التعبئةُ المختلّة!
يمانيون || مقالات|| سند الصيادي
نسعى كعرب ومسلمين إلى تقليل العداء في مناهجنا الدراسية بحُجَجِ نبذ العنف والتعايش وَ… إلخ، وعلى هذا حذفنا آياتٍ ومقرّراتٍ وَتنكَّرنا للتاريخ، بينما الطرفُ الآخرُ لا يزالُ يجرِّعُ في أجياله الكراهيةَ لنا من لحظة ولادتهم وَحتى في حليب أُمهاتهم!.
وما يحدث اليوم من إبادة ممنهجة للعربي المسلم في الأراضي الفلسطينية، وما يقابله من صمت وَغيابٍ للغضب وَالاستفزاز الشعبي والرسمي العربي وَفقدانٍ للدافع، ليس إلَّا حصيلة وَنتاج طبيعي لهذه التعبئة!
شاهدنا جميعاً كيف يلقِّنُ الصهيوني أطفالَه وشبابَه كراهيتنا وَينمِّي فيهم دوافعَ أن يقتلونا بدم بارد دون أن يخلوَ ذلك التوحش من شعورهم بإنسانيتهم وصوابية ما يقومون به كالتزام وجودي خلاق، ورأيناهم على الشاشات يطبِّقون عمليًّا ذلك في غزة جماعيًّا وهم يمعنون بلا رحمة في إبادة كُـلِّ من وجدوه في مبنىً لمستشفى، أطفالًا ونساء وجرحى ومرضى وأطباءَ وممرضين.
نتفقُ إلى أن التدجينَ لشعوب الأُمَّــة مخطَّطٌ أمريكي صهيوني استعماري يتوازى مع بقية مشاريع الهيمنة العسكرية والاقتصادية والثقافية ويخدُمُها ويهيِّئُ البيئةَ العربية والإسلامية وقلوبَ وعقولَ أبنائها لها، ويجعلُها مطيةً سهلةً لكل مشروع.
هذا المشروعُ خطير بحد ذاته وَخطورته تصبحُ أكبرَ وأكثرَ تعقيدًا حينما يتعلق الأمر بتقبُّلِنا له بعد أن نجحوا في توظيفهم لأدواته من داخلنا، واختاروا شخوصَه على كافة الاختصاصات، ونجحوا في إضفاء حالة من الشهرة لهم، بدايةً من رئيس الدولة ورَجُل الدين والسياسة، وانتهاء بالمعلَّم في الصفوف الأولى للدراسة.
خلال العقود الأخيرة رأينا كيف صارت المناهج الدراسية بلا هُــوِيَّة، وَرأينا كيف انبرى المستغربون بلباس التنمية والتأهيل يتحدثون عن هذه البرامج (الخبيثة) بعبارات فضفاضة وَعن أهميّة أن يكون النشء مربًّى على احترامِ الآخر والتعايش معه ومجنَّدًا نفسَه لمواكبة الحداثة والتطوير وَالعولمة والخروج مِمَّا يسمّونه بـ “قوقعة الانزواء التاريخي وَأهميّة محاكاة العالم في ثقافته وسلوكياته… إلخ”، وبلُغة تنفذُ إلى العقول يعمدون إلى تسطيحها وَوضعها في زاوية تتجاهل الحقائق الدينية والتاريخية وَالواقعَ المعاشَ في صراعاته وَقواعد اللعبة فيه، وقبل كُـلِّ ذلك التوجيهُ وَالحكمة الالهية من خَلْقِنا أَسَاساً، وكانت النتيجة صادمةً، جيلًا بلا تنمية ولا هُــوِيَّة ولا قضية.
ختامًا اقتبس هذه العبارات القيِّمة من الخطاب الأخير للقائد: “الحضارة الإسلامية تعتمد على المبادئ والقيم الإلهية لعمارة الأرض وإقامة القسط وتجسيد الأخلاق والقيم، وَحضارةُ الغرب تشطبُ الأخلاقَ من الواقع الإنساني، وُصُـولاً إلى أن تتحول مسألةُ الشذوذ الأخلاقي إلى مسألة مقوننة”!