الوَحدةُ اليمنية.. مكسبٌ تاريخي يجبُ الحفاظُ عليه
عبدالسلام غالب العامري
عيدُ الوحدة لدى اليمنيين يمثّل اليوم الذي ظل يسكُنُ في الأرواح وخلجات النفوس والمهج، حتى كان لأمتنا اليمنية موعدٌ مع القدر بانبلاج فجر جديد أشرقت شموسُه على ربوع أرض السعيدة من أقصاها إلى أقصاها في الـ 22 من مايو 1990م، في هذا اليوم العظيم عادت اللُّحمة إلى الجسد الواحد، وبتحقيق الوحدة اليمنية حقّق اليمنيون الهدفَ المنشود وعادت لليمن وحدة الأرض والحضارة والعراقة وَأصبحت محط أنظار الأمم كنموذج ينتصر لإرادَة شعبه ويصنع الوحدة في زمن التشظي.
فعلاً الوحدة اليمنية مكسب تاريخي عظيم لا يقدَّرُ بثمن، وَلم تكن وليدةَ ليلةٍ وضحاها، ولم تأتِ عفوية، إنها مطلبٌ جماهيري منذ الأزل، وقد قدم أبناء شعبنا اليمني القوافل تلو القوافل في سبيل إعادة الوحدة اليمنية.
إن الإنجاز الكبير الذي حقّقه الشعب اليمنى ممثلاً في وَحدته الخالدة يعد إنجازاً عزّزه صمودُه طوال عقد كامل من الزمن، يدفع المرء إلى أن يتوقعَ بدرجة عالية من اليقين إمْكَانية دوام هذه الوحدة التي أتاحت لليمن توسيعَ رقعتها السياسية والاستراتيجية بشكل نوعي.
لقد جاءت هذه الخطوة المباركة متزامنةً مع الجهود المبذولة من كُـلّ الساهرين على مصلحة الأُمَّــة العربية والساعين لوحدتها ووقوفها صفاً واحداً في وجه أعدائها المتربصين بها.
تحية في ذكرى الوحدة لكل أبناء اليمن الذين يواجهون واقعَهم الصعب بالصبر والرجاء بفرج يزيح عنهم معاناة العدوان والحصار، والتفريق بين أبناء الوطن بالمناطقية وضياع الحقوق وغياب الخدمات في كثير من المدن المحتلّة القابعة تحت توجّـهات وأوامر العدوان السعوديّ الإماراتي.
إن الوحدةَ لا تعني انتصاراً لأبناء الشعب اليمني فقط لكنها انتصارٌ لكل أبناء الأمة، وبداية صحيحة لاستعادة التضامن العربي والوحدة العربية الشاملة.
لم تكن الوحدة اليمنية حدثاً عابراً من أحداث اليمن، بل كان الحدث الأبرز والأجل منذ قرون مضت ومنذ أولى مساعي تشطير اليمن وتفتيته.
في هذه الذكرى التي تتعرَّضُ فيه وحدة اليمن وأمنه واستقراره إلى محاولة التشطير مجدّدًا، وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، نستذكر معكم أحداثَ الوحدة اليمنية، مستلهمين أحداثَ التاريخ ومحطاته للبناء عليها والسير على نهج الآباء الأوائل في المحافظة عليها وتقوية أواصر اليمنيين في كُـلّ مكان، وعدم الانزلاق إلى أحضان الاستعمار الجديد الذي يسعى إلى تفتيت الوطن وتمزيقه إلى دويلات كثيرة متفرقة في هذا الجو المليء بالفتن وهذه التركة المثقلة بالهموم والأحزان.
قصارى القول في هذا المقام أن الوحدة اليمنية فرصة يحتاجها اليمنيون للاحتفاظ بمقومات النهوض وإعادة الإعمار بعد العدوان الذي أنهكَهم، هي فرصة يحتاجها اليمنيون لضمانِ مستقبل سلمي لأجيالهم، هي فرصة لكي يحتلَّ اليمنُ المكانةَ التي يستحقُّها في جيوبولتيك الشرق الأوسط.