ممثّلُ حركة الجهاد الإسلامي في اليمن: البحرُ الأحمر أصبح اليوم قراراً يمنياً ولم يعد مرتعاً للأساطيل الأمريكية والإسرائيلية
بركة: اليمنُ بعد موقفه المساند لغزة أصبح رقماً كَبيراً يُعمل له ألف حساب
أكّـد ممثِّلُ حركة الجهاد الإسلامي في اليمن، أحمد بركة، أن “ارتباطَ اليمن بالقضية الفلسطينية عميقٌ، وأن الكيانَ الصهيوني خَسِرَ الكثير؛ بسَببِ استهدافِ القوات المسلحة اليمنية لمصالحِه في البحر الأحمر”.
وقال بركة في حوار صحفي أجرته معه صحيفة “المسيرة”: إنَّ “واشنطن تتعامَلُ مع الأحداث في المنطقة بازدواجيةٍ مجحفةٍ”، مشيداً بالخروج المليوني للشعب اليمني في الساحات اليمنية كُـلّ جمعة، مؤكّـداً أهميتَها الكبيرةَ في دعمِ العملياتِ العسكرية اليمنية، وللمقاومة التي تخوضُ المواجهةَ على الأرض في قطاع غزة.
نص الحوار:
– بدايةً.. كيف تقيِّمون الموقفَ اليمني المسانِدَ لغزةَ على كافة المستويات والإصرار على ذلك رغم المخاطر والتهديدات الأمريكية؟
علاقةُ اليمن بالقضية الفلسطينية وطيدةٌ، والموقفُ اليمنيُّ في دعم الحَقِّ الفلسطيني والمقاومة تاريخيٌّ، وكان الصوتُ اليمنيُّ مرتفِعاً في الوقوف مع الشعب الفلسطيني في كُـلِّ محطات الصراع مع العدوّ الصهيوني، وموقفُه متقدمٌ على الكثير من الأنظمة في المنطقة والإقليم بالرغم مما يتعرَّضُ له اليمنُ من عدوانٍ منذ تسع سنوات، وهذا يؤكّـدُ أصالةَ الموقف اليمني وصدقَ التوجّـه اليمني الرسمي والشعبي في دعم فلسطين، وتُرجِمُ الموقفُ بإعلان القوات المسلحة اليمنية تنفيذَ عمليات عسكرية استهدفت منطقة أُمِّ الرشراش “إيلات المحتلّة” وتوسيع العمليات العسكرية في البحر الأحمر؛ لتعطيل الملاحة الصهيونية والمتَّجِهة إلى فلسطينَ المحتلّة، وهذا الموقفُ سيظلُّ محلَّ تقدير كُـلّ الفلسطينيين وسيسجِّلُه التاريخُ لليمن وشعبه العزيز ولقيادته الثورية ممثلةً بالسيد عبد الملك الحوثي -يحفظُه الله-.
– برأيكم.. هل يمكنُ أن يغيِّرَ اليمنُ من موقفِه المسانِد لغزةَ بعد التدخل الأمريكي البريطاني المباشر وتوجيه ضربات على اليمن؟
العدوانُ الأمريكي البريطاني مرتبطٌ بالموقف اليمني الداعم والمسانِدِ لفلسطين والمقاومة، وبالتالي تحاولُ أمريكا وبريطانيا إعادةَ هيبتهما في المنطقة بعد أن فقدتهما؛ بفعلِ الضربات البحرية اليمنية، ونجاحِها في تحقيق معادلة هامة في إطار معركة (طُـوفان الأقصى) ودعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والعدوانُ لن يحقّقَ لواشنطن هيبةَ الردع التي فقدتها في البحر الأحمر وكلّ المنطقة، واستمرارُ عدوانها على اليمن لن يثنيَها عن مواصلة إسناد المقاومة وهذا موقفٌ ثابتٌ ومبدئي لدى اليمن.
– في هذه الجزئية.. ما الرسالةُ التي تودون إيصالَها للعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن؟
تعرضت اليمنُ خلال ما يزيد عن 8 سنوات إلى عدوانٍ همجي شاركت فيه أكثرُ من 17 دولة؛ مِن أجل ضربِ الإرادَة اليمنية، ومع ذلك فقد خرج اليمن العزيز قوياً متماسكاً ممتلكاً قراره؛ لهذا كان على العدوان الأمريكي البريطاني أن يستلهمَ الدروسَ والعِبَرَ من هذا العدوان ولا يكرّرَ الفشلَ الذي مُنِيَت به دولُ تحالف العدوان على اليمن، والتي كانت أمريكا وبريطانيا ضمن دول هذا العدوان، لكن غرور القوة لدى هذه الدول الاستعمارية صوَّرَ لهم أن بإمْكَانهم تركيع كُـلّ الدول التي تخالفهم الرأي إلا أن اليمن الذي أثبت سابقًا قوةَ إرادته ها هو اليوم مرةً أُخرى قويُّ الإرادَةِ ومستقلُّ الموقفِ وَثابتُ الوقوفِ مع مظلومية الشعوبِ، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني التي تعتبره اليمنُ قضيةَ عقيدة ومبدأ لن تتخلَّى عنه مهما كانت حجمُ التضحيات.
– أمريكا وخلال تعاطيها مع اليمن تحاولُ إقناعَ المجتمع الدولي بالتعامل مع روايتها المتمثلة بفصل أحداث البحر الأحمر عن أحداث غزة.. ما تعليقُكم على ذلك؟
واشنطن تتعاملُ مع الأحداث في المنطقة بمعاييرَ مزدوجة؛ ففي الوقت التي ترى فيه أن الكيان الصهيوني يدافع عن نفسه، ترى أن ما تقوم به المقاومة واليمن عملٌ إرهابي يهدّد الملاحة الدولية، وهذا يفضح الازدواجية التي تمارسها واشنطن في المنطقة، ومحاولات الفصل هذه تهدفُ إلى تأليب الدول الكبرى للانضمام إلى تحالفها البحري؛ لردع العمليات العسكرية اليمنية، وكلّ تلك المحاولات فشلت لوضوحِ الموقف الأمريكي الداعم للكيان وهو شريكٌ في كُـلّ المجازر التي تُرتكَبُ في قطاع غزة.
– السيدُ القائدُ في أكثرَ من خطاب ومناسبة يؤكّـدُ ويطمئنُ كُـلَّ الدول على سلامة حركتها التجارية في البحر الأحمر.. وهو عكسُ ما يروِّجُ له الأمريكان.. ما دلالة ذلك من وجهة نظركم؟
كان الهدفُ الأولُ للعمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر هو استهداف المصالح الصهيونية وتلك التي ترتبط بها، وهذا ما صرَّح به قائدُ الثورة السيدُ عبد الملك الحوثي -يحفظه الله-، حَيثُ أكّـد أن هذه المصالحَ مستهدَفةٌ ما دام الشعب الفلسطيني في غزة يعاني من القتل والحصار، وهذا ما التزمت به القواتُ اليمنية؛ فلم يُسجَّلْ أيُّ استهداف لسفن بعيدة عن الكيان الصهيوني؛ مما يؤكّـد مصداقية قيادة القوات المسلحة اليمنية التي طمأنت منذ اللحظة الأولى كُـلَّ السفن غير المرتبطة بالكيان الصهيوني بأنها غيرُ مستهدَفة، وهذا ما أكّـدته الكثيرُ من شركات النقل البحري؛ مما يدحضُ زيفَ الادِّعاءات الأمريكية والبريطانية بأن اليمنَ يستهدفُ الملاحةَ في البحرَين الأحمر والعربي.
وهنا لا بدَّ على الكيانِ الصهيوني ومن يقفُ وراءه أن يستجيبَ للقرار اليمني الحازم بوقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة إن أراد لسفنِه أن تمُرَّ من البحر الأحمر؛ فالبحر الأحمر اليوم أصبح قراراً يمنياً ولم يعد كما السابق مرتعاً للأساطيلِ الأمريكية والإسرائيلية وغيرها من دول الاستكبار.
– ما تأثيرُ العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية على العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة؟
الكيانُ الصهيوني خَسِرَ الكثير؛ بسَببِ استهدافِ مصالحه في البحر الأحمر، وهذا باعترافِ الكيان نفسه؛ فميناءُ أُمِّ الرشراش “إيلات” أصبح لا يستقبلُ سُفُنَ البضائع القادمة للكيان، واستبدلها إما بالدوران عبر إفريقيا مُرورًا برأس الرجاء الصالح أَو الخط البري عبر ميناء دبي مُرورًا بالسعوديّة والأردن، وهذا يكلِّفُ الكيانَ الصهيوني أموالاً طائلة ووقتاً طويلاً في وصول البضائع إليه، وهذا بكل تأكيد سيؤثر على الاقتصاد الصهيوني الذي واجه خسائرَ كبيرةً منذ إعلانِ القوات المسلحة اليمنية ضرب مصالح العدوان على فلسطين.
ومن جانبٍ آخرَ فقد الكيانُ هيبتَه المصطنعة التي طالما تفاخَرَ بها أمام العالم، وكذلك الإدارة الأمريكية التي فشلت هي وبريطانيا في حماية مصالح الكيان الصهيوني الاقتصادية وغيرها.
– كيف ترَون الحراكَ والجهدَ الشعبي اليمني عبر المسيرات المليونية التي تملأُ الساحاتِ يومَ الجمعة من كُـلّ أسبوع؟
الشعب اليمني كان حاضرًا منذ الساعات الأولى لانطلاق معركة (طُـوفان الأقصى) ومباركاً لها، ورأى العالم الطوفان البشري في اليوم الأول بالعاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية، ولا يزال اليمنيون حاضرين في الساحات في كُـلّ يوم جمعة، وما يميز الحضور الشعبي اليمني هو موافقتُه للموقف الرسمي، وهذه حالةٌ فريدةٌ لا توجدُ في المنطقة والعالم، وله أهميتُه الكبيرةُ في دعم العمليات العسكرية اليمنية، وللمقاومة التي تخوضُ المواجهةَ على الأرض في قطاع غزة.
الشعبُ اليمني كان حاضراً كذلك في الجانب الاقتصادي، من خلال المقاطعة الشاملة للمنتجات الأمريكية والصهيونية، والدعم المالي اللامحدود الذي يقدمُه؛ استجابةً لتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، رغم ما تعانيه اليمن من عدوان وحصار؛ وهذا ما يجعلُ الدعمَ الشعبي اليمني متفوقاً على غيره في المنطقة والعالم.
– ما تقييمُكم للموقف العربي تجاه ما يحدُثُ ويتعرَّضُ له قطاع غزة من عدوان إجرامي صهيوني لا مثيلَ له؟
الموقفُ العربي يعرفُه الفلسطينيون وكُلُّ الأحرار جيِّدًا؛ فبهوان الموقف العربي احتُلت فلسطين، وبضَعفِ الموقف العربي تتعرضُ فلسطينُ إلى مذابحَ منذ أكثر من 75 عاماً من احتلال الكيان الصهيوني لها، هذه الدولُ العربية التي تنضوي تحت ما يسمى بجامعة الدول العربية والتي أنشأتها بريطانيا لا نتوقعُ منهم شيئاً، وكلّ ما نتمناه منهم ألا يشاركوا الكيانَ الصهيوني عدوانه على قطاع غزة.
أما أن يكونَ لهم موقفٌ في لجم العدوان الصهيوني فهذا ما لا نتوقَّعُه ولا نعوِّلُ عليه، ونحن نعوِّلُ على الله -عزّ وجل- وعلى الشعوب الحرة في محور المقاومة وعلى رأسها الشعب اليمني وقيادته الشجاعة، وبعون الله سننتصرُ رغم أننا نبدو قلةً؛ لأَنَّنا نمتلكُ الإرادَةَ والحقَّ والقوةَ في مواجهة الظلم.
– كيف أثَّرت عمليةُ (طُـوفان الأقصى) على مسألة التطبيع العربي مع كيان العدوّ الصهيوني؟
كان العدوُّ الصهيوني يتهيَّأُ لأخذ المنطقة كُلِّها عبر ما يسمى بتطبيع العلاقات أَو الاتّفاقيات الإبراهيمية، لكن معركة (طُـوفان الأقصى) ومن ضمنها الدور اليمني العظيم في هذه المعركة أفشلت هذه الخطةَ الجهنمية، وفضحت أُولئك الذين طبَّعوا مع الكيان والذين كانوا في طريقهم إلى التطبيع، والآن الكيانُ الصهيوني ومن يقف معه من بعض أنظمة المنطقة يعاقبون الشعبَ الفلسطيني وداعميه على إفشالِهم لمؤامرةِ التطبيع الخبيثة والتي كانت ستشملُ كُـلَّ دول المنطقة بلا استثناء، وأظنُّ أن خُطَّةَ التطبيع قد تراجعت كَثيراً وأن العودةَ إليها في الوقت الحاضر يكادُ يكونُ مستحيلاً.
– كلمة تحبون توجيهَها لليمن قيادة وشعبًا؟
اليمنُ الآن لا يحتاجُ إلى كلمات الشكر والتقدير أكثرَ من احتياجه إلى وقوفِ كُـلّ شرفاء الأُمَّــة مع موقفه الإسلامي والعربي الشجاع الذي عبَّر من خلاله على وقوفه الحقيقي مع الشعب الفلسطيني وحقوقه، ومع ذلك فنحن نتقدمُ باسم الشعب الفلسطيني وكلّ أحرار العالم بالشكر والامتنان لهذا الموقفِ الأصيل ولقيادته الشجاعة ممثلةً بسماحة السيد عبد الملك الحوثي، والحكومة اليمنية والشعب اليمني الذي يشتاقُ إلى قتالِ العدوّ على أرض فلسطين، ونقول بأن اليمنَ بعد هذا الموقف أصبح رقماً كَبيراً يُعمَلُ له ألفُ حساب في المنطقة، حَيثُ قام نيابةً عن الأُمَّــة باتِّخاذ هذا الموقف العظيم في الوقوف مع مظلومية الشعب الفلسطيني وحقوقِه المشروعة في أرضه ومقدَّساته.
– كلمة أخيرة؟
ختامًا نترحَّمُ على شُهداء فلسطين وشهداء اليمن الذي ارتقَوا على طريق القدس وكلّ الشهداء الذي ارتقوا دفاعاً عن مظلومية الشعب الفلسطيني في جنوب لبنان وفي العراق، ونتمنَّى للجرحى الشفاءَ العاجلَ، وأن يعود أُولئك الذين هُدمت بيوتُهم آمنين إلى مساكنهم، كما نتمنى الفِكَاكَ للأسرى وعودتهم سالمين إلى أهليهم، ونقول بأن العدوَّ قد فشل في كسر إرادَة الشعب الفلسطيني وإخوانِه في محور المقاومة، وعلى العدوِّ الصهيوني أن يبدأَ الآن في حِسَابِ أيامِه؛ فأيامُه أصبحت قليلةً في منطقتنا، والنصرُ عليه أصبح مسألةَ وقتٍ بعونِ الله.