إقرار أُوروبي جديد بالفشل في كبح الجبهة اليمنية: المحيط الهندي ليس آمناً للملاحة “الإسرائيلية”
يمانيون – متابعات
على وَقْعِ الفشلِ الأمريكي الأُورُوبي المعلَنِ في الحَدِّ من العمليات البحرية اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، أقَرَّ الاتّحادُ الأُورُوبي، هذا الأسبوع، باتساع نطاق الخطر على السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إلى المحيط الهندي، محذِّرًا تلك السفن من الإبحار بالقرب من منطقة العمليات الجديدة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه خبراء قطاع الشحن البحري التأكيد على أن العملياتِ اليمنيةَ تمضي في اتّجاهٍ تصاعُدي وأن التواجد العسكري للقوات الغربية لم ينجح في عرقلة هذا المسار.
ونشر الموقع الرسمي لعملية “اتالانتا” البحرية التي تتبع الاتّحاد الأُورُوبي، هذا الأسبوع، مذكرة نصحت “السفن التي تبحر قبالة المحيط الهندي بالحفاظ على حالة يقظة شديدة” في ضوء ما وصفته بـ”التصعيد الأخير” للهجمات اليمنية باستخدام الطائرات بدون طيار في المحيط الهندي.
وأرفق الاتّحاد الأُورُوبي المذكِّرةَ بخريطة وضح فيها اتساع نطاق العمليات البحرية اليمنية إلى المحيط الهندي، على رقعة واسعة تشمل جزيرة سقطرى ومحيطها البحري والمنطقة البحرية المقابلة لكامل السواحل الصومالية، وُصُـولاً إلى شمال جزيرة مدغشقر.
واستندت مذكرة الأُورُوبي إلى العملية النوعية التي أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذها نهاية شهر إبريل الماضي، والتي استهدفت السفينة الإسرائيلية “إم إس سي أوريون” في المحيط الهندي.
وقالت المذكرة إنه “تم استهداف السفينة (إم إس سي أوريون) بواسطة طائرة بدون طيار على بُعد 200 ميل بحريّ جنوب شرق جزيرة سقطرى، بينما كانت السفينة تمر في المحيط الهندي متجهة شمالًا نحو صلالة (عُمان)”.
وأضافت أن “هذا الهجوم يؤكّـد أن الهجمات المحتملة يمكن أن تحدث في المحيط الهندي على مسافة تصل إلى 800 ميل بحري” من المناطق الحرة التي تسيطر عليها القوات المسلحة اليمنية.
وقالت إنه “في ضوء هذا الهجوم وتقييم مدى الطائرات بدون طيار وآخر التصريحات، يقترح إنشاء طريق بحري بديل على بعد لا يقل عن 150 ميلًا بحريًّا شرق طرق المرور الحالية”.
وأوضحت الخريطة التي تضمنها البلاغُ المسار الجديد، حَيثُ يفترض أن تتجنب فيه السفن الاقتراب من المنطقة المحيطة بسقطرى والمنطقة المقابلة للسواحل الصومالية (على مسافة حوالي 700 ميل بحري) وتضطر للمرور بين عمق البحر العربي وشمال جزيرة مدغشقر.
ومع ذلك، فَــإنَّ الطريق الجديد الذي حدّدته الخارطة لا يعتبر آمنًا للسفن المتجهة نحو العدوّ الصهيوني؛ فمنطقة الخطر المحدّدة في الخريطة هي مساحة واسعة جِـدًّا تؤكّـد أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك قدرات متطورة تستطيع الوصول إلى مسافات بعيدة لا يمكن قياسها بناءً على هجوم واحد فقط؛ ففي إبريل الماضي أعلنت القوات المسلحة عن استهداف السفينة الإسرائيلية “إم إس سي غرايس إف”، وأظهرت مواقع تتبع الملاحة أنها كانت تبحر قبالة سواحل كينيا على مسافة تتجاوز بكثير النطاق الذي حدّدته خارطة عملية “أتالانتا” الأُورُوبية.
هذا أَيْـضاً ما أكّـدته التوصية الأُخرى التي تضمنتها مذكرة الاتّحاد الأُورُوبي والتي نصحت السفن “بممارسة تعديلات عشوائية على السرعة والمسار واعتماد سياسة أكثر تقييدًا لنظام بيانات التعريف الآلي” وهي إشارة إلى تزييف وتزوير المعلومات الإلكترونية للسفينة مثل هُــوِيَّتها ووُجهتها؛ فهذه التوصية تشير بوضوح إلى أن المسار البديل الذي اقترحه الاتّحاد الأُورُوبي للسفن في المحيط الهندي لا يكفي لتجنُّب العمليات اليمنية، وأنه يجب على السفن المستهدفة أن تزيف بياناتها أَيْـضاً.
وبرغم ذلك أَيْـضاً، فَــإنَّ عمليةَ تزييف بيانات نظام التعريف الآلي للسفن، قد أثبتت بالفعل أنها بلا فائدة، حَيثُ تمكّنت القوات المسلحة طيلة الأشهر الماضية من استهداف سفن معادية كانت قد غيَّرت معلوماتِ مسارها، وأطفأت أجهزةَ التعارف، بل ولجأت إلى تغيير بيانات ملكيتها لتغطي على ارتباطها بالعدوّ الصهيوني أَو بأمريكا وبريطانيا.
وفي إبريل الماضي، نقلت صحيفة “هيلينك شيبنيغ نيوز” المختصة بشؤون النقل البحري، عن غابرييل فوينتيس، الأُستاذ المساعد في اقتصاديات الشحن والمحلل في كلية الاقتصاد النرويجية، قوله: إن “تغيير بيانات نظام التعريف الآلي للسفن ليست طريقة فعالة لتجنب الهجمات، وإن العثور على طرق لتجنب الهجمات اليمنية وتخفيف مخاطرها أمر معقد؛ بسَببِ الطبيعة غير المتوقعة لتلك الهجمات”، حسب قوله.
مذكرة الاتّحاد الأُورُوبي قالت أَيْـضاً إنه “من المهم أن تلتزم السفن العاملة في غرب المحيط الهندي وخليج عدن وخَاصَّة تلك الموجودة ضمن مسافة 700 ميل بحري من الساحل الصومالي بالتوصيات، والإبلاغ عن أية حوادث عن الفور”.
وتمثل هذه المذكرة اعترافًا واضحًا بأن المحيط الهندي أصبح مسرحًا رئيسيًّا للعمليات اليمنية المساندة لغزة، وأن السفن التي يعتمد العدوّ الصهيوني على مرورها في تلك المنطقة تصبح مع مرور الوقت معرَّضَةً للخطر بشكل أكبرَ؛ وهو ما يعني أن شركات الشحن قد تتجه قريبًا إلى وقف عمليات الشحن إلى موانئ العدوّ عبر طريق رأس الرجاء الصالح كما فعلت في طريق البحر الأحمر؛ الأمر الذي ستكون له تداعياتٌ إضافية كبيرة على اقتصاد العدوّ.
وتأتي المذكرةُ الأُورُوبية الجديدة على وقع اعتراف رسمي بالعجز جاء مؤخّراً على لسان قائد عملية “أسبيدس” التابعة للاتّحاد الأُورُوبي والتي انطلقت في فبراير الماضي لمساندة العدوّ الأمريكي في محاولة الحد من العمليات اليمنية وحماية الملاحة الصهيونية، حَيثُ قال القائد الأُورُوبي: إن العملية لم تعد تملك ما يكفي من السفن الحربية للاستمرار في مواجهة الهجمات اليمنية بعد انسحاب عدة فرقاطات أُورُوبية تباعًا.
وفي هذا السياق أَيْـضاً فقد نقل موقع “شيبينغ ووتش” الدنماركي، هذا الأسبوع، عن لارس جنسن، الخبير البارز في صناعة الشحن البحري والمسؤول السابق في شركة ميرسك قوله: إن “على الرغم من عمليتَي حارس الازدهار (الأمريكية) وأسبيدس (الأُورُوبية) فَــإنَّ البيانات الواردة من مركز الأمن البحري للقرن الإفريقي تظهر اتّجاهًا متزايدًا واضحًا للغاية في عدد الهجمات” بحسب ما نقل موقع “شيبينغ ووتش” الدنماركي المختص بشؤون الملاحة البحرية.
وَأَضَـافَ جينسن أنَّه “إذا كان الهدف (من العمليات الأمريكية والأُورُوبية) هو الحد من مخاطر الهجمات اليمنية فَــإنَّه لم يتم إحراز أي تقدم” بحسب ما نقل الموقع.
وقال: إن “البيانات بوضوح فَــإنَّ حجم الهجمات يتزايد بشكل مطرد على الرغم من الوجود العسكري” مُشيراً إلى أنه تم تسجيل نحو 132 هجومًا بالصواريخ والطائرات المسَيَّرة منذ نوفمبر الماضي بحسب بيانات مركز الأمن البحري في القرن الإفريقي.
المسيرة | ضرار الطيب