قوة دولية جديدة.. البحرية اليمنية تسقط أسطورة الهيمنة الأمريكية
حققت القوات البحرية اليمنية إنجازًا عسكريًا مذهلاً، بعد تمكنها من تفكيك أسطورة الهيمنة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر. لقد أربكت هذه القوات تحالفات “حارس الازدهار”، التي بدأت منذ ديسمبر 2023، في محاولاتها للسيطرة على مرور السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية عبر هذا الممر الاستراتيجي. ورغم الجهود المكثفة، بما في ذلك إرسال المملكة المتحدة ترسانة من القوات الأوروبية، باءت محاولات هذا التحالف بالفشل الذريع.
لقد اتبعت القوات البحرية اليمنية تكتيكات جديدة وابتكارية، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، مما أطلق العنان لزيادة ملحوظة في العمليات العسكرية.
هذه النجاحات جذبت أنظار العالم وجعلته يعيد التفكير في المعادلات الدولية في ظل الصراعات القائم. ومع كل ضربة حقيقية، تكشفت ملامح جديدة لقوة دولية تتشكل في مضيق باب المندب، حيث أجبرت البحرية الأمريكية، ولا سيما حاملة الطائرات “أيزنهاور”، على التراجع بعيدًا عن البحر الأحمر، بينما تعرضت قواتها البحرية الأخرى لأضرار جسيمة، مما يعكس تفوق البحرية اليمنية وقدرتها على تقويض هيبة الأسطورة الأمريكية وحلفائها.
ولم يعد هذا الإنجاز مجرد انتصار عادي؛ بل هو رسالة مدوية تعكس إمكانية تغيير مجرى الأحداث في المنطقة والعالم بأسره. لقد أصبح هذا الانتصار حديث الساعة، متصدراً عناوين الصفحات الأولى لكبرى الصحف والمجلات العالمية، وجذبت تداعياته اهتمام النقاد والمحللين في مجالات شتى.
في السطور القادمة، نستعرض مجموعة من التقارير والمقالات التي تناولت هذه المنازلة البحرية بين القوات اليمنية والأسطورة البحرية الأمريكية، والتي تنوعت بين النقد والسخرية. حققت القوات البحرية اليمنية أهدافها بدقة، محطمة عددًا من القطع البحرية التابعة لتحالف “حارس الازدهار”.
قوة دولية جديدة
نبدأ باستعراض ما نشرته صحيفة “تلغراف” البريطانية،24 أغسطس الجاري إذ أكدت على هزيمة البحرية الأمريكية على يد القوات البحرية اليمنية التي أجبرتها على مغادرة البحر الأحمر، مع جميع قواتها البريطانية، مما يعني غياب أي سفينة حربية لتحالف “حارس الازدهار” في المنطقة.
وقد نشرت الصحيفة تقريرًا في موقعها الرسمي، بعنوان “الحوثيون يهزمون البحرية الأمريكية”، أوضحت فيه أن عملية “حارس الازدهار” بقيادة أمريكا تأسست في ديسمبر 2023 ردًا على هجمات البحرية اليمنية على السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي في البحر الأحمر. كان الهدف من هذه العملية توفير جبهة دولية موحدة لردع الهجمات، لكن هذه الجهود لم تُجدي نفعًا، إذ لم تتراجع البحرية اليمنية بل استمرت في تنفيذ الهجمات.
وقالت الصحيفة: “إن هذا أدى إلى بدء عملية (بوسايدون آرتشر) في يناير 2024، من خلال شن ضربات مضادة من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أهداف يمنية، ولكن- كما أثبتت المملكة العربية السعودية بين عامي 2015 و2023، وأخبرتنا مراراً وتكراراً- فإن محاولة تعطيل البحرية اليمنية من خلال الضربات الجوية الحركية أشبه بلكم الدخان، وهذا ما ثبت”.
وأضافت: “لم تسفر هذه الجهود عن أي تقدم حتى عندما شكل الاتحاد الأوروبي ائتلافاً منشقاً أطلق عليه اسم (أسبيدس) كي لا يرتبط بالموقف الأمريكي من إسرائيل، وعجز الغرب عن الاتفاق على كيفية أداء مهمة أساسية نسبياً لم يمر مرور الكرام على خصومه المحتملين، بل لقد لاحظت ذلك بالتأكيد شركات الشحن التي كنا نحاول طمأنتها”.
ووفقاً للتقرير فإنه “منذ يناير، لم تتزايد الهجمات بشكل مطرد في عددها فحسب، بل تنوعت أيضاً، فقد كانت الطائرات بدون طيار والصواريخ المجنحة مترافقة مع عمليات اختطاف وصواريخ باليستية، وشهد شهر أبريل أول استخدام لمركبة سطحية غير مأهولة، وكان هناك زيادة مطّردة في هذه الطريقة منذ ذلك الحين”.
وأشار إلى أنه “في الآونة الأخيرة بدأت البحرية اليمنية في متابعة هجماتهم بإطلاق نيران الأسلحة الصغيرة من الزوارق السريعة، وشهدت الأسابيع القليلة الماضية زيادة في عدد الهجمات فوق ما كان متوسطة 2.5 هجوم في الأسبوع”.
خلو البحر الأحمر من التواجد الأمريكي
وأشارت صحيفة “تلغراف” إلى أن “ناقلة النفط التي تحمل العلم اليوناني (سونيون) كانت الضحية الأخيرة، حيث هوجمت أربع مرات يوم الأربعاء، مما أدى إلى اندلاع حريق على متنها، وقد جاءت سفينة حربية فرنسية من مهمة الاتحاد الأوروبي (أسبيدس) لمساعدة طاقمها، وتصدت لطائرة بدون طيار كانت تقترب ثم أنقذت الطاقم قبل نقلهم إلى جيبوتي”.
واعتبر التقرير أن “حقيقة مجيء سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي لإنقاذ الموقف ليست مفاجئة، فعلى الرغم من الموارد البحرية الشحيحة للاتحاد الأوروبي، إلا أنه الوحيد هناك حالياً، ولا توجد سفينة تابعة للتحالف الأمريكي( حارس الازدهار) ضمن مسافة 500 ميل”. وهذا ما يؤكد العجز الأمريكي إزاء الصواريخ اليمنية بعد اضطرار واشنطن للابتعاد كل هذه المسافة.
ونقلت الصحيفة نماذج من الفشل الأمريكي في البحر الأحمر، موضحة أنه “في شهر مايو الماضي، عندما كانت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس دوايت دي أيزنهاور) موجودة، كان لدى الولايات المتحدة 12 سفينة حربية في المنطقة تقدم مزيجاً من مهام مراقبة الصواريخ والمرافقة، والآن ليس لديها أي سفينة، ولمدة وجيزة كان لدى المملكة المتحدة ثلاث سفن، وقد قامت (إتش إم إس دايموند) ببعض الأعمال المتميزة كجزء من مجموعة (حارس الازدهار) ولكن عندما غادرت المجموعة، غادرنا”.
تبرير الهزيمة
وبرر التقرير الانسحاب البريطاني من البحر الأحمر بالقول إنه “من وجهة نظر المملكة المتحدة، السبب واضح ومباشر، فنحن لا نملك ما يكفي من السفن، أو على وجه التحديد لا نملك ما يكفي منها في حالة صالحة للعمل، أما الولايات المتحدة فهي أكثر تعقيداً لأنها تمتلك السفن، ولكنها اختارت عدم إرسال أي منها”، ولكن بالعودة إلى تصريحاتهم بداية تشكيل التحالفات فقد أعلنوا جهوزيتهم وامتلاكهم الإمكانيات اللازمة لإيقاف العمليات العسكرية اليمنية.
وأضاف: “هذا لا يعني أن الأمريكيين لا يعانون من مشاكل خاصة بهم، فقد أعلنت البحرية الأمريكية أنها قد تضطر إلى إيقاف 17 سفينة دعم مساعدة بسبب مشاكل تتعلق بالطاقم، كما أن منطقة غرب المحيط الهادئ خالية من حاملات الطائرات للمرة الأولى منذ سنوات، ومن عجيب المفارقات أن اثنتين من هذه الحاملات تقعان في منطقة الشرق الأوسط، ولكن ليس في البحر الأحمر، كما أن أحدث برنامج لبناء الفرقاطات الأمريكية ينهار، ومعدل بناء الغواصات من فئة فرجينيا أقل مما هو مطلوب للحفاظ على الأسطول الحالي، والآن لا يوجد لدى خفر السواحل الأمريكي كاسحات جليد عاملة”.
وخلص تقرير الصحيفة إلى عدة نتائج منها أنه: “لا يمكن أن نصل إلا إلى استنتاج واحد: وهو أن الولايات المتحدة تخلت عن عملية (حارس الازدهار)، فهي لم تنجح في ردع البحرية اليمنية ولم تطمئن حركة الشحن البحري، ولذا فقد يكون من الأفضل لها أن تذهب وتفعل شيئاً آخر”.
واعتبر التقرير أن “المرور حول رأس الرجاء الصالح هو الوضع الطبيعي الجديد في الوقت الحالي”.
وقال إن “مجرد الاستسلام في حين يتم السعي إلى حل سياسي أو مالي يشكل انحرافاً كبيراً لا يمكن وصفه، عن التفكير البحري التاريخي للولايات المتحدة” في إشارة إلى غياب الردع العسكري.
تكتيكات جديدة
على نفس الصعيد، تناولت صحيفة “ماري تايم إكسكيوتيف” الأميركية المتخصصة بشؤون الملاحة البحرية،24 أغسطس الجاري، في تقرير لها التطور النوعي في استراتيجية الجيش اليمني، موضحة أن هناك تغير واضح في استراتيجية البحرية اليمنية في استهداف السفن.
وأوضحت الصحيفة أن البحرية اليمنية قامت يوم الـ21، ويوم 22 أغسطس، بملاحقة سفينة بضائع واحدة (بلكر) لساعات، حيث شنوا عدة هجمات غير ناجحة ضد السفينة.
وأضافت أنهم في المراحل المبكرة من حملتهم، كانوا عادة يشنون هجومًا على سفينة ثم ينتقلون إلى هدفهم التالي، لكن مؤخرًا بدأوا بمهاجمة نفس السفينة عدة مرات باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب المختلفة وتكتيكات جديدة، على سبيل المثال شهدنا ذلك مع الهجمات الثلاثة على ناقلات النفط الخام التي تديرها شركة دلتا تانكرز، قبل أن ينجحوا في تعطيل إحدى السفن في المحاولة الرابعة الواضحة لهم يوم أمس قبل الأول. ومع ذلك، استهدفوا نفس الناقلة مرة أخرى أمس الأول في هجوم أوقفته فرقاطة فرنسية.
الهدف رقم 111
وتستمر القوات المسلحة اليمنية بتطبيق استراتيجيات جديدة تتضمن استهداف السفن التي تخالف الحظر المفروض، حيث تشير التقارير إلى أن هذه العمليات تعكس قدرة اليمن على تغيير موازين القوى في المنطقة البحرية، مما أثار قلق القوى الغربية.
وكان الهدف يوم الخميس الماضي عبارة عن سفينة بضائع جافة (بلكر) تم الاستحواذ عليها مؤخرًا من قبل مجموعة تسمى “سي وورلد مانجمنت”. الشركة اليونانية المملوكة ذكرت على موقعها الإلكتروني أنها تعمل منذ أكثر من 30 عامًا وتدير أسطولًا يتألف من أكثر من 30 سفينة من مكاتبها في موناكو.
وليست هذه هي المرة الأولى، التي يتم فيها استهداف نفس الشركة، يقول الموقع، فقد أدارت الشركة أيضًا ناقلة المنتجات “بينتلي 1” التي استُهدفت في يوليو. وقامت البحرية اليمنية بشن عدة هجمات باستخدام “قوارب مسيّرة وطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية”، لكن السفينة نجت دون أذى.
السفينة التي استُهدفت يوم الخميس تعمل الآن تحت اسم “أس دبليو نورث ويند 1” (حمولة 55,989 طن). بُنيت في عام 2009 وكانت تعمل تحت إدارة “إيجل بولك” وانتقلت لفترة قصيرة إلى “ستار بولك” في عملية الاندماج قبل أن يتم تسليمها إلى ملاكها الجدد في يونيو 2024. السفينة مسجلة في بنما وبدأت رحلتها الحالية من كوريا في نهاية يوليو. توقفت في سنغافورة وتتجه نحو قناة السويس، على الرغم من أنها توقفت عن إرسال إشارات AIS منذ عدة أيام.
تلقت عمليات التجارة البحرية البريطانية أول تقرير عن هجوم بينما كانت السفينة على بعد 57 ميلاً بحريًا جنوب عدن، اليمن. وأفاد ربان السفينة بحدوث انفجارين في الماء بالقرب منها. وخلال الساعات التالية، وفقًا لاستشارات أمنية بحرية وشركة UKMTO، حدثت ثلاثة انفجارات أخرى. ومرة أخرى، لم تتعرض السفينة لأي ضرر واستمرت في مسارها شمالاً.
عبرت السفينة باب المندب، وأفادت تقارير UKMTO أنه بينما كانت غرب الحديدة، حدث انفجار آخر. وجاءت هذه المحاولة الأخيرة من قارب مفخخ بدون طاقم. يعتقد UKMTO أنه انفجر قبل الوصول إلى السفينة، بينما ذكرت تقارير “فانجارد” أنه لامس السفينة لكنه لم يتسبب في أضرار كبيرة.
وكان هذا الحادث هو الرقم 111 الذي سجلته UKMTO في عام 2024. ويواصلون نصح جميع السفن بتوخي الحذر، إذ يبدو أن البحرية اليمنية قد تبنوا تكتيكًا جديدًا للسفن والمشغلين الذين يستهدفونهم.
وكانت القوات المسلحة اليمنية قد بثت مساء أمس الأول مشاهد لعملية إحراق السفينة “سونيون” في البحر الأحمر، في أعقاب استهدافها أربع مرات ما تسبب في عطبها وتوقف محركاتها عن العمل، واضطرار طاقمها على إخلائها قبل أن يتم إحراقها وبث مشاهد عملية الإحراق.
تغيير جذري في توازن القوى
وفيما يتعلق بنوعية الأسلحة المستخدمة في العمليات العسكرية فقد تطرق إليها موقع “Maritime Executive” الذي نشر تقريراً مفصلاً حول هجمات القوات البحرية اليمنية ضد السفن التي تخالف الحظر المفروض على التعامل مع موانئ الكيان الصهيوني.
ووفقاً للتقرير،” قامت القوات البحرية اليمنية بشن عدة هجمات على سفينة الشحن “SOUNION” التابعة لشركة يونانية، لانتهاك السفينة قرار حظر الملاحة باتجاه موانئ فلسطين المحتلة.
السفينة “SOUNION“، التي تم شراؤها مؤخرًا من قبل شركة “Sea World Management“، تعرضت لسلسلة من الهجمات المتكررة التي استخدمت فيها القوات البحرية اليمنية مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك القوارب المسيّرة والطائرات بدون طيار. وعلى الرغم من أن السفينة لم تتعرض لأضرار كبيرة في الهجمات الأولى، إلا أن القوات اليمنية استمرت في ملاحقتها، مما يشير إلى تغيير في استراتيجيتها البحرية.
تُعد هذه الحادثة واحدة من عدة هجمات استهدفت في البحرية اليمنية سفنًا تجارية في البحر الأحمر خلال الأشهر الأخيرة، إذ يبدو أن القوات اليمنية قد تبنت تكتيكات جديدة تقوم على استهداف السفن التي تخالف حظر الملاحة المفروض على موانئ الكيان الصهيوني.
وأشار التقرير إلى أن هذه الهجمات تعكس قدرة اليمن على إحداث تغيير جذري في توازن القوى في المنطقة البحرية، مما أثار قلق القوى الغربية الداعمة لإسرائيل، وخصوصاً مع تزايد النفوذ اليمني في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وفي ظل هذه التطورات، وجهت السلطات البحرية الغربية تحذيرات إلى السفن التجارية بضرورة توخي الحذر أثناء الإبحار في هذه المنطقة، نظراً لتزايد المخاطر والهجمات المتكررة من قبل القوات اليمنية.
تكلفة باهظة
خلافًا لذلك، تقدم مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية تحليلًا شاملًا للتحديات التي تواجه الولايات المتحدة في البحر الأحمر، خاصة مع تزايد الهجمات اليمنية على السفن. ورغم محاولات حماية الشحن الدولي، تصاعد التهديد اليمني ليشكل ضغطًا هائلاً على الولايات المتحدة، مما أضر بشدة هيبة الوجود الأمريكي في البحر الأحمر.
ووفقاً لتقرير المجلة الأمريكية تواجه واشنطن أزمة متفاقمة جراء استمرار القوات اليمنية في استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ لعرقلة الشحن البحري المرتبط بإسرائيل أو التابع لأمريكا وبريطانيا، مما يضعف قدرة الولايات المتحدة على حماية مصالحها في المنطقة ويستنزف قدراتها العسكرية.
وأكد المستشار الأمني صامويل بايرز أن الاستراتيجية الأمريكية في البحر الأحمر تواجه تحديات هائلة نتيجة التصعيد اليمني المستمر. حيث تتكبد الولايات المتحدة تكلفة باهظة في مواردها الاستراتيجية نتيجة ملاحقتها لقوات صنعاء، التي أصبحت تشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح واشنطن في المنطقة.
بايرز أوضح أن الولايات المتحدة أرسلت أربع مجموعات حاملة طائرات متتالية، بما في ذلك حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن”، لحماية الشحن الدولي في البحر الأحمر، ولكن دون تحقيق نتائج ملموسة. بل على العكس، فإن تواجد هذه القوات أصبح يشكل عبئًا استراتيجياً كبيرًا على البحرية الأمريكية، حيث اضطر البنتاغون إلى تخصيص ثلث قوة حاملات الطائرات الأمريكية لمجرد مراقبة الوضع في البحر الأحمر.
التقرير يشير إلى أن إدارة بايدن تجد نفسها مضطرة إلى نشر حاملات طائرات إضافية في المنطقة، مثل “يو إس إس أبراهام لينكولن”، لحماية السفن المحظور عبورها.
ورغم هذه الجهود، فإن التهديد اليمني لم يتراجع، بل تصاعد ليشكل ضغطاً هائلاً على الولايات المتحدة. وقد أدى ذلك إلى تقليص حركة المرور في البحر الأحمر بنسبة 50%، مما تسبب في خسائر مالية ضخمة للقوى الغربية الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
التقرير يسلط الضوء على أن الاستراتيجية الأمريكية الحالية تبدو غير فعّالة، حيث تعتمد فقط على الردع والدفاع دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، التي زعمت المجلة الأمريكية أن من بينها “دعم إيران للحوثيين”، وبدلاً من اتخاذ خطوات حاسمة لوقف تهديدات القوات اليمنية، وجدت واشنطن نفسها مضطرة لمواصلة تخصيص جزء كبير من قوتها البحرية ما يعادل ثلث قوة حاملات الطائرات الأمريكية لحماية هيمنتها في ممرات التجارة العالمية، مما يضعف قدرتها على مواجهة تحديات أكبر مثل الصين.
إن هذه التطورات تشير إلى تحول جذري في ميزان القوى في المنطقة، فالقوات اليمنية تمكنت من إجبار الولايات المتحدة على توجيه جزء كبير من مواردها لحماية مصالحها البحرية، وهو ما يعزز النفوذ اليمني في البحر الأحمر ويضعف سيطرة الولايات المتحدة على الممرات البحرية الحيوية.
هذه التطورات قد تجعل الولايات المتحدة تعيد النظر في استراتيجيتها وتواجه حقيقة أن التهديد اليمني أصبح قوة لا يستهان بها في توازنات المنطقة.
لا حراسة ولا ازدهار
وحينما تتحول الولايات المتحدة إلى مسخرة الناشطين، فهذا دليل إضافي على مدى الضعف الأمريكي ومدى المأزق الذي لا يبدو معه أي انفراجة، بعد أن ظلت الولايات المتحدة الأمريكية لعقود من الزمن رمزا للقوة العسكرية والتكنولوجيا المتقدمة.
وفي هذا السياق، يشعر البعض داخل الدوائر الأمريكية بالسخرية من التحالف الأمريكي في البحر الأحمر “حارس الازدهار”، حيث غرد الباحث في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات بيل روجيو تعليقًا على الواقعة: “لا ازدهار ولا حراسة”، مشيرًا إلى فشل التحالفات الأمريكية الغربية في تحقيق أهدافها في مواجهة تهديد القوات اليمنية المتصاعدة.
وبطريقة نقدية ساخرة، وجّه باحث في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات (وهي مجموعة ضغط أمريكية مؤيدة لإسرائيل) انتقاداً للتحالف الأمريكي “حارس الازدهار” بعد بث الجيش اليمني مشاهد لإحراق السفينة اليونانية (سونيون) في البحر الأحمر.
وشارك الباحث، بيل روجيو، المشاهد التي بثها الجيش اليمني في تدوينة على منصة إكس، وعلق قائلاً: “لا ازدهار ولا حراسة”.
وأضاف في تدوينة : “لقد كان من الأفضل للولايات المتحدة ألا تفعل شيئاً بدلاً من إظهار فشلها وافتقارها إلى الإرادة وعدم الكفاءة بشكل كامل”.
وأظهرت المشاهد التي بثها الإعلام الحربي اليمني انفجارات كبيرة واشتعال نيران هائلة على متن السفينة اليونانية، التي قالت قوات صنعاء إنها تابعة لشركة تتعامل مع إسرائيل وتنتهك قرار حظر الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية.
في الختام، تبقى التطورات في البحر الأحمر دليلاً على تحول جذري في موازين القوى، بما يحمل من آثار بعيدة المدى على الوضع الاستراتيجي في المنطقة.