الحراك الطلابي يفضح شعارات الحرية.. قمع هستيري للمظاهرات المنددة بالعدوان على غزة
يمانيون/ تقارير
يوماً تلو الآخر، تثبت عملية “طوفان الأقصى” البطولية التاريخية، أنها جاءت لترسيخ الحق الفلسطيني، وفرض حتمية استعادته، فضلاً عن كشف ضعف وهشاشة وإجرام الكيان الصهيوني الغاصب، وما تشهده الجامعات الأمريكية والأُورُوبية هذه الأيّام من حراك طلابي وأكاديمي، يتأكّـد للجميع أن فلسطين قد عادت إلى أرواح كُـلّ الأحرار والمراقبين في العالم؛ وهو ما ينسف مؤامرات عقود حاكها الكيان الصهيوني لطمس وتصفية القضية الفلسطينية.
وفيما يؤكّـد الحراك الطلابي الواسع المتضامن مع فلسطين، أن القضية الفلسطينية لها صدى يحتل الأرجاء، لكنها وفي الوقت ذاته تعرّي وتفضحُ أدعياءَ الديموقراطية والحرية، حَيثُ يتعرض الطلاب والأكاديميون المتظاهرون لعمليات قمع واسعة من قبل السلطات، سواء في الولايات المتحدة، أَو في الدول الأمريكية والأُورُوبية.
ومع استمرار الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية رفضاً لحرب الإبادة الصهيونية على غزة، امتد الحراك الطلابي إلى الجامعات في عدد من دول أمريكا الجنوبية، ودول أُورُوبية تدين أنظمتها بالولاء للكيان الصهيوني ورعاته الأمريكيين؛ وهو الأمر الذي ينذر بعمليات قمع واسعة قد تطال المتظاهرين، وقد بدأت المؤشرات تلوح في الأفق.
وتصاعد عدد التظاهرات في جامعات بريطانية وفرنسية وأسترالية وكندية وكولومبية، في حين واجهت الأنظمة التي شهدت بلدانها احتجاجات طلابية، الحراك الطلابي المتضامن مع فلسطين بقمع واسع، يبدو أنه في طريقه لتنفيذ الديمُقراطية على الطريقة الأمريكية.
ومن اللافت أَيْـضاً أن طلاب الجامعات البريطانية والفرنسية والكندية والكولومبية والأسترالية، أعلنوا تضامنهم المطلق مع زملائهم في الجامعات الأمريكية؛ وهو الأمر الذي يضع حلفاء أمريكا في إحراج جديد، وهذه المرة من بوابات الجامعات.
أمريكا مفضوحة مجدداً:
وبدءًا من المظاهرات المتصاعدة في أمريكا، فقد استأنف طلابُ جامعة “ييل” اعتصامَهم المفتوح؛ دعماً لفلسطين وتنديداً بالعدوان الإسرائيلي المُستمرّ على قطاع غزة، وذلك بعد حملة اعتقالات واسعة طالت الطلاب المتظاهرين، وزادت من كشف الزيف الأمريكي.
وقد كرّر الطلاب المتظاهرون مطالباتهم للجامعة بسحب استثماراتها من كيان الاحتلال ومؤسّساتها، ناصبين 40 خيمة اعتصام في الحرم الجامعي، فيما أطلق المتظاهرون على مخيم الاعتصام اسم “المنطقة المحرّرة”، وهو إجراء وصفه رئيس شرطة الجامعة التي تعد من أعرق الجامعات الأمريكية بأنه “انتهاك للسياسات الجامعية فيما يتعلق باستخدام المساحات الخارجية والملصقات ومكبرات الصوت”.
وقد وضع الطلاب المعتصمون سلسلتَينِ بشريتَينِ لمنع وصول الشرطة إلى المنطقة الخضراء، حَيثُ يقيمون خيامهم، رافعين الأعلام الفلسطينية واللافتات الداعمة لأهالي غزة والمندّدة بجرائم الاحتلال التي يرتكبها بحق أهالي قطاع غزة وسط صمت أممي ودولي مفضوح.
وبالتزامن مع تلك التظاهرات، يواصل آلاف الطلبة في 44 جامعة وكلية أمريكية والعديد من الجامعات الأُورُوبية التظاهرات المطالبة بوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة، والمندّدة باستمرار الدعم الأمريكي والغربي للجرائم الإسرائيلية.
وعلى خطٍّ موازٍ ما تزال السلطات الأمريكية مُستمرّة في قمع الاحتجاجات الطلابية، بالاعتقالات التعسفية، وكذلك فض الاعتصامات بطرق عدوانية، جدّدت من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية التأكيد على تربعها على عرش الطغيان والاستبداد ورعاية الإجرام.
ومن الولايات المتحدة إلى كولومبيا وكندا، حَيثُ تعهد الطلاب المتظاهرون المناهضون للعدوان والإجرام الصهيوني في غزة، بمواصلة حراكهم في كولومبيا؛ تضامناً مع فلسطين من جهة، وطلاب الجامعات في الولايات المتحدة من جهة أُخرى؛ نظراً لحالة القمع والاعتداءات التي يتعرضون لها إزاء تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المحاصر والذي يرتكب بحقه أبشع الجرائم اليومية.
وطبقاً لوسائل إعلام دولية، فَــإنَّ عديد الجامعات الكولومبية والكندية وعلى امتداد البلدين، تشهد احتجاجات طلابية واسعة، طالب المتظاهرون –على غرار الطلاب في أمريكا– المدارس والجامعات بقطع العلاقات المالية مع كيان العدوّ الإسرائيلي وسحب استثماراتها من الشركات التي يقولون إنها تساعد الجيش الصهيوني على مواصلة إجرامه، في إشارة إلى تفعيل المقاطعة الاقتصادية ضد العدوّ الصهيوني.
ووفقاً لوكالات دولية نقلت عن وسائل إعلامية كولومبية وكندية، فَــإنَّ هذه التظاهرات تشهد تصاعدًا مُستمرًّا سواء في عدد المشاركين، أَو في عدد الجامعات، وحتى في المطالب التي ترتفع أكثر فأكثر وتزيد من محاصرة الكيان الصهيوني ورعاته الأمريكيين أخلاقياً وسياسيًّا وإعلامياً.
وقد بيّنت أن الطلاب المتظاهرين توعدوا باستمرار حراكهم حتى وقف العدوان والحصار على غزة، فيما أعلنت عديد الجامعات الكولومبية تعليق العملية الدراسية حتى حَـلّ الأوضاع.
أُورُوبا تنقلُ صورةً من الزيف الأمريكي:
وإلى أُورُوبا، أعلنت جامعة فرنسية وقف الدراسة؛ بسَببِ تصاعد الاحتجاجات الطلابية المندّدة بالعدوان والحصار الصهيوني على قطاع غزة.
وبعد احتجاجات طلابية واسعة في كلية العلوم السياسية بالعاصمة باريس، توسعت رقعة الاحتجاجات إلى جامعة السوربون –وهي من أعرق الجامعات الفرنسية–، حَيثُ شهدت تظاهرات طلابية واسعة، قادت إلى وقف العملية التعليمية وإلغاء المحاضرات، فيما يشارك في الاحتجاجات طلاب في الدراسات العليا؛ وهو الأمر الذي ينقل حالة السخط الدولي من الإجرام الصهيوني.
وذكرت وسائل إعلام دولية وفرنسية، قولها إن الطلاب في ساحة جامعة السوربون العريقة، نصبوا الخيام وأغلقوا جميع المداخل منذ منتصف الاثنين، كما رفعوا لافتات تندّد بالعدوان الصهيوني على غزة، من بينها لافتات حملت عبارات “إسرائيل قاتلة والسوربون متواطئة”، “لا تكتفوا بالنظر، انضموا إلينا”، وهذه الشعارات تؤكّـد مدى توغل القضية الفلسطينية في أوساط الطلاب الأُورُوبيون، بعد مؤامرات طويلة قادت لطمس الحق الفلسطيني واستبداله بمناهج تعليمية تزعم بوجود حق للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ليكون ما تشهده الجامعات الأُورُوبية والأمريكية بمثابة ضربة موجعة للكيان الصهيوني وجهوده التضليلية التي دامت لعقود طويلة لكي الوعي وطمس الحقيقة.
وقد عبر المحتجون الفرنسيون عن معارضتِهم للسياسة التي تنتهجها فرنسا حيال الإجرام الإسرائيلي على غزة، مطالبين “الإليزية” بفرض عقوبات على كيان العدوّ الإسرائيلي، وإنهاء “التعاون مع جميع المؤسّسات المتواطئة في القمع المنهجي للشعب الفلسطيني”، وهنا تأكيد على كتلة وعي طلابية وأكاديمية عالية تضفي قوة كبيرة إلى موقف الحق الفلسطيني ومناصريه.
وعلى غرار عمليات القمع الأمريكية، فقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، مقاطع فيديو أظهرت قيام الشرطة الفرنسية بعمليات قمع ضد المتظاهرين في جامعة السوربون، واستخدام كُـلّ أشكال العنف لتفريقهم، وتدمير مخيماتهم وسحب عدداً من المحتجين بالقوة؛ ما يؤكّـد سير النظام الفرنسي في مسلك خطير يزيد من انفضاح الديمقراطية الغربية، فضلاً عن انكشاف حقيقة تمسك قوى الاستكبار بمسار دعم الإجرام الصهيوني.
ووسط تصاعد الاحتجاجات في فرنسا، وما يقابلها من قمع وحشي، تؤول المؤشرات إلى أن الجامعات الفرنسية قد تحتضن تظاهرات مشابهة، خُصُوصاً مع انضمام عدد من السياسيين إلى تأييد الطلاب المتظاهرين في جامعة السوربون.
وقد أوضحت وسائل إعلام دولية، أن عدداً من السياسيين الفرنسيين، دعوا أنصارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للانضمام إلى احتجاجات السوربون، والسعي لتوسيع رقعة الاحتجاجات.
وبيّنت أن من أبرز السياسيين الفرنسيين الذين دعوا لدعم التظاهرات “ماتيلد بانو” التي ترأس مجموعةَ المشرِّعين اليساريين في الجمعية الوطنية؛ وهو الأمر الذي يجعل النظام الفرنسي على موعد مع اختبار جديد للديموقراطية والحرية، بعد فشل واشنطن وحلفائها في كُـلّ الاختبارات السابقة في هذا الشأن.
يشار إلى أن جامعاتٍ بريطانيةً وألمانيةً شهدت الأسبوع الفائت تظاهرات واسعة؛ تنديداً بالعدوان الصهيوني على غزة، في حين أن القمع الذي يتعرض له المحتجون ينذر بموجة واسعة من الغضب الطلابي.
ومع كُـلّ هذه الأحداث، فَــإنَّ العامل المشترك من كُـلّ المعطيات، هو عودةُ القضية الفلسطينية إلى كُـلّ أرجاء العالم، وبروز الكيان الصهيوني المجرم، كعصابةٍ إجرامية مارقة لا تجيد شيئاً سوى التلذذ بالقتل والإجرام.