“قلق وانتظار مؤلم”.. ماذا شهد البيت الأبيض في ترقّب الرد الإيراني؟
يمانيون – متابعات
تحدّثت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في تقرير مطوّل، عما شهده البيت الأبيض في الولايات المتحدة، ليلة الرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي، متناولةً ما سبق تلك الليلة، وما تلاها.
وتحت عنوان “داخل التدافع المحموم للبيت الأبيض لتجنّب حرب شاملة في الشرق الأوسط”، أكدت الصحيفة أنّ ما وصفته بـ”الانتظار المؤلم” في أثناء الرد الإيراني كان من اللحظات المتوترة، في أزمة استمرت 19 يوماً، عاشها الرئيس الأميركي، جو بايدن، وفريقه للأمن القومي.
ووجد بايدن ومسؤولو إدارته أنفسهم “غير مطّلعين أو غير متأكدين مما تخطّط له كلٌّ من إيران وإسرائيل في الأوقات الحرجة”، خلال فترة الانتظار تلك، بحسب الصحيفة.
وبدأ الأمر بعدوان شنّه الاحتلال على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، من دون التشاور مع الولايات المتحدة، لينتهي بتحالف أميركي – أوروبي، بمشاركة عربية، استنفر لمواجهة الرد الإيراني، ودعوات أميركية إلى “إسرائيل” لتجنّب شنّ هجوم آخر.
“الانتظار المؤلم”
“وول ستريت جورنال” عادت في تقريرها إلى الأول من نيسان/أبريل الجاري، يوم اندلعت الأزمة بفعل استهداف “إسرائيل” القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيالها قائد قوة القدس في لبنان وسوريا في حرس الثورة الإيراني، محمد رضا زاهدي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ مسؤولاً إسرائيلياً نبّه نظيره الأميركي إلى أنّ الضربة جارية، قبل دقائق قليلةٍ من الغارة فقط، فيما قال المسؤولون في واشنطن إنّ التحذيرات لم تتضمّن أي معلومات بشأن الجهة المستهدَفة، أو الموقع الذي تمّ ضربه.
عقب العدوان على دمشق، عقد السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتزوغ، و”الملحق الدفاعي” الإسرائيلي في البيت الأبيض، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، وغيره من كبار مسؤولي البيت الأبيض، اجتماعاً عبر الفيديو مع مسؤولين إسرائيليين، بحسب ما نقلت الصحيفة.
وبُعيد علمه بالضربة على القنصلية، علم البيت الأبيض أيضاً بهجوم إسرائيلي آخر استهدف فريقاً إغاثياً تابعاً لـ”المطبخ المركزي العالمي”.
في إثر ذلك، وتحديداً في الـ4 من الشهر الجاري، قال بايدن لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، “في اتصال هاتفي متوتر”، إنّ “الدعم الدولي لإسرائيل آخذ في التراجع”، وذلك بعد استهداف الفريق الإغاثي، بحسب مسؤولين.
وقال بايدن لنتنياهو إنّ “إسرائيل بحاجة إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية، وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين”، مضيفاً أنّ بلاده “ستحكم على إسرائيل بناءً على أفعالها”، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن المسؤولين.
لكنه، في الوقت نفسه، أكد لرئيس الحكومة الإسرائيلي أنّ واشنطن تدعم “تل أبيب” ضدّ طهران. وفي هذا الإطار، أمر بايدن وزارة الدفاع الأميركية بـ”تكثيف جهودها لحماية إسرائيل”، وقام الجيش الأميركي بتفعيل خطط سرية للغاية لمساعدتها في الأزمات.
وفي الـ10 من الشهر الجاي، وبينما كان بايدن يستضيف رئيس الوزراء الياباني في البيت الأبيض، سحبه وزير الدفاع، لويد أوستن، جانباً، من أجل الحصول على تصريح يسمح بإعادة توجيه مسار المدمِّرة “يو أس أس كارني”، التي كانت متجهةً حينها نحو مينائها الرئيسي في ولاية فلوريدا.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، انضمّت “يو أس أس كارني” إلى مدمِّرة أميركية أخرى، هي “يو أس أس أرلي بيرك”، في شرقي البحر الأبيض المتوسط، قرب “إسرائيل”، بحيث أصبحت ثمة قدرة كافية لتتبّع الصواريخ القادمة إلى المنطقة وإسقاطها، وذلك باستخدام صواريخ اعتراضية من طراز “SM-3″، والتي لم يتم استخدامها من قبلُ من أجل إسقاط صاروخ باليستي في القتال.
وتم أيضاً نقل حاملة الطائرات “يو أس أس أيزنهاور”، الموجودة في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، قرب “إسرائيل”، بشكل تكون فيه قادرةً على إطلاق الطائرات المقاتلة.
بالإضافة إلى ذلك، توجّه فريق من العسكريين الأميركيين سراً إلى “تل أبيب”، بهدف العمل في مركز عمليات الدفاع الصاروخي، مع نظرائهم الإسرائيليين، وفقاً لما أوردته الصحيفة.
ومع توقّع أن تستخدم إيران طائراتٍ مسيّرة، وصلت قوة كبيرة من الطائرات المقاتلة من طراز “F-15E” إلى المنطقة، حيث شاركت أيضاً طائرات أخرى من طراز “F-16″، متمركزة في المنطقة. وإلى جانب ذلك، وُضعت خطط للطائرات السعودية والأردنية، كما أوردت الصحيفة.
في غضون ذلك، أجرى كبار مساعدي بايدن اتصالاتٍ هاتفيةً، ناشدوا عبرها الحكومات الأخرى أن تطلب من إيران عدم الرد. كما طلب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وليام بيرنز، من نظرائه في أجهزة المخابرات الأوروبية، وعواصم الشرق الأوسط وتركيا، حثّ إيران على الامتناع عن الرد، بحسب الصحيفة.
وفي الـ11 من الشهر الجاري، وصل القائد الأعلى للقيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، إلى “إسرائيل”. وفي حين أراد كوريلا البقاء في “إسرائيل” خلال الرد الإيراني، أمره وزير الدفاع بالخروج، “خشية أن تبدو واشنطن متواطئةً في أي هجوم إسرائيلي”.
وبدلاً من المشاركة من داخل الأراضي المحتلة، واصل كوريلا المشاركة في المداولات من الأردن، بحسب ما أوردته “وول ستريت جورنال”.
وبحلول الوقت الذي وصل فيه بايدن إلى مدينة ريهوبوث بيتش، في ولاية ديلاوير، مساء الـ12 من نيسان/أبريل، ليقضي عطلة نهاية الأسبوع، كان الرد الإيراني أصبح موضع التركيز، فـ”عاد بايدن فجأةً إلى العاصمة واشنطن ذلك المساء”، وفقاً للصحيفة.
“رد يطابق أسوأ سيناريوهات وكالات التجسس الأميركية”
ساد الترقّب لدى بايدن وفريقه للأمن القومي، في الـ13 من الشهر الجاري، حيث تزايد القلق بين المراقبين في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، تزامناً مع ظهور 30 صاروخاً باليستياً إيرانياً يتّجه نحو “إسرائيل”، ثم 60 صاروخاً، ثم أكثر من 100 صاروخ.
وكانت صواريخ “كروز” إيرانية وسرب من الطائرات المسيّرة في الأجواء أيضاً، وتم ضبط توقيت وصولها إلى أهدافها بحيث يتزامن مع وصول الصواريخ الباليستية.
مع بدء الرد الإيراني، ليل السبت – الأحد، تتبّع المسؤولون الأميركيون في غرفة العمليات والبنتاغون الموجات الثلاث من الأسلحة التي غادرت المجال الجوي الإيراني، وعبرت العراق والأردن، متجهةً نحو “إسرائيل”.
وبحسب ما نقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، شكّل حجم الرد صدمةً بالنسبة لهم، على الرغم من التحذير المسبق الذي تلقوه، حيث أعرب مسؤول كبير عن اعتقاده بأنّ مستوى الرد كان “أعلى مما هو متوقع”.
وأمام هذا الوابل الهائل من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، خشي بايدن ومساعدوه أن تُصاب الدفاعات المعزّزة التي أمضوا، برفقة الإسرائيليين، أكثر من أسبوع في إعدادها، بالإرباك، بحسب ما أكدت “وول ستريت جورنال”.
وفي وقت لاحق، قال مسؤولون أميركيون إنّ حجم الرد الإيراني، الذي مثّل الهجوم المباشر لطهران على “إسرائيل” على الإطلاق، “يطابق أسوأ سيناريوهات وكالات التجسس الأميركية”، وفقاً لما نقلته الصحيفة.
“واشنطن تحاول كبح جماع حليفتها”
بعد الرد الإيراني، بات البيت الأبيض “يسعى لكبح جماح حليفته”، بحسب ما أشارت إليه “وول ستريت جورنال”.
وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أنّ بايدن ونتنياهو أجريا اتصالاً هاتفياً مكثّفاً، نصح فيه بايدن رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي كان مع “حكومة الحرب”، بـ”التفكير في خطوته التالية بعناية، وكسب الفوز” (في إشارة إلى المحاولات الأميركية للتخفيف من وطأة الرد الإيراني على “إسرائيل” ومنع الأخيرة من شنّ هجوم من شأنه توسيع الحرب).