الدور السعودي الإماراتي المناهض للوحدة اليمنية بين الماضي والحاضر
يمانيون – متابعات
كانت المملكة العربية السعودية ولا تزال تعمل على إضعاف اليمن وتجزئتها ووضعها تحت وصايتها، إلى جانب تنفيذ العديد من المطامع التوسعية المتمثلة بضم مساحات واسعة من الأراضي اليمنية إلى أراضيها.
و خلال سنوات العدوان التسع الماضية، ضمت السعودية نحو ٤٠ ألف كيلو متراً من أراضي الجمهورية اليمنية في الخراخير، والتي كانت إلى عهد قريب أراضٍ يمنية ، ودفعت لقواتها إلى المهرة وحضرموت، وأنشأت مليشيات موالية لها في عدن ولحج وشبوة وحضرموت، ليس ذلك فحسب، بل استغلت حالة الانقسام السياسي والعسكري والاقتصادي الذي يعاني منه اليمن، جراء العدوان الذي قادته على وطننا، والحصار السعودي الأمريكي لتعيد احياء مشاريع استعمارية سبق لثورتي ١٤ أكتوبر و٣٠ من نوفمبر أن وأدت تلك المشاريع، مثل مشروع الإقليم الشرقي بعد أن فشلت في تمرير المشروع تحت مسمى إقليم حضرموت في مؤتمر الحوار الوطني الذي جرى برعاية مجلس التعاون الخليجي.
يضاف إلى أن الصعوبات التي وجدتها في تمرير مشروع الإقليم الشرقي في ظل رفض أحرار المهرة وقبائلها الأعزاء اتجهت الرياض للتهيئة لإقامة دولة حضرموت وبرعايتها، ومن عاصمة المملكة أعلن الموالون لآل سعود من وسط الرياض عشية ذكرى الاستقلال العام الماضي إعلان التوجه نحو استكمال تأسيس دولة حضرموت.
ليس ذلك فحسب، فالسعودية تختلف مع الامارات في المحافظات الجنوبية المحتلة، وتخوض صراع نفوذ وسيطرة مع أبوظبي، ولكن الدولتين تعملان على تنفيذ أجندات تستهدف وحدة اليمن وسيادته واستقلاله و سلامة أراضيه، فينشأ المزيد من المليشيات المسلحة في تلك المحافظات في إطار استغلال القضية الجنوبية، فأبوظبي والرياض أفرغت الحراك الجنوبي السلمي، وأنشأت مليشيات جنوبية تعمل على تنفيذ أجندتها التي تهدف من خلالها إلى إعادة التاريخ في الجنوب ليس إلى ٢٢ مايو ١٩٩٠، كما يتوهم الموالون للإمارات في المحافظات الجنوبية، بل إن الأجندات التي تعمل على تنفيذها تشير إلى أن السعودية والإمارات لا تريد الوحدة اليمنية؛ لأن الوحدة قوضت مشاريعها الاستعمارية، وتعمل منذ سنوات على تقويض ثورتي ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧م و ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م ، وإعادة الجنوب إلى ما قبل ٦٠ عاماً.
كل المؤشرات على الأرض تشير إلى أن المؤامرة التي تجريها السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية المحتلة أكبر من القضية الجنوبية العادلة، وأكبر من مظلومية أبناء الجنوب الناتجة عن حرب صيف ١٩٩٤، الظالمة، وتؤكد أن الدولتين العربيتين كانتا ولاتزالا تناصبان وحدة واستقرار واستقلال اليمن العداء، فأبعاد ومؤامرات الرياض وأبوظبي ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ عقود طويلة، ولم تنته ،وربما منذ تأسيس هاتين الدولتين المستحدثتين في المنطقة، والتي كان لبريطانيا الدور الأبرز في انشائهما مع بقية الممالك الخليجية كأنظمة عميلة لها خصوصاً بعد خروجها من جنوب اليمن في العام 1967م.
الموقف العدائي لليمن خاصة من قبل السعودية نابع عن أطماع توسعية على حساب الأراضي اليمنية، وهذه الأطماع لم تقف عند ضم السعودية، لمناطق نجران وعسير وجيزان لها عقب حرب العام 1934م بين البلدين، بل استمر ذلك العداء والاستهداف خصوصاً بعد قيام ثورة 26 سبتمبر في العام 1962م ووقوفها ضد النظام الجمهوري، ليتجه بعدها النظام السعودي إلى أساليب جديدة من المؤامرات، وشراء الولاءات والتدخل في شؤون اليمن بصورة أو بأخرى ، وفي الجنوب وقفت الرياض ضد استقلال الشطر الجنوبي من الاحتلال البريطاني في ٣٠ نوفمبر1967م، بل واجهت الاستقلال إطلاق عملية عسكرية عام ١٩٦٩ وحدث احتلال الوديعة ومناطق يمنية واسعة في شرورة .
الأدلة التاريخية والوقائع أكدت أن السعودية وقفت خلال العقود التي سبقت إعادة تحقيق الوحدة مع مراكز القوى العميلة له في اليمن على تغذية العديد من الصراعات بين الشطرين حينها لمنع أي تقارب للتوحد بين أبناء الوطن الواحد، لأنها تدرك ماذا يعني وجود يمن موحد وقوي يمتلك العديد من المقدرات والامكانات والموقع المتميز والثروات وعلى رأسها الثروة البشرية، الأمر الذي سيجعله من أغنى بلدان المنطقة، وهو ما لا يروق للنظام السعودي وغيره من دول المنطقة، لذلك حارب آل سعود أي توجه يمني لاستخراج الثروات ومنع التنقيب عن النفط في العديد من المناطق اليمنية كمحافظة الجوف، كما وقفوا ضد أي مشروع تنويري، أو نظام سياسي ينتهج طريقاً لاستعادة مكانة اليمن وامتلاك القرار السيادي والسياسي اليمني خارج عباءة المملكة وتدخلاتها، عملاً بالوصية الشهيرة لمؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود “عز السعودية في ذل اليمن” كما تؤكد مصادر تاريخية وسياسية.
اغتيال الحمدي
وكما ذكرنا فقد كانت السعودية من أشد المعارضين للوحدة اليمنية، وبذلت كل ما في وسعها لإعاقة تحقيقها، وليس أدل على ذلك من قيامها بالتخطيط والمشاركة في اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 أكتوبر 1977م بعد أن اتفق مع الرئيس سالم ربيع علي” سالمين” رئيس الشطر الجنوبي حينها على إعلان الوحدة اليمنية في 14 أكتوبر 1977م، ليكون هذا الحدث التاريخي متزامناً مع ذكرى ثورة 14 أكتوبر.
تغذية الصراعات
كما كان الاعتراض السعودي على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بشكل صريح قد بدأ منذ اتفاقية القاهرة الوحدوية 1972م، واستمر حتى حرب صيف 1994، وخلال تلك الفترة كانت السعودية تغذي الصراعات والحروب بين شطري اليمن قبل الوحدة لوأد أي تقارب بين الطرفين يؤدي إلى التسريع بتحقيق الوحدة بينهما، وبذلت حتى قبيل الإعلان عن تحقيق الوحدة بمدة زمنية قصيرة جهوداً واغراءات كبيرة للقوى السياسية لإثناء اليمنيين عن الوحدة رغم طمأنة الحكومة اليمنية بعد الوحدة للسعودية بأن الوحدة اليمنية لن تشكل خطراً عليها.
وبحسب ما ذكر لاحقاً فقد أرسلت السعودية في عام 1989م مسؤولاً رفيعاً وهو وزير ماليتها (محمد أبا الخيل) إلى جمهورية اليمن الديمقراطية، ليعرض على قيادتها في ذلك الحين مساعدات مالية ضخمة مقابل التخلِّي عن اتفاقية الوحدة التي وقعتها لتوحيد الشطرين
دعم الانفصال
قبيل حرب 1994م بين شركاء الوحدة حينها عقب خلافات سياسية اشتدت وتيرتها باعتكاف الرئيس المناضل علي سالم البيض ومعه عدد من المسؤولين في الحزب الاشتراكي في عدن، نتيجة انقلاب صالح على الوحدة وقيامه بتنفيذ سلسلة تصفيات طاولت المئات من ضباط وقيادات جنوبية في العاصمة صنعاء، وذلك في أعقاب أول انتخابات برلمانية جرت بعد قيام دولة الوحدة.
برز الدور السعودي الداعم للانفصال بقوة، اكان من خلال تصعيد وتيرة الصراع بين شركاء الوحدة، أو من خلال دعم الطرفين على الاستمرار في القتال بهدف إنهاء الوحدة وتدميرها بشكل كلي، ولعل هناك من يذكر لقاء البيض بالأمير بندر بن سلطان أثناء رحلة البيض العلاجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعن كواليس تلك الزيارة التي كشفتها صحيفة “الشعب” المصرية آنذاك أن علي سالم البيض عقد لقاءات سرية مع عدد من المسؤولين الأمريكيين بترتيب من الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن، لتهيئة عملية الانفصال.
الموقف الإماراتي
أما الموقف الاماراتي، فقد تأكد من خلال موقف رئيس دولة الإمارات حينها الشيخ زايد آل نهيان، مع قوى الانفصال في 1994م، وقال إنه ليس من حق الشمال أن يفرض الوحدة بالقوة على الجنوب، وتعهد بإفشال مشروع فرض الوحدة، ونقل هذا الالتزام لأولاده.
وفي السياق كانت العلاقات اليمنية – السعودية قد ساءت كثيراً بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، حيث بدأت السعودية التدخل في الشؤون اليمنية بكافة الوسائل، ووصل ذلك لدرجة تحريضها القبائل اليمنية على التمرد ضد السلطة، وبدأت في صرف أموال باهظة لمشايخ القبائل في المناطق الحدودية.
وبعد انتهاء حرب 1994م، برز ملف ترسيم الحدود اليمنية السعودية والتنازلات التي قدمتها السلطة اليمنية حينها مقابل تحسين علاقتها مع السعودية، لينتهي هذا الملف بتوقيع اتفاقية جدة الحدودية عام 2000م.
إعلان العدوان
بعد ثورة 21 سبتمبر التحررية الرافضة لأية وصاية أو تبعية أو تدخل خارجي في الشأن اليمني، أحست السعودية خصوصاً بعد تساقط عملائها كأوراق الخريف أن يد تدخلها في اليمن قد قطعت، وولى زمن تعيين الحكومات اليمنية من الرياض إلى غير رجعة، فأعلنت عدوانها الغاشم على اليمن الأرض والإنسان، بل رأت في العدوان فرصتها التاريخية التي لن تتكرر لتمزيق الوحدة اليمنية، وإضعاف المجتمع اليمني والدولة اليمنية بشكل عام، فسعت ومعها دويلة الإمارات ومن تحالف معهم ودعمهم لوجستياً –أمريكا واسرائيل ودول الغرب- إلى السيطرة على الموانئ والمطارات وبعض المحافظات الحيوية، وتعطيل موارد البلاد، ناهيكم عن الحصار المطبق الذي فرضته على المحافظات الحرة، ومنع دخول المشتقات والسلع الضرورية والأدوية إلا بكميات قليلة لا تفي بالاحتياج، وعمل تحالف العدوان في المناطق التي احتلتها على تشكيل المليشيات والنخب المتنافرة ودعمها بالمال والسلاح، وادخالها في حروب مفتوحة.
كما لعبت السعودية والإمارات على مدى سنوات العدوان الماضية ، الدور الأبرز في تغيير مختلف المعطيات في اليمن ومجريات الأحداث التي قادت إلى ظهور نوع من التشظي والانقسامات التي باتت تهدد الوحدة اليمنية، ومن ذلك نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وتشكيل مليشيات مدعومة من الإمارات تابعة لما يعرف بـالمجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى احكام الامارات سيطرتها المباشرة وغير المباشرة على مواقع حيوية واستراتيجية، أغلبها ساحلية، كجزيرة سقطرى وميناء عدن، وجزيرة ميمون، والموانئ الرئيسية في البلاد كموانئ عدن وميناء بلحاف وميناء قشن المهرة وسقطرى .
في المقابل دخلت قوات سعودية إلى محافظتي المهرة وحضرموت، بالتزامن مع اقتطاع الرياض مساحات واسعة من الأراضي اليمنية تقدر بـ 45 ألف كيلو متر مربع في احتلال صحراء حضرموت، وأزالت مراسيم الحدود بهدف الاقتراب من البحر العربي، سعياً من السعودية إلى فصل حضرموت والمهرة عن اليمن.
المجلس الانتقالي
وفي العام 2017 أعلن عيدروس الزبيدي عن تشكيل المجلس الانتقالي الذي ترعاه الإمارات مالياً وعسكرياً وسياسياً، ودائماً ما نرى علم المجلس الانتقالي بجانبهِ علم الإمارات، وهذا لا يخفى على أحد، والحقيقة أن الإمارات مثلها مثل الدول الخليجية التي تدعم الانفصال للسبب نفسه وهو الحرص بألا يكون هناك يمن قوي ظناً من دول الخليج أنه يشكل خطراً على مصالحها، ولكن لدى الإمارات أكثر من سبب لتقسيم اليمن، ومن تلك الأسباب طموحها الكبير في توسيع نفوذها الإقليمي عبر الممرات المائية، وبسط نفوذها على السواحل والموانئ والقنوات المائية الدولية، وبالتالي وجود دولة قوية في اليمن الموحد لن يسمح لها كدولة مثل الامارات، أو غيرها من الدول باحتلال موانئها وجزرها وممراتها المائية.
شرعنة المليشيات ومشاريع التمزيق
بعد ثماني سنوات من فشل تحالف العدوان عسكرياً في تحقيق أي أهداف عسكرية في مختلف جبهات المواجهة، ومع تنامي وعي الشارع اليمني وادراكه حقيقة ما يسمى بالشرعية التي يقود العمليات باسمها، انتقلت دول العدوان إلى مربع شرعنة المليشيات من خلال تشكيل مجلس رئاسي مكون من سبعة أعضاء معظمهم قادة مليشيات موالية للسعودية والإمارات ورئيس المجلس معروف بولائه المطلق لأمريكا.
ودون أدنى اعتبار انقلبت بشكل مهين على الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي المنتهية ولايته، وانتزعت منه كافة صلاحياته ووضعته تحت الإقامة الجبرية.
ومنذ بدء العدوان على اليمن، حرصت الرياض على إبقاء حضرموت، الوادي والصحراء، بعيدة عن الصراع، لإدراكها أن القوات الموجودة هناك موالية لها، وأن لا صعوبات بالنسبة إليها في نشر أي قوات عسكرية لها هناك، على عكس المهرة التي ترفض ذلك الوجود وتصفه بالاحتلال.
ومع اتساع نطاق تحركات «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وتوعّده بالسيطرة على الوادي والصحراء، خلال العامين الماضيين ، أثار حفيظة الرياض التي دفعت نحو ابقاء حضرموت تحت وصايتها ، إلى جانب قيامها بإحياء عدة مشاريع مناطقية قديمة.
في الستينيات، حاولت السعودية أن تضع يدها على محافظتَي حضرموت والمهرة بموجب اتفاق رعته بريطانيا في الثالث من مايو من العام 1965، وتم توقيعه بين ممثل الحكومة السعودية وممثل السلطنة القعيطية في الجنوب، بناءً على طلب المملكة السعي في إقامة الاتحاد الشرقي بين كلّ من السلطنات القعيطية والكثيرية والمهرية، مقابل قيام الحكومة البريطانية بمنح الاتحاد الشرقي الاستقلال الفوري. ونص الاتفاق، وفق الوثائق التاريخية، على أن يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية في الاتحاد المزمع، وأن يدمج الاتحاد الشرقي في اتحاد كونفدرالي مع الحكومة السعودية.
وكشفت تحركات المملكة في حضرموت أنها تحاول العودة إلى تحقيق تلك الأجندات التي تعود إلى مطلع ستينيات القرن الماضي، فقد سبق للسعودية إلحاق منطقة ثمود النفطية بأراضيها، بعد أن أثبتت شركة «بان أميركان» عام 1961 وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود، وهو الأمر الذي أثار رغبة السعودية في ضم المديرية إليها ودفعها إلى اختلاق خلافات مع اليمن حينذاك. وعلى إثرها توقفت الشركة، إلا أن الرياض لم تتوقف عن محاولات ضم المديرية وإلحاقها بها بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية.
ووفقاً للمصادر التاريخية، فقد أوعزت الرياض إلى أحد تجار حضرموت الحاملين الجنسية السعودية، ويدعى أحمد سعيد بقشان، للقيام بعملية شراء أراض واسعة في ثمود. وبعد ذلك، حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها «الجبهة القومية» عام 1967، ولكن على مدى العقود الماضية، وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود، كما سبق لها أن أوقفت أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شروره وحضرموت طيلة العقود الماضية، وها هي اليوم تعود إلى حضرموت تحت ذريعة إعادة «الشرعية».
لذلك، يرى مراقبون أن السعودية قد تمكّن حكومة العليمي و«الانتقالي» من ممارسة دور شكلي في إدارة محافظات عدن وأبين والضالع ولحج، ولكنها ستنفرد بالملفات في حضرموت والمهرة وشبوة.
ويتوقع مراقبون أن تستكمل الرياض استقطاب القيادات الاجتماعية في صحراء حضرموت، فالرياض سبق لها مطلع العام 2015 أن جسّت نبض الشارع الحضرمي، من خلال توجيه عشرات المشائخ الموالين لها، والذين منحتهم جنسيات سعودية، نحو توقيع وثيقة تطالب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بضمّ أراضي حضرموت لتصبح ملكاً من أملاك السعودية.
تلك الوثيقة التي تعمّدت الرياض تسريبها لمعرفة ردود الفعل الحضرمية، تبنّاها الشيخ صالح بن سعيد بن عبد الله بن شيبان التميمي، الذي يدّعي تمثيل مشايخ وأعيان قبائل حضرموت، ويُعدّ من المشائخ الأكثر ولاءً للرياض. وأثارت الوثيقة التي حملت تواقيع قرابة 60 شيخاً ينحدرون من حضرموت ويعيش معظمهم منذ سنوات طويلة في السعودية، ردود فعل متباينة وغاضبة بين أبناء حضرموت، وكشفت حينها عن وجود مشاريع أخرى كامنة، كتأسيس «دولة حضرموت» وضمهّا إلى دول الخليج.
العام الماضي وعشية الذكرى الـ 56 لعيد الاستقلال في الـ 30 نوفمبر 1967، أعلنت السعودية استكمال تأسيس أول هيئة عليا سياسية لدولة حضرموت، وكرسالة واضحة بأن الرياض تسعى لتنفيذ مشروع تقسيم اليمن إلى دويلات، أعلن في العاصمة السعودية الرياض تشكيل قوام وهيئات مجلس حضرموت الوطن، وضم الإعلان أسماء أكثر من 23 شخصية قيادية من جميع أبناء مديريات محافظة حضرموت على أن يتم الإعلان لاحقاً عن قوام قيادة محلية وقدرها 350 من عموم حضرموت.
وأشهر في المؤتمر الصحفي عقد في الرياض المجلس شعاره السياسي والذي اختزل من علم دولة حضرموت الذي يرفعه المطالبون بانفصال حضرموت عن جنوب اليمن وشماله، وتتمثل خطورة التحرك السياسي الأخير بأنه يأتي في إطار تحركات سياسية هادفة لاستقلال القرار الحضرمي في خطوات سياسية لاستكمال تشكيل هيئات سياسية بدعم سياسي سعودي وأمريكي واضح.
وبدأ تشكيل مجلس حضرموت الوطني قبل عامين عقب مشاورات سياسية استمرت لأشهر في العاصمة السعودية الرياض، وتحت ذريعة مواجهة مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات في عدن، حيث سعت الرياض تحت هذا الإيقاع لإنشاء كيانات لدولة جديدة وشكلت هيئة مطالبها الاستقلال.
وتحاول السعودية انتزاع حضرموت عن اليمن مستغلة الانقسام الذي يعيشه البلد، وتحت أكثر من مبرر منه إنشاء سلطات موالية لها في شرق البلاد، رعت إنشاء مجلس حضرموت الوطن، وبتمويل منها ودعم سياسي تعمل الرياض على ضرب الوحدة اليمنية وتفتيت اليمن وقضم أهم المحافظات اليمنية وأغناها وأكبرها مساحة، ودعم استقلالها كدولة جديدة باسم حضرموت قد تضم إلى مجلس التعاون الخليجي كدعم سياسي لها وتحفيز للمحافظات الشرقية الأخرى محافظتي شبوة والمهرة للإنضمام إلى مشروع دولة حضرموت الذي يمتد إلى العام 1964.
ختاماً على مدى السنوات الماضية عملت السعودية والإمارات بكل الوسائل على تمزيق الوحدة اليمنية، بعد ثلاثة عقود من تحقيقها، غير عابئة بمشاعر الشعب اليمني المتمسك بمنجز الوحدة التي خاض من أجلها نضالات طويلة، وقدم خلالها تضحيات كبيرة وكل المؤشرات تؤكد أن بالسعودية والإمارات، وممارساتهما في اليمن تدفعان باتجاه تمزيق وتفكك اليمن في إطار مشروع فصل جنوب الجنوب عن الشمال.. وبالنسبة لليمنيين فإن مشروع الانفصال أو الحديث عن تقرير المصير حالياً، فهو انسياق وراء مشروع إقليمي تتبنى اجندته حالياً أبو ظبي الحليف الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية، وليس مشروعاً يمنياً، وحل المشاكل اليمنية ومنها القضية الجنوبية العادلة يكمن في حوار يمني يمني ينهي كافة مخلفات الماضي ويعزز الوحدة الوطنية ويحميها بإنصاف ابناء الجنوب وإصلاح مسار الوحدة اليمنية.
أما المشاريع الاستعمارية التي انكشفت خلال السنوات الماضية، تتطلب من كل اليمنيين الأحرار المحبين لوطنهم الوقوف صفاً واجداً ضد كل مشاريع التفرقة والتمزيق، والالتفاف حول القيادة الثورية والسياسية ممثلة بقائد الثوة العلم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي أكد من خلال محاضراته وخطاباته التمسك بخيار الوحدة اليمنية وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً، وتحرير كل المحافظات والمناطق وخروج القوات الاجنبية من كل شبر من ارض اليمن البرية والبحرية.
-المسيرة نت: ماهر القادري