لماذا يرفض المرتزقة فتح طرقات مأرب وتعز؟
يمانيون – متابعات
تتعالى أصوات النشاز منذ أيام، و تعج مواقع وقنوات وحسابات أتباع السعودية والإمارات بالكذب حول موضوع فتح الطرقات ما بين تعز ومأرب، بما لم يسبق له مثيلا.
ووصل الحال إلى إطلاق تصريحات مزورة عن صنعاء تقول إنها ترفض فتح طرقات تعز ومأرب والضالع، الأمر الذي نفته صنعاء على لسان عضو المكتب السياسي لأنصار الله علي القحوم عبر قناة الميادين.
ويتساءل الجميع هنا : لماذا اختار المرتزقة هذا التوقيت لفتح ملف الطرقات، حيث يشتد حصار العدو الصهيوني على إخواننا في قطاع غزة؟ وتتصاعد وتيرة العمليات اليمنية المساندة لغزة في البحرين الأحمر والعربي؟
لم تكن قصة طرقات تعز أو مأرب أو الضالع أو الحديدة أو غيرها ، إلا موضع اهتمام صنعاء منذ أول يوم للعدوان ومن يدعي غير ذلك فقد جانب الصواب ، وافترى كذبا.
مع طوفان الأقصى وحرب غزة كان مرتزقة التحالف أمام اختبار أصعب مما قد مر، فقد باتوا في موقف لا يحسدون عليه، حيث متاهة السير وتشعب طرق فرقتهم ما بين عمالة جوار وعمالة أجنبي ، إذ لا مصلحة لأحد من أفعالهم غير عدو لنا وعدو لهم ، غير أن أنانية الهدف وسوء القصد تدفع للفجر في الخصومة.
لقد حُشروا في أضيق الزوايا ، فلا صوت لهم ، غير القول بأسوأ ما يقال، بينما صنعاء تكتب فصلاً من تاريخ ثورة وفصلا من تاريخ عروبة وعزة، مثلت غزة عنوانه العريض.
أجندة…ما وراء حصار تعز
لقد أظهرت قصة طرقات تعز ومأرب مرتزقة “العدو” كجماعة نفعية لا صالح لها غير الارتزاق على أوجاع الناس منذ العام 2015م .
والأمر لا يتعلق بمصالح المتخاصمين وأحلام الفصائل ، بل يرتبط بأجندة المحتل الأجنبي.
و بالنظر الى تاريخ الاستعمار مع تعز فإن أهداف العدوان من استمرار حصار هذه المدينة أكبر من تطلعات الداخل وأحلام بقاء السيطرة على شطر المدينة وريفها.
والأكيد أن استمرار رفض كل جهد بذل منذ المراحل الأولى للعدوان عام 2015 في سبيل تحييد طرقات المدينة عن الحرب، يعكس إرادة وأجندة دول الرباعية ؛ الولايات المتحدة الأمريكية ، بريطانيا ، السعودية ، والإمارات.. هذا يرتبط بالقيمة الجيوسياسية لتعز بإطلالتها على باب المندب و بكثافتها السكانية ، وجغرافيتها الفاصلة ما بين شمال البلاد وجنوبها، وهذا ما يفسر أسباب نشر العدوان لجماعات وعناصر “القاعدة” و”داعش”، ودعم مشاريعها التخريبية هناك وفي الجوار، و الهدف أن تبقى تعز قنبلة موقوتة تخدم خطط وأهداف القوى الاستعمارية.
هذه القضية اليوم تستخدم ضد صنعاء ما أمكن ، لحرف إهتمام المتابع عن أحداث غزة وشغل الانتباه عن الدور اليمني المساند، كما كانت تستخدم لصرف أنظار الرأي العام اليمني عن جرائم وانتهاكات الاحتلال وأجندات العدوان في تعز، وبقية المناطق والمحافظات المحتلة.
الثابت أن الإشكال في تعز، يدور حول الطرق المغلقة وهي محدودة ، ترتبط بمناطق تماس جرت فيها مواجهات عسكرية كطريق الحوبان – المدينة ، ولأن الخصوم لا يبحثون عن معالجات إنسانية ترتبط بمشاكل المواطنين بقدر البحث عن مكاسب على الأرض “عسكرية” ، فإن الواقع لن يتغير ، حيث تتشعب قناعات المفاوضين وتضعف جوانب الثقة فيما بينهم، لتفصح نهاية كل مسار تفاوضي حول تلك الطرقات عن فشل ، يتبادل أدوار تحقيقه الخصوم من وقت لآخر، وقد لوحظ هذا في أكثر من مناسبة .
لقد قدمت صنعاء مبادرات لحل إشكاليات المواطنين بتقديم مقترحات لطرق مناسبة،وصولا لفتح طرقات من جانب واحد ، حيث الهدف القريب والأولوية أن يصل أبناء المحافظة ومن يرتادون المدينة في دقائق معدودة إلى وسط المدينة، لكن توظيف العدوان للحدث أن يبقى فشل التفاوض مادة لاستغلالها في إثارة العاطفة الإنسانية لأبناء المحافظة وتحشيدهم الى جبهات القتال للقتال في صف تحالف العدوان ، وهذا سيكون خدمة للأجندة الكبيرة للعدوان.
في العام 2022 كان أبناء تعز متفائلين بعد أن قامت صنعاء بفتح طريق الستين_الخمسين_المدينة لتسهيل مرور الناس من جنوب مدينة تعز إلى شمالها.
تمت تهيئة وفتح الطريق من جانب الجيش واللجان الشعبية، لكن الموقف الصادم للطرف الآخر أنه منع المواطنين من استخدام الطريق بالقوة.
وفي مفاوضات عمان قدمت اللجنة العسكرية الوطنية مبادرة لفتح 3 طرقات شرقية وغربية ومن الجنوب ، الطريق الأول من كرش الراهدة الحوبان يربط ما بين تعز ولحج إلى عدن ، الطريق الثانية منفذ صالة ابعر الزيلعي وهي لا تزيد عن 15 دقيقة وتلغي معاناة 5 ساعات ، والطريق الثالثة أقرب من سابقتها ، الستين الخمسين الدفاع الجوي وهي مسفلتة تستغرق من 5 الى 10 دقائق للوصول.. هذا ما فتح بابا للتساؤل حتى اليوم: لماذا رفضت هذه المبادرة الإنسانية ، حيث كانت هذه الطرق آمنة ومختصرة وبعيدة عن مواقع المواجهة؟
ولماذا يصر أتباع التحالف على الطرقات محل الاشتباك والمواجهة ، كما هو حال اصرارهم على طريق جولة القصر، الذي يشكل جبهة متداخلة بشكل كبير، ما بين الجيش اليمني ومسلحي المرتزقة.
في العموم كانت هناك سلسلة مبادرات قدمتها القيادة السياسية في صنعاء طيلة سنوات العدوان على اليمن لفتح منافذ تعز، حوالى 12 مبادرة كلها رفضت من مرتزقة التحالف، فمحور الارتكاز لدى الخصوم ، تحقيق اختراق بساحة المواجهة ، أو ابقاء الوضع على ما هو عليه، لا حل معضلة المواطنين .
كان طريق وادي الدحي _الذي ينفذ الى بير باشا ومصنع السمن والصابون_ مفتوحا لفترة طويلة وهو مثال واضح لمحاولات استغلال الحدث لبسط سيطرة جماعة تحالف العدوان، فبعد أن كانوا في الدحي أصبحوا في منطقة شركة السمن والصابون عبر هذا الطريق .
في 10 أيلول/ سبتمبر 2015 برز تعاطي الرئيس الشهيد الصماد ، مع مع جماعة الإخوان “وممثلها حمود المخلافي”والوصول مع هذا القيادي المرتزق إلى نهاية طريق التفاوض والقبول بكل شروطه وسرعان ما تنصل عما ألزم نفسه به مرجعاً الأمر إلى رفض سعودي، في أساسه كان رفض أمريكي_سعودي مشترك لأي اتفاق حول تعز، فهذا يتعارض مع أجندة وأهداف السعودية والإمارات والأمريكان في المقام الأول.
مثلها كان اتفاق ظهران الجنوب 10 أبريل 2016 حيث اُفشل بتصعيد تحالف العدوان إعلاميا وعسكريا في جبهات عدة.
حتى الممرات الآمنة في تعز ، يونيو 2016 وتبني منسق الشؤون الإنسانية في اليمن جورج خوري لها ، لم يحالفها الحظ ولم تسلم من تنصل جانب التحالف، باستهداف مواقع “أبو العباس” داخل الباب الكبير، ثم إلقاء التهم على الجيش واللجان الشعبية .
الحال نفسه تكرر من مبادرة الى أخرى مرورًا بمشاورات السويد ومساعي صنعاء لفتح المنفذ الغربي لمدينة تعز (طريق شرعب – المطار القديم) ، الى مبادرة عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي 2022 ، ثم مبادرة الرئيس المشاط 2023م للإدارة المشتركة للمحافظة.
وعلى مسار مبادرات صنعاء،كانت مبادرة قائد الثورة ، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 2021 م ، لفتح طرقات مأرب وإدارة المحافظة عبر أبناء مأرب.
ومع أنها كانت فرصة وعرضا ثمينا لأبناء المحافظة النفطية ، إلا أن الطرف الآخر ظهر غير مكترث بها ، وإلى اليوم يقف عائقاً أمام أي تحرك هناك للأخذ بها بعد إعادة القيادة الثورية والسياسية ، قبل أيام ، طرحها ، الى جانب مبادرة الرئيس المشاط حول تعز.
ما وراء أكمة مبادرة العرادة ؟
ومع الزخم الإعلامي الملفت في تغطية العدوان ومرتزقته لمبادرة العرداة حول مأرب وتجاهل مبادرة محافظ مأرب الشيخ طعيمان تبرز علامات الاستفهام لتساؤلات كثيرة، ما عرضه الكاتب علي الصنعاني حول مبادرات فتح طرقات مأرب الأخيرة يبدو كافيا للإجابة عنها ووضع النقاط على الحروف.
يتساءل الكاتب: لماذا كل هذا الضخ الإعلامي الكبير والتركيز على مبادرة العرادة وتجاهل مبادرة طعيمان إذا كان الهدف تخفيف معاناة المواطنين فقط؟ ولماذا لم تتقبل سلطات مأرب مبادرة صنعاء ، من باب حسن النوايا وازالة الشكوك لو كانت مبادرة العرادة “إنسانية صرفة” كما يقولون؟!
وهل وراء الأكمة ما وراءها في هذا التوقيت تحديدا خاصة وقد سمعنا مطالبات أمريكية من قيادات ما يسمى “الشرعية” بدءًا من رئيسها المرتزق ” العليمي” ومرورا بمعظم أعضاء مجلسها ، للتدخل في اليمن لمواجهة أنصار الله ميدانياً،حيث واشنطن وحلفها على أهبة الاستعداد لمساعدتهم في ذلك؟
ليعود تساؤل الكاتب: كيف سيثق الأنصار بمبادرة نوايا حسنة من مرتزقة هذا ديدنهم؟ حيث تبدو هذه المبادرة بكل وضوح تندرج في إطار المساعدة الداخلية للأمريكي.
وما بين حسن النوايا وخبث المقاصد يقول الكاتب: “إذا ما أراد “الإخوان” إثبات حسن النوايا فقبول فتح طريق خولان صرواح مؤقتا مناسب حتى تنتهي معركة غزة، ويرحل الأمريكي من بحارنا ، أما تجاهل الحديث تماما عن فتح طريق خولان صرواح، فيوحي بأن هناك هدف عسكري خلف هذا الإصرار العجيب، خاصة مع ظهور بن عزيز المرتبط بالأمريكيين ارتباطاً وثيقاً في مشهد مبادرة العرادة وخصوصا خلال هذه الأزمة مع ما له من اتصالات وتحركات مشبوهة خلال هذه الفترة، ولاشك أن هذا الظهور يثير الكثير من التساؤلات حول لماذا هذه الطريق تحديدا؟
لو كانت نوايا “مرتزقة التحالف” صادقة لتخفيف معاناة المواطنين فقط وليس لها أي أغراض أخرى عسكرية أو سياسية لتم التنسيق والاتفاق مع صنعاء عبر مشائخ مأرب على فتحها ، لا الاعلان بهذا الشكل الذي يوحي أن الهدف على أقل تقدير التشويش على موقف صنعاء وأنصار الله المشرف والشجاع من غزة ناهيك عن أن يكون هناك هدف عسكري يرتبط بفرضة نهم ؟
ولو كان الأمر ذا مغزى إنساني لقبل مرتزقة التحالف بطريق خولان صرواح الذي يفي بالغرض الانساني للتنقل بين صنعاء ومأرب ، والذي هو أفضل مليون مرة من طريق الصحراء الحالية.
ومع كل هذا، وعلى وقع الصمود اليمني وتعاظم دور صنعاء وقواتها المسلحة يجد التحالف المعادي نفسه محشورا في زاوية ضيقة حيث تتلاشى حظوظه السياسية ، الشعبية والعسكرية ، حيث لم يكن أمامه إلا ان يخلق حدثا للفت الأنظار والإيعاز لأتباعه وذباب مواقعه بتناول ملف طرقات تعز ومأرب، مع حشد الصور للمزيد من توظيف الحدث على أعلى مستويات الانحطاط والوضاعة.
هذا ما تجده عناصر الارتزاق مادة مناسبة لتبرير الخيانة بينما تجده صنعاء حدثا لا بد من التعامل معه بمسؤولية كما جرت العادة ، ولهذا خرج تأكيد القيادة السياسية لحل المعضلة بروح المسؤولية، وإعادة وضع مبادرتي السيد القائد ورئيس المجلس السياسي كما أشرنا، حول مأرب وتعز على الطاولة من جديد.
وعلى الرغم أنها فرصة كبيرة للمرتزقة إلا أنها لن تؤخذ على محمل الجد، وهذا ما يبدو بوضوح. فمعطيات الأمس واليوم ،تشير إلى نوايا الخصوم.
والأكيد، في أجواء حرب غزة فأن إثارة ذباب التحالف قصة طرقات تعز ومأرب ليس من أجل معاناة الناس، بل السعي للنيل من زخم الالتفاف الشعبي وراء موقف صنعاء العروبي القومي والإسلامي من فلسطين، فعلى مصراعيه فُتح الباب لقطيع المرتزقة لخلق قصص تحاول أن تشغل الرأي العام اليمني، بعيدا عن تفاعلات إسناد غزة فلسطين، فالحنق وصل مستوى غير عادي مع صعود الأسهم اليمنية داخليا وخارجيا، عربيا واسلاميا ودوليا، فيما الشارع اليمني ملَّ احجيات وقصص الاسترزاق بمعاناته، إذ يدرك المواطن البسيط أن معاناته ليست مادة يوظفها تحالف العدوان ومرتزقة العدو فحسب، بل مأساة يعمل على ديمومتها ما استطاع الى ذلك سبيلا.
– المسيرة نت: إبراهيم العنسي