الزوارق المسيرة.. سلاح اليمن المؤرق لترسانة البحرية الأمريكية
تمثل الزوارق البحرية اليمنية سلاحا فعالاً في العمليات العسكرية المساندة لغزة في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث يبدي الكيان الإسرائيلي وتحالف العدوان الأمريكي البريطاني انزعاجاً شديداً من الزوارق الحربية اليمنية المسيرة وذلك لقدرتها الفائقة على تجاوز القطع البحرية الأمريكية وأسلحة الدفاع وتحقيق أهدافها بنجاح.
في الـ30 من يونيو أزاحت القوات المسلحة الستار عن زورق “طوفان المدمر” الذي يتميز بقدرة تدميرية عالية وتكنولوجيا متقدمة.
و”طوفان المدمر” هو زورق هجومي مسيّر محلي الصنع، له قدرة تدميرية عالية ويحمل رأس حربي يزن 1000 – 1500 كجم، ومزود بتكنولوجيا متقدمة، بتحكم يدوي وتحكم عن بعد، وتبلغ سرعته 45 ميلا بحريا في الساعة ويعمل في جميع الظروف البحرية.
وعرض الإعلام الحربي مشاهد لإحدى عمليات زورق “طوفان المدمر” باستهداف سفينة Transworld Navigator” ” في البحر الأحمر الأسبوع الماضي.
كما كشفت القوات المسلحة في الـ 21 يونيو الستار عن زورق آخر أطلق عليه اسم ” طوفان 1″ يتمتع بكونه هجومي مسير و يحمل رأس حربي 150 كجم و يتميز بصغر حجمه وسرعته العالية وقدرته الفائقة على التخفي عن أجهزة العدو وسرعته 35 ميل بحري/ ساعة، و يستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة القريبة و يعتبر جزء من الأسلحة الدفاعية عن السواحل والجزر اليمنية.
وحينها وزع الإعلام الحربي مشاهد تعرض للمرة الأولى لزورق طوفان1 المسيّر محلي الصنع والذي استهدف السفينة توتور TUTOR في البحر الأحمر في 12 يونيو الجاري وأدى إلى إغراقها، وقد تسببت العملية بمخاوف كبرى في الأوساط الصهيونية والأمريكية، حيث سلطت وسائل إعلام أمريكية وعبرية الضوء حول الزوارق المسيّرة اليمنية وأثرها على السفن والترسانة البحرية للإعداء.
وتعتبر عملية إغراق سفينة توتور أول عملية هجومية يتم تنفيذها بزورق مسير محققة إصابة مباشرة حيث أكدت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إن تحدي الزوارق المسيّرة اليمنية يتزايد، مؤكدة أن الجيش اليمني أصبح خبيرا في إظهار هذا التهديد، بعد أن أغرق مؤخراً سفينة “توتور”.
فيما قالت صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية إن اليمن شن هجوماً ناجحا بمركبة بحرية مسيّرة مما يسلط الضوء على التهديد المستمر للسفن في البحر الأحمر.
ونقلت الصحيفة عن شركة إي أو إس ريسك للأمن البحري قولها إن سفينة البضائع توتور تعرضت للاستهداف بسفينة سطحية مسيّرة تابعة لليمنيين.
وأضافت صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية “أنه على الرغم من أن تقارير متعددة أشارت إلى نشر اليمنيين لمركبات بحرية مسيّرة في البحر الأحمر، إلا أن هذا هو أول هجوم بهذه الطريقة منذ أن بدأ في استهداف السفن دعما لغزة.
الزوارق البحرية الأكثر رعبا
من جهته وصف موقع بيزنس إنسايدر الأمريكي نجاح زورق طوفان في إغراق سفينة توتور بأنه المرة الأولى التي يسجل فيها اليمنيون ضربة بمركبة سطحية مسيّرة وسط هجماتهم المستمرة في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن اليمن يملك ترسانة كبيرة من الصواريخ البالستية المضادة للسفن وصواريخ كروز، بالإضافة إلى العديد من الطائرات بدون طيار الهجومية ذات الاتجاه الواحد.
شبكة سي إن إن الأخرى نشرت تقريرا عن خطورة السفن المسيرة ودورها الفتاك.
وأفاد قائد المجموعة الهجومية في حاملة الطائرات آيزنهاور الأدميرال مارك ميجوي أن الزوارق المسيّرة في اليمن من بين الأسلحة الأكثر إثارة للخوف.
وأضاف ” إن الزوارق المسيّرة تهديد غير معروف وليس لدينا الكثير من المعلومات عنه ويمكن أن يكون مميتًا للغاية.
وكشف أن السفن الحربية الأمريكية أمضت 4 أشهر في البحر الأحمر بوتيرة قتالية ثابتة دون أيام إجازة، موضحا أن ذلك يؤثر سلبًا على البحارة، مشيرا إلى أن لدى القوات المسلحة اليمنية طرقا للسيطرة على “الزوارق المسيّرة” تمامًا مثلما يفعلون مع الطائرات المسيّرة.
أبعاد وتأثير تقنية الزوارق المسيرة؟
تمتلك القوات المسلحة اليمنية إمكانات عسكرية متطورة في عدة مجالات ومنها الأسلحة البحرية والتي اثبتت فعاليتها بجدارة في معركتنا الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن دعماً لغزة بحسب ما يؤكده المحلل العسكري زين العابدين عثمان.
ويوضح عثمان في تصريح لوسائل إعلام محلية أن الأسلحة البحرية تمتلك تقنيات هجومية لم تصل إليها سوى دول محدودة في العالم، مثل روسيا والصين وأمريكا ونظائرها من الدول المتقدمة.
ويبين أن القوات المسلحة اليمنية أنجزت أنواع مختلفة من الأسلحة ذات البعد التكتيكي والاستراتيجي، منها الألغام البحرية، والطائرات المسيرة الانتحارية، والغواصات المسيرة، وترسانة ضاربة من الصواريخ طراز بر-بحر المضادة للسفن.
ويشير إلى أن الزوارق المسيرة (USV) نموذج من نماذج التقنيات التي طورتها العقول التصنيعية اليمنية، كجزء من الترسانة المخصصة لحماية السيادة البحرية، ومواجهة تهديدات سفن وأساطيل الدول المعادية.
أهمية الزوارق المسيرة USV – في الحرب المعاصرة
مع تطور أساليب وقواعد الحروب البحرية، وتغير مفاهيمها وسيناريوهاتها وفقاً لواقع الاحتياج والمتطلبات التي تقتضيها المرحلة والثورة التقنية التي فرضت آفاقاً وتغيرات جوهرية في ميزان القوى والردع يقول عثمان ” اتجهت الدول الرائدة في سباق تسلح جديد لتطوير تقنيات وأنظمة عسكرية غير مسبوقة تخزل في مواصفاتها “”قوة التأثير، وعنصر التفوق وقلة الكلفة “حيث وصل هذا السباق الذروة مع أحداث الحروب في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية”.
ويضيف “الزوارق المسيرة وتحديداً الانتحارية FPV فقد اثبتت نجاحها في الحروب حيث استخدمتها أوكرانيا لاستهداف المدمرات الروسية في البحر الأسود وكما استخدمتها قواتنا المسلحة خلال السنوات الماضية في مهاجمة فرقاطات تحالف العدوان السعودي الإماراتي في البحر الأحمر”.
الزوارق المسيرة تربك البحرية الأمريكية
ويرى محللون عسكريون أن الزوارق المسيرة تستخدم تكتيكات خاصة في تنفيذ الهجمات الدقيقة على السفن الحربية والتجارية الأخرى دون إعطاء القوات المستهدفة فرصة للاستعداد أو الاستجابة وهذا يعزز من فعالية الهجمات ويزيد من مستوى الخطر الذي تواجهه السفن البحرية العسكرية او التجارية.
ويؤكدوا أن تصعيد اليمن في استخدام الزوارق المسيرة يعكس تحولًا في أساليب الحرب البحرية، بحيث تصبح القدرة على التعامل مع هذا النوع من التهديدات تحديًا أكبر للقوات البحرية التقليدية، موضحين أن فعالية هذه الزوارق تكمن في استخدامها عن طريق نظام توجيه عن بعد نحو الهدف المراد استهدافه، ما يجعل من الصعب على القوات البحرية التصدي لها بشكل فعال.
وشددوا على أن سرعة الزوارق المفخخة وقدرتها على التحرك بشكل غير مرئي يجعل من الصعب اكتشافها والتصدي لها قبل وصولها إلى هدفها.
أمكانية تجهيز الزوارق المسيرة بمتفجرات ضخمة يزيد قدرتها التدميرية للسفن والمنشآت البحرية بشكل كبير الأمر الذي يراكم التحديات التي تواجها القوات البحرية الأمريكية البريطانية في المنطقة.
عجز أمريكي
وبينما تعاني الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من صعوبة قصوى في التصدي للطائرات المسيرة اليمنية والصواريخ البالستية تصعد القوات المسلحة اليمنية عملياتها العسكرية في البحار مستخدمة تكتيكات حديثة أسهمت في هزيمة البحرية الأمريكية وتكبديها خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات.
ويمثل دخول الزوارق المسيرة اليمنية تحد جديد وعبىء إضافي للتحالف الأمريكي البريطاني الذي يواجه تهديدات جوية من خلال الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية وكذا تهديدات بحرية من خلال الزوارق المفخخة الخطيرة وذات القدرة التدميرية الهائلة.
لأول مرة في تاريخها، تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في مواجهة خصم صعب وشرس للغاية يمتلك المرونة العالية في تغير قواعد الإشتباك في ساحة المعركة وبتكتيكات مبتكرة وغير مسبوقة.
السفن تدفع الثمن
وقالت صحيفة “بزنس إنسايدر” الأميركية، 28 يونيو إن عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر شهدت نجاحًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، موضحة أنها استهدفت العديد من السفن التجارية في الأسابيع الأخيرة وأغرقت واحدة منها، فضلًا عن إطلاق الزوارق المسيرة في كثير من الأحيان.
وأوضحت الصحيفة “أن من وصفتهم بـ”الحوثيين” أظهروا قدرتهم على ضرب الأهداف بشكل فعال باستخدام الزوارق المسيرة، ما يشير إلى أنهم أصبحوا أكثر ذكاءً في هجماتهم.
ونقلت عن خبراء قولهم، إن هذه الإنجازات المدمرة للغاية تظهر أن “الحوثيين” يزدادون خبرة من هجماتهم المنتظمة التي استمرت لعدة أشهر على ممرات الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه بين ديسمبر ومارس الماضيين، دمرت هجمات الجيش اليمني ما لا يقل عن 19 سفينة تجارية، وفق تقرير لوكالة الاستخبارات الدفاعية نشر في 13 يونيو ، مشيرة إلى أنه تم استهداف جميع السفن تقريبًا بالصواريخ، على الرغم من أن بعضها أصيب بطائرات بدون طيار هجومية.
وأوضحت أن الجيش اليمني بدأ في شهر يونيو بتصعيد هجماته في أعقاب الضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن، ومنذ ذلك الحين، استهدف الجيش اليمني خمس سفن تجارية على الأقل، وتضيف الصحيفة، أن بعض الحوادث كشفت أيضًا عن تكتيكات جديدة خطيرة، وعلى وجه الخصوص في 12 يونيو، حيث استهدف “الحوثيون” سفينة تجارية في البحر الأحمر بزورق مسير محمل بالمتفجرات للمرة الأولى منذ أن بدأوا مهاجمة السفن التجارية في نوفمبر الماضي.
وعلى النقيض من الزوارق البحرية المسيرة المتطورة التي احتلت مركز الصدارة في حرب أوكرانيا، ودمرت اسطول البحر الأسود الروسي، فإن هذا السلاح البدائي المظهر لم يكن أكثر من سفينة صغيرة بطيئة الحركة يقودها اثنان من الدمى التي بدت وكأنها تشبه سفينة صيد عادية. وعلى هذا النحو، تمكنت السفينة من السفر لمسافة تزيد عن 65 ميلاً بحريًا عبر ممرات الشحن دون أن تتوقف.
وقالت الصحيفة: “بث الحوثيون مقطع فيديو يظهر استهداف قارب مفخخ بدون طيار لسفينة تجارية في وقت سابق من هذا الشهر، تسبب الهجوم الأولي بالقارب بدون طيار على ناقلة البضائع السائبة التجارية MV Tutor في حدوث فيضانات وإلحاق أضرار بغرفة المحرك. وبعد ساعات، أصاب صاروخ حوثي السفينة. وأجبرت الضربة المزدوجة الطاقم على ترك السفينة ، وغرقت في النهاية، لتصبح ثاني سفينة تقوم بذلك منذ بدء الهجمات في الخريف الماضي”.
وتابعت القول: ” أطلق الحوثيون صاروخين مضادين للسفن، فأصابوا السفينة MV Verbena في خليج عدن. وبعد مرور 24 ساعة فقط، تعرضت ناقلة البضائع السائبة لهجوم بصاروخ آخر ، في ثاني ضربة مزدوجة خلال الأسبوع. وفي النهاية تخلى طاقم السفينة عن السفينة بسبب الأضرار التي لحقت بها الهجمات”.