معركة “طوفان الأقصى” المباركة.. العدو الصهيوني لا يكِل ولا يمِل من الهزائم
يماتيون – متابعات
مع دخول معركة “طوفان الأقصى” المباركة شهرها الثامن.. يبدو أن العدو الصهيوني لا يكِل ولا يمِل من الهزائم المتلاحقة، حيث عاد جيشه للقتال في مناطق شمال قطاع غزة، مع وقوع الكثير من جنوده بين قتلى وجرحى، بعد أن زعم العدو أنّه “تم تطهيرها”.
ولأن معركة “طوفان الأقصى” أسست لبداية مرحلة جديدة من الصراع مع الكيان الغاصب وأذرعه الصهيونية التي تحميه وتدعمُه وتُسانده وتُشاركه جرائمه، فقد شكلت هذه المعركة مُنعطفا تاريخياً بارزاً وغير مسبوق في تاريخ قضية الأمة المركزية ومظلومية الشعب الفلسطيني الذي كان متروكاً بل ومُتآمراً عليه من قِبل بعض الأنظمة العربية المُطبعة.
وعلى الرغم من أن الطوفان في غزة فتح جبهات جديدة في الصراع مع العدو الغاشم بدءاً من جنوب لبنان حتى سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، إلا أنه في كل هذه الجبهات يتلقى الهزائم تلو الهزائم ويتكبد خسائر فادحة تفوق الخيال، وأصبح العدو الصهيوني أمام مأزق حقيقي وكبير بل وتلك الأذرع التي بادرت بكل ما تملك لدعم هذا الكيان الغاصب المنبوذ والمكروه، حيث لم يشهد كهذا الوضع الذي يحُيطه بالهزائم والخسارة والضغوط من كل جانب على مدى تاريخه.
وفي هذا السياق أكد اللواء في احتياط جيش العدو الصهيوني، إسحاق بريك، الليلة الماضية، أنّ ما يحدث في غزة في الوقت الحالي هو “حرب استنزاف”.. مُحذراً من أنّ إطالتها ستؤدي إلى انهيار الجيش والاقتصاد في كيان العدو الصهيوني.
وفي حديث للقناة الـ13 الصهيونية، أشار بريك إلى أنّ “جيش الاحتلال في حاجة إلى الترميم فوراً”.. قائلاً: إنّ ثمة حاجةً إلى زيادة عديد القوات البرية فيه.
وأقرّ بريك بعجز جيش العدو الصهيوني عن هزيمة حركة حماس في غزة.. مشيراً إلى أنّ القطاع “يمثّل ساحةً واحدةً من أصل ست ساحات”، والحرب ضدّها “لا تشمل إطلاق آلاف الصواريخ يومياً -كما هو الحال في سيناريوهات الحرب في ساحات أخرى، مثل لبنان وإيران-“.
وفي وقت سابق، الخميس، أكد عضو الكنيست الصهيوني، عاميت ليفي، في حديث للقناة الـ14 الصهيونية، أنّ “كل كتائب حماس الـ24 موجودة في غزة، بحيث لم يتم تدمير أي واحدة منها”.. قائلاً: إلى جانب صمود حماس، لا تزال حركة الجهاد الإسلامي موجودة، و”كذبوا علينا بأنّه تم القضاء عليها”.
فيما رأى اللواء احتياط في “جيش” العدو الصهيوني إسحاق بريك (مفوض شكاوى الجنود سابقاً) أنّ القادة الخمسة في “كابينت” الحرب يقودون “إسرائيل” إلى كارثة لم تشهد مثلها من قبل.. مؤكداً أنه ليس هناك سوى مخرج واحد من المأزق وهو وقف الحرب.
وأفادت وكالة أنباء “رويترز” بأن هذه التصريحات تأتي وسط تزايد الشكوك بشأن تحقيق أهداف الحرب الصهيونية المستمرة على غزة، مع عودة قوات العدو إلى ساحات القتال القديمة في القطاع.
ورغم محاولة الغرب وأمريكا منذ البداية تخفيف حالة الضغط التي طوقته من يوم السابع من أكتوبر العام المنصرم، إلا أنها فشلت في ذلك فحجم الخسائر على مختلف الأصعدة ومستوى الهزيمة العسكرية والنفسية والمعنوية وتفرعها لا يمكن أن يوصف فالكيان الصهيوني في عدوانه على لبنان في ٢٠٠٦م، انتهى وسقطت أسطورة جيشه الذي لا يُقهر في تلك الحرب التي كان انتصار حزب الله فيها أسطورياً وملحمياً وتهشمت صورة الكيان الغاصب فيها بصورة غير مسبوقة.
ثم خاض كيان العدو الصهيوني حروب عدوان متقطعة على فصائل المقاومة الفلسطينية كان لا يستطيع مواصلتها والاستمرار فيها فيلجأ للوساطات لوقف المواجهة.. أما في “طوفان الأقصى” فقد تلقى ضربة قاضية أفقدته توازنه واندفع بتشجيع ودعم ومساندة أمريكية غربية ليمارس قتلاً جماعياً وحرب إبادة جماعية ضد سكان ومدنيي غزة.
أما في ميادين المواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية فهزائمه تكاد تكون يومية وهي كذلك في جنوب لبنان في المواجهة مع حزب الله، فهي كما عبر أحد مسؤولي الكيان الغاصب إذلال يتعرض له جيش العدو الصهيوني.. وأما على جبهة اليمن فما أكثر ما صاح العدو بأعلى صوته مما يتلقاه في هذه الجبهة ولم ينفعه الحضور الأمريكي والبريطاني ولا حشده للتحالفات فقد تلاشى تحالفه “حارس الازدهار” وتُرك الأمريكي لوحده وتورط معه البريطاني وهم في وضع لا يُحسدون عليه.
ومن يتأمل ويراجع ما صدر من تصريحات وتهويل لأمريكا وبريطانيا وبعض الدول التي تُشكل أذرع للصهيونية في المنطقة، يُدرك حجم الهزائم التي يعيشونها ومدى الرعب الذي يسيطر عليهم وهو ما أدى إلى هذا التخبط ومحاولة تخفيف تلك الضغوط بأعمال إجرامية متفرقة.
ويتواصل العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة لليوم الـ224، حيث شهدت الساعات الماضية، معارك ضارية في مخيم جباليا شمال قطاع غزة تمكنت خلالها كتائب المقاومة من تكبيد جنود العدو خسائر بشرية ومادية.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن مقاتليها اشتبكوا إلى جانب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مع قوة صهيونية خاصة في مخيم جباليا، وأوقعوا أفرادها قتلى وجرحى، كما استهدفت الكتائب أربع جرافات عسكرية من نوع “دي 9” ودبابة ميركافا بقذائف “الياسين 105” شرق مخيم جباليا.
ويأتي ذلك بينما تتواصل مجازر جيش العدو الصهيوني، حيث ارتكب أربع مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 31 شهيداً و56 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، وفقاً لوزارة الصحة بغزة.. لترتفع حصيلة العدوان إلى 35303 شهداء و79261 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
على الجانب الآخر، بدأت محكمة العدل الدولية بمقرها في لاهاي جلسة تستمر يومين للنظر في طلب قدمته جنوب أفريقيا، لاتخاذ إجراءات إضافية بشأن الهجوم الصهيوني على رفح جنوب قطاع غزة.
وقال وفد جنوب أفريقيا في بيان له: “إن “إسرائيل” هي نظام فصل عنصري يرتكب جرائم إبادة في غزة، وإن الإفلات من العقاب سمح لها بارتكاب هذه الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين”.
وكشف نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل خلال قمة لشباب حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ميامي، بأن إدارة الرئيس جو بايدن لا ترى أن “إسرائيل” ستحقق “نصرا كاملا” على حركة حماس في قطاع غزة.
وقال كامبل: “في بعض النواحي، نجد صعوبة في تحديد ماهية نظرية النصر.. وفي بعض الأحيان عندما نستمع عن كثب إلى القادة الصهاينة، فإنهم يتحدثون في الغالب عن فكرة نصر كاسح في ساحة المعركة، نصر كامل”.
واستدرك بالقول: “لا أعتقد أننا نرى أن هذا محتمل أو ممكن.. إن هذا يشبه إلى حد بعيد المواقف التي وجدنا أنفسنا فيها بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث يستمر التمرد بعد نقل السكان المدنيين والكثير من أعمال العنف”.
فيما نقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن نائب وزير الخارجية الأمريكي قوله: “نتصارع مع “إسرائيل” بشأن ماهية النصر في غزة.. لا نعتقد أن النصر الكامل الذي تسعى “إسرائيل” لتحقيقه محتمل أو ممكن”.
ويرى مراقبون أن هذا التعليق يُعتبر أول اعتراف فعلي أمريكي بأن الإستراتيجية العسكرية الصهيونية الحالية لن تحقق النتيجة التي تهدف إليها.
وتأتي تصريحات كامبل في الوقت الذي حذرت فيه واشنطن “تل أبيب” من المضي قدما في هجوم عسكري كبير على رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، حيث يحتمي أكثر من مليون شخص نزحوا من شمال القطاع بسبب الهجمات الإسرائيلية.
كما ركزت صحف عالمية على تداعيات الحرب الصهيونية المستمرة على قطاع غزة، وفشل “تل أبيب” في تحقيق أهدافها المعلنة رغم دخولها الشهر الثامن، إضافة لإمكانية اندلاع حرب أخرى في ظل تهديد إيران بالرد على أي قصف صهيوني يطال مصالحها.
وكان ما يسمى بوزير العدل الصهيوني الأسبق حاييم رامون قد أقر في وقت سابق بأن الحرب التي تشنها حكومة بنيامين نتنياهو على قطاع غزة انتهت بهزيمة إستراتيجية للكيان الصهيوني.
وغير بعيد عن تصريحات رامون، نقل موقع “والا” الصهيوني، عن نائب رئيس الأركان الصهيوني السابق يائير غولان قوله: “إننا عالقون في غزة دون أهداف حقيقية أو إستراتيجية للخروج.. نتنياهو أسوأ زعيم في تاريخ “إسرائيل”، ويمثل تهديداً لوجودنا.. هدفا الإطاحة بحكم حماس وإعادة المختطفين كانا غير واقعيين منذ البداية”.
الجدير ذكره أن معركة “طوفان الأقصى” المباركة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية من جديد، بالتزامن مع صحوة أفريقية وأخرى عالمية، واستجدت في المرحلة الحالية نهاية قاسية مُظلمة وقاتمة لمستقبل كيان العدو الصهيوني حين أجمعت أغلب القوى المتابعة، وحتى المُنظِّرة في الشأن السياسي والعسكري داخل كيان العدو، على قرب زوال المشروع الصهيوني التي بدت عليه الكثير من علامات الترهّل والشيخوخة في مراحل وجودية.
السياسية :مرزاح العسل