“الأخطبوط اليهودي”.. قوة خفية تحكم العالم وتتحكم به
في عالم السياسة الدولية المعقد والمتشابك، يبرز دور “الأخطبوط اليهودي” كقوة مؤثرة ومتشابكة تمتد أذرعها لتلامس العديد من القرارات الدولية. ويُستخدم هذا المصطلح لوصف النفوذ اليهودي الواسع في مجالات السياسة، الاقتصاد، الإعلام، والثقافة، وتأثيره الملموس على الأجندات والقرارات التي تتخذها الدول العظمى. مع تعدد العوامل التي تسهم في هذا النفوذ، من الجاليات المترابطة بقوة، إلى اللوبيات السياسية النشطة، يشكل هذا التأثير موضوعاً معقداً يثير الكثير من الجدل والنقاش.
تاريخياً، تمكن اليهود من بناء شبكات قوية ومنظمة تمتد عبر العديد من الدول الغربية، مستفيدين من تجربتهم في الشتات والتركيز الشديد على التعليم والابتكار. هذه الشبكات لم تقتصر على دعم الجاليات اليهودية فحسب، بل تعدت ذلك إلى ممارسة ضغوط سياسية فعّالة من خلال لوبيات قوية مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في الولايات المتحدة.
وتمارس هذه اللوبيات تأثيراً كبيراً على السياسات الخارجية والداخلية للدول، مما يؤدي إلى تبني سياسات تتماشى مع مصالح الجاليات اليهودية وإسرائيل.
للأخطبوط اليهودي تأثيراً حقيقياً وملموساً على القرارات الدولية، وهو يؤكد على الخبرة اليهود والمكر والقدرة على التلاعب والتحكم غير المبرر في السياسات العالمية.
قدرتهم على صياغة عناوين سياسية تخدم مصالحهم
في عالم السياسة والإعلام، يمتلك اليهود نفوذاً هائلاً إن لم يكن هم وحدهم من يتحكم بالرأي العام العالمي من خلال مؤسساتهم الإعلامية الضخمة التي تسيطر على صناعة الخبر والتحكم في خلق الرأي العام العالمي وتوجيهه، ولا يتوقف هذا الأمر عند مستوى صناعة الخبر وخلق الرأي العام العاملي بل يمتد ذلك لصياغة العناوين السياسية بالشكل الذي يخدم مصالحهم.
تُعتبر عناوين مثل “الإرهاب”، “الديمقراطية”، و”حقوق الإنسان” أمثلة بارزة على ذلك. فمن خلال التحكم في وسائل الإعلام وامتلاك الموارد اللازمة، تمكنوا من تحديد ما يُعرض للجمهور وكيفية عرضه، مما يؤدي إلى تشكيل الرأي العام وتوجيهه نحو تصورات معينة.
القدرة على صياغة العناوين ليست وحدها كافية، بل يتطلب الأمر احترافية في استغلالها لتحقيق الهيمنة. تستخدم القوى المهيمنة هذه العناوين كأدوات ضغط لتحقيق أهدافها الجيوسياسية والاقتصادية. يمكن أن نرى ذلك في كيفية استخدام قضايا مثل الإرهاب والديمقراطية كذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى.
“الحرب على الإرهاب” كيف خدم المصطلح الصهيونية العالمية؟
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، شهد العالم تحولاً كبيراً في كيفية التعاطي مع قضايا الأمن و”الإرهاب”. هذه الهجمات شكلت نقطة تحول دراماتيكية دفعت العديد من الدول، وخاصة الولايات المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة تحت شعار “الحرب على الإرهاب”. وبهذا، أصبح مصطلح “الإرهاب” مُصطلحاً شاملاً يستخدم لتبرير التدخلات العسكرية حيث تُبرر هذه التدخلات بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي والقضاء على التهديدات الإرهابية.
لكن الأهم من ذلك أن تهمة “الإرهاب” لم تقتصر على كونها مبرراً للتدخلات العسكرية، بل أيضاً وسيلة لتعزيز السياسات الأمنية الصارمة داخل الدول نفسها.
فقد أُقرت قوانين وتشريعات جديدة تمنح الحكومات سلطات واسعة لمراقبة المواطنين، واحتجاز المشتبه بهم دون محاكمة لفترات طويلة، وتقييد الحريات المدنية تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي.
ومن المعروف أن أغلب الدول الإسلامية وبالذات العربية يحكمها أنظمة قمعية هذه الأنظمة باتت مرتبطة بالصهاينة فقد استطاعت الصهيونية اختراقها وبالتالي استخدمت هذه الأنظمة تهمة “الإرهاب” كأداة قوية تُستخدم لتبرير قمع المعارضة الداخلية وإسكات الأصوات الناقدة. وتصفية المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين.
وأكبر الأمثلة على ذلك ما حدث في بلدنا اليمن من حروب دامية شنتها السلطات السابقة بناء على طلب أمريكي صهيوني بتصفية نشاط السيد حسين بدرالدين الحوثي- مؤسس المسيرة القرآنية – للهيمنة الأمريكية واسكات صرخته المدوية وبنفس التهمة والعناوين.
في هذا السياق المعقد، يتضح أن تهمة “الإرهاب” تتجاوز كونها مجرد اتهام جنائي لتتحول إلى أداة سياسية واستراتيجية تُستخدم بطرق متعددة لتحقيق أهداف متنوعة. من الضروري أن نفهم هذه الديناميكيات بشكل عميق لتحليل الأثار المترتبة على استخدام تهمة الإرهاب في تشكيل السياسات الأمنية والعسكرية على مستوى العالم والتي تصب كلها في خدمة المصالح اليهودية على حساب الاستقرار العالمي.
استخدام حقوق الإنسان كذريعة لفرض عقوبات اقتصادية الدول التي لا تنصاع للهيمنة اليهودية؟
حقوق الإنسان تُعتبر من أبرز الشعارات التي ظلت الأنظمة الغربية المرتبطة باللوبي ترفعها ومعها المنظمات الدولية المرتبطة بها، وبقيت سنوات تستخدمها كذريعة لفرض عقوبات اقتصادية على دول معينة لتحقيق أهداف سياسية وجيوسياسية، كلها تصب في مصلحة الهيمنة اليهودية ومن أمثلة ذلك:
اليمن
في بلدنا اليمن، ومنذ وقت مبكر لنجاح ثورة الـ21 من سبتمبر عام 2014م، تحركت الولايات المتحدة لوأد الثورة في مهدها واتخذت العديد من الاجراءات أهمها العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن والذي استمر ولا يزال 10 سنوات، كان التركيز على الجانب الاقتصادي مسارا رئيسيا، فنقلوا البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن واستهدفوا العملية اليمنية بطباعة مئات المليارات من العملة المزورة وفرضوا القيود على الموانئ اليمنية وأغلقوا مطار صنعاء الدولي وسيطروا على المناطق التي تتواجد فيها الثروات النفطية اليمنية.
ومع الأحداث في غزة، ووقوف اليمن مع المقاومة الفلسطينية عمدت الولايات المتحدة إلى سلسلة من الاجراءات الاقتصادية، بداية بإضافة مكون أنصار الله على قائمة ما يسمى ” الإرهاب” وفرض العقوبات على العديد من القيادات، كما دفعت بحكومة المرتزقة لتضييق الخناق على الشعب اليمني بمحاولة نقل البنوك التجارية من العاصمة صنعاء إلى عدن وإغلاق مطار صنعاء الدولي بشكل كامل بعد أن كان مقتصرا على رحلة يومية لإخراج المصابين للعلاج في الخارج.
كما أقدمت حكومة المرتزقة بضغط من النظام السعودي والأمريكي إلى محاولة القرصنة على شركة الخطوط الجوية اليمنية ومحاولة فصل شركان الاتصال عن مركزها الرئيسي في صنعاء، وغيرها من الاجراءات العقابية الكبيرة التي تمس حياة الشعب اليمني.
– العقوبات الاقتصادية على إيران:
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إيران بسبب ذرائع انتهاكات حقوق الإنسان، إلى جانب برنامجها النووي. تُشير الدول الغربية إلى القمع السياسي، وتقييد الحريات المدنية، وقمع المعارضين كأسباب لهذه العقوبات، ولكن الحقيقة أن النهج الإيراني المناهض للكيان الصهيوني ولأمريكا والدعم للمقامة الفلسطينية واللبنانية هو السبب، وإلا فهناك أنظمة قمعية عدوانية يدعمها اليهود كالنظام السعودي مثلا، هذا عوضا عن كون جرائم الصهاينة في فلسطين والانحياز الغربي للكيان المجرم قد اسقط اقنعة الغرب وكشف حقيقة شعاراتهم الزائفة.
فنزويلا
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على فنزويلا، مستندة إلى قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك القمع السياسي، وتقييد حرية التعبير، والانتهاكات خلال الاحتجاجات، ولكن الحقيقة أن فنزويلا دولة اشتراكية مناهضة للهيمنة الأمريكية..
كذلك الحال مع روسيا وكوبا وكوريا الشمالية ومع دول وتفرض عقوبات على دول عربية منها اليمن وسوريا وسابقا العراق وكذلك لبنان…
الأهداف اليهودية وراء شعارات حقوق الإنسان لا تتوقف على فرض العقوبات الاقتصادية بل أيضا تمتد إلى اهداف استراتيجية تتمثل في محاولات تغيير الأنظمة مثلما حدث في فنزويلا ومحاولات احتواء النفوذ كما هو الحال مع روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم، أيضاً من الأهداف أثارة المشاكل الأمنية والاقتصادية لتفكيك الجبهات الداخلية وإيجاد حالة من عدم الاستقرار في الدول القريبة من الكيان التي يخشاها كما هو الحال في لبنان وفي اليمن والعراق، لأن العقوبات الاقتصادية بسبب هيمنة اليهود على الدولار كعملة عالمية وعلى الأنظمة البنكية تؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية وانهيار العملات المحلية كما شهدنا ذلك في إيران وفي فنزويلا، وفي سوريا.
(من القاعدة إلى داعش) تغيير المسميات والتركيز على تحقيق الأهداف..
يتمتع اليهود بالقدرة على صياغة العناوين السياسية وربطها بالواقع الاجتماعي والسياسي بطريقة تخدم أجنداتهم. ولديهم جيش متكامل قادر على تقمص الأدوار وإتقان التمثيل فهناك ما يسمى الجامعات الأمريكية التي تنتشر في مختلف الدول الإسلامية وتمد المخابرات الامريكية بما تريده من كوادر تنطق بلغة الضاد، إضافة إلى الجامعات الصهيونية التي تدرس الإسلام والقرآن المذاهب وتخرج الكوادر القادرة على التحريف والخداع ليكونوا خطباء وقادة في التنظيمات التكفيرية التي تنشأها المخابرات الصهيوأمريكية تحت عناوين متعددة فعلى سبيل المثال:
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، كانت “القاعدة” هي العدو الرئيسي في الحرب على “الإرهاب”. ومع تراجع تأثير “القاعدة” برز تنظيم (داعش) كتهديد جديد في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وبدأت المسرحية اليهودية كالتالي:
- تصوير” داعش” كتهديد أكبر: الإعلام (القوة اليهودية الناعمة الضاربة) بدأ بتصوير “داعش” على أنه تهديد أكبر وأكثر وحشية من “القاعدة”. تصوير مشاهد الفظائع التي ارتكبها “داعش” ونشرها، مثل عمليات الإعدام العلنية والاعتداءات الجنسية، تم ترويجها على نطاق واسع لإظهار أن التهديد “الإرهابي” لم يختفِ، بل تحول إلى شكل أكثر شراسة.
- التقارير الإعلامية: التغطية الإعلامية المكثفة لأعمال “داعش”، بما في ذلك الفيديوهات والصور المروعة التي نشرها التنظيم نفسه، ساعدت في تضخيم حجم التهديد.
- البيانات الحكومية: تصريحات العناصر المخابراتية اليهودية المدسوسة ضمن الأنظمة الحكومية وزراء وناشطين وضباط وحتى رؤساء بالتوازي مع بيانات الأجهزة الاستخباراتية حول خطورة “داعش” ساهمت في ترسيخ هذا التهديد في أذهان الناس.
- تمكين “داعش” من السيطرة على أراضي واسعة كما حدث في العراق وسوريا وتهويل أمرها لتخويف العالم والأنظمة بها.
من خلال إعادة انتاج الجماعات الإجرامية وإعادة صياغة العناوين والمسرحيات وتصويرها للعالم، تمكن اللوبي اليهودي من فرض أجنداتهم على الحكومات والدول والشعوب من خلال استخدام مجموعة من الأدوات الإعلامية والسياسية، ليتم إعادة تعريف التهديد وتصويره بشكل يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لهذا الكيان الشيطاني.
أخيرا لقد تمكن الاخطبوط اليهودي من تسخير القوة الإعلامية والمادية والعسكرية لدى الأنظمة الغربية كأداة قوية لتعزيز وترسيخ هيمنته على الكثير من الأنظمة سوى في الغرب أو الشرق أيضا سيطرتهم على الإعلام، وامتلاكهم آلة إعلامية وفنية جبارة مكنتهم نشر الرسائل التي يريدونها؛ وصولاً إلى تمكنهم من أقناع الأنظمة الغربية وبالذات أمريكا لتحريك القوة العسكرية، تمكنهم فرض الواقع الذي يتوافق مع تلك الرسائل.
استخدم اللوبي اليهودي أيضا العناوين السياسية كسلاح لاستهداف المسلمين وتدمير بلدانهم، كما في حالات العراق واليمن وسوريا. هذا الاستهداف أدى إلى دمار واسع وتشريد الملايين.
ساهم اللوبي اليهودي وبكل وسائله في نشر الكراهية والحقد ضد المسلمين، مما أدى إلى زيادة الاعتداءات على المهاجرين المسلمين في الدول الغربية وغيرها.
كما عملوا على تشويه صورة الإسلام وسمعته عند الأمم الأخرى، مما أثر على العلاقات بين المسلمين والشعوب الأخرى.