18 أغسطُس خلال 9 أعوام .. 63 شهيداً وجريحاً في استهداف طيران العدوان لسوق وميناء وسكن المهندسين بالحديدة
يمانيون – متابعات
تعمدَ العدوانُ السعوديُّ الأمريكيُّ، في مثل هذا اليوم 18 أغسطُس آب خلال الأعوام 2015م، و2016م، 2018م، الإيغالَ في الدم اليمني، ومواصَلةَ ارتكاب الجرائم.
أسفرت غاراتُ العدوان عن 76 شهيداً و71 جريحاً، بينهم أطفال ونساء، وتدميرِ المنازل والمزارع والممتلكات الخَاصَّة والعامة والطرُقات والبنى التحتية، وحالةٍ من الخوف والرعب وموجة نزوح وتشرد، وحرمان، ومضاعفة معاناة الأهالي، وانتهاكٍ للقوانين والمواثيق الإنسانية والحقوقية الدولية، في ظل صمت وتواطؤ أممي ودولي مكشوف.
وفي ما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم في الحديدة:
في مثل هذا اليوم 18 أغسطُس آب من العام 2015م، استهدف طيرانُ العدوان السعوديّ الأمريكي، سوقَ مديرية الضحي، وسكن المهندسين في هيئة تطوير تهامة، إضافةً إلى استهداف الميناء بمحافظة الحديدة، بسلسلةِ غارات متزامنة، أسفرت عن 40 شهيداً و23 جريحاً، وحالةٍ من الخوف والحزن، والنزوح والتشرد ومضاعفة المعاناة.
في مديرية الضحي استهدف طيرانُ العدوان الباعةَ والمتسوقين، بعددٍ من الغارات أسفرت عن 35 شهيداً و23 جريحاً في جريمة إبادة جماعية، وواحدةٍ من المجازر المروِّعة، وجرائم الحرب التي لم يُعِرْها المجتمعُ الدولي العام أي اعتبار.
المتسوِّقون والبائعة والمارون من الطريق العام، والمحالُّ التجارية والمنازل، ومسجدان، والسيارات وشاحنات النقل، والأرض التي تقف عليها، كانت هدفاً لغارات العدوان التي حوَّلت كُـلّ ما تراه العين، إلى خرابٍ ودمار، ودماء، وجثث هامدة، وأُخرى متفحمة وغيرها أشلاء وقِطَعٍ ممزقة، وجُلُّ مَن في السوق إلى مقبرة جماعية.
سائقو القاطرات تفحمت أجسادُهم على متنها، والباعة والمتسوقون سُفكت دماؤهم، وتقطعت أجسادُهم على البضائع، واحترق المكان بما فيه، وتهدمت الطريقُ وتكسَّر الأسفلت، وتحول إلى حفر عملاقة.. الجرحى يصرخون ويستنجدون بمن يسعفهم، والغارات متتالية، والطيران مُستمرٌّ في التحليق، ومن سَلِمَ جسدُه حاول إسعافُ أخيه، أَو ابنه، أَو من كان بجواره، ولكن الطيران يرصد، ويعاود الغارة، ويحوّل المنقذين إلى جرحى وشهداء.
يُكْمِلُ الطيرانُ إفراغَ حمولتِه من الصواريخ المتشظية، والقنابل المتفجِّرة، ويغادِرُ سَمَاءَ الحديدة، مخلِّفاً أشنعَ مجزرة، فيحتشد الأهالي إلى السوق لتجميعِ الأشلاء وانتشال الجرحى ورفع الجثث من الأرض، وكلهم في خوف ورعب وبكاء، وتمتلئ المستشفيات في الحديدة، بالجثث والجرحى، والكل أمام موقف مهول، وجريمة صادمة.
يصل الخبر إلى أهالي المتسوقين والبائعين، ويعُمُّ الحُزنُ والخوف قلوبَ النساء والأطفال، ويتلاشى الأمل بعودتهم سالمين، وتتبخر معه فرحةُ المنتظرين، للهدايا والاحتياجيات التي وُعِدُوا بها ليلتهم الماضية.
ينتقل الأهالي مسرعين إلى مكان الجريمة والمستشفيات ليتفقدوا ذويهم ومَن كان منهم في ذلك السوق.. هنا أخٌ يجمع أشلاء أخيه، ويعود به قِطَعاً مجمَّعةً في كيس، كان مخصَّصاً للقمح، وآخر يعود لوالده جنازة على النعش، وآخرون كُثُرُ يعودون بجثامين كانت قبل ساعات على تواصلُ بهم، وتنعم بصحة جيدة.
فيما أهالي يتخذون من المشافي قبلةً لهم ولأحزانهم وآمالهم بالحياة، آخذين ما بقيَ لهم من المال والمدخرات لتسديدِ فواتير العمليات والدواء، ومنهم من باع كُـلّ غالٍ ونفيس، أَو تدين مبالغَ مالية يعالج بها جراحات قريبه.
6 صوماليين مهاجرين من بين الشهداء كانوا نائمين بجوار السوق قضت عليهم الغاراتُ بالكامل، وقتلتهم وسفكت دماءَهم، وهم في طريقهم لدخول السعوديّة للعمل هناك، لا ذنبَ لهم سوى أنهم مروا من اليمن عابري سبيل.
يقول أحد أهالي الشهداء: “الجثث والأشلاء كثيرة في السوق، ومنهم من عرفناه ومنهم من لم نعرفه من شدة التفحم والاحتراق، وانعدام الملامح، وتمزُّق الأعضاء، والملابس، ساعتان مرت، وأنا أبحث عن جثة أخي، وما قدرت أتعرف عليها، أَو أحدّدها، هذه جريمةٌ وحشية لم يعرف العالم حجمَ مأساتها، وشدة وَقْعِها في قلوبنا، كيف لواحد أن يشاهد الغارات والنيران تقتل أخاه وأهله وهو لا يستطيع إنقاذهم، أَو التعرف عليهم بعد ذلك، بالله عليكم يا مجتمع دولي.. ما ذنب الشعب اليمني، مدنيون يحرقون بهذه الوحشية؟!”.
مواطن آخر يقول: “ابني فلذة كبدي كان يبيعُ القات في هذا السوق، وما عاد وجدت من جسده غير القليل، من الأشلاء ورأسه الذي تعرفت عليه، كان يقصد الله، ويصرف على الأسرى بالكامل، من يعلينا بعد ما استشهد، يا الله أنت حسبنا ونعم الوكيل على هذا الإجرام الأمريكي السعوديّ بحق شعبنا اليمني”.
أحد الباعة يقول: “في هذا السوق كان يعمل أكثر من 60 بائعاً، وخلفهم أكثر من 60 أسرة، حرمهم العدوان من الحياة، وحرم أهلهم وأُسَرَهم من الطعام والدواء، وقطع أرزاقهم، ما ذنبهم؟، وما ذنب المتسوقين، وأصحاب الشاحنات التي كانت فارغة، حجم الدمار مهول والمتضررون كُثُرٌ، والعالم يتفرج علينا، ولا يحرك ساكناً.. أين الأمم المتحدة، ومجلس الأمن يوقفون العدوان على شعبنا اليمني؟”.
مجزرة الضحى واحدة من آلاف جرائم الحرب والإبادة التي قتلت وجرحت وضاعفت معاناة أبناء الشعب اليمني، على مدى 9 أعوام متواصلة، أمام المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومنظماتها الإنسانية والحقوقية والقانونية والجنائية، والعدلية، التي لم تُعْرْ كُـلّ ذلك سوى التعبير عن القلق حيال كُـلّ جريمة، والاكتفاء بالتنديد والشجب، دون أية خطوات عملية لمحاسبة مجرمي الحرب وتقديمهم للعدالة.
هيئةُ تطوير تهامة هدفٌ استراتيجية للعدوان:
وفي سياق متصل استهدفت غاراتُ طيران العدوان، سكن المهندسين في هيئة تطوير تهامة، وميناء الصليف، بمدينة الحديدة، أسفرت عن 5 شهداء (3 أطفال وأمهم وجدتهم).
منازل موظفي هيئة تطوير تهامة هدفٌ استراتيجي، لغارات العدوان، التي حوَّلتها إلى كومة من الخراب والدمار، تتصاعد منها أعمدة الدخان والغبار ورائحة الدم والبارود، و5 نفوس بريئة -3 أطفال وأمهم وجدتهم- فاضت إلى بارئيها شاكية وحشية وظلم عدوها وعدو الإنسانية وخالقها.
ينهي الطيران جريمته المحدّدة، ويعود إلى أدراجه لتعلن قنواتُ العدوان عن تحقيق انتصار عسكري كبير بقتل أطفال ونساء، وتدمير أعيان مدنية، تزعم أنها مخازن أسلحة، وقيادات عسكرية من القوات المسلحة اليمنية، وإذاعة الدعايات والتضليل، ونقل مشاهد الاستهداف والتدمير، عبر الأقمار الصناعية.
حجم الدمار فوق أجساد الأطفال والنساء، مهول لم يقدر الأهالي على رفعه، لتكون معدات شق الطرقات الخيار المفضل، بجرافة “دركتل”، ترفعُ السقوف وصبيات الأعمدة والأحجار والدمار.
هنا عائل أحد الأسر عاد مسرعاً فور الجريمة، ولم يجد أحدًا من أفراد أسرته فوق الأرض حياً أَو شهيداً أَو جريحاً، بل كلهم لا يزالون تحت الأنقاض، كان يتضرَّعُ إلى الله، وهو يرمي بنفسه وجسده ويبكي بكاء شديد مردّداً: “أمي أمي أمي، أطفالي، زوجتي، كلهم تحت الدمار يا عالم”.
يحاول الحاضرون التهدئةَ من روعه، وهو لا يطيق الانتظار، لعمل معدة الرفع التي لم تستطع الوصول إليهم سريعاً، والكل من حوله يقول له: “تعال لا تجلس هنا خلي الناس يشوفوا عملهم، وإن شاء الله يكونوا عائشين”.
تطلع الجثة الأولى والثانية والثالثة، من بين الأنقاض وكلهم أشلاء، مقطعة، ويزداد عائلهم نحيباً وبكاء، وقهراً وإحباطاً، ويستمر العملُ والحفرُ للبحث عن البقية، في مشهد صادم، ومأساة في جبين الإنسانية، وتنتهي عملية الحفر بالوصول إلى جثي طفلين فارقتا الحياة؛ بسَببِ انعدام الأكسيجين، واستمرار نزيف الدماء.
يقول أحدُ طواقم الإسعاف التابعين للصليب الأحمر اليمني: “وصلنا إلى المكان المستهدف وأخرجنا الكثير من السكان من منازلهم وهم سالمون، وعندما اقتربنا من هذا المنزل، عاد الطيران وقصف علينا بصاروخ، وكرّر تدمير المنزل، على رؤوس ساكنيه، ونحن نشاهد لا نستطيع إنقاذهم، والطيران فوق رؤوسنا، وبعد أن غادر الطيران، لم نستطع؛ بسَببِ الدمار الكبير، فجاء “الشيول”، ولم يسلم من هذه الأسرة أحد كلهم استشهدوا، حسبنا الله ونعم الوكيل”.
استهدافُ صوامع الغلال وميناء الحديدة:
وبالتزامن مع هذه الجريمة استهدف طيران العدوان ميناء الصليف، نتج عنه أضرارٌ في الممتلكات الخَاصَّة والعامة، لتستمر معاناة الأهالي، والصيادين، والتجار الذين أُحرقت بضائعهم في الهناجر، صوامع الغلال، وتتضاعف حجم الخسائر المادية والمالية، والمعنوية، تحت غارات العدوان المتواصلة، منذ 9 أعوام.
يقول أحد العاملين في الميناء: “غارات العدوان استهدفت الهناجر وصوامع الغلال، وكنتيرات الحاويات انتهت نهائيًّا، في الليل ولا يوجد أحد في الميناء، وهذه كلها أماكنُ حيوية وأعيان مدنية لا علاقة لها بالجانب العسكري، وكانت عملية الإطفاء، بالغة الصعوبة، ولم نجد في هذه الهناجر أي سلاح كما يدَّعي العدوان وقنواته الإعلامية”.
استهداف العدوان لمنشآت حكومية مدنية في ميناء الحديدة يكشفُ طبيعة الحرب الاقتصادية، واستراتيجيتها على الشعب اليمني، ومحاولة تشديد الحصار والتجويع، كما هو حال، صوامع الغلال الخَاصَّة باستقبال غذاء الشعب اليمني المعتمد على استيراد القمح الخارجي، وضعها العدوان على قائمة الأهداف الاستراتيجية، ودمّـرها بغاراته، التي أهدرت القمح الذي كان بداخلها وأحرقتها وأتلفت غالبية الكميات التي كانت بداخلها.
يقول أحد عمال الغلال: “هذه حربٌ على البطون، ومحاولة لتجويع الشعب وإركاعه ودفعه للاستسلام، وهو عمل مدان غير إنساني ولا يمت للحرب والمواجهة العسكرية بصلة” متابعاً: “كنا آمنين وراقدين، وما شعرنا إلا بالغارات والانفجارات، واشتعال النيران، ففزعنا مرعوبين، وفِرَقُ الإطفاء تملأ المكان وعشنا ليلة لم نعرفها من قبلُ”.
استهداف العدوان للأسواق والمنشآت الحيوية والاقتصادية والأعيان المدنية، واحدةٌ من آلاف جرائم العدوان بحق الشعب اليمني، خلال 9 أعوام، في ظل صمت وتواطؤ أممي ودولي مكشوف.