في سياق مشاركته بمعركة طوفان الأقصى اليمن يكشف جانبا من قدراته العسكرية المتطورة
يمانيون – متابعات
كشفت معركة طوفان الأقصى التي انخرط فيها اليمن بقوة إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطينية للدفاع عن قضية الأمة الأولى فلسطين، الكثير من الخفايا عن المستوى المتطور والنوعي الذي وصلت إليه القوات المسلحة اليمنية وما باتت تمتلكه من أسلحة ردع استراتيجية.
فعلى مدى سنوات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، انتهجت القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في صنعاء سياسة حكيمة في التعامل مع دول العدوان، ولم تكشف عن كل ما بيدها من أوراق ونقاط قوة، على عكس ما قامت به دول العدوان التي استخدمت منذ اللحظة الأولى كل ما تمتلكه من أسلحة وذخائر ودعم لوجستي غربي لاستهداف وتدمير اليمن.
بشكل تدريجي ظلت صنعاء تكشف عن المفاجآت العسكرية بإدخال المزيد من الأسلحة الأكثر تطورا إلى الخدمة، والتي استطاعت من خلالها أن تربك دول العدوان وتجبرها على مراجعة كل حساباتها وإعادة النظر في كل خطوة تصعيدية تقدم عليها ضد اليمن، وصولا إلى إيقاف عملياتها العسكرية بعدما أدركت حجم الورطة التي وقعت فيها عندما شنت الحرب العدوانية على اليمن.
وعلى الرغم من أن القوات المسلحة اليمنية واصلت العمل في تطوير قدراتها العسكرية طيلة سنوات العدوان والحصار، والتي حفزت اليمن أكثر على تصنيع وتطوير ترسانته الصاروخية وسلاح الطيران المسير، لمواجهة تهديدات العدوان وصولا إلى امتلاك القوات المسلحة اليمنية القدرة على استهداف أي نقطة في أي مدينة داخل الدول المشاركة في تحالف العدوان على اليمن.
غير أن القيادة الثورية والسياسية لم تكشف عن الأسلحة الأكثر تطورا وفتكا وذات المديات الأبعد إلا بعد انطلاق معركة “طوفان الأقصى” المصيرية مع عدو الأمة الأول الكيان الصهيوني، لتثبت بذلك أنها تمتلك من الدهاء والحكمة والحنكة السياسية، والخبرة العسكرية ما لا تمتلكه كل الأنظمة الحاكمة في المنطقة، التي لم تجرؤ حتى على إصدار بيان إدانة لما يقوم به الصهاينة والأمريكان من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني الـمظلوم.
لهذا فإن التكتيك وامتلاك الخبرة في اختيار الوقت المناسب والتعامل مع المستجدات والتكيف مع الظروف المحيطة من الأمور المهمة جدا، والتي لا تقل أهمية عن امتلاك القوة والسلاح، وهذا ما أثبته القيادة في صنعاء من خلال التعامل مع كل التهديدات التي واجهت البلد، والخروج منها كطرف منتصر.
استطاع اليمن قيادة وشعبا وجيشا من خلال موقفه الإنساني المساند للشعب الفلسطيني، ووقوفه بحزم في وجه طغاة الأرض أمريكا وبريطانيا وإسرائيل أن يحظى بالتأييد من كل أحرار العالم، كما جعل منه قوة ورقما صعبا في المنطقة.
وإلى جانب الصفعة القوية التي وجهها اليمن لإسرائيل باستهداف سفنها، وسفن الدول الأخرى المتجهة إلى موانئها، وما فرضه من حصار بحري عليها كبدها الخسائر الباهظة، إلا أن الأهم من ذلك هو أن اليمن نجح في إجهاض الحلم الأمريكي الاسرائيلي المشترك المتمثل في تنفيذ مشروع “قناة بن غوريون”، التي تطمح واشنطن وتل أبيب أن تكون بديلة لقناة السويس.
ووفقا لمخطط المشروع البالغ تكلفته نحو 55 مليار دولار، فقد كان مقررا أن تمتد القناة من الجنوب إلى الشمال، بدءا من خليج العقبة، ومرورا بمدينة إيلات الحدودية، ثم تمتد لمسافة 100 كيلومتر بين جبال النقب والمرتفعات الأردنية في وادي عربة، ثم تنحرف غربا قبل أن تصل إلى البحر الميت، وتنحرف مرة أخرى شمالا متجهة إلى البحر المتوسط بالقرب من قطاع غزة، بطول يصل إلى 193 كيلو مترا.
ويشير مراقبون إلى أن اليمن أثبت منذ دخوله معركة “طوفان الأقصى” أنه يشكل تهديدا حقيقيا للمشروع الاسرائيلي، وهذا ما يفسر خفوت الانتقادات المصرية للعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في باب المندب والبحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والتي اتسع نطاقها مؤخرا لتصل إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
وبحسب المراقبين فإن سعي قوات العدو الصهيوني لاحتلال شمال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى جنوبها يمثل جزءا من مخطط مشروع إنشاء القناة الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، والذي يتضمن أيضا إنشاء مدن صناعية وسكنية كبيرة.
أثارت العمليات العسكرية التي تشنها القوات المسلحة اليمنية قلقا كبيرا في الولايات المتحدة وإسرائيل، بعدما أثبت اليمن أن من يسيطر على باب المندب هو من يتحكم ويؤثر على مصير مشروع قناة بن غوريون التي تشارك فيه الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، وبعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات.
وإلى جانب كل ما سبق أوصلت القوات المسلحة اليمنية رسائلها للجميع بمن فيهم دول العدوان وفي المقدمة السعودية التي قادت العدوان على اليمن، وبات لزاما عليها أن تبادر بالوفاء بالتزاماتها وتنفيذ كل ما تم التوصل اليه من توافقات مع صنعاء، وأن تأخذ تحذيرات المجلس السياسي الأعلى على محمل الجد، مالم فإنها لن تكون بمنأى عن الرد اليمني الذي ستقرره القيادة في اللحظة والوقت المناسب لذلك، باعتبارها دولة حرب تسببت في قتل عشرات الآلاف من اليمنيين، وتدمير البنية التحتية للبلد، كما تسببت في كل ما يعانيه الشعب اليمني من أزمات اقتصادية وإنسانية.
كما ينبغي على السعودية ألا تختبر صبر القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى خصوصا بعد كل ما عرفته عن هذه القيادة من شجاعة وصراحة ووضوح ووفاء بكل ما تقطعه من وعود، وأنها تنطلق في كل مواقفها وتحركاتها من منطلق إيماني، ولا يمكن لأحد أن يوقفها عن الطريق الذي تسير فيه مهما كانت النتائج.
وفي حال قررت القيادة ذلك فإن المملكة بكل ما تمتلكه من منشآت اقتصادية ستكون أهدافا مشروعة لصواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية التي وصلت إلى كل أهدافها في ما وراء البحار، والتي بات بمقدورها وأد كل خطط وأحلام القيادة السعودية ورؤاها المستقبلية.
– السياسية/ يحيى جارالله