Herelllllan
herelllllan2

في ذروة العدوان على غزة.. 442 منتجاً عربياً يتم تصديرها لكيان العدو الإسرائيلي

 تتداخل الاعتبارات الشرعية والفارق العقائدي بشكل عميق في التجارة مع الكيان الصهيوني. إذ أنه ووفقًا للتعاليم الإسلامية، يُعتبر التبادل التجاري انتهاكا صارخا لمبادئ الإسلام وتعد على حقوق الفلسطينيين، ودعمًا مباشرا لممارسات الكيان الصهيوني التعسفية، فضلا عن كون التبادل في الأصل شكلًا من أشكال الاعتراف بالكيان الصهيوني.

ويشهد قطاع غزة، على مدار السنوات الأخيرة، سلسلة من الحروب المدمرة التي شنتها آلة الكيان الصهيوني، مما أسفر عن تدمير شامل للبنية التحتية والنسيج الاقتصادي. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعتمد نحو 80% من السكان في غزة على المساعدات الإنسانية، ويعيش 56% منهم تحت خط الفقر. ويعاني الغزاويون من حصار خانق، يؤثر بشكل جوهري على توفر الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والكهرباء. ومع تواصل الانتهاكات العسكرية، تتزايد أعداد الضحايا من المدنيين، حيث تشير التقارير إلى أن العدوان الأخير أودى بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني.

كما تشير التقارير الدولية إلى ارتكاب الكيان الصهيوني جرائم حرب فادحة، تشمل استهداف المدنيين وتدمير المنازل والمرافق الصحية. كما أن القيود المفروضة على حركة الأفراد والبضائع تتفاقم من معاناة الفلسطينيين وتجعل من الصعب عليهم الهروب من واقع الفقر المدقع. هذه الأوضاع تعكس صورة قاتمة للتحديات التي يواجهها سكان غزة، مما يعزز من دعوات المجتمع الدولي بالتحرك الجاد لإنهاء الاحتلال وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

 

التطبيع والقضية

تثير موجة التطبيع تساؤلات حول تأثيره على القضية الفلسطينية، إذ إن دعم الكيان الصهيوني اقتصاديًا يعد تنازلاً عن حقوق الفلسطينيين، فضلا عن تعميق الجراح الناجمة عن الصراع التاريخي مع العدو الإسرائيلي، ناهيك عن الوضع الإنساني المتدهور في غزة الذي يعد من أخطر الأزمات التي تواجه البشرية في العصر الحديث. وهو ما يعني أن تذرع هذه الدول بأنها تسعى لتعزيز مكانتها في المجتمع الدولي، هو عذر أقبح من ذنب ذلك أن التبادل التجاري مع الكيان الصهيوني يسهم في تقوية موقفه ويؤثر سلبًا على استقرار المنطقة.

ومع اعتبار أن التبادل التجاري مع الكيان الصهيوني قضية حساسة ومعقدة في العلاقات الدولية، خصوصًا في صفوف شعوب الدول العربية والإسلامية. تستمر أنظمة التطبيع العربية في تطوير التبادل على مدار عقود، ونتيجة لاتفاقيات التي أبرمتها بعض الدول، يصبح التطبيع جزءًا من الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية التي تعتمدها تلك الدول.

 

واقع التطبيع

وقبل أيام أصدر “مكتب الإحصاء” الإسرائيلي تقريرا يكشف ارتفاع التبادل التجاري بين “إسرائيل” و5 دول عربية خلال النصف الأول من العام الجاري. وذكر التقرير أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” والإمارات ومصر والأردن والبحرين والمغرب بلغ 367 مليون دولار في شهر يوليو الماضي.

وأظهرت البيانات الرسمية “الإسرائيلية”، أن الإمارات تتصدر تلك الدول في يوليو بنحو 272 مليون دولار وهو ما يمثل زيادة 5% في الفترة المقابلة قبل سنة. وتحتل مصر المركز الثاني بـ35 مليون دولار بزيادة 29% عن المسجل في يوليو من السنة الماضية.

واحتلت الأردن المركز الثالث بين هذه الدول العربية بـ35 مليون دولار ما يمثل تراجعًا بنسبة 14% مقارنة بيوليو 2023. وخلال النصف الأول من عام 2024، انخفضت بنسبة 16% إلى 213.8 مليون دولار. وبلغ حجم التجارة بين “إسرائيل” والبحرين في يوليو من السنة الماضية 16.8 مليون دولار بزيادة قياسية بلغت 740% مقارنة بالفترة المقابلة من السنة الحالية. وارتفع حجم التجارة بين المغرب و”إسرائيل” 124% في يوليو الماضي إلى 8.5 ملايين دولار وخلال الأشهر الستة الأولى، بلغ إجمالي التبادل التجاري 53.2 مليون دولار، بنمو نسبته 64% مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023.

ووفقًا لبيانات ما يسمى بوزارة التجارة الإسرائيلية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الكيان الصهيوني ودول التطبيع بشكل ملحوظ، حيث بلغ حوالي 9.2 مليار دولار في عام 2022، مقارنة بـ 7.8 مليار دولار في عام 2020. هذا التبادل يتضمن مجموعة متنوعة من السلع والخدمات، مثل التكنولوجيا الحديثة والزراعة والطاقة.

أما الدعم التركي للكيان الصهيوني فيبلغ أرقاما خيالية فحوالى 25% من حجم تجارة تركيا إلى دول الخليج العربية تمر عبر ميناء حيفا ، ووصل التبادل التجارى بين “تل أبيب” وأنقرة إلى مبالغ كبيرة وخيالية، وتعتبر “إسرائيل” واحدة من أهم 5 أسواق تسوّق فيها تركيا بضائعها، حيث بلغت المبادلات التجارية التركية مع الكيان في 2016 أكثر من 4.2 مليار دولار لترتفع بنسبة 14% في العام 2017، في حين أن الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا ارتفعت بنسبة 45%.

وتقوم شركات الطيران التركية بأكثر من 60 رحلة جوية أسبوعياً إلى “إسرائيل”، وتنقل بين “إسرائيل” وتركيا أكثر من مليون مسافر سنويا، حيث تعتبر تركيا من بين الوجهات المفضلة للإسرائيليين.

كشفت بيانات رسمية عن الكيان الإسرائيلي عن تدفق آلاف المنتجات الغذائية من دول تطبيع عربية وإسلامية إلى مستوردي الكيان الإسرائيلي. تتضمن هذه المجموعة مئات المنتجات المصنعة من قبل عشرات الشركات الموجودة في ست دول عربية مطبعة. كما تكشف البيانات عن أسماء الشركات وصلاحية الشهادات التي حازت عليها هذه المنتجات من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك تلك التي صدرت خلال الفترة الحرجة من الصراع على غزة.

تُعد “الحاخامية” الكبرى في “إسرائيل” الجهة المسؤولة عن إصدار ما يسمى بشهادة “الكوشير”، وهي شهادة تؤكد توافق المنتجات مع ما يسمى بالشريعة اليهودية، مما يتيح لها الدخول إلى الأسواق الإسرائيلية. وقد أضيفت شهادات الكوشير إلى العديد من المنتجات المنتجة في الدول العربية والإسلامية المطبعة، مما يعكس صورة واسعة عن حضور هذه المنتجات في الأسواق الإسرائيلية.

في السياق، نستعرض، هنا، خلاصة لنتائج ما قام به فريق من موقع “عربي بوست” من مسح شامل رصد فيه وصول تلك البضائع إلى المستوردين “الإسرائيليين”، وقال الموقع أن فترة المسح امتدت على مدى أسابيع عديدة للتحقق من البيانات الرسمية ودراسة الشركات المذكورة، بالإضافة إلى إجراء التواصل مع العشرات من هذه الشركات للحصول على تعليقاتها.

المسح أسفر عن إعلان بيانات استيراد الكيان الإسرائيلي لقرابة 442 منتجًا عربيًا من منتجات مصانع دول التطبيع، تتضمن أصنافًا متعددة من الخضراوات والفواكه المجمدة أو المعالجة، والزيوت، والأطعمة التقليدية. وعلى رأس هذه الدول تأتي: مصر، والأردن، والإمارات، والمغرب، إضافة إلى شركات في تونس والسعودية، يذكر أن هناك حوالي 80 شركة عربية و332 شركة إسلامية قد قدمت منتجاتها إلى أسواق الاحتلال الإسرائيلي.

 

شهادات “كوشير”

هذه البيانات تفيد بأنه تم منح شهادات “كوشير” لـ 206 منتجًا من مصر، و19 منتجًا من الأردن، و113 منتجًا من المغرب، و2772 منتجًا من تركيا، و36 منتجًا من ماليزيا، و27 منتجًا من باكستان. تعكس هذه الأرقام حجم التدفق التجاري المتزايد بين هذه الدول والسوق الإسرائيلية، وإن كانت لا تغطي جميع الأنشطة التجارية، إلا أنها، وحسب الموقع- تركز على جزء من قطاع المنتجات الغذائية.

الشركات المصدرة:

  • مصر 37 شركة، 206 منتجات تشمل الخضراوات والفواكه والعصائر.
  • الأردن 5 شركات، 19 منتجًا، جميعها حصلت على الشهادات خلال فترة الحرب على غزة.
  • الإمارات 11 شركة، 99 منتجًا، تشمل منتجات مخصصة للتصدير.
  • المغرب 25 شركة، 113 منتجًا، تشمل مجموعة متنوعة من الأصناف.
  • تونس شركة واحدة، “Moona Food”.
  • تركيا 290 شركة، 2772 منتجًا، من بينها شركات رائدة.
  • ماليزيا 12 شركة، 36 منتجًا.
  • باكستان 4 شركات، 27 منتجًا.

وتشترط ما تسمى بالحاخامية الكبرى التابعة للكيان الإسرائيلي أن المنتج الغذائي المستورد يحصل على ما تطلق عليه “شهادة الكوشير” ليصبح تداولها في السوق الإسرائيلي قانونيًا. وهذه الشهادة لا تُمنح لجميع المنتجات من نفس المصنع. وقد أشار العديد من التجار إلى أن معظم المنتجات المصدرة إلى الفلسطينيين لا تحتاج إلى شهادة الكوشير، مما يعكس التباين في اللوائح بين الأسواق.

 

التأثيرات الكبيرة للتطبيع

بناءً على التطورات الأخيرة في العلاقات بين دول عربية و”إسرائيل”، يمكن أن تؤدي العمليات التجارية هذه إلى تأثيرات بعيدة المدى على القضايا الإنسانية، خاصة في غزة. فالتطبيع قد يقلل من الضغط الذي كان موجودًا لدعم حقوق الفلسطينيين، كما أنه قد يؤثر على المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى القطاع، مما يعكس تباعدا متزايدًا بين الفلسطينيين والدول العربية.

ومع تزايد حجم التبادل التجاري، تبرز تحديات جديدة تعرقل موقف الدول من القضية الفلسطينية. على الساحة الشعبية، تثير هذه العلاقات استياءً عارمًا، حيث يعتبرها الكثيرون خيانة للقيم العربية والإسلامية المرتبطة بفلسطين. كما تضعف هذه العلاقة التضامن العربي وتؤثر على موقف الدول التي تسعى لبناء علاقات مع الكيان الصهيوني أمام الرأي العام، مما ينعكس سلبًا على الدعم المالي والسياسي لفلسطين.

إن تعزيز هذه العلاقات التجارية يتناقض مع المبادئ الأساسية التي تدعو لدعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال، ويعرض الفكرة الموحدة حول القضية للخطر، ويترتب عليه خلق انقسامات جديدة في الأوساط العربية، لأن المواقف الشعبية لا تزال تعارض بشدة التطبيع، حيث أظهر استطلاع للرأي في 2023 أن 85% من العرب يعارضون أي نوع من التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

نحو رؤية مستقبلية

في ضوء هذه التحديات، يتعين على الدول المعنية التفكير في بدائل تدعم القضية الفلسطينية وتعزز الهوية العربية والإسلامية. يجب البحث عن طرق للتعاون الاقتصادي الإقليمي بعيدًا عن أي شراكات مع الكيان الصهيوني. المستقبل يتطلب تفكيرًا عميقًا وتقييمات دقيقة ترتكز على المبادئ الإنسانية والمصالح المشتركة للشعوب.

كما تشكل مخاطر التطبيع تحديًا يتجاوز القضية الفلسطينية، حيث يستهدف الأمة الإسلامية ككل. إن التعامل مع “إسرائيل”، الذي كان يُنظر إليه سابقًا على أنه خيانة للقيم الإسلامية، أصبح الآن واقعًا تعيشه العديد من الدول. هذا الأمر يؤدي إلى تآكل الهوية الإسلامية في مواجهة تفكك موقف المسلمين من قضاياهم المصيرية. الشباب اليوم، عن غير قصد، يفقدون القدرة على التمييز بين الأصدقاء والأعداء، مما قد يُحدث شروخًا عميقة في النسيج الاجتماعي والسياسي للأمة.

إن التطبيع مع العدو الإسرائيلي يثير تساؤلات حقيقية حول الدور الفعلي للجهات العربية في دعم القضية الفلسطينية، في ضوء تخلي العديد من الدول الأكثر تأثيراً عن واجبها تجاه فلسطين. التوقعات تشير إلى أن التطبيع قد يسرع من تلاشي الاهتمام العربي الإسلامي بالقضية الفلسطينية، مما يؤدي إلى مزيد من المآسي في الشارع الفلسطيني ويعزز من فرص نجاح المخططات الإسرائيلية، كالضم والاستيطان، على الأرض الفلسطينية.

وفي الجهة المقابلة يمكن القول إن إيجابيات التطبيع، هو حالة الفرز للأمة، بعد انكشاف العملاء والمتلبسين بالدين الذين ظلوا طيلة الفترات الماضية يقدمون التسهيلات للعدو الإسرائيلي وفي نفس الوقت يمكسون بزمام حركات المقاومة الفلسطينية، وبالتالي استطاعت الأمة أن تعرف العملاء ، وتصطف في تكتلات جديدة بعيدة عن الخونة وهو ما بات يعرف اليوم بمحور الجهاد والمقاومة الذي يذيق العدو الصهيوني ويلات العذاب.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com