“اليمن موطن العسل”.. مهرجان يحتفي بتراث العسل وجودته الفريدة
يمانيون – متابعات
تحت شعار “اليمن موطن العسل”، شهدت حديقة السبعين بأمانة العاصمة انطلاق فعاليات المهرجان الوطني للعسل اليمني ومنتجات النحل في “موسمه الثالث” يوم الأحد الماضي، لتسليط الضوء على جودة العسل اليمني الفائقة وفوائده المتعددة، والترويج لهذا المنتج المحلي.
وفر المهرجان، الذي تنظمه وحدة العسل في اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري، منصة متميزة للنحالين والمنتجين لعرض منتجاتهم والتفاعل مع الخبراء والزوار، فضلاً عن تعزيز الروابط مع القطاع الخاص والجهات المعنية.
وشهد المهرجان مشاركة واسعة من جمعيات ومنتجي العسل والنحالين والمسوقين والمهتمين من مختلف المحافظات، ويعكس هذا التفاعل مدى أهمية العسل اليمني في الثقافة المحلية والدور الكبير الذي يلعبه في الاقتصاد الوطني.
وأوضح نائب رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا – نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي، أن المهرجان وسيلة مهمة للترويج للعسل، حيث تشارك فيه جمعيات ومنتجو العسل والنحالون والمسوقون والمهتمون من مختلف المحافظات.. مؤكداً في الوقت ذاته أنه مثل فرصة ذهبية لتبادل الخبرات والمعرفة، مما يسهم في تطوير صناعة العسل في اليمن.
وأشاد بما شمله المهرجان من فعاليات وندوات لمناقشة تطوير تربية النحل وإنتاج العسل، وكيفية مواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع مثل الاحتطاب العشوائي للأشجار التي تُعتبر مراعٍ للنحل ومصدر لتغذيته.
وأشار إلى ما يمثله إغراق السوق بالعسل المستورد من تحد كبير، مما يستدعي التعاون مع القطاع الخاص والمستوردين للتركيز على دعم وشراء العسل اليمني وتقليل الاستيراد الخارجي.
وأكد الدكتور الرباعي أن المهرجان الوطني للعسل ومنتجات النحل عكس روح التعاون والمشاركة المجتمعية، وعزز الحفاظ على بقاء العسل اليمني في صدارة التميز مقارنة ببقية الدول، والذي يُعرف بجودته وفوائده العلاجية والغذائية الفريدة.
بيئة نقية
أثبتت الدراسات العلمية أن العسل اليمني من أفضل أنواع العسل في العالم، حيث يُنتج في بيئة طبيعية نقية ويتنوع حسب نوع الأزهار التي يتغذى عليها النحل. يحمل العسل اليمني فوائد صحية عديدة منها تحسين الجهاز الهضمي وتعزيز جهاز المناعة ومكافحة الأمراض، كما يستخدم في العديد من الوصفات العلاجية والتجميلية.
ويؤكد خبراء وأكاديميون ضرورة تحقيق استدامة هذا القطاع ودعمه، والعمل على توفير الدعم اللازم للنحالين والتجار، وتطوير سبل التسويق المحلية والدولية.. لافتين إلى أهمية تحسين جودة العسل اليمني ودعمهم في تسويق العسل وتعريفهم بالممارسات العلمية لرعاية النحل وإنتاج العسل بالمواصفات التي تمكن النحالين من تحقيق عائد اقتصادي مناسب من خلال عملية التسويق في الأسواق المحلية والعالمية.
قفزة نوعية
واعتبر أستاذ تربية النحل والباحث الأكاديمي بجامعة ذمار الدكتور جماح أحمد الجماح، المهرجان قفزة نوعية لجميع النحالين المتواجدين في اليمن.
وقال: “الهدف الأول والأخير من المهرجان هو إشهار العسل اليمني، وإيصال الثقافة النحلية العسلية إلى جميع أنحاء العالم بأن العسل اليمني يتميز بقدرة شفائية عالية”.
وأشاد بالجهة المنظمة، ممثلة بوحدة العسل في اللجنة الزراعية ووزارة الزراعة ، في جودة الأداء والتنظيم للمهرجان في نسخته الثالث، وما بذلته من جهود في سبيل إنجاح المهرجان.
وأشار إلى أن العسل اليمني له تاريخ قديم، بالشهرة العلاجية والدوائية، لأنه متنوع من نباتات عديدة مثل السدر والطلح والقرض والجعدن وأشجار العسقة، وكذلك مراعٍ متنوعة جبلية في كل جبال اليمن، وهذا ما يشهر جودة العسل كونه من عدة ثمار.
وأضاف: “يجب أن أشير هنا أيضاً إلى بعض الشائعات المتعلقة بأن العسل إذا تبلور يعتبر عسلاً مغشوشاً، وهذا لا صحة له، لأن العسل الجيد هو الذي يتبلور نتيجة اجتماع أكثر من زهرة داخل العسل الواحد، وأيضا هي عملية فيزيائية تحدث تفكك في السكريات الموجودة داخل العسل، لذلك يبدأ العسل بالتبلور، وهذا دليل على جودة العسل اليمني”.
وأشار الدكتور جماح الجماح، إلى أن الإقبال على المهرجان في هذا العام مميزة، وهناك وعي ملحوظ من قبل المجتمع.. لافتاً إلى تنوع العسل اليمني وإمكانية الشراء بأسعار رخيصة ما يتيح تواجده على موائد جميع أفراد المجتمع.
تلاقح التسويق
بدوره تحدث رئيس الدائرة الإعلامية بالاتحاد التعاوني الزراعي الدكتور محمد السقاف عن القصور في التوعية على مستوى الداخل في اليمن، قائلاً :” المهرجان له أهمية كبيرة لاستعادة سمعة العسل اليمني، وتعريف المواطن بأهمية العسل، لأنه على مستوى الخارج معروف بقيمته، ربما هناك تقصير بتعريف الناس بقيمة العسل اليمني على مستوى الداخل”.
وأشار إلى أن المهرجان يمثل تلاقح عملية التسويق والاستفادة من إقامة شراكات، كون المشاركين تجار وجمعيات تعاونية، وغيرها، وعلى اعتبار أن كل المنتجات المرتبطة بالثروة النحلية في مكان واحد فإن ذلك يمثل أهمية كبيرة سيما مشاركة المزارع نفسه عبر الجمعيات التعاونية الزراعية.
شهرة عالمية
من جانبه أشار مدير إدارة النحل وإنتاج العسل في وزارة الزراعة المهندس نبيل العبسي إلى أهمية إقامة مثل هذه المهرجانات للنحالين والتجار، والترويج للعسل، وإبراز قيمته الغذائية والعلاجية، وكذا نشر الوعي بأهميته.
وقال: “جودة العسل اليمني مشهورة عالمياً منذ القدم، وقد جاءت هذه الشهرة من عدة صفات ومميزات تميزه ومن ذلك انتشار شجرة السدر، على سبيل المثال يتم إنتاج العسل من زهرة السدر بحيث يكون العسل صافي بنسبة 90%، كما أن هناك أنواع متعددة من العسل مثل عسل الطلح والسمر وغيرها”..
وبين أن مثل هذه المهرجانات فرصة لرفع مستوى الوعي لدى النحالين بجودة الإنتاج والحفاظ على سلامة خلايا النحل وتكاثرها.
منتج أصيل
من وادي دوعن بمحافظة حضرموت يؤكد سالم السومحي من جناح “سدر حيد الجزيل”، أن هذه المهرجانات تبرز الطبيعة اليمنية والمنتجات الأصيلة سواء للداخل أو الخارج، ويمتاز اليمن بأجود أنواع العسل، مثل السدر الحضرمي، والسدر الشبواني والعصيمي، وغيرها.
ويشير إلى أن مثل هذه المهرجانات تمثل عامل تحفيز للارتقاء بجودة المنتجات اليمنية، وتبادل الخبرات بين النحالين، وتطوير هذا المنتج.
وأوضح أن الأشجار في حيد الجزيل بحضرموت تمتاز بأنها من أقدم أشجار السدر، وأكثرها تنوعاً، ولهذا السبب يمتاز العسل الدوعني عن غيره من الأصناف بجودة استثنائية.
من محافظة حضرموت أيضاً أشاد سالم السعدي “مركز وادي حضرموت”، بتنظيم المهرجان، وأهميته للترويج داخلياً وخارجياً، وتشجيع الناس على شراء العسل اليمني والإقبال على المنتج المحلي، لما يمتاز به من جودة عالية وأسعار رخيصة.
وتطرق إلى القيمة الكبيرة للعسل اليمني خصوصاً العلاجية والدوائية.. لافتاً إلى أن العامين الأخيرين شهدا انخفاضاً ملحوظاً في أسعار العسل.
فحص الجودة
يوافقهما الرأي عمرو الأشموري “مناحل آزال للعسل ـ محافظة عمران” .. ويضيف:” المهرجان في هذا الموسم ناجح بكل المقاييس، ومستوى الإقبال عليه كبير ورائع”..
وتطرق إلى مستوى التنسيق الرائع للمهرجان، الذي امتاز بوجود لجنة لفحص العسل ودخول عسل ذي جودة عالية.. داعياً إلى تكرار مثل هذه المهرجانات بشكل مستمر، وفي أكثر من منطقة.
من محافظة عمران أيضاً تطرق أسامة علي الضلعي “كوكب النحل”، إلى أهمية المهرجان للتعريف بجودة وقيمة العسل اليمني، وما يمثله من قيمة كبيرة وفوائد صحية وغذائية تمتاز عن كثير من البلدان في هذا الجانب.
ودعا إلى مضاعفة جهود الدور الرسمي في تشجيع وتحفيز النحالين لزيادة الإنتاج، والحفاظ على البيئة ومكافحة التصحر والحد من ظاهرة الاحتطاب خصوصاً الأشجار المزهرة، وكذا العمل على الحد من الاستيراد للعسل الخارجي دعماً للنحالين في البلاد.
وبين أن الإنتاج من العسل يمكنه تغطية السوق المحلي والتصدير للخارج لوفرة ما يتم إنتاجه.
تجارب ناجحة
في تجارب ناجحة من خلال جهود ذاتية للجمعيات التعاونية، يتحدث علي محمد جابر من وحدة النحل والعسل بجمعية بني سعد التعاونية الزراعية بمحافظة المحويت، حول ما بذلته الجمعية من جهود لتوحيد النحالين تحت إطارها من أجل إشهار العسل ومنتج المنطقة، والظهور بجودة تبرز القيمة الغذائية للعسل.
وبين أن النحالين المنضوين بالجمعية 1100 نحال يديرون 25 ألف خلية، مشيراً إلى أن أنواع العسل في بني سعد تشمل السدر، الضبة، الضهي، بكاء، المراعي، وتبلغ كمية الإنتاج قرابة 5 أطنان سنوياً.
واستعرض مخاطر ظاهرة الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار التي تهدد الغطاء النباتي كمراعٍ طبيعية للنحل.. لافتاً إلى أن الجمعية عملت على توعية المواطنين للحد من هذه الظاهرة وتم إنشاء محميات نحلية لتتكاثر فيها أشجار السدر ومراعي النحل.
وأشاد بمستوى الإقبال على المهرجان.. مبيناً أن الجمعية حرصت على تقديم نموذج مميز لجودة العسل الأصيل في المديرية.
غذاء ملكي
في سياق عرض التجارب، تحدث من جمعية النحالين، عبد الرحمن عبد القادر، مبيناً أن الجمعية مجموعة تتكون من عدة نحالين، وقد نجحت في تكوين محميات متعددة تضم حالياً تسع مناطق محميات.
وقال:” نجحنا في إنتاج الغذاء الملكي في اليمن، ويعتبر ذلك نجاحاً كبيراً، لما يمثله الغذاء الملكي من أهمية غذائية وعلاجية”.
ويعتبر الغذاء الملكي مادة هلامية ينتجها نحل العسل لإطعام ملكة النحل وصغارها، ويستخدم كمكمل غذائي لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض لما يحتويه من عناصر غذائية عديدة، وله تأثير على النمو والتكاثر.
وبين أن الغذاء الملكي بمزايا وقيمة غذائية وعلاجية ومنها منشط عام للجسم والذاكرة، ويفيد في الأمراض الجلدية ويقي من الشيخوخة المبكرة بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى.
تحديات
حول التحديات التي يواجهها تجار العسل والنحالون، ذكر أحمد عوض شايع “باب مكة للعسل اليمني” أن المهرجان في نسخته الحالية والذي شهد إقبالاً كبيراً مقارنة بالمهرجانات السابقة، مثل فرصة مهمة لمناقشة التحديات وإمكانية الوصول إلى حلول ناجعة.
وأكد أن الوطن يمتلك إمكانيات كبيرة لتطوير تربية النحل وإنتاج العسل، لكنه يواجه تحديات منها الاحتطاب العشوائي للأشجار التي تعتبر مراعٍ للنحل كما أن تدفق العسل المستورد إلى السوق يشكل تحدياً كبيراً، مما يتطلب تعزيز التعاون مع القطاع الخاص والمستوردين للتركيز على دعم العسل اليمني وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة.
ونوه بجهود الجهات المختصة لمقاطعة العسل الخارجي وعدم استيراده، والذي من شأنه دعم العسل المحلي.
وقال: “من التحديات التي تواجه تجار العسل والنحالين أيضاً، الضرائب المرتفعة، وإشكالية الزكاة ابتداء من النحال وصولاً إلى المحلات، ونأمل أن تتم مراعاة هذا الجانب من قبل الجهات المعنية، والتي ستسهم بشكل كبير في تشجيع النحالين على زيادة الإنتاج”.
وتطرق إلى خطورة استخدام المبيدات الكيميائية بشكل عشوائي وتأثيرها السلبي على قطاع تربية النحل وإنتاج العسل.
وأوضح أن المبيدات لا تقتصر أضرارها على القضاء على الآفات الزراعية فقط، بل تتسبب أيضًا في تدمير النحل الذي يلعب دورًا حيويًا في عملية التلقيح وإنتاج العسل.
وبين أن استخدام المبيدات الكيميائية بشكل مفرط يؤدي إلى تلوث البيئات الطبيعية وفقدان التنوع البيئي، مما ينعكس سلبًا على جودة العسل ويهدد بقاء سلالة النحل الفريدة التي تميزه.
ودعا إلى تبني ممارسات زراعية مستدامة والابتعاد عن استخدام المبيدات الكيميائية للحفاظ على البيئة والنحل على حد سواء.
ولفت إلى ما يمتاز به العسل اليمني من جودة استثنائية غذائياً ودوائياً يستدعي التوعية بأهميته على مستوى الداخل، والترويج لشهرته في الخارج.
تكدس العسل
علي صالح سالم العولقي، تاجر عسل جملة من محافظة شبوة، أشار إلى أن المهرجان يلعب دوراً حيوياً في مساعدة النحالين على تسويق عسلهم في ظل انخفاض القوة الشرائية وتراكم المخزون، مما يعرقل حصولهم على تكلفة الإنتاج.
وأوضح قائلاً: “أعرف أكثر من 700 نحال تركوا هذه المهنة بسبب ضعف الإقبال في السوق وارتفاع تكاليف الإنتاج، خصوصاً في النقل، فالطريق الذي كنت تعبره في ست ساعات، يحتاج الآن إلى يومين أو ثلاثة أيام، مما يزيد التكاليف بشكل كبير، ومع زيادة التكاليف، يتعرض النحال للخسارة حتماً”.
ودعا العولقي وزارة الزراعة والجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات فعالة لمنع استيراد العسل الخارجي، مشيراً إلى أن بعض التجار يقومون باستيراد العسل الخارجي ثم يعيدون تصديره على أنه يمني، مما يؤثر سلباً على سمعة وجودة العسل الأصيل.
ويُعتبر العسل اليمني من أجود أنواع وأصناف العسل في العالم، ويحظى بإقبال واسع لجودته العالية وسمعته وشهرته منذ القدم.
وهناك أنواع متفاوتة ومتنوعة من العسل اليمني منها السدر والسمر والضبي والصال والمراعي وغيرها، ويمتاز بتنوعه المناخي من حيث الأعسال الجبلية والوديان والصحارى.
ويدخل العسل في صناعة العديد من المستحضرات الطبية ومستحضرات التجميل وله قيمة غذائية كبيرة، فضلاً عن استخداماته في معالجة العديد من الأمراض.
وبحسب بيانات الإحصاء الزراعي فقد بلغت إنتاجية اليمن من العسل خلال العام 2021م ما يقارب ألفين و886 طناً، فيما وصل عدد خلايا النحل إلى مليون و317 ألفا و755 خلية.
وذكرت البيانات أن محافظة حضرموت تصدرت قائمة المحافظات إنتاجا لعسل النحل خلال 2021 م بكمية تزيد عن ألف و9 أطنان فيما وصل عدد خلايا النحل فيها إلى نحو 369 ألفا و404 خلايا.
وأشارت البيانات الإحصائية إلى أن محافظة الحديدة احتلت المرتبة الثانية بإنتاجية 351 طناً من العسل تلتها محافظة شبوة بـ341 طناً تقريبا ومحافظة أبين في المرتبة الرابعة بـ335 طناً.
سبأ