عضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد : ردنا على التصنيف الأمريكي سيكون في البحر الأحمر
يمانيون – متابعات
في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، وتصنيف الولايات المتحدة أنصار الله منظمة إرهابية، أجرت الجزيرة نت حوارا خاصا مع دكتور حزام الأسد، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، للوقوف على مختلف القضايا، من التصنيف الأمريكي، إلى مسار الحرب في اليمن، والمفاوضات مع السعودية، والموقف من القضية الفلسطينية.
وفيما يلي نص المقابلة:
كيف تنظرون إلى قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة منظمة إرهابية والذي دخل حيز التنفيذ الجمعة 16 فبراير/شباط الجاري؟
فيما يتعلق بتصنيف أنصار الله كجماعة إرهابية، نؤكد أن هذا التصنيف مردود على الإدارة الأميركية، فهي منبع الإرهاب الحقيقي.
والولايات المتحدة تأسست على جماجم وجثث الهنود الحمر، السكان الأصليين لأميركا، وهي من ألقت القنابل الذرية والنووية على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، تاركين بصمات إجرامية ووحشية في كل مكان.
ويأتي هذا التصنيف في سياق الابتزاز السياسي لمحاولة ثنينا في الجمهورية اليمنية عن إسناد ونصرة أهلنا في غزة. ولكن، لن تُفلح الولايات المتحدة في مسعاها هذا، فمواقف اليمنيين نابعة من إيمانهم الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وتنطلق هذه المواقف أيضًا من قيمنا وأخلاقنا الإنسانية، في ظل المجازر الوحشية وعملية الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بدعم وإسناد وشراكة من أميركا وبريطانيا والغرب كله.
وعليه، ستستمر عملياتنا العسكرية في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، وكذلك في العمق الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية وبصواريخ الكروز المجنحة والطيران المسيّر حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفك الحصار عنه.
هل تخشون تصاعد المواجهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا خاصة بعد التصنيف الأميركي؟
لا نخشى تصاعد المواجهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، خاصة بعد التصنيف الأميركي لأنصار الله كجماعة إرهابية ولن يثنينا عن نصرة غزة، بل إن أميركا هي من يجب أن تخاف وتقلق، فنحن ثابتون في أرضنا ومتمسكون بقضايانا المحقة والعادلة، مستندون على الله، وعلى شعبنا الذي ينبري بمواقف شجاعة من خلال المسيرات والتظاهرات المليونية.
نُضيف إلى ذلك مواقف قيادتنا الشجاعة والجريئة والصادقة في مسار نصرة أهلنا في غزة.
إن موقف أميركا هو موقف الضعف، ولجأت إلى هذا التصنيف بعد فقدان حيلتها، بعد أن استخدمت كل الوسائل السياسية والعسكرية، والترغيب والترهيب، واستهدافها لسيادة اليمن وقصفها لبعض المناطق في الجمهورية اليمنية.
هل تعتقدون أن المواجهة العسكرية الجارية في البحر الأحمر والضربات الأميركية على المدن اليمنية ستتوقف في حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
سنواصل استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر حتى يتوقف العدوان على غزة، أما بشأن عملياتنا العسكرية ضد السفن والمصالح الأميركية فهي ستستمر حتى ينال الشعب اليمني حقه في الرد المشروع والمكفول، لاسيما وقد تجرأت الولايات المتحدة وبريطانيا باستهداف الشعب اليمني وسيادته، وقيادتنا هي من تقرر متى وأين وكيف ستنتهي هذه المعركة، فالأميركي هو من بدأها، ولكننا في اليمن من سيقرر نهاية هذه المعركة.
وبالنسبة لقواعد الاشتباك، فقد أرادت الولايات المتحدة أن تفرض قواعد تراها مناسبة وملاءمة لها ولطبيعتها العسكرية في المنطقة، ولكن نحن وقيادتنا وقواتنا المسلحة هي التي تفرض قواعد الاشتباك، وتراها رادعة في هذا الشأن.
في ضوء قواعد الاشتباك هناك مصادر يمنية تحدثت أنكم ستنتقلون من مرحلة التحذير الناري للسفن إلى الضرب المباشر والإغراق، فهل هذا سيكون مرحلة تالية لما بعد الحرب في غزة؟
إن معظم الضربات التي تنفذها قواتنا البحرية هي في مسار التحذير والإنذار للسفن بعدم المرور عبر البحر الأحمر أو الوصول إلى كيان العدو الإسرائيلي، ولذلك نجد أن العدو الإسرائيلي وأميركا وبريطانيا تلجأ إلى استجلاب فرق بحارة من جنسيات مختلفة لإدارة سفنها، وترفع أعلام بلدان أخرى ونحن مدركون لهذا الأمر.
وقد تشهد المرحلة المقبلة تصعيدا لافتا من خلال اتساع قواعد الاشتباك، أو من خلال العمليات النوعية التي نستهدف بها المصالح والسفن الأميركية والبريطانية.
كيف ترد على من يقول إن هجماتكم في البحر الأحمر أثرت حتى على اليمن خاصة دخول السفن التجارية موانئ الحديدة مما سينعكس سلبا على المواطنين من ناحية ارتفاع الأسعار وتداعيات اقتصادية على الشعب اليمني؟
يُعاني الشعب اليمني من حصار جائر منذ 9 سنوات، ولم يُسمح بدخول سوى بعض الشحنات بشكل اعتيادي.
وتحاول الولايات المتحدة الآن فرض حصار شامل على اليمن، ظنًا منها أنه سيؤثر على وصول الشحنات، لكن هذا لن يمر دون رد.
لدينا إجراءات وردود مكفولة في حال فرض حصار شامل، وسنرد على أي محاولة أميركية للتأثير على وصول الشحنات إلى اليمن.
وعلى الرغم من الحصار، لا تزال هناك حركة طبيعية في ميناء الحديدة، وكذلك في البحر الأحمر، ذهابًا وإيابا إلى جميع الوجهات، باستثناء العدو الصهيوني وموانئ فلسطين المحتلة.
وهناك بعض الشركات التي خضعت للإملاءات الأميركية والبريطانية، ونتيجة لذلك، تواجه العديد من الشركات تهديدات ووعيدًا من البحرية الأميركية بعدم مرور سفنها عبر البحر الأحمر وخليج عدن، والتوجه إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً من ذلك.
وتحاول بعض البوارج الأميركية والبريطانية الاحتماء بالسفن التجارية وإطلاق صواريخ من جوارها حتى تصاب بصواريخنا، وحتى تتوسع دائرة الحرب، وتخرج عن إطارها وهو مساندة القضية الفلسطينية ومواجهة السفن الإسرائيلية ومنعها من عبور البحر الأحمر.
هناك مطالبات دولية من بعض الدول الأميركية والأوروبية وحتى العربية بإقامة دولة فلسطينية على أسس حدود عام 1967 ضمن مبدأ حل الدولتين. فما موقفكم؟
نحن نتبنى قضية فلسطين من البحر إلى النهر، وهي قضية عادلة ومحقة، وهي لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية تخص الأمة بشكل عام، وإن كان هنالك تنازلات، فقد قدمت أكثر من هذه التنازلات ليس فقط من خلال المبادرات أو مسارات التطبيع، ولكن من تحت الطاولة ومن فوقها، وهناك حالة من الارتماء المخزي والمخجل من بعض الأنظمة العربية للأسف.
وبالنسبة لإخواننا في حركات المقاومة والشعب الفلسطيني بالتأكيد لا يرتضون بالمهانة أو الذلة ولا أن تقتطع أراضيهم، وهنالك جزء كبير من اللاجئين في المخيمات في غزة والضفة، وفي كثير من مناطق الشتات في العالم هم من أبناء فلسطين الداخل عام 1948، وبالتالي لا يرتضي أي دين أو قوانين دولية أن يشرد ويطرد شعب فلسطين، ويستجلب قطاع مستوطنين من مختلف أصقاع العالم ليحتلوا أرضهم.
هل يعني هذا أنكم لا تقبلون المبادرة العربية “السلام مقابل الأرض” التي أقرتها قمة بيروت عام 2002؟
نحن لا نرتضي بمسار التطبيع الذي تحاول أن تسوقه بعض الأنظمة وفقا للإملاءات والضغوط الأميركية.
إن الكيان الإسرائيلي أو الصهاينة بشكل عام لا يرون إلا مبدأ القوة، وهذا مجرب بالواقع، وفي القرآن الكريم ومنهجيتنا القرآنية، فإن هؤلاء اليهود والغاصبين لأرض فلسطين لا يرتدعون إلا بمسار القوة والجهاد والمقاومة والتضحية والاستبسال.
أما موضوع أن الصهاينة سيتنازلون عن أرض احتلوها أو سيقدمون شيئا من هذا القبيل، فلن يتأتى ذلك، ولن يحدث أي مسار تسوية في المنطقة، لا سيما ونحن في مواجهة من حكى الله عنهم أنهم عناصر شر وعداء وفساد، ولا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمة.
مساندتكم للمقاومة في غزة ومنع السفن من عبور البحر الأحمر قد زاد شعبية الحوثيين في اليمن والوطن العربي والعالم، هل يمكن استغلال ذلك داخليا وفي عمليات التسوية السياسية والسلام؟
تنطلق مواقفنا من مبادئنا الإيمانية القرآنية، وهي جزء لا يتجزأ من منهجيتنا في أنصار الله.
نحن في اليمن شعب ذو هوية إيمانية، وتبنينا للقضية الفلسطينية هو مرتكز رئيسي عندنا، ولا نطمح بذلك إلا لرضى الله -سبحانه وتعالى- ونصرة أهلنا في غزة.
وكون القضية الفلسطينية مشرفة، فإنها تحظى بكثير من الحضور والترحاب في الداخل اليمني، وعلى المستوى العربي والإسلامي والإنساني. وهذا بحد ذاته يجب أن تلتفت له الأنظمة العربية والإسلامية، ونقول لهم: إن المواقف المشرفة تكمن في تبني مظلومية الشعب الفلسطيني.
أما بالنسبة لمساراتنا في الداخل اليمني، فنحن مع السلام ومع التعايش المشترك بيننا كيمنيين بشكل عام، وعلى مختلف الجهات اليمنية والمكونات السياسية. ونحن على هذا المسار منذ الوهلة الأولى، وقبل أن يشن العدوان علينا.
وقد أكد المبعوث الأممي لليمن الأسبق جمال بن عمر -في تصريحاته وإحاطته لمجلس الأمن الدولي- أن اليمنيين كادوا أن يكونوا على وشك التوقيع على اتفاق لإنهاء الأزمة قبل أن يشن العدوان علينا. وما زلنا في مسار التسوية الداخلية، وكذلك الشراكة المجتمعية والسياسية.
ألم تؤثر الأحداث الدائرة في اليمن والبحر الأحمر وخليج عدن على جهود التسوية السياسية بين جماعتكم والحكومة اليمنية، وجهود الوساطة التي تقودها السعودية والمبعوث الأممي هانز غروندبرغ؟
طبعا الولايات المتحدة لها أذرع في المنطقة، وهناك ضغوط أميركية تسعى بكل الوسائل للضغط علينا لنوقف إسنادنا لأهلنا في غزة سواء من خلال ما لوحت به أنها ستفشل أي تسوية سياسية في اليمن وهو أمر مخجل ومخز ليس فقط بحقها، بل بحق أدواتها الإقليمية والمحلية.
ألا تخشون تصاعد الأحداث، فربما تلجأ أميركا وبريطانيا إلى التصعيد خاصة على الساحل اليمني من خلال تحريك قوات يمنية للسيطرة على سواحل اليمن على البحر الأحمر لحرمان الحوثيين من منفذ وشريان هام جدا؟
نحن ننطلق من إمكانياتنا وقوتنا التي امتن الله بها علينا على الصعيد الشعبي والإيماني والتسليحي، ومن خلال ما تمتلكه قواتنا المسلحة في مسار التصنيع والإنتاج العسكري، لا سيما أسلحة الجيل الرابع والخامس، خصوصا في منظومات الصواريخ الباليستية والمجنحة الكروز ومختلف أنواع الطيران المسير، والصواريخ البحرية، التي استهدفت بها بدقة عالية وقدرات كبيرة جدا ومتفوقة وبمديات طويلة وبقدرات تدميرية كبيرة.
وهنالك الكثير من المفاجآت ستنتظر العدو إن حاول يصعد أو يزيد استفزازه للشعب اليمني والقيادة والجيش اليمني.
هل هناك دول عربية أو إسلامية أيدت موقفكم بمنع مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر؟
فليكن السؤال هل هنالك دول عربية وإسلامية عارضت مواقفنا.. لا توجد حتى الآن.
كان هناك موقف رسمي من جيبوتي بتأييد موقف أنصار الله في البحر الأحمر؟
حتى الدول المطبعة مع كيان العدو لم نلحظ هنالك أي موقف مضاد لعملياتنا العسكرية في البحر الأحمر لمواجهة السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة أو للمواجهة والتصدي والرد على الغطرسة الأميركية، ولكن على الصعيد العام هنالك مواقف تأييدية بشكل عام من الشعوب العربية والإسلامية.
والموقف الجيبوتي مشكور، لا سيما في إطار رفضه للإدارة الأميركية أن تنصب منصات إطلاق صواريخ، أو تكون جيبوتي منطلقا لاستهداف اليمن، وهذا شيء إيجابي ويشكرون عليه.
هل المحادثات بين جماعتكم والسعودية وصلت إلى طريق مسدود أم أن هناك آفاقا مستقبلية خاصة في ضوء تصريحات وزير الخارجية السعودية بأن ما يجري في البحر الأحمر مرتبط بما يجري في غزة؟
بالنسبة لمسارات التفاوض مع الجانب السعودي مستمرة، وهنالك خطوات إيجابية وملموسة، ونأمل أن يصل الوضع إلى اتفاق وشيك إن شاء الله.
وبشأن ربط ما يجري في البحر الأحمر بما يجري في غزة هو أمر منطقي وواقعي، وهو بالفعل ما حدث حيث لم تأت عملياتنا في البحر الأحمر إلا بعد أحداث غزة، وهو ما تحدث به السيد عبد الملك الحوثي.
المصدر : الجزيرة