فتح الطرق وإنهاء الانقسام مسؤولية مَنْ؟
عبد العزيز البغدادي
ما أصعب التساؤلات وعلامات التعجب حول حالة الانقسام بين اليمنيين واستمرار مطالبة اطراف الصراع باستشعار مسؤولياتهم عن معاناة اليمنيين المتصاعدة منذ ما أسمي ثورة الشباب في 11فبراير 2011 التي خطفت بالمبادرة السعودية المسماة بالخليجية وما تبعها من سيناريوهات ولدت عدوان التحالف السعودي والحصار الجائر والحروب الداخلية وتقطيع الطرقات بين المحافظات اليمنية وأبرزها محافظة تعز، وما سببته من معاناة مستمرة ، ومن المؤسف أن نستمر في تحميل العدوان الخارجي مسؤولية ذلك لأن السبب الحقيقي يكمن في كل الأطراف المتصارعة ، وهذا شبه مسكوت عنه !، ومن يدّعي الشرعية لا يعتبر التدخل السعودي وتحالفه عدواناً، متجاهلاً خطورة تاريخ التدخل السعودي في اليمن وبالذات منذ تدخلها لدعم الملكيين ضد ثورة 26سبتمبرعام 1962.
ومن المفارقات العجيبة أن الملكيين الذين جاءت السعودية لدعمهم ضد الجمهوريين كانوا أكثر وطنية ممن استدعى تحالف العدوان في 26/ 3/ 2015، معتبراً ذلك دفاعاً عن الجمهورية والوحدة والشرعية!! وفيما يلي نبين الأسباب:
1-: أن استعانة الملكيين بالمملكة أمر منطقي ، أما غير المنطقي فهو استدعاء من يسمون أنفسهم جمهوريين للمملكة الأكثر تخلفاً وديكتاتورية في المنطقة والعالم والترحيب والتصفيق للعدوان البشع على وطنهم ، وهو موقف يطرح كثيراً من علامات التعجب !!.
2-: أن عمليات الملكيين في 1962انطلقت ضد النظام الجمهوري من المحافظات اليمنية التي احتلتها السعودية في 1936 جيزان، عسير، نجران، وكانت السعودية مرعوبة وفي حالة دفاع .
3-: تعامل الملكيون مع النظام السعودي الداعم لهم ضد ثورة 26 سبتمبر 1962 تعامل الند للند، وحينما أظهر السعوديون أطماعهم بالمطالبة بجعل معاهدة الطائف نهائية والاعتراف بأن المحافظات اليمنية المحتلة عام 1934سعودية رفض الإمام البدر ذلك وهو لاجئ لديهم، أي أنه لم يقبل منطق التحالف مع الشيطان وحينما كثف السعوديون ضغوطهم عليه غادر السعودية إلى بيروت ثم إلى لندن ليقيم بها حتى وفاته، وهذا موقف وطني لا بد أن يُحسب له عند من يحترم الأمانة التاريخية ويزن الأمور بميزان الإنصاف.
4- : بعد اتفاق الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل في 30أغسطس 1967القاضي بترك اليمن لليمنيين أثبت اليمنيون جمهوريين وملكيين قدرتهم على التفاهم والتصالح فيما بينهم باستقلالية والمحافظة على النظام الجمهوري الذي يمثل الشعب ، وأمام وحدة اليمنيين قبلت السعودية بذلك على مضض مضمرة العمل على خلخلة النظام من الداخل .
5- بين معاهدة الطائف المؤقتة الموقعة في عهد الإمامة وجدة الموقعة في عهد يفترض أنه جمهوري والتي يرى البعض أنها دائمة مع أنها منعدمة لعدم دستوريتها وهذا موضوع بحث، بين الوثيقتين فرق واضح لصالح الأولى ، وهذه ليست دعاية للإمامة لأنها خارج منطق العصر، الحديث عن وقائع تاريخية ، وأكثر صفحات التأريخ عاراً على اليمن ما صنعه رئيس الشرعية المزعومة عبد ربه هادي الذي أخفته السعودية في أحد الفنادق فور وصوله إليها ومازال وشرعت في العدوان على اليمن منذ 26 / 3/ 2015 وحتى الآن لتتحدث وتقاتل باسم الشرعية وتدير المناطق التي احتلتها وأسمتها المناطق المحررة وتتقاسم مع الإمارات الإشراف على الوكلاء ، وتمارسان لعبة الشد والجذب والتكتيكات والاغتيالات وتصفية أحرار الجنوب المعارضين لترتيباتهما، أي أن الإمام قال للسعوديين : اليمن ملك كل اليمنيين وليست ملكي، أما الرئيس الجمهوري جداً فقد تصرَّف تصرٌّف الملاك ، وبعد استهلاك السعودية له أطلق عليه الشارع الجنوبي (عبد ربه مركوز فاضي) وأنهت فصل مسرحيته السخيفة لتنجب من المركوز ثمانية ويجد شعب الجنوب بل الشعب اليمني كله أنهم أقل فائدة من الفاضي!! ،
وبديهي أن حلم البعض بالتغيير للأفضل حلمٌ في الفضاء ببساطة لأنه مولود سعودي، وهل يعقل أن ننتظر الحل ممن هو أساس المشكلة وداعمها ومديرها والمشرف عليها وولي أمر ونعمة من أَطلق عليهم: (مجلس القيادة الرئاسي) ؟؛
ومع كل ذلك يوجد بين اليمنيين من يرحب به وسيطاً!!؛
الأسئلة التي تطرح نفسها ويطرحها الحالمون بمستقبل لبلد كان يوصف بالسعيد كثيرة منها: عن أي قيادة وأي رئاسي أو سياسي تتحدثون؟!،وهل من المفيد والمعقول أن نطالب مستثمري الصراع بأن يستيقظوا ويستشعروا المسؤولية تجاه الوطن وأبنائه وإنهاء الانقسام واستعادة الشرعية الحقيقية (الجمهورية اليمنية ودستورها المستفتى عليه)؟!.
وهل يعقل أن نطالب من يعمل على تمزيق اليمن والمساس بالنظام الجمهوري بفتح الطرقات ، حالة الانقسام مشروع ممول من ثروات اليمن الواقعة تحت سيطرة السعودية والإمارات بفضل ارتماء المستثمر المحلي في أحضانها تنفيذا لمخططات وأجندة قديمة جديدة لشركاء المشاريع الامبريالية في المنطقة، وبعد: فتح الطرق ليس فقط حقاً إنسانياً، بل إن إغلاق الطرق من أبشع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة والعقوبات الجماعية التي لا تنتهي بالتقادم وفق القانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومبادئ الدين والأخلاق، ومطالبتنا لهذه الأطراف بفتحها ليس تسليما بحق من يقطعها في اغتصاب السلطة ومحاولة شرعنة وترسيخ الانقسام البليد خدمة للعدو التاريخي لليمن؟؟!!!
رباه إن القوم تنهب شمسنا * وكلابهم في كل يوم تكثرُ