مخاطر التواجد العسكري الأمريكي في الجغرافيا العربية
يمانيون – متابعات
مَثَّلَ الحضورُ العسكريُّ الكبيرُ والمباشرُ للقوى الاستعمارية الغربية، خلالَ القرنَينِ الماضيَّينِ، الصورةَ التقليديةَ للاحتلال الأجنبي للجغرافيا العربية، وقد تذرَّعت القوى الاستعماريةُ في ذلك بعدد من الذرائع التي اختلقتها؛ لتبرِّرَ سيطرتَها، ومنها الحملات الصليبية، وانتشال الشعوب العربية من حالة التخلف، والدفاع عن حقوق الأقليات، وحماية الممرات المائية وطرق التجارة الدولية؛ وَلِأَنَّ هذا الصورة اتسمت بالقوة والعنف للسيطرة على الشعوب العربية فقد واجهت مقاومةً شرسةً من أبناء هذه الشعوب، وقد أدركت القوى الاستعماريةُ الغربية أن الصورةَ التقليدية للاحتلال مكلِفةٌ لها مادياً وبشرياً، وبنهاية العقد السادس من القرن الماضي أنهت القوى الاستعمارية الغربية وجودها العسكري المباشر في الجغرافيا العربية، لكنها ظلت متمسكة بأطماعها في ثروات وموارد هذه الشعوب، والسيطرة على موقعها الاستراتيجي المتميز، وكانت قد أقامت لها في نهاية العقد الرابع من القرن الماضي قاعدة متقدمة في قلب الجغرافيا العربية متمثلة في دولة الكيان الصهيوني.
وقد ترتب على زراعة هذا الكيان المسخ في قلب الجغرافيا شطرُ وَحدتِها الطبيعية إلى شطرَينِ؛ ليسهل عليها تمزيق وحدة الشعوب العربية؛ خدمةً لأهدافها الاستعمارية في المرحلة المقبلة، ولم تكتفِ بذلك بل عمدت إلى إقامة أنظمة حكم عميلة لها في الشعوب العربية التي غادرتها، ونصَّبت على رأس هذه الأنظمة حكامًا يدينون لها بالولاء والتبعية، ولم تكتفِ بذلك بل عملت على اختراق أجهزة ومؤسّسات الدول العربية من خلال تواجد عناصرها الاستخبارية فيها، تحت عدد من العناوين، منها المهام الاستشارية والخبراء في المجالات الأمنية والعسكرية والخدمية والإنتاجية والزراعية والصناعية وغيرها من المجالات.
وقد ورثت الإدارةُ الأمريكية تركةَ القوى الاستعمارية الغربية في صورتها الحديثة، وعملت على تحديث ذرائعها ومبرّراتها باستمرار، بما يتناسَبُ والتطوراتِ المتلاحِقةَ في مختلف المجالات؛ فمحاربة الإرهاب مثّلت ذريعة من أهم الذرائع التي اختلقتها الإدارة الأمريكية، وصنعت -وَفْــقًا لها- تياراتٍ فكريةً تكفيريةً بمسميات متعددة، وأطلقت يدَها للتنكيل بالشعوب العربية؛ لتأتي الإدارة الأمريكية عقب ذلك كمخلِّصٍ ومنقذ من جرائم تلك القوى بحق الشعوب، ولقيَ الوجود الأمريكي ترحيباً رسميًّا وشعبيًّا؛ فتواجدت هذه القوات تحتَ ذريعة محاربة القوى الإرهابية وحماية الشعوب العربية من شرها وخطرها، لتتحول بذلك الدول العربية إلى مُجَـرّد محميات للإدارة الأمريكية، التي تتواجد قواتها العسكرية على الأراضي العربية بصفة دائمة ومُستمرّة، وتعمل لشرعنة هذا التواجد عقد الاتّفاقات الصورية مع الأنظمة الحاكمة تحت عناوين الشراكة، والتحالفات الاستراتيجية في مواجهة القوى الإرهابية.
وليس ذلك فحسب، بل إن الإدارة الأمريكية في تحديثها لمبرّرات وذرائع تواجدها الدائم في الجغرافيا العربية، نسجت للأنظمة العربية مخاوفَ ومخاطرَ وهميةً من بعضها البعض من جيرانها من دول العالم الإسلامي في المنطقة، كما هو الحال بالنسبة لإيهام الدول الخليجية بالخطر الإيراني على أمنها، وأوهمت الأنظمة العربية الخليجية تحديداً بأن المخاطر المحدقة بها تتطلب تعزيز قدراتها العسكرية، من خلال توفير الإدارة الأمريكية لأحدث ما أنتجته مصانع آلتها الحربية من أسلحة دفاعية وهجومية، واستزفت بذلك جُلَّ عائدات موارد وثروات البلدان العربية النفطية، وأفرغت خزائنها من الأموال مقابل صفقات التسليح، التي تورِّدُها إليها لتصبح مُجَـرّد مخزون مركوم تدفع قيمته الشعوب العربية، وتستخدمه القوات الأمريكية في عملياتها العدوانية التوسعية في مواجهة ما تبقى من بلدان عربية تقاوم الوجود الأمريكي في المنطقة.
ورغم إدراك الشعوب العربية وأنظمتها الحاكمة أن الإدارة الأمريكية بتلك المزاعم والأوهام إنما تصرفها عن الخطر الحقيقي، الذي يهدّد أمن هذه الشعوب ووجودها، وهو الكيان الصهيوني، والخطر الأمريكي ذاته، غير أن تلك الأنظمة -نظراً لوقوعها في الشراك التي نصبتها لها الإدارةُ الأمريكية- غير قادرة على اتِّخاذ الموقف الصائب، الذي يمكن أن يخلِّصَها ويخلص الشعوب من قبضة الإدارة الأمريكية، التي تعمل بشكل حثيثٍ على مراكَمة قواتها وقدراتها العسكرية في المنطقة العربية بشكل مهول؛ ولتمريرِ حكام الأنظمة العربية مخطّطات الإدارة الأمريكية، تلجأ هذه الأنظمةُ إلى تبرير هذا التواجد من خلال التحالفات الشكلية، التي عزّزت التواجد الأمريكي في الجغرافيا العربية بشكل مخيف.
وتعد تلك التحالفات العسكرية الشكلية الموصوفة بالاستراتيجية، مُجَـرّدَ ذرائعَ لاحتلال القوات الأمريكية للجغرافيا العربية، من خلال إنشاء عشرات القواعد العسكرية الجوية والبرية والبحرية، التي يتواجد بها عشراتُ الآلاف من الجنود ومئات الطائرات المقاتلة، والأنظمة الصاروخية الدفاعية والهجومية، وهذه القواعد موزعة على نقاط متعددة في الجغرافيا العربية؛ الأمر الذي مكّن الإدارة الأمريكية من إحكام سيطرتها على المنطقة العربية ونهب ثرواتها النفطية وموارها الطبيعية الأُخرى، واستمرت الإدارة الأمريكية في تطوير وتحديث ذرائع احتلالها للجغرافيا العربية، فلم تعد اليوم الإدارة الأمريكية تعتمد على التحالفات العسكرية مع الأنظمة العربية، لتبرير تواجدها العسكري، بل إن الإدارة الأمريكية تتحدث اليوم بصوت عالٍ عن حماية مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي، طبعاً ليس في داخل النطاق الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما مصالحها وأمنها القومي في المنطقة العربية!
وذلك يعني أن ثروات الشعوب العربية ومواردها الطبيعية أصبحت تمثل مصالحَ للإدارة الأمريكية وجزءاً من أمنها القومي، فهي إذاً باقية في الجغرافيا العربية إلى ما لا نهاية لحماية أمنها القومي المزعوم ومصالحها في المنطقة، التي هي في حقيقة الأمر ثرواتُ الشعوب العربية، المنهوبة من جانب الإدارة الأمريكية، والشعوبُ العربية صاحبة الحق في هذه الثروات والموارد تتضور جوعاً! وَإذَا ما تكرس في الذهنية وَهْمُ وزيف وتضليل الإدارة الأمريكية، بأن ثروات الشعوب العربية أصبحت تمثل مصالح خَاصَّة بها والدفاع عنها جزء مهم من الدفاع عن أمنها القومي، وتحول ذلك إلى قناعات ومسلَّمات لدى الإدارة الأمريكية؛ بسَببِ صمت الشعوب العربية عن حقها المسلوب والمغصوب؛ فالنتيجة الحتمية القاسية والمروعة هي أن مصير الشعوب العربية سيكون الزوال!
وما يحدثُ في الوقت الراهن ومنذ عشرة أشهر في قطاع غزة من إبادة جماعية، ليس إلَّا صورة مصغَّرَة لمصير الشعوب العربية؛ فالإدارة الأمريكية والقوى الغرابية المتحالفة معها والشريكة للكيان الصهيوني في جريمة الإبادة الجماعية، عززت تواجدها باستمرار في الجغرافيا العربية، ليس عسكريًّا فحسب وإنما اقتصاديًّا؛ فماذا يعني وجود خمسمِئة شركة فرنسية تعمل في مختلف المجالات في دولة خليجية واحدة لا تتجاوزُ مساحتُها أحدَ عشر ألفًا وخمسمِئة كيلو متر مربع!
وَإذَا ما تم إحصاءُ الشركات التي تحمل جنسية دول أُخرى، فَــإنَّ النتيجة ستكون كارثيةً بكل معنى الكلمة؛ فهذه الشركاتُ تجلب العمالة من بلادها أَو من بلدان أُخرى، وتتملك العقارات والأسهم في الشركات المحلية والبنوك التجارية، وتزاول جميع أوجه النشاط العام، واستمرار الوضع بهذه الوتيرة سيؤدي إلى التزاحم، وحينها لن تكفيَ الجغرافيا لاستيعاب الوافدين الجدد والسكان الأصليين، فالوافدون لصوص يجيدون أساليبَ سرقة الأرض والثروات، وسيصبح السكانُ الأصليون عبئاً على الوافدين الجدد، وحينها سيعمدون إما إلى تهجيرهم، أَو القضاء عليهم.
وليس في هذا الطرح أيُّ تهويل أَو مبالَغة؛ فاستمرارُ الوضع على ما هو عليه وبذات الوتيرة، ستكون نتيجته إبادة الوافدين الجدد للسكان الأصليين؛ باعتبَار أن اللصوصَ الوافدين لديهم سوابقُ في ذلك، وعلينا أن نستذكر فقط ما فعله أُولئك اللصوص بالهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا؛ فبعد أن سلبوا أرضهم وثرواتهم، أبادوهم، والسببُ في ذلك جشعُ اللصوص الذين لم يكتفوا بالسيطرة على الأرض والموارد، بل استكثروا على السكان الأصليين حتى العيشَ مضطهدين في بلادهم، فقرّروا إبادتَهم دون رحمة أَو وازع من ضمير أَو إنسانية.
وأعتقدُ أنه يتوافرُ للصوص العصر من المبرّرات والذرائع والنوازع الإجرامية لإبادة الشعوب العربية، ما لم يكن متوفراً لأسلافِهم لإبادة الهنود الحمر، ولا بدّ اليوم من دَقِّ ناقوس الخطر للإنذار بما هو محدِقٌ بشعوب الأُمَّــة العربية، فهذه الشعوب إن لم تتحَرّك اليوم، فَــإنَّها ستكون فريسة سهلة، ولقمة سائغة، ولن تتمكّن أبدًا من مواجهة اللصوص، فهؤلاء اللصوص سبق لهم بالتعاون مع عملائهم من حكام الشعوب العربية، العمل على تخديرها وتمييعها، وصرفها عن دينها وعروبتها وقيمها الأخلاقية، وما لم تستيقظ الشعوبُ العربية قبل فوات الأوان، فَــإنَّها ستواجِهُ مصيرًا مرعِبًا على أيدي أحفاد اللصوص، أسوأ من المصير الذي واجهه الهنود الحمر على أيدي أسلاف هؤلاء اللصوص.
وليس عنا ببعيد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق ترامب المستخِفَّة بالعرب وحقوقهم، والتي دعا من خلالها إلى السيطرة على الثروات النفطية للشعوب العربية، وما لم تصحُ الشعوبُ العربية مبكراً وتأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر، والاستعداد لمواجهة المخطّطات الإجرامية للقوى الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، قبل المزيد من التمدد والتوسع في الجغرافيا العربية، وأن تعمل هذه الشعوب على طرد القوات الأمريكية من الأراضي العربية، وإن كان ثمن ذلك باهظًا، فَــإنَّه سيكون هَيِّنًا مقارنة بحالة استمرار هذه الشعوب في سباتها إلى أن تتمكّن الإدارة الأمريكية المجرمة من القضاء عليها وإبادتها.
وعلى الشعوب العربية أن تدرك جيِّدًا أن حكامها قد رهنوا مستقبلها ومصيرها للإدارة الأمريكية مقابل رضا هذه الإدارة عنهم، وقد عملت ولا تزال تعملُ من خلالهم على منعِ قيام وَحدة عربية من أي نوع وعلى أي مستوى، وتمنع قيام قوة عربية ذات فاعلية في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي عُمُـومًا، وتتصدَّى لقيام دولة إسلامية حقيقية تقيم دين الله في أرضه، وتعمل الإدارة الأمريكية أَيْـضاً وبشكل حثيث على تكريس ما يُسَمَّى بحوار الأديان؛ للتغطية على جرائمها ضد الشعوب العربية، التي استفردت بها وستستفرد بها شعبًا شعبًا، وما تم إعلانُه مؤخّراً حول اتّفاق إبراهام خير شاهد على إجرام الإدارة الأمريكية، وإن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا كُـلُّ هذه الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، رغم الاتّفاق الإبراهيمي؟ وهل معنى ذلك أن شعوباً عربية محدَّدةً هي التي ينطبقُ عليها ذلك الاتّفاقُ وأُخرى لا تستفيد منه؟ فأين التسامحُ الأمريكي الصهيوني لاتّفاق إبراهام من الإبادة الجماعية في قطاع غزة؟ إنها الخديعة التي ستتمكّن بها الإدارة الأمريكية من الفتك بالشعوب العربية على انفراد!
لا شك أن ما يحدثُ في قطاع غزة يمثِّلُ الصورة الحقيقية، التي سيتم تعميمها لاحقاً وربما أسوأ على كافة شعوب الأُمَّــة العربية، إنها كذلك بكل تأكيد إذَا ما استقام الأمر تماماً للأمريكان والصهاينة في المنطقة العربية فَــإنَّهم لن يبقوا للشعوب العربية شيئاً، ولن يعطوها شيئاً، بل لن يسمحوا لها بالبقاء على قيد الحياة إلا كعبيد لهم إن سمحوا بذلك، وصدق اللهُ العظيم القائلُ: ﴿أَم لَهُم نَصِيب مِّنَ المُلكِ فَإِذا لَّا يُؤتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾.
وما حَـلَّ بالإخوة في فلسطين المحتلّة منذ ما يقرب من ثمانية عقود من الزمن ما هو إلا نتيجة منطقية لسماح الشعوب العربية وتساهلها مع اللصوص بالاستحواذ على الأرض، بعد ذلك رأَى اللصوص أن الأرض لم تعد تكفي للجميع، ومن ثَمَّ فعلى العرب أن يغادروا أَو يواجهوا مصيرَهم المحتوم وهو الموت، ولنتذكر جميعاً أن بدايةَ التواجد في الأراضي الفلسطينية المحتلّة كان للعصابات الصهيونية المُسَمَّاة الهاقاناه، وهو ذات السيناريو الذي يتكرّر اليوم في نقاط متعددة من الجغرافيا العربية، فتزايد عدد القواعد العسكرية الأمريكية والشركات الغربية العاملة في مختلف المجالات والاستيطان وتراكم المصالح، والاستحواذ على الأرض ومن ثم مزاحمة السكان الأصليين، وطردهم منها بعد ذلك أَو قتلهم، ولا يمكن التعويل على أية قيم دينية أَو أخلاقية أَو إنسانية لدى اللصوص يمكن أن تحولَ دون ارتكابهم للفظائع، وَإذَا ما ألقينا نظرة سريعة على التواجد العسكري الأمريكي في الجغرافيا العربية من شرقها إلى غربها إلى وسطها وجنوبها سيتضح من خلال ذلك مدى قساوة وقتامة ما ينتظر أجيالَ الشعوب العربية من مصير، بل لا يُستبعَدُ أن يواجِهَه هذا الجيل؛ ففي السعوديّة توجد عدد من القواعد العسكرية المعلَن عنها، منها قاعدة الإسكان الجوية، وقاعدة سلطان الجوية، وتوصف الإمارات بأنها حليفٌ مهمٌّ للإدارة الأمريكية، تقدم الدعمَ والإسناد لقواتها في الشرق الأوسط عُمُـومًا، وللقوات الأمريكية عددٌ من القواعد العسكرية المعلَن عنها في هذا البلد، هي قاعدة الظفرة الجوية، وقاعدة ميناء جبل علي، وقاعدة الفجيرة البحرية، وهذه القاعدة معدة كما تذكر بعضُ التحليلات، لتمثل البديلَ في حال إغلاق مضيق هرمز، وتعد البحرين مركَزاً مهماً لدعم الأنشطة العسكرية البحرية الأمريكية، والقواعد العسكرية في هذا البلد هي قاعدةُ الجفير البحرية، التي تمثل مركَزَ قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، وقاعدة عيسى الجوية، وقاعدة المحرق الجوية، التي تتواجد بها قوات المهام المشتركة.
وتعد الكويت منذ عام 1991م بكامل نطاقها الجغرافي قاعدةَ دعم لوجستي للقوات الأمريكية، وتتواجد هذه القوات في الأراضي الكويتية تحتَ عناوينَ متعددةٍ، منها الاتّفاقيات الدفاعية، والشراكة والتعاون العسكري وغيرها من العناوين، وقد استخدمت القوات الأمريكية الأراضي الكويتية في العدوان على العراق وسوريا، وتتمركز القوات العسكرية الأمريكية في أربع قواعدَ معلَنٍ عنها في دولة الكويت هي قاعدة عريفجان التي تعد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الكويت، وقاعدة على السالم الجوية، وقاعدة معسكر الدوحة، وقاعدة بيورينغ، التي تحتوي على منظومة رادارات متطورة.
وتتواجد على الأراضي العراقية عددٌ من القواعد العسكرية الأمريكية المعلَن عنها، وهي قاعدة بلد الجوية، التي تمثل أكبر قاعدة أمريكية في العراق، وقاعدة عين الأسد، التي تمثل ثانيَ أكبر قاعدة عسكرية جوية في هذا البلد، وقاعدة حرير المقام الجوية، وقاعدة الحبانية، وقاعدة التاجي، وقاعدة سبايكر الجوية التي تعد مركزاً رئيسياً لإدارة العمليات الجوية، وتضم الأراضي السورية أكثرَ من عشرين قاعدة أمريكية، منها قاعدة كوباني، وقاعدة عين العرب وقاعدة تل أبيض وقاعدة الرميلات وقاعدة عين عيسى وقاعدة المبروكة وقاعدة التنف، وغيرها من القواعد، وتتواجدُ في الأراضي الأردنية عددٌ من القواعد الأمريكية تحت عناوينَ متعددةٍ منها تعزيزِ أمن الأردن ودعم استقرار المنطقة.
وتصنِّفُ الإدارةُ الأمريكيةُ دولةَ قطر بأنها تعد حليفاً رئيسياً مهماً في المنطقة، وتتواجدُ القواعد العسكرية الأمريكية في هذا البلد تحتَ عناوينِ الاستضافة والتحالف الاستراتيجي والشراكة، وهذه القواعد هي قاعدة العديد الجوية، التي تعد أكبرَ قاعدة جوية خارج النطاق الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، وبها مقرُّ القيادة المركَزية للقوات الأمريكية، ومركَزُ العمليات الجوية والفضائية، وقاعدة السيلية وقاعدة فالكون، التي تعد أكبرَ مخزنٍ للذخيرة والإمدَاد اللوجيستي للقوات الأمريكية في المنطقة، ومن هذه القاعدة ومن غيرها من القواعد الأمريكية في الدول الخليجية، تم نقلُ عشرات الآلاف من الأطنان من القنابل والصواريخ إلى دولة الكيان الصهيوني، استخدمت في تدمير قطاع غزة وإبادة أبنائه، وتقدم مصر تسهيلاتٍ كبيرةً للقوات الأمريكية البحرية والجوية ومن المحتمل وجود قواعد جوية أمريكية على الأراضي المصرية غير معلن عنها.
ويتواجد بالقواعد الموزعة على الجغرافيا العربية عشراتُ الآلاف من الجنود، ومئات الطائرات الحربية، وهذا الوجود العسكري الأمريكي المقلق، هو مقدمة لكارثة كبيرة ستحل بشعوب الأُمَّــة العربية إذَا ظلت في حالة سبات، ولن تكون للبشرة السمراء في الخليج العربي قيمة تذكر تفوق قيمة البشرة السمراء للهنود الحمر، ولن تكون القيمة إلا للسائل الأسود الذي تجود به صحراء هذه البلاد، وتعمل الإدارة الأمريكية باستمرار على تعزيز تواجدها بالآلاف من الجنود، وأسراب من الطائرات الحديثة، وفي الوقت الراهن عززت قواعدَها العسكرية في المنطقة العربية بعدد كبير من الطائرات والقاذفات لتعزيز قدراتها العسكرية في المنطقة، لمواجهة محور المقاومة، الذي توعد كيان الإجرام والاحتلال الصهيوني بِـ رَدٍّ قاسٍ على جرائمه في قطاع غزة وفي الحديدة وفي بيروت وفي طهران.
ولمواجهة ذلك فالقواتُ الأمريكية في القواعد العسكرية في البلدان العربية في حالة استنفار قصوى للدفاع عن الكيان الصهيوني، وهو أمرٌ مؤسف ومخجل ومخزٍ أن تتحوَّلَ الأراضي العربيةُ إلى قواعدَ للإدارة الأمريكية تستخدمُها في جرائمها وعدوانها على الدول العربية والإسلامية المساندة لقطاع غزة، ولا شك أن اندلاعَ صراع واسع مستقبلاً بين الإدارة الأمريكية ودول أُخرى كروسيا أَو الصين سيجعلُ من البلدان العربية التي تتواجدُ على أراضيها قواعدُ عسكرية أمريكية ساحاتٍ مواجهة؛ مما سيعرِّضُها للدمار والخراب وسُكَّانها للإبادة.
د/ عبد الرحمن المختار