عن مهرجان المانجو اليمني..؟!
رشيد البروي
إن مهرجان المانجو اليمني لم يأتِ جزافًا كفكرةٍ مجنونةٍ قامت بها الجهات المعنية أو تخديرة قات، بل لأننا شعبًا وحكومةً نخوض صراعًا عميقًا في ثقافة وهوية وتراث المنتج اليمني بشكل لا يمكن تلخيص أبعاده في كلمات بسيطة يتم نشرها في مقال واحد.
تخيلوا هذا العام 2024…. لأول مرة، صدرت السعودية شاحنة مانجو إلى الأردن، شاحنة واحدة فقط… لقد خلقوا من هذه الحادثة هالة إعلامية لدرجة أنهم أقاموا مهرجانات في كل منطقة بجيزان ونجران، احتفلوا شهرًا كاملًا، هللت وسبحت وسائل إعلامهم بشكل غير مسبوق… كل هذا في الوقت الذي، تستقبل دول الخليج ما يقارب 100 ألف طن من المانجو اليمني سنويا..
إن ما تقوم به السعودية من خلال إحياء مهرجانات للمانجو والعسل والبُن، لا يهدف فقط إلى تدعيم الاقتصاد السعودي، بل يسعى لتحقيق نقطتين أساسيتين، الأولى تكمن في التسويق والترويج الخارجي بهدف رسم صورة ذهنية لدى الشعوب العربية بأنها هي البلد الأول عربيًا في زراعة وتصدير المانجو، والتسويق الداخلي الذي يهدف إلى تكريس ثقافة المانجو كهوية تاريخية سعودية تعتنقها الأجيال السعودية القادمة.
ولأن لاحول لهم ولا قوة في تحطيم المنتج الهائل الذي تقدمه اليمن سنويًا، فقد سعوا للطعن والتشكيك في جودة المانجو اليمني، فكروا وقدروا وحشدوا ودبروا… وجيشوا ذبابهم الإلكتروني لينال من سمعة وجودة المانجو اليمني، الذي يمثل ثقافة اليمن وهويته الزراعية بلا منازع في المنطقة… وكذلك الحال فعلوه مع “العسل والبُن” من قبل ، على الرغم من أن التاريخ والجغرافيا والشعوب العربية والإسلامية لا ترى سوى ثقافة وهوية ومنتج البُن اليمني والعسل اليمني والمانجو اليمني، كمنتجات رائدة عالية الجودة والمذاق والأصالة كما هو شعبها.
من حق أي بلد أن يزرع ويُصدر وينتج ويسوق ويتطور كيفما يُريد، ولكن ليس من حقه أن ينتحل تاريخ وهوية وتراث بلد يعاني الفقر والتهميش والتدمير الممنهج على كل المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية والزراعية والعسكرية وغيرها.
يجب أن يكون هناك وعي عند الشعب اليمني، وأن يدرك الإعلاميون والنشطاء والسياسيون أننا نخوض صراعًا سلاحنا فيه، ليس الكلاشنكوف ولا المقاتلات الجوية ولا الصواريخ البالستية بل هو «ذبابة إلكترونية» لا يُمكن رؤيتها بالعين المجردة بأعين المزارعين والتجار، ولكنها مرئية فقط للنشطاء ورواد التواصل الاجتماعي.