المظلة الأممية المخروقة!
يمانيون- بقلم – وديع العبسي|
حتى وهي تدعي الحرص على مصلحة اليمن، ودعوتها إلى إخضاع القضايا الوطنية اليمنية للنقاش بين جميع الأطراف أو ترويجها لمصطلح خارطة طريق، فإنها تدس السم في العسل، حين تتعمد تجاهل طرف بذاته، كانت حتى وقت قريب تدفع به لإرباك أي مشاورات سلام.
الانتقالي بتركيبته ومنطلقاته، فصيل لا يمكن بأي حال الاستخفاف بوجوده والقول أنه بالإمكان الذهاب إلى أي خارطة طريق دون أن يكون له حضور فيه، حتى وهو يتبنى رؤى بشأن الوحدة لا تنسجم مع طموحات أبناء الوطن، فإن الذهاب مع الرغبة الأمريكية في إثارة النعرات من خلال التهميش لا يمكن أن تضع حدا للمخاوف التي تكونت منذ مؤتمر موفمبيك، وليست وليدة الانتقالي وحسب.
ينادي هذا الفصيل إلى حل لا يبدو مقبولا للكثير للقضية الجنوبية، إنما إثارة هذا الحل المتمثل بشعارات الانفصال، للتداول والنقاش مع ما يعنيه للحاضر والمستقبل اليمني، كفيل بلا شك بتكوين رؤية واضحة أمامه تكشف له فداحة هذه الفكرة التي لا تبدو موضوعية ولا منطقية.
عدا ذلك فإن اتخاذ أي موقف عنيف ضد هذا الفصيل بعزله مثلا، إنما يندرج ضمن دائرة المؤامرة الأمريكية وإن عن غير قصد، والتي تؤسس لمرحلة لاحقة دموية سيبقى معها اليمن في دوامة الصراعات لعشرات السنين، كبديل تضعه واشنطن لفشل مخططها بتقسيم اليمن.
ثم من باب أولى، اليوم، أن يتم وضع مقترحات التسويات للمشاكل التي يعيشها اليمن من قبل الأطراف اليمنية فقط، ولا شأن لأمريكا بهذا الأمر، واذا كان لهذه الدولة الدكتاتورية حشر أنفها في قضايا البلد بفعل المظلة المخروقة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فينبغي ألا يتجاوز هذا التدخل حدود الإحاطة والاطلاع، أو بمعنى أدق وأوضح أن تكون شاهدا فقط على ما يجري دون أن يكون لها أي حق في التدخل في أي من التفاصيل.
فأمريكا من واقع فشلها بأن تكون دولة سويّة المنهج والسلوك- والدولة المنحرفة في تركيبتها وفي تفسيرها لقيم التعايش- ظلت ولا زالت تلعب على ورقة التباينات بين القوى والمكونات داخل المجتمعات، في محاولة لاستثمار هذه التباينات لصالحها، لذلك لا يذكر التاريخ أي فعل نبيل قامت به أمريكا لصالح إنهاء الخلافات حول العالم، بقدر ما كانت دائما حاضرة في مناطق التوتر كطرف مُعزز لهذه الخلافات، وكثيرا ما ذهبت لصناعة هذه التباينات في بعض البلدان، خصوصا تلك التي تتمتع بموارد يسيل لها لعاب العصابة الأمريكية.
ربما تكون واشنطن نجحت في فترة من الفترات بابتزاز اليمن بالاستناد إلى إثارة الأطراف ضد بعضها، إنما لا يبدو الأمر متاحا اليوم، حتى وهي تحاول ممارسة الضغط أو مداعبة عواطف بعض المغلوب على أمرهم، فنتائج الرؤية الأمريكية لحاضر ومستقبل البلد قد أظهر سوء نواياها ليمن مشتت غير مستقر، وهذه القناعة أخذت طريقها فعلا إلى عقلية ونفسية الكثير ممن كانوا مخدوعين بشعاراتها، وانعكس ذلك في سلوكهم.
ويكفي النظر إلى إحياء ذكرى إعادة تحقيق الوحدة في المحافظات الجنوبية لإدراك أن مخطط التحزيئ، قد فشل.
يبقى التأكيد على أن التفاف اليمنيين جميعهم حول الثوابت، بإمكانه كسر حِدة التباينات التي تصل غالبا إلى الصدام، فلا يقترب بأي فصيل من هدفه، ولا يحمي الوطن من استمرار تدخل الآخرين في شؤونه.