Herelllllan
herelllllan2

“عدوان اقتصادي على صنعاء”.. كيف عمّق قرار بنك عدن معاناة اليمنيين؟

يمانيون/ تقارير

يدرك المواطنون اليمنيون وأصحاب القرار في صنعاء بأن قرارات بنك عدن ليست سوى جزء من الحرب الاقتصادية بقيادة أميركا وبريطانيا و”إسرائيل” لإخضاع اليمن.

اضطر الأربعيني نشوان الموسمي لقطع مسافة ما يقارب 25 كم من مقر سكنه في وادي أحمد شمال العاصمة صنعاء إلى منطقة بيت بوس جنوب المدينة ليستلم حوالة مالية آتية من مدينة تعز وسط اليمن.

وعلى مدى ثماني سنوات كان الموسمي يستقبل شهرياً حوالة مالية (إيجار عقار يملكه أخوه) عبر شبكات التحويلات المالية، ويحصل عليها من أقرب محل صرافة جوار منزله، لكن الأمر اختلف هذه المرة، بعد أن فرضت الحكومة المعينة من السعودية مجموعة عقوبات على معظم شبكات الحوالات المالية والبنوك التي رفضت نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى عدن.

يقول الموسمي للميادين نت: “قيمة الحوالة 33 ألف ريال يمني بالطبعة الجديدة، ما يساوي 10 آلاف بالعملة القديمة، صرفت منها 3000 آلاف بدل مواصلات، وتبقت لي 7000 ريال”، ما يساوي 12 دولاراً أميركياً.

ويضيف: “لم تكتف الحكومة المعينة من السعودية بتدمير العملة اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بل تسعى الآن إلى تعميم فشلها على باقي المحافظات الأخرى، إنها مصممة أن يصل أذاها إلى كل مواطن”.

وكان البنك المركزي في عدن قد أصدر تعميماً يبلغ جميع البنوك وشركات الصرافة والحوالات المالية بنقل مقراتها الرئيسية إلى مدينة عدن، خلال ستين يوماً انتهت أواخر شهر أيار/مايو الماضي، والذي واجهته معظم المؤسسات المالية بالرفض، لما لهذا الإجراء من أضرار ستلحق بالاقتصاد الوطني، وتنعكس سلباً على الحياة المعيشية للمواطن.

رفض البنوك وشركات الصرافة والحوالات المالية الامتثال لقرارات بنك عدن دفع البنك للبدء في 30 أيار/مايو الماضي باتخاذ إجراءات عقابية، تمثلت في إيقاف التعامل مع 6 بنوك، بالإضافة إلى الإعلان عن إيقاف التعامل بالعملة اليمنية القديمة.

ثم توالت القرارات لتطال العشرات من البنوك وشركات التحويلات المالية، حتى أصدر بنك عدن في 26 حزيران/يونيو الماضي قراراً قضت المادة الأولى منه بوقف العمل بشكل كلي ونهائي بشبكات الحوالات المالية المحلية المملوكة للبنوك والمصارف أو لشركات ومنشآت الصرافة العاملة في الجمهورية، وفي التطورات المتسارعة أصدر بنك عدن يوم 10 تموز/يوليو قراراً بإلغاء تصاريح 6 من أكبر البنوك في اليمن والتي تتخذ من صنعاء مقراً لها.

عقاب جماعي

تطبيق قرارات بنك عدن ضاعف من معاناة المواطن اليمني بعد أن أربك القرار القطاع التجاري، وعرقل حركة تدفق الأموال بين المحافظات اليمنية، ليجد التجار أنفسهم أمام مصاعب جديدة يتطلب تجاوزها تكاليف مالية ستضاف إلى قيمة السلع.

وفي هذا السياق، يفيد التاجر عبد الرحيم القباطي الذي يمتلك ثلاث وكالات تجارية في اليمن، بأنه يجد صعوبة كبيرة في التعامل مع فروع الوكالة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعينة من السعودية نتيجة القرارات الصادرة عن بنك عدن.

وقال في حديثه للميادين نت: “أصبحنا ننقل الإيرادات من بعض الفروع إلى المركز في وسائل النقل والسفر من محافظة إلى أخرى، وهذه طريقة غير آمنة، وقد نتعرض لفقدانها، خاصة في المناطق الجنوبية التي تعاني من الانفلات الأمني”، موضحاً أن تطبيق قرارات بنك عدن سينعكس سلباً على أسعار المواد الغذائية حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة عدن.

ويصف القباطي تطبيق قرارات إيقاف البنوك وشركات الصرافة والحوالات المالية بأنه “عقوبة جماعية تطبقها حكومة عدن على الشعب اليمني، بعد أن عجزت عن التلاعب بسعر الصرف في المحافظات غير الخاضعة لسيطرتها”، مؤكداً ثقته أن الحكومة اليمنية في صنعاء لن تسمح بتفاقم الوضع، و”ستتخذ إجراءات لإيقاف هذا العبث”.

تفاقم الوضع الإنساني

في هذا السياق، وصف الصحافي والخبير الاقتصادي رشيد الحداد الإجراءات التي يقوم بها بنك عدن بأنها بمثابة حرب شاملة تشنها ضد الشعب اليمني، وعمل ممنهج لتكريس سياسة التجويع والتركيع، خاصة في ظل تراجع الدعم الدولي للوضع الإنساني في اليمن.

وقال في تصريح للميادين نت: “تشير الدراسات إلى أنّ 51% من الأسر اليمنية تعتمد على حوالات المغتربين كمصدر دخل شهري لتوفير لقمة عيش كريمة”، مؤكداً أنّ فرض قيود أو الاستحواذ على هذه الحوالات سيضاعف من معاناة شريحة واسعة من المواطنين وانتشار المجاعة.

وبحسب الحداد، فإن هذه الإجراءات تتناقض كلياً مع توجه المجتمع الدولي نحو السلام، منبهاً إلى أن الإصرار على المضي في هذه الإجراءات سيدفع الحكومة اليمنية في صنعاء إجراءات قد تفجير الوضع بشكل كبير.

وتعد تحويلات المغتربين حقوقاً خاصة بأصحابها لا يحق لأي طرف سياسي أياً كان أن يقوم بالاستحواذ عليها أو حتى فرض قيود عليها، وفقاً للحداد، مضيفاً: “يجب على الجميع احترامها وعدم إقحامها في الصراع”.

ويرى خبراء الاقتصاد في اليمن بأن المبررات التي يسوقها بنك عدن لاتخاذ تلك القرارات مجرد محاولة لتبرير الفشل في إدارة الوضع الاقتصادي، وضبط السوق المالي والتجاري في مناطق سيطرة الحكومة المعينة من السعودية.

وتشهد أسعار الصرف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعينة من السعودية زيادة بشكل مستمر، لتسجل في لحظة كتابة هذا التقرير 1888 ريالات مقابل الدولار الواحد، بينما ما يزال سعر الدولار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية في صنعاء ثابتاً عند 540 ريالاً للدولار منذ أكثر من خمس سنوات، برغم الحصار الاقتصادي الذي تفرضه دول العدوان على اليمن، وهذا ما جعل الكثيرين يصنفون قرارات بنك عدن بأنها مجرد عقوبات سياسية لتعميم الفشل، والضغط على الحكومة في صنعاء لتغيير بعض مواقفها سواء المتعلقة بالداخل اليمني أو موقفها المساند للفلسطينيين ضد الحرب والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

مواقف رادعة من صنعاء

يدرك المواطنون اليمنيون وأصحاب القرار في صنعاء بأن قرارات بنك عدن ليست سوى جزء من الحرب الاقتصادية بقيادة أميركا وبريطانيا و”إسرائيل” لإخضاع اليمن، بعد أن فشلت في إخضاعه عن طريق الحرب، مستغلة السيطرة التامة للسعودية على الحكومة المعينة من قبلها والتي تدير البنك المركزي في عدن.

وفي هذا السياق، أوضح قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه يوم الخميس 30 أيار/مايو الحوثي أن الضغط على البنوك في صنعاء يأتي ضمن الخطوات الأميركية دعماً للكيان الإسرائيلي، وإن “استهداف البنوك في صنعاء عدوان في المجال الاقتصادي”.

وواجه هذا الإجراء موقفاً حازماً وواضحاً من قبل اليمن، تمثل في كلمة السيد الحوثي بمناسبة بداية العام الهجري الجديد عندما أكد ذلك بقوله “لن نقف مكبّلين مكتوفي الأيدي أمام خطواتهم الجنونية ونتفرّج على شعبنا يتضوّر جوعاً وينهار وضعه الاقتصادي”.

وحذر السيد الحوثي المملكة العربية السعودية بأن كل شيء سيكون له ردة فعل مماثلة، موضحاً أن استهداف البنوك اليمنية سيقابله استهداف البنوك السعودية، وفق قاعدة “البنوك بالبنوك”، في إشارة للإجراءات العدائية التي أعلنها بنك عدن.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com