Herelllllan
herelllllan2

كيف يصنع الله المتغيرات لأوليائه.. تأملات في قصة أهل الكهف

في صفحات القرآن الكريم، تتجلى قصة أهل الكهف كأحد الأمثلة الرائعة للصمود والإيمان أمام الظلم والطغيان.

مجموعة من الفتيان الذين لجأوا إلى الكهف هرباً من بطش حاكمهم، عازمين على الثبات على عقيدتهم رغم التحديات الكبيرة. هذه القصة التي صدرها القرآن ليخلدها إلى آخر أيام الدنيا تعكس إرادة الأحرار في مواجهة الظلم بقوة الإيمان والصبر.

هذه القصة الجميلة لم تتوقف على جانب الصمود والثبات لأولئك الفتية، بل تبرز أهميتها في شقها الثاني الذي يتمثل برعاية الله سبحانه وتعالى لهم خلال بقائهم في الكهف لدرجة أن حرك لهم الكون ليتناسب مع وضعيتهم داخل الكهف..

اليوم، وبعد قرون من سرد هذه القصة في القرآن، نجد أن الشعب اليمني يعيش ظروفاً مشابهة في صمودهم وإيمانهم، رغم العدوان المستمر عليهم عدوان عسكري واقتصادي وإعلامي، عدوان شامل بكل معنى الكلمة وما يترافق معه من حصار كل هذا لم يثن الشعب اليمني وقيادته المؤمنة عن تقديم أروع آيات الصمود والثبات في القرن المعاصر، وبعد قرابة 10 سنوات من العدوان الذي دمر اليمن وبنيته التحتية وتسبب في مقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني يأتي العدوان الصهيوني على قطاع غزة ونجد الموقف اليمني في نصرة أبناء غزة يتصدر العالم كله موقف مؤثر بإمكانيات لا تقارن مع ما يمتلكه الأعداء، ولكنه في نفس الوقت ترك أثرا كبير عليهم كل هذا لا يخرج عن رعاية الله وتأييده ويكفي في هذا الموقف أن يتصدر اليمن شبه وحيدا الدول الإسلامية والعربية في نصرة أبناء فلسطين الذين يتعرضون لإبادة لا مثيل لها.

المدهش في هذا التمايز أن الإمكانيات المحدودة والظروف القاسية، التي يعيشها اليمنيون لم تمنعهم من أن يقدموا دعماً مؤثراً وموقفاً مشرفاً في نصرة أهل غزة، بينما تخلت عنهم دول عربية وإسلامية تملك جيوشاً وترسانات عسكرية هائلة.

إن موقف اليمنيين اليوم، كأهل الكهف في زمنهم، يعكس القدرة على التمسك بالمبادئ والتضامن مع المظلومين رغم كل الصعاب. في هذه المقالة، سنستعرض كيف أن هذه الروح الصامدة تمثل قوة تغيير حقيقية، وكيف يمكن للمستضعفين أن يغيروا مجرى التاريخ بإيمانهم وثباتهم، وبتأييد الله لهم لنسلط الضوء على العلاقة بين القصة القرآنية وما يقدمه اليمن من مواقف إسلامية وإيمانية تتصدر الساحة:

 

أولاً نظرة سريعة على قصة أهل الكهف

آية من آيات الله

في بداية السورة، يقول الله تعالى: “{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}(الكهف: 9)”. تُشير هذه الآية إلى أنَّ قصة أصحاب الكهف ليست مجرد قصة عادية، بل هي آية من آيات الله التي تُظهر رعايته وعنايته بأوليائه. هذه الآية تُوجِّه النظر إلى أهمية التفكُّر في الآيات والعِبر التي يُقدِّمها الله لنا من خلال قصص السابقين.

يقول الله تعالى: “{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}(الكهف: 10)”. تُظهِر هذه الآية أنَّ أصحاب الكهف كانوا مجموعة من الفتيان المؤمنين الذين لجأوا إلى الله في وقت الشدة، طالبين رحمته ورشده. هذا يُبرز أهمية التوجه إلى الله في أوقات الشدة والاعتماد على رحمته ورشده لتحقيق الهداية والتوفيق.

الإيمان القوي

في الآية: “{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}(الكهف: 13)”، يُوضِّح الله تعالى أنَّ أصحاب الكهف كانوا فتيانًا مؤمنين بالله، وأنه زادهم هدىً بسبب إيمانهم القوي. هذا يُبرز الفرق بين الإيمان الحقيقي الذي يُؤثِّر على مشاعر الإنسان وسلوكه، وبين الإيمان الذي يكون مجرد كلام لا يُحرِّك ساكنًا في النفس.

الربط على القلوب

يقول الله تعالى: “{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}(الكهف: 14)”. هذه الآية تُبيِّن كيف أنَّ الله يقوي قلوب المؤمنين ويمنحهم القوة والشجاعة لمواجهة التحديات. هذا يُعطينا درسًا هامًا في أنَّ الإيمان بالله يمنح الإنسان قوة نفسية عظيمة تُساعده على الصمود في وجه الصعاب.

يُقدِّم الله سبحانه وتعالى مثالاً آخر من حياة الرسول محمد (صلى الله عليه وعلى آله) وكيف أنَّ الله رفع شأنه رغم الظروف الصعبة التي مرَّ بها: “رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما بعث ما هو بعث نشأ يتيماً، ونشأ فقيراً، بعثه الله رسولاً وفي مكة وفي الطائف وفي مجتمعه شخصيات كبيرة ووجهاء، عمل على أن يسلموا أن يؤمنوا، لم يرضوا”. هذا يُظهر كيف أنَّ الإيمان القوي بالله يمكن أن يرفع الإنسان من أدنى الظروف إلى أعلى المراتب.

الآخرين الذين كانوا عنده، كان كثير منهم مجموعة من الناس، يبدو مساكين، أولئك الكبار: الوجهاء، والعباقرة، ما كانوا يتنازلون يأتون إلى عنده، يقولون: اطرد هؤلاء من عندك.

ما الذي حصل بعد؟ هذه هي سنة إلهية، الله رفع أولئك الذين كانوا مستضعفين، ونفوس ضعيفة، وقلوب ضعيفة، عندما انطلقوا مؤمنين، رفعهم وقوّى قلوبهم، وأصبح أولئك الكبار أين؟ في أسفل سافلين، وأصبحوا تحت أقدامهم صرعى في بدر. ألم يحصل هذا؟.

هذا يعطي الإنسان ثقة بأنك أنت ما تقول [ماذا سنعمل نحن، لا معنا تجار مثل هؤلاء، ولا، وكم سنمحوا مما يعمل اليهود، احنا احسب ان احنا ضعاف..] ويحس واحد بنفسه وكأنها أنها ضعيفة!.

يجب أن تفهم أن الله هو من يصنع النفوس، ويقوّي القلوب هو، وأن أولئك الذين يرون أنفسهم مساكين، وكأنهم أغبياء، ما معهم عباقرة، ما معهم مفكرين، ما معهم مثقفين، ما معهم كذا، أن الله سيعطيهم المعرفة، ويعطيهم العلم، ويعطيهم البصيرة، وينور قلوبهم، ويقوي قلوبهم، فيصبحوا عظماء فعلاً. وترى الآخرين مهمشين. هذا الذي حصل، عباقرة قريش، وجهاء قريش، كبار قريش [انتهوا وتهمشوا فعلاً].

ويذكر الشهيد القائد في محاضرة [ آيات من سورة الكهف] مثالاً آخر فعندما تحرك الشهيد القائد في أول خطوة لمواجهة الهجمة الأمريكية على أمتنا وتأسيس انطلاقة المشروع القرآني كان من ضمن الخطوات رفع شعار الصرخة وهو الأمر الذي أزعج الأمريكيون وتحركوا لإسكات هذا الشعار عبر النظام اليمني القائم آنذاك يقول (رضوان الله عليه): (([حصل هذا مع كثير من الشباب الذين انطلقوا يكبروا في الجامع الكبير] يحس بقوة فعلاً، كثير منهم وهم محققين معه، وهم كذا، ويرى أولئك يراهم أصغر منه، الذين يحققون معه، يحكون لنا كثير من الشباب هذه القضية. لاحظ كيف أنه كثير من الكبار مننا، كيف يكون خائف ربما يسجنوه! هذا ينطلق لا يبالي بالسجن.

ألم يظهر هذا بشكل عجيب؟ هذا مما يطمئن على أن طريقة الناس هي طريقة هدى، وطريقة حق، وأنه عندما يكونوا على هذا النحو أنهم يحظون بتأييد من الله سبحانه وتعالى، وتقوية لنفوسهم، وتقوية لقلوبهم، فعلاً ينطلقوا يكبروا، ويسجنوهم، وكبروا، ودخلوهم الأمن السياسي باعتباره مزعج ومرعب.

بحيث برهنوا على انه ما يزال هناك في أوساط الناس، من هم أقوياء نفوس، من هم رافضين لهذه الوضعية التي يجبن أمامها الكبار؛ لذلك لحد الآن يعتبر مظهر من هذا القبيل، أنه بدا لنا العرب ضعاف، في الوقت الذي بدا أطفالنا وشبابنا أقوياء، أقوياء يتحدوا أمريكا بشعار، وأنهم يستطيعون أن يؤثروا على أمريكا بشعار.

وفضحوا أمريكا أيضاً، تعرفوا أنهم فضحوها، أنه من الفوائد الكبيرة – إذا كنا نفهم – بأن الذين ينطلقون ليسجنوا هؤلاء، ظهر أن الأمريكيين وراء الموضوع، هذا فضح الأمريكيين؛ لأن الأمريكيين يقولون أنهم دعاة حرية، وديمقراطية، ورعاة حقوق إنسان، وعناوين من هذه. أليسوا يقولون هكذا؟ لكن هذا الشعار فضحهم.

يعني كيف تقول أنك حامي ديمقراطية، وحريات، وحقوق إنسان، وأنت نصف دقيقة في الأسبوع ما استطعت أن تمسك أعصابك أمامه، فضحهم بأنهم كذابين في ادعائهم أنهم حماة للحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان.

ما من حق الإنسان أن يتكلم؟ لكن هذا، مع أنه عبارات: [الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل] هل فيها سب؟ ما فيها سب، أليس هذا صحيحاً؟ فيه [اللعنة على اليهود] اللعنة على اليهود، الأمريكيون لا يظهرون أنهم يهود، واليهود أساساً هم ملعونين عند الكل، يوجد الكثير يكرهونهم مننا، ومن النصارى يكرهونهم، لكن هم قد تغلبوا على النصارى وهم يثقفونهم، مثلما يتجهون إلينا يثقفوننا، وقد هم يحولون النصارى إلى صهاينة يشتغلوا معهم، تعرفون بأنهم قد بيحولوا النصارى إلى صهاينة؟ قد هو يهودي في قالب نصراني، مثل الآن، يحولوه يهودي وشكله مسلم، هم هكذا يعملون.

نقول: إذاً هذا فضح الأمريكيين نفسه فعلاً، نصف دقيقة في الأسبوع تفضحك، ما تستطيع تتحمل أنك ترعى الديمقراطية، وتحميها، وحقوق الإنسان، وأشياء من هذه؛ لأنه اتضح فعلاً أنهم وراء السجن هذا، هم الذين وجهوا بالسجن.

 

تحدي الظلم والطغيان

تُظهِر الآية: “{إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَها}(الكهف: 14)”، موقف أصحاب الكهف الصامد ضد الظلم والطغيان، مُعلنين أنَّهم لن يعبدوا إلا الله. هذا يُعلِّمنا أهمية الثبات على المبدأ والإصرار على الحق، حتى في وجه التحديات الكبيرة.

ويتحدث السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) نماذج الثبات والإصرار على الحق في موقف السابقين من المكبرين من رفع الشعار الصرخة في بواكير انطلاق المسيرة القرآنية يقول ليؤكد على أهمية الإصرار والثبات وعلى حقيقة الانطلاقة الصحيحة وهو ما أثبتته الأيام فعلا وما يظهره اليمن وأنصار الله من مواقف هذه الأيام ذلك ثمرة من ثمار صمود أولئك المؤمنين السابقين ومنهم الشهيد القائد نفسه: ((إذاً عندما ينطلق الشباب، ويقوموا بقوة، ويرفعوا شعار كهذا، ما معناه أنه لن نكون كأولئك الخانعين، الخاضعين، الخائفين، القاعدين المرتدين عن دينهم؟ ما معناها هذه وإن كان هذا بعده أمريكا تهدد، وإن كان هذا بعده سجن، وإن كان بعده ما بعده.

هذا هو نفسه من مظاهر الصمود لمن يسيرون على هدي الله، ويبين الفارق بين ضعف نفوس منهم معرضين عن هدي الله، وإن كانوا كباراً بما يمتلكوه، لكن قد هو يقول للأمريكي: [تمام، غير كيفما تريد، في مساجد، في مدارس، اعمل ما تريد، إذا قد با تسلمنا شرك] وبين من ينطلقون.

أليس ذلك الأول يبدو ضعيفاً؟ ضعيف جداً ومهزوز، ومن ينطلقون يقولون: لا، [الموت لأمريكا] وسنعمل على أن تموت أمريكا، ونواجه أمريكا، ونحارب أمريكا، ما هذا هو الموقف القوي؟ ما هم ظهروا أقوى من أولئك الكبار، الذين معهم طائرات، ودبابات، وجيوش؟ ثم تصبح في الأخير لا تمثل شيئاً.

لأن القوة قوة النفس. إذا كان الإنسان قوياً في الله، ويسير في طريقة حق ستصبح وسائل بسيطة لديه مؤثرة جداً، وإذا ضعف الإنسان بسبب إعراضه عن الله، وعن هدي الله، تصبح كل ما لديه من قوات كثيرة لا تمثل شيئاً في الأخير.

وهذا معلوم، أليس واضحاً الآن، طائرات [ميج 29] وطائرات [إف 15، وإف 16] ودبابات متطورة مع العرب من كل بلاد، وجيوش بعشرات الآلاف، لـمَّا كانوا يمتلكون نفوساً ضعيفة أصبحت هذه لا تمثل شيئاً، أليس هكذا؟ وترى من ينطلقون بقوة، سواء في لبنان، في فلسطين، شباب يهتفون بشعارات من هذه، ما هم في الأخير يكشفون أمريكا؟ ويفضحون أمريكا، ويفضحون من يبدون أقوياء في ما لديهم من إمكانيات، وقلوبهم مهزوزة، وتهتز ضعفاً.

فهؤلاء من يصبح للأشياء البسيطة فاعلية، وأثر كبير، هم من يربط الله على قلوبهم {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَها} معظم العرب الآن متجهين إلى أمريكا، وكأنها إله، ويطيعوها فيما تريد، ولتعمل ما تريد، وتنفذ ما تشاء، وتفعل ما تشاء، ولا تسل عما تفعل. هكذا يتعاملون معها فعلاً، كما لو كانت إلهاً!)).

إن من أعظم تجليات ما تحدث به الشهيد القائد هو ما أظهره الشعب اليمني تحت قيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، حفيد الإمام علي عليه السلام، من مواقف التحدي والصمود والثبات في نصرة أبناء فلسطين. لم يهابوا الأساطيل والمدمرات الحربية التي جلبها الأمريكي إلى السواحل اليمنية للدفاع عن العدو الصهيوني، بل إن اليمن لم يتردد في قصف هذه الأساطيل وكشف حقيقتها أمام العالم، حيث عجزت في أول مواجهة لها في البحار، وكانت تستعرض قوتها لإخافة أي دولة لا تقدم الطاعة لأمريكا، هذه الموقف اليمني يحظى برعاية الله وعنايته سوى في الحصول على الإمكانيات أو في ضرب نفسيات العدو المخجل هو موقف أغلب الدول الإسلامية التي صفقاتها العسكرية مع أعداء الامة بمليارات الدولارات ولكنها لا تملك الجرأة على أن يكون لها حتى ابسط موقف تجاه ما يتعرض له أبناء فلسطين من عدوان وقتل وتهجير وتجويع وانتهاك للكرامة وتدنيس المقدسات وسفك الدماء البريئة..

 

الثقة برعاية الله

تُبيِّن القصة كيف أنَّ الله رعى أصحاب الكهف وحماهم، حتى أنَّه حرك الشمس لتجنب كهفهم وتوفير الراحة لهم. يقول النص: “{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ}(الكهف: 17)”. هذا يُظهِر كيف أنَّ الله يمكن أن يُجري تغييرات في الكون لتحقيق مصالح عباده المؤمنين.

 

العطايا الإلهية

يُعدُّ أصحاب الكهف نموذجًا للأجيال القادمة في الصمود والثبات على الحق. يُوضِّح النص: “{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} إن الله يقوي القلوب، هو سبحانه وتعالى متى ما انطلق الناس على هديه {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَها}(الكهف: 14)”. هذا يُعلِّمنا أنَّ الله يُقوي قلوب المؤمنين ويمنحهم الشجاعة لمواجهة التحديات.

 

رفض الهيمنة

تجلى في قوله سبحانه و تعالى: {هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً}(الكهف 15) رفض أولئك الفتية موقف قومهم من اتخاذ آلهة غير الله وينتقدون هذا السلوك، سلوك أولئك القوم يعكس حال العرب اليوم. ترى العرب اتخذوا من دون الله أمريكا إلهاً، يطيعونها، يخضعون لها، ويمكنونها من أبنائهم لتثقيفهم كما تريد، ومن مساجدهم وخطبائهم. أمريكا تسعى للسيطرة على المنهج، الإذاعة، التلفزيون، والصحافة، وتسكت المسجد والخطيب عن تناول آيات الجهاد وفضح بني إسرائيل، وتذكير الناس بخطورة القضية ومسؤوليتهم أمام الله، لتبقى أمريكا الصوت الوحيد من خلال المناهج، الصحفيين، الكتاب، الإذاعات، والتلفزيونات.

العجيب أن العرب لا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض. أكثر من سبعين عام وحفنة من اليهود يلعبون بهم لعب ويهينون كرامتهم ما يحدث في غزة اليوم شاهد على الحال الذي وصل إليه العرب وكيف استطاع اليهود تثقيفهم وتربيتهم لدرجة أن موقفهم انعكس بعدما كان يعتبر الصهيوني عدو والفلسطيني أخ اصبح البعض يعتبر الصهيوني على حق والفلسطيني المظلوم إرهابي هذا من أسوأ ما تركته ثقافة الصهينة التي دعمتها الأنظمة العربية واشتغلت عليها لتبقى في السطلة أو في مقابل الحماية الأمريكية..

 

العبرة من الماضي

تُعطينا قصة أصحاب الكهف عِبرة هامة في أنَّ الله لا يترك عباده المؤمنين، بل يرعاهم ويحميهم في أصعب الظروف. يُوضِّح النص: “{كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} كيف أنهم قد لجأوا إلى كهف، ولا طعام، ولا شراب، وفي وضع خطير، قد يمكن أن يلحق بهم أحد. كيف هيأ الله أن يكونوا على وضعية يستغنون بها عن الطعام والشراب، وتحقق لهم أمناً، بحيث أنه ما أحد يدخل عليهم، لا حيوان، ولا إنسان، ولا شيء”. هذا يُظهر كيف أنَّ الله يعتني بعباده المؤمنين ويُحقق لهم الحماية والرعاية في أصعب الظروف.

ثانيا اليمن معجزة القرن

 

بساطة الإمكانيات وقوة الإرادة

رغم أن اليمن ـ كما ذكرنا سابقا ـ يعاني من نقص حاد في الموارد والخدمات الأساسية بسبب الحرب المستمرة والحصار الاقتصادي، إلا أن الشعب اليمني لم يتردد في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني في غزة. قام اليمنيون بتنظيم مظاهرات حاشدة، وإقامة حملات لجمع التبرعات، وتقديم الدعم المعنوي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المحلية.

في المقابل، نجد أن العديد من الدول العربية والإسلامية التي تمتلك جيوشاً قوية وترسانة عسكرية ضخمة قد اكتفت بإصدار بيانات شجب واستنكار دون اتخاذ خطوات فعلية لدعم غزة. هذه الدول، رغم إمكانياتها الهائلة، لم تستطع أن تقدم نفس الدعم العفوي والفعلي الذي قدمه اليمنيون.

صنع المتغيرات بيد المستضعفين

إن هذا التباين في المواقف يعكس حقيقة أن التغيير لا يعتمد بالضرورة على الإمكانيات المادية والعسكرية، بل على الإرادة الشعبية والتصميم على نصرة المظلومين. تمكن اليمنيون من تحقيق تأثير ملموس على العدو الصهيوني وعلى داعميه وفي المقدمة الأمريكي والبريطاني على الرغم من الحصار والتحديات، مما يظهر أن المستضعفين المؤمنين بقضيتهم والواثقين بالله يمكنهم صناعة المتغيرات عندما يكونون جديرين بمعية الله وتأييده.

العبرة والتحديات المستقبلية

تجربة اليمنيين في نصرة غزة تبرز أهمية الموقف والثبات عليه في نصرة الحق و في مواجهة الظلم والعدوان. هذه التجربة تحمل رسالة قوية إلى العالم بأن التغيير ممكن عندما تتوفر الإرادة، بغض النظر عن الظروف الصعبة والإمكانيات المحدودة.

في الختام، يمكن القول إن موقف اليمنيين في نصرة غزة هو دليل حي على أن مواجهة الكيان الصهيوني الذي يدعمه الغرب المدجج بالأسلحة ممكن إذا توحدت الأمة ولو حتى شعب واحد إذا توحد وامتلك القيادة المؤهلة لأن ينصرها الله ووفر كل أسباب النصر يمكن أن يحقق نصر عظيم لكن للأسف حتى الداخل الفلسطيني مشتت ومتفرق وهذا خدم العدو أكثر.

أن الشعوب العربية والإسلامية تمتلك قوة هائلة عندما تتحد في وجه الظلم وتدافع عن حقوقها وحقوق أبنائها ستحقق بدون شك نصر عظيم يحفظ العرض ويصون الكرامة ويحرر الأرض…

ختامًا

تُعدُّ قصة أصحاب الكهف نموذجًا رائعًا للإيمان القوي والصمود في وجه التحديات. تُعلِّمنا هذه القصة أهمية الثبات على الحق والإصرار على المبادئ، وأهمية الدعاء والتوجه إلى الله في كل الظروف. تُظهر القصة كيف أنَّ الله يرعى عباده المؤمنين ويحميهم في أصعب الظروف، مُعطية لنا دروسًا وعِبرًا تظلُّ صالحة لكل زمان ومكان، مُظهِرة كيف أنَّ الإيمان الحقيقي بالله يُمكن أن يمنح الإنسان قوة عظيمة، حتى في أصعب الظروف. .

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com