عمليات اليمن المساندة لغزة تفشل أهم مخطط صهيوني في المنطقة
يمانيون — متابعات
انتقلت المواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني إلى الإطار المباشر، بعد أن كان الصهاينة يحركون أدواتهم لمحاربة اليمن طيلة السنوات الماضية.
وعلى امتداد الأشهر الماضية وجهت القوات المسلحة اليمنية العديد من الضربات النوعية في عمق كيان العدو، واستهدفت المصالح الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي، والمحيط الهندي، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، دون أن تتمكن أمريكا وبريطانيا من توفير الحماية له رغم دخولها في عدوان مباشر على اليمن من أجل هذا الغرض.
ومع دخول اليمن المرحلة الخامسة من التصعيد، ارتفع منسوب العمليات، ووصل إلى قلب العدو في عاصمته المؤقته “تل أبيب”، ليشكل هذا الحدث انزعاجاً كبيراً، ومخاوف للصهاينة، الأمر الذي دفعهم للدخول بشكل مباشر في العدوان على اليمن واستهداف خزانات الوقود في ميناء الحديدة غربي اليمن.
ويمكن قراءة ما حدث بعد عملية “يافا” من زاويتين: الأولى: عدم ثقة الكيان الصهيوني على الإطلاق بالحماية الأمريكية، فالعملية تجاوزت الدفاعات الجوية للبوارج والقطع الحربية الأمريكية، وتجاوزت منظومات الدفاع الجوي للأنظمة العربية العميلة في مصر والأردن والسعودية، كما تجاوزت أنظمة الدفاع الإسرائيلية ذاته، والمعروفة بأنها الأكثر تسليحاً وتطوراً.
أما الزاوية الثانية، فهي تثبت التفوق اليمني المستمر في الجانب العسكري، وقدرته على الإنتاج والتصنيع، والتخطيط، والابتكار، وتحقيق الأهداف رغم الإمكانات الصعبة التي يمر بها اليمن، والظروف الاقتصادية المعقدة نتيجة العدوان السعودي الإماراتي الذي استمر على البلاد لمدة 10 سنوات.
قناة بن غوريون
تشير الكثير من الدراسات إلى الحلم الصهيوني القديم، والمتمثل بشق قناة “بن غوريون”، لتكون بديلاً عن قناة السويس.
غير أن شق القناة صعب تنفيذه لتكلفته العالية بسبب طولها الزائد، ما لم تخترق قطاع غزة الذي يعوق مساره الأقصر، وللتغلب على ذلك فلابد من احتلالها وتفريغها من أهلها، ومن ثم جرفها بالكامل لتكون الممر الأنسب لشق القناة البديلة، لتربط “إيلات” الواقعة على البحر الأحمر بغزة على البحر المتوسط.
ستكون قناة “بن غوريون” أطول من قناة السويس بنحو 100 كم، وستتكون من قناتين مستقلتين باتجاهين مختلفين، وبعمق 50 متراً، ولو نجحت إسرائيل في تنفيذ مخططها فإن قناة السويس ستصبح من الماضي، وستكبد مصر خسائر اقتصادية كبيرة.
ووفقاً للمخطط الإسرائيلي، فإن مدة البناء ستكون 5 سنوات، وسيعمل في المشروع 300 ألف مستخدم من مهندسين وفنيين في جميع المجالات، يأتون من كوريا ومن دول آسيوية، ومن دول عربية مثل مصر والأردن للعمل في هذه القناة، وستكلف القناة “إسرائيل” حوالي 16 مليارًا قابل للزيادة حسب ظروف المشروع، وتعتقد “إسرائيل” أن مدخولها سيكون 6 مليارات في السنة وما فوق.. هذا إضافة إلى أنه سيصبح لها أكبر شريان يجمع البحر المتوسط مع البحر الأحمر.
وتخطط “إسرائيل” كذلك إلى إقامة مدن على طول القناة، تشبه المدن القديمة والبيوت القديمة على مسافة ضخمة حول القناة وهي من ضمن بنود صفقة القرن، لأن “إيلات” باتجاه المتوسط هي شبه صحراء، وإذا نفذت “إسرائيل” هذا المشروع سينخفض مدخول مصر من 10 مليارات إلى 4 مليارات دولار، حيث ستنال “إسرائيل” 6 مليارات وأكثر ، وبالتالي، قررت “إسرائيل” التخلي عن مصر حتى لو ألغت مصر كامب ديفيد، لأنها واثقة أنه إذا قررت مصر إلغاء كامب ديفيد فلن تستطيع استعادة سيناء؛ لأن القوة العسكرية الصهيونية قادرة على ضرب الجيش المصري في حال تجاوزه قناة السويس.
لكن السؤال هنا: ما علاقة العمليات اليمنية بهذا الشأن، وهل استطاع اليمن انقاذ قناة السويس؟
ببساطة، لقد تمكنت القوات المسلحة اليمنية من دفن هذا المشروع الصهيوني والمخطط القذر إلى الأبد، فمن يسيطر على مضيق باب المندب، يستطيع التحكم بحركة الملاحة في البحر الأحمر، وقد نجح اليمنيون في ذلك، حيث لم تتمكن أي سفينة من الوصول إلى ميناء “ايلات” منفذ الصهاينة الوحيد في البحر الأحمر، وبالتالي لا يمكن انشاء هذه القناة إلا بتأمين مضيق باب المندب، أو بالأصح السيطرة الصهيونية عليه، وهذا صعب المحال، بسبب القوة اليمنية الصاعدة، والتي تشكل خطراً كبيراً على الكيان المؤقت، وعلى مشاريعه التوسعية في المنطقة، إضافة إلى أن العمليات اليمنية شكلت حماية لقناة السويس من الخطر القادم الذي يهددها، وهذا الجميل يفترض ألا ينساه المصريون، أو يتجاهلون نتائجه.
وإلى جانب ذلك استطاعت القوات المسلحة اليمنية بعملياتها المساندة للمجاهدين في قطاع غزة، إيقاف عجلة التطبيع التي كانت تسارع إليها “إسرائيل” بتحرك ودعم أمريكي لا نظير له.
وأول عمليات الإيقاف كانت بتراجع السعودية عن التطبيع مع إسرائيل، ومراجعة حساباتها، فبعد عملية “طوفان الأقصى” بدأت تتشكل قوة جديدة في المنطقة، لم تكن في حسابات أحد، وهي القوة اليمنية، والتي شكلت منذ 10 سنوات صداعاً حقيقياً للمملكة، وعجزت عن هزيمة اليمنيين، بل وصل بها الحال إلى الاستجابة لتحذيرات اليمن من الدخول في أي مغامرة مع الأمريكيين والإسرائيليين ضد اليمن المساند لغزة.
ستكون المملكة أمام خيارات صعبة، وبالتأكيد سيكون التراجع عن التطبيع مهماً في هذه المرحلة، لأن انخراطها فيه يعني المزيد من المشاكل والمعاناة مع اليمن، الذي يقف بكل قوة وعنفوان في مساندة القضية الفلسطينية ويجعلها ضمن أولوياتها المقدسة.
– المسيرة – أحمد داوود