مثلث عدن ــ أبين ــ مأرب: إحباط الغزو البري
لن تسقط عدن بيد السعودية وأدواتها. هدف معلن لمعارك باتت تمتد من محور عدن ــ أبين جنوباً (الواقع تحت مرمى بوارج غير محددة)، وصولاً إلى مأرب في الشمال الشرقي. المطلوب: إقفال الأبواب، جنوباً، أمام فرض واقع سياسي يريده فريق الرياض… يبدو بأي ثمن
صنعاء |
في وقتٍ أصبح فيه الجيش و«اللجان الشعبية» يسيطران بصورةٍ شبه كاملة على محافظتي عدن ومأرب، يحاول العدوان تأخير الحسم ولا سيما في عدن، التي يعوّل عليها في عمليةٍ برّية محتملة.
ويبدو واضحاً أن استمرار غارات العدوان السعودي، وتركيزها على المناطق الجنوبية والسواحل الغربية والجنوبية، يرميان إلى تقطيع أوصال وجود الجيش و«اللجان الشعبية» في تلك المناطق وعزلها عن العمق اليمني وعن بعضها بعضا كذلك، في سياق تهيئة مكان ما لغزو بري أو بحري لإعادة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وحكومته، في ما يبدو متسقاً مع الأنباء عن قرب إنشاء مجلس عسكري في عدن ينظم جبهة المقاتلين من أنصار هادي تمهيداً لعودته. الأمر الذي يعده خبراء عسكريون غير واقعي في ظلّ سيطرة الجيش و«اللجان الشعبية» شبه الكاملة على عدن، مع بقاء حضرموت التي تخضع لسيطرة «القاعدة» حالياً خياراً أكثر واقعية لإعادته، في محاولة أخيرة للسعودية لتبدو بمظهر «المنتصر».
وأكدت مصادر محلية تواصل الاشتباكات في مناطق التواهي ودار سعد والمنصورة والقلوعة في عدن، بينما قال عقيد في الجيش اليمني في حديثٍ إلى «الأخبار»، إن «المعركة في عدن لم تحسم كلياً بعد، فيما باتت منطقة المنصورة على وشك الحسم».
وأضاف أن الاشتباكات بين الجيش و«اللجان الشعبية» من جهة، و«القاعدة» وميليشيات هادي من جهة أخرى، لا تزال مستمرة عند منطقة جولة حجيف الواقعة بين التواهي والمعلا، مشيراً إلى أن المعلا قد حسمت منذ أسابيع غير أن غارات طائرات العدوان لم تتح للجيش و«اللجان» الاستقرار والتقدم بسهولة باتجاه التواهي. وفي ما يتعلق بإمكانية إنشاء مجلس عسكري في عدن، أكد العقيد أن «عدن باتت شبه محسومة عسكرياً، وإن كان من الصعب إنهاء العمليات الهجومية المتفرقة على يد عناصر القاعدة وهادي، ولا سيما في ظل استمرار الغارات».
وأوضح المصدر العسكري أنه «إذا لم يسرع الجيش واللجان الشعبية في حسم التواهي في أقرب وقت، فإن بإمكان العدوان إنشاء مجلس عسكري في مقر المنطقة العسكرية الرابعة بالتواهي التي لا تبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن الاشتباكات»، لافتاً إلى أن «المنطقة العسكرية لا تزال تقف على الحياد»، الأمر الذي يمكن اعتباره تأييداً للعدوان.
وكانت غارات العدوان قد جددت قصفها أمس، على قصر المعاشيق في عدن (مقر هادي سابقاً) ومحيطه ومنطقة العين ومثلث شوبرة، إضافة إلى تعرض سواحل خور مكسر والمعلا وجزيرة العمال وجبل حديد والميناء لقصف مدفعي عنيف من بوارج تابعة التحالف ترابط في خليج عدن.
وتحدثت أنباء عن توتر بين بارجة أميركية وأخرى إيرانية كانت قد حاولت الاقتراب من سواحل عدن، وأفضى التوتر إلى انسحاب البارجة الإيرانية مقابل عدم تحرك الأميركية باتجاه السواحل. وفي وقتٍ كان قد احتفى فيه ناشطون يمنيون بدحر بوارج كانت قد تقدمت نحو سواحل عدن، أكد العقيد في الجيش اليمني في حديثه إلى «الأخبار»، أن «بوارج مصرية وسعودية حاولت في ساعةٍ متأخرة بعد منتصف ليل أمس الاقتراب من ساحل أبين في خور مكسر في عدن وجرى إجبارها على التراجع بعد مواجهتها بقذائف الكاتيوشا والمدفعية من مواقع الجيش واللجان الشعبية المرابطة هناك»، فيما لم يستبعد أن تكون تلك التحركات البحرية مجرد جسّ نبض لاختبار جاهزية القوات و«اللجان» في إطار الإعداد لزحف من جهة البحر.
وفيما تؤكد مصادر أمنية في محافظة عدن أن غارات العدوان السعودي الليلة الماضية على المدن الساحلية في محافظتي عدن وأبين، استهدفت منشآت عسكرية وأمنية منها إدارة الأمن والبحث الجنائي والمجلس المحلي ومعسكر بدر وحرم المطار الدولي في عدن ومقار عسكرية وأمنية في شقرة محافظة أبين، يرى مراقبون أن هذا مؤشر على أن أهداف العدوان حالياً ترمي إلى إضعاف الجيش و«اللجان الشعبية» على الأرض والحيلولة دون استقرارهم في المنطقة الساحلية الاستراتيجية، عدن ــ أبين، الذي يحول دون إمكانية تحقيق الهدف الأساسي من العدوان وهو إعادة هادي إليها وإنشاء قوة عسكرية تحميه.
وفيما يبدو أن التحرك باتجاه تحقيق الحدّ الأدنى من الانتصارات السعودية جارٍ على قدم وساق، تكثف الطائرات السعودية تمشيط المناطق الساحلية، في سياق البحث عن أرضية مناسبة لإجراء عمل عسكري برّي داخل اليمن. ويرى خبراء عسكريون أن تحرك الجيش السعودي على الحدود الشمالية، يأتي في سياق محاولة تخفيف الوجود العسكري للجيش و«اللجان» في الجنوب عبر خلق حالة تقتضي استدعاء المجموعات من عدن إلى صعدة و حرض. وكانت مصادر عسكرية في المنفذ الحدودي الشمالي، حرض، قد أكدت لـ«الأخبار» أن رسائل وصلت من طرف الجيش السعودي للمرابطين على المنفذ تطالبهم بإخلاء المواقع، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض.
جاء ذلك في وقتٍ يتقدم فيه الجيش و«اللجان الشعبية» في محافظة مأرب بعد سيطرتهما على معسكر اللواء 312 «كوفل»، في وقتٍ بات فيه الجيش و«اللجان» على مسافة 6 كيلومترات من مدينة مأرب، التي من المتوقع أن تجري السيطرة عليها خلال الساعات المقبلة. ويفسر ذلك تكثيف العدوان قصفه لمأرب، في سياق محاولات تخفيف الضغط على جبهة عدن وأبين.