهة البحرية استهدف فيها الجيش اليمني أكثر من 180 سفينة اغلبها أمريكية وبريطانية وإسرائيلية، لتفرض بذلك واقع حول تلك الغطرسة الأمريكية التي بدأت بها عدوانها على اليمن إلى مسخرة للإعلام الغربي جعلت أمريكا تركع وتعلن الإقرار بالفشل أمام أسلحة اليمن.
اعترفت أمريكا بقوة وفعالية وتقدم الأسلحة اليمنية، وبانت ملامح الصورة الحقيقية بأن اليمن لم يعد مجرد من يقول الكلمة في البحر الأحمر، وإنما بات يحضر لردود قاسية على كل تجاوزات أمريكا وما أسمته بتحالف حارس الازدهار وعما قريب يمرغ بأنف مدللتها “إسرائيل” التراب نظير تطاولها على الأجواء اليمنية وضرب ميناء الحديدة.
عمليات عسكرية بحرية نفذتها القوات المسلحة اليمنية، إلا أن العملية الأخيرة التي استهدفت السفينة اليونانية ” سونيون” مثلت تحول استراتيجي في سير المعركة البحرية، بعد تمكن البحرية اليمنية من استهداف السفينة لعدة مرات بالصواريخ والطائرات المسيرة والزوارق الحربية، ومن ثم الصعود على متنها وتلغيهما، علاوة على ذلك، الاشتباك مع فرقاطة أوروبية حاولت انقاذ السفينة وإجبارها على التراجع والفرار.
في السياق، اعتبرت صحيفةُ “نيويورك بوست -nypost ” قيامَ القوات المسلحة اليمنية بنشِرِ مَشاهِدِ إحراق السفينة (سونيون) في البحر الأحمر بمثابةُ “سُخريةً من واشنطن وحلفائها ومظهَرًا من مظاهر الفشل وانهيار الردع الأمريكي”.
وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته هذا الأسبوع أن نشرَ لقطات لإضرَام النيران في ناقلة النفط اليونانية يُعتبَرُ “سُخريةً من الولايات المتحدة وحلفائها الذين من المفترَض أن يحموا خطوطَ الشحن الحيوية في المنطقة” حسب وصفها.
وأشَارَت إلى أن هذه السفينة الثالثة التي “تدمّـرها” القواتُ المسلحة اليمنية بعد سفينتَي (توتور) وَ(روبيمار).
ونقلت الصحيفة عن النائب الجمهوري مايك والتز (من ولاية فلوريدا) قوله: إن ما حدث يعكسُ “فشلَ السياسة الخارجية الأمريكية”. كما نقلت عن مؤسِّس شركة بلاك ووتر الأمريكية العسكرية، إريك برينس، قوله: إن “الهجومَ الأخيرَ يُشكِّلُ إشارةً واضحةً على انهيار المصداقية والردعِ الأمريكيَّين”
موقع “Hebrew News” العبري، هو الآخر، أكد أن نشر القوات اليمنية لقطات لإحراق السفينة “سونيون” يعد سخرية واضحة من الولايات المتحدة وحلفائها الذين من المفترض أنهم، كما زعموا، أتوا إلى البحر الأحمر ليحموا ممرات الشحن الحيوية في المنطقة، فيما قالت مجلة “ناشونال ريفيو” الأمريكية إن فشل الولايات المتحدة في البحر الأحمر، يمثل فشلًا تامًا للسياسة والاستراتيجية الأميركية على أعلى المستويات.
“سونيون” تحترق
وكانت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، أشارت، في خبر عاجل، إلى أن النيران شوهدت مشتعلة في تسعة مواقع مختلفة على الأقل، على سطح السفينة “سونيون” في البحر الأحمر، والتي تعرضت لهجمات متكررة من اليمن، وبثت الوكالة صورا تُظهر استمرار الحرائق في سفينة (SOUNION) في البحر الأحمر.
واقعة الحريق، أثبتها موقع “The Maritime Executive” المتخصص بأخبار الشحن البحري، ببث صورا أخذت عبر الاقمار الصناعية تُظهر استمرار الحرائق في السفينة (SOUNION) المنتهكة لقرار حظر الدخول إلى موانئ فسلطين المحتلة. الصور أظهرت ألسنة اللهب، وهي تنبعث من سطح السفينة “سونيون” وتتصاعد في السماء بعد يومين من تفجيرها في البحر الأحمر من قبل القوات اليمنية.
وكشفت البعثة الأوروبية بالبحر الأحمر “اسبيدس”، الاثنين، أن النيران لا تزال مشتعلة في سفينة ترفع علم اليونان منذ هجوم للقوات المسلحة اليمنية منذ 23 أغسطس وأنه لا تزال توجد 5 حرائق على الأقل على السطح الرئيسي للسفينة، خصوصا حول فتحات خزانات النفط الخاصة بالسفينة، بالإضافة إلى ذلك، يشتعل جزء من الهيكل العلوي أيضًا.
وأشارت إلى أنه لا توجد حتى الآن علامات واضحة على تسرب النفط، لا فتة إلى أن السفينة راسية في نفس النقطة في المياه الدولية. وأرفقت البعثة الأوروبية صورا توضح الحرائق المشتعلة على السفينة.
وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، قالت، السبت، إنها أجرت تحليلاً للمشاهد التي عرضها الإعلام الحربي للقوات المسلحة اليمنية، مساء الجمعة، لإحراق ناقلة النفط اليونانية (سونيون) في البحر الأحمر. وذكرت الوكالة، أن التحليل أشار إلى أن “ثلاثة انفجارات متزامنة ضربت سطح السفينة سونيون”. وأضافت أن “هذا يشير إلى هجوم تم تنفيذه باستخدام متفجرات مزروعة، وليس ضربة بصاروخ أو طائرة بدون طيار”.
ونقلت الوكالة عن مسؤول دفاعي أمريكي اشترط عدم كشف هويته قوله “إن المسؤولين الأمريكيين كانوا على علم بالحرائق ويواصلون مراقبة الوضع”.
أما صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فقد وصفت في تقريراً لها تفجير ناقلة النفط “سونيون”، بأنه “يُمثل تكتيكاً جديداً” للقوات البحرية اليمنية، موضحة أن العمليات اليمنية المساندة لغزة، منذ انطلاقها في نوفمبر الماضي، أغرقت السفينة “روبيمار” في فبراير، والسفينة “توتور” في يونيو. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها “تفجير سفينة مهجورة عمداً”،
وأكدت أن الفيديو أظهر انفجارات ضخمة تمزق السفينة التابعة لشركة دلتا تانكرز، ما يعني أن السفينة تعرضت للهجوم في وسط البحر الأحمر، على بعد 77 ميلاً بحريًا إلى الغرب من ميناء الحديدة”.
“فرقاطة” أوروبية تلوذ بالفرار
وفي تفاصيل عملية إحراق السفينة اليونانية (SOUNION)، فقد كشفت البحرية اليمنية، الاثنين، عن خوضها اشتباك مباشر مع فرقاطة أوروبية حاولت افشال عملية استهداف السفينة في البحر الأحمر، حيث أكد مصدر في قوات البحرية اليمنية لقناة المسيرة أن فرقاطة أوروبية حاولت اعتراض الهجوم على السفينة اليونانية SOUNION في البحر الأحمر قبل فرارها، موضحة أن الفرقاطة الأوربية اعترضت الزورق الهجومي الأول فتحول الهجوم نحوها وجرى مهاجمتها بزورق ثان عندما استشعر طاقم الفرقاطة الأوروبية أن الهجوم تحول نحوهم قرروا الفرار وأجلوا طاقم السفينة سونيون معهم.
وجدد المصدر البحري التحذير للسفن من التلاعب بأجهزة التعارف ما يجعلها معرضة للاستهداف، مؤكدا أن السفن المستهدفة معلومة سواء أطفأت أو شغلت أجهزة التعارف وما عداها فهي آمنة وتستطيع الملاحة في منطقة عملياتنا، مؤكدا في ذات الوقت الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية إسنادا لغزة وللشعب الفلسطيني ودفاعا عن بلدنا بوجه العدوان الأمريكي البريطاني.
بعد ساعات من كشف القوات البحرية لعملية الاشتباك، نشرت البحرية الفرنسية تفاصيل تعرض فرقاطتها “ Chevalier Paul شوفالييه بول في البحر الأحمر للهجوم اليمني .
ونشرت قناة بي اف ام تي في الفرنسية – BFMTV مقاطع للبحرية الفرنسية للحظة استهداف الفرقاطة الفرنسية “ Chevalier Paul شوفالييه بول بزورق مفخخ.
وتظهر الصور التي تداولتها قناة بي اف ام تي في الفرنسية الزورق بينما كان على بعد اقل من نصف كيلو متر وهي مسافة كافية لضرب البارجة.
وهذه المرة الأولى التي تكشف فيها فرنسا تفاصيل الهجوم الأخير على فرقاطتها بالبحر الأحمر.
الكونغرس محبط
وإلى رصيد إنجازات البحرية اليمنية في بنك أهدافها كسر غطرسة القوات الأمريكية على طريق قلب الطاولة وتغيير اتجاه بوصلة القوة والهيمنة الدولية، قالت مجلة “ناشونال ريفيو” الأمريكية إن ما تقوم به الولايات المتحدة في البحر الأحمر، يمثل فشلًا تامًا للسياسة والاستراتيجية الأميركية على أعلى المستويات.
فيما أكدت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، أن قوات صنعاء استنزفت مخزون واشنطن العسكري، مشيرة في تقرير لها إلى أن معركة البحر الأحمر هي العملية العسكرية الأكثر توسعا واستدامة وتستنزف الذخائر التي يفضل البنتاغون تخزينها لما تسميه بالمواجهة المحتملة مع الصين.
وأوضح التقرير أن “أعضاء الكونجرس محبطون بسبب استمرار مهمة البحر الأحمر التي تتطلب استنزاف الأصول الأمريكية المتطورة”.
وأفادت الصحيفة في تقريرها أن “السفن أطلقت 155 صاروخا متنوعا وبلغت تكلفتها ما بين مليوني وأربعة ملايين دولار لكل صاروخ لتدمير الطائرات المسيرة المصنعة محليا وبكلفة لا تتجاوز مئات الدولارات”.
ونقلت بوليتيكو عن مايك والتز رئيس اللجنة الفرعية المعنية باستعداد القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي، قوله إنه “نحن نحرق عشرات المليارات من الدولارات وأسطولنا منهك”.
كما نقلت صحيفة بوليتيكو عن جوناثان لورد المسؤول السابق في البنتاغون، قوله إنه “تكلفة المعركة البحرية باهظة وتتضمن تكلفة استراتيجية حقيقية لجاهزية الولايات المتحدة”. سكري الذي سبق وأن أعددته لمواجهة الصين.
وقال المحلل المخضرم في مكتب الميزانية بالكونغرس إريك لابز إن” بناء السفن الحربية يمر بحالة رهيبة وهي الأسوأ منذ ربع قرن ولا أرى طريقة وسهلة للخروج من ذلك واشعر بقلق كبير”.
أما صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، فأكدت أن بنوك عالمية رائدة تدرس تقييد الإقراض لأصحاب السفن الذين يعرضون سلامة البحارة للخطر في البحر الأحمر.
أمام الخسائر الفادحة
على صعيد سعي الولايات المتحدة نحو إعادة بناء استراتيجية للمواجهة مع البحرية اليمنية وفق ما تمليه الأخيرة من متغيرات جذرية عصفت بهيبة الإمكانيات التي ظلت الأولى تتفاخر بعظمة تقنياتها الكاسحة، والتي كانت تعدها في الأصل لمواجهة منافسيها العمالقة روسيا والصين، أكدت وكالة أسوشيتد برس أن البحرية الأمريكية تواجه تحديات في بناء سفن حربية منخفضة التكلفة تتضمن قدرة على إسقاط صواريخ البحر اليمنية في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن إنتاج السفن الحربية في الولايات المتحدة يمر بأسوأ حالاته منذ 25 عاما حيث تعثرت قدرة البحرية على بناء سفن حربية منخفضة التكلفة لإرسالها إلى ساحة المواجهة في البحر الأحمر.
“عدم كفاءة سادة الحرب”
وعن فشل التقنية الغربية، تقول “مجلة جاكوبين “إن التقنيات العسكرية الغربية المتطورة أثبتت فشلاً واضحاً في الحرب غير المتكافئة، وإن المواجهة مع الجيش اليمني في البحر الأحمر أظهرت ذلك.
وتحت عنوان “عدم كفاءة سادة الحرب” نشرت المجلة تقريراً جاء فيه أن “شركات الدفاع الغربية العملاقة تتباهى بالتكنولوجيا المتطورة، لكن أنظمتها المتطورة غالباً ما تفشل في الحرب غير المتكافئة، بدءاً من أنظمة الدفاع الصاروخي المعيبة إلى حاملات الطائرات باهظة الثمن، والشيء الوحيد الذي يعمل باستمرار هو آلة الربح”.
وذكر التقرير أنه “عندما بدأت البحرية اليمنية في إطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ على السفن التجارية في مضيق باب المندب، تضامناً مع غزة، سارع الغرب، بدلاً من معالجة الأهداف المعلنة للقوات المسلحة اليمنية في أن الغاية إيقاف الآلة الصهيونية عن عدوانها الوحشي ضد أبناء غزة، ذهب للرد الغرب بالقوة المسلحة”.
وأضاف التقرير أنه “بعد ثمانية أشهر من أعنف المعارك البحرية التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت الحقيقة غير المقصودة، ففي يونيو، انسحبت حاملة الطائرات (يو إس إس دوايت دي أيزنهاور) وهي مثال بارز للقوة الصلبة الأمريكية، من مياه البحر الأحمر المتاخمة لليمن، بل وحاولت تقارير متضاربة التشكيك في قدرات الجيش اليمني على ضرب السفينة وإتلافها، في مقابل تسريب حقيقة مغايرة مفادها أن السفينة قد استنفدت ببساطة صواريخها الاعتراضية في مواجهة وابل الطائرات بدون طيار التي أطلقها الجيش اليمني”.
يلتف التقرير، ولكن ليظهر الحقيقة في هيئة الاحتمال أنه “بغض النظر عن السبب الدقيق، فقد أظهر الموقف أن نشر أقوى بحرية في التاريخ ــ وربما خسارة أقوى سفنها ــ كان أكثر تكلفة بشكل كبير، من الناحية المالية البحتة، من التكلفة التي قد يتحملها خصومها في حالة الهجوم”.
ثم عاد التقرير ليؤكد، من جديد، بصيغة واضحة أن “انتشار الأسلحة الرخيصة والفعّالة من حيث التكلفة بين خصوم الغرب غير المتكافئين أدى إلى إضعاف قوة أنظمة الأسلحة التقليدية بشكل كبير، والتصرف العقلاني الذي ينبغي لنا أن نفعله هو قبول هذا وإعادة توجيه هذه المئات من المليارات من الدولارات المهدرة إلى البرامج الاجتماعية والبنية الأساسية، إن أي شيء تقريباً سيكون أكثر قابلية للدفاع عنه من الوضع الراهن”.
من الطرد إلى التدمير
صحيفة “روسيا بوست سو”، بدورها، سخرت من الحالة التي أوقعت أمريكا نفسها فيها، وقالت إن القوات المسلحة اليمنية يغيرون تكتيكاتهم. فبعد أن طردوا السفن الحربية بعيدًا عن اليمن، انتقلوا إلى الاستيلاء على سفن العدو أو تدميرها من مسافة قريبة.
ونقلت الصحيفة الروسية عن عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة (UKMTO)، ومقرها المملكة المتحدة، والتي تدعي مراقبة حركة التجارة العالمية على طول الطرق البحرية، إنها تشهد تغييراً جذرياً في تكتيكات القوات اليمنية ضد السفن التجارية المعادية المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة و”إسرائيل”.
ويعزو خبراء الوكالة ذلك إلى حقيقة أن معظم السفن الحربية اضطرت إلى مغادرة الجزء من البحر الأحمر، حيث وصلت صواريخ اليمن المضادة للسفن والطائرات بدون طيار.
وأشارت الصحيفة الروسية إنه من الغريب أن مغادرة السفن الحربية الأمريكية والبريطانية تزامنت مع إعلان البحرية اليمنية عن ضرب حاملة الطائرات الأمريكية دوايت أيزنهاور أواخر مايو 2024.
وقالت الصحيفة رغم أن المعلومات الاستخبارية تؤكد أنه لم يتم تقديم أي دليل مباشر، إلا أن هناك الكثير من الأدلة غير المباشرة تفيد بأن الشيء الرئيسي هو أن الأمريكيين، الذين كانوا يفتقدون الهجمات بانتظام، تحركوا أكثر من 1000 كيلومتر من الساحل اليمني، وفي حالة المعابر العابرة، عند الضرورة، كانوا متأكدين من تلقي هجوم جديد.
وأكدت الصحيفة الروسية إن البحرية اليمنية بشكل عام، مستفيدة من حالة الارتباك في المنطقة، وأن أسرابا أمريكية تنتقل من منطقة مائية إلى أخرى، تخشى الاقتراب من الساحل اليمني، لأن شيئاً ما سيطير حتماً. مؤكدة أن ترسانة المقاتلين اليمنيين نمت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، سواء من حيث الكمية أو من حيث الخصائص التكتيكية والفنية. وأولئك الذين يتعهدون بالإبحار عبر المياه التي تسيطر عليها البحرية اليمنية على مسؤوليتهم الخاصة، مع احتمال يزيد عن 50%، سيواجهون مجموعة من المشاكل.
واختتمت الصحيفة بقولها “والآن، إذا لم تتوقف سفينة مشبوهة في البحر الأحمر، فإن (البحرية اليمنية) سيحققون هدفهم بمساعدة قاذفات الصواريخ الخفيفة مثل الصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة النارية الثقيلة، وبما أن الأميركيين والبريطانيين والإسرائيليين أنفسهم أعلنوا الحرب عليهم، فهذه ليست قرصنة، كما قد يظن البعض.
القادم أعظم
ومن على مسرح العمليات اليمنية، يؤكد اللواء الركن محمد العاطفي وزير الدفاع أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف صنوفها وتشكيلاتها والقوة الصاروخية والطيران المسير في أعلى درجات الجهوزية القتالية والمعنوية واللوجستية وتنتظر التوجيهات لتوجيه ضربات موجعة في عمق الكيان الصهيوني الغاصب وإلى مواقع حساسة وخطيرة لا يتوقعها ابدأ.
وأضاف” كما نؤكد للجميع أننا في القوات المسلحة قد استلمنا التوجيهات الشديدة والصارمة من أجل تحديد الأساليب الملائمة والفعالة مع التحديات التي فرضها العدو الصهيوني على المنطقة واليمن”.
وجدد التأكيد على أن “الكيان الصهيوني لن يجد منا إلا كل قوة وغلظة وصلابة وسيدفع الثمن باهضاً رداً على تماديه في انتهاك سيادة الوطن واستهدافه الأعيان المدنية في مدينة الحديدة، وجعله يدرك أنه اندفع في مغامرة غير محسوبة وآن له أن يتحمل الأعباء الثقيلة من المواجهة وعليه هو ومن يدعمه بأن يستوعبوا بأن هذا العدوان ليس فقط انتهاكا صارخا للقوانين والمواثيق الدولية بل يعكس أيضا تجاهلاً فاضحاً لقيم الإنسانية”.
وأشار إلى أن القرار العسكري القتالي قد تدارس كل المحددات العسكرية، وقرأ جيدا عناصر الضعف لدى العدو الصهيوني وخرج بخلاصة متكاملة تؤكد أن أهم نقاط بنك الأهداف الصهيونية قد تم رصدها وتحديدها بعناية وبدقة متناهية وخضعت لعملية تحليل معلوماتي واستخباراتي عميق ووفق قواعد اشتباك بخصوصية يمنية لا تضع أي اعتبار لسقوف المواجهة أو أي خطوط حمراء وبما يضمن تحقيق الهدف المنشود.