زمنُ الاستضعاف في طريقِه إلى الزوال
منذ أن وقعت البلدانُ العربيةُ تحتَ وطأةِ الاحتلال الخارجي أصبحت مستضعَفةً خاضعةً للمحتلّ، لا لها قول أَو فعل في الشأن العام؛ فعملت الشعوب بجد لتحقيق استقلال بلدانها وطردِ المحتلّ من أراضيها، وتمكّنت من تحقيقِ ذلك الأمل بخروج المحتلّ من كافة الدول العربية، باستثناء فلسطين الذي خرج منها المحتلُّ البريطاني وسلَّمها للمحتلّ الصهيوني بتواطؤ من الدول الكبرى.
وبعد أن صعدت قياداتٌ وطنيةٌ إلى السلطة في الدولِ المستقلة، توقَّعت الشعوب أنها أصبحت حُرَّةً، وأن تلك القيادات سَتكرِّسُ جهودَها لخدمة الأوطان، ولكن ما حدث هو العكس فقد أصبحت القياداتُ الوطنية مرتهنةً للمحتلّ الجديد غير المباشر وسلّمته قرارَ دولها وسيادتها، وَإذَا حاولت الشعوبُ المطالَبَةَ بحريتها أَو حقوقها تعرضت للقمع والاضطهاد؛ حتى استلمت للاستضعاف مرةً أُخرى، وأكبر مثال على صعوبة الوضع الذي تمُـرُّ به الشعوبُ هو التعامُلُ مع قضية فلسطينَ التي مرت بأحداث كثيرة خرجت بعدها بخسائرَ كبيرةٍ في الأرض والقرار؛ بفضل القادة العرب الذين كانوا يتآمرون مع بريطانيا، وبعدها أمريكا؛ لإرغام الفلسطينيين على تقديم التنازلات تلو التنازلات بخلاف رغباتِ شعوبهم التي أصبحت مستضعَفةً ولم يعد بمقدورها حتى الخروجُ؛ تضامناً مع إخوتنا الفلسطينيين؛ خوفاً من القمع والاضطهاد.
وفي أثناء معركة “طُـوفان الأقصى” حاولت الشعوبُ العربية في بعض الدول اتِّخاذَ موقف إيجابي مع غزةَ، من خلال الخروج بمظاهرات دعم وإسناد لها، ولكن سرعان ما تحَرّكت السلطاتُ في تلك الدول بتوجيهات من أمريكا لمنع إظهارِ مثل تلك المواقف المؤيدة لفلسطين.
وأما المواقفُ الرسمية العربية فقد أصبحت محايدةً، وَإذَا أرادت أن تتدخَّلَ فمسموحٌ لها أن تتدخَّلَ للضغط على الفلسطينيين حتى يقدموا تنازلاتٍ للكيان الصهيوني، وهذا يؤشرُ إلى أن النظامَ العربي الرسمي لم يعد له قرارٌ أَو موقفٌ خارج الموقف الأمريكي.
وما حدث مؤخّراً من ظهورِ مواقفَ مخالفةٍ للموقف الأمريكي، كموقف اليمن في تدخلها في البحر الأحمر أَو حزب الله ومشاركته في الحرب على حدود شمالي فلسطين والمقاومة الإسلامية في العراق في هجماتها على القواعد الأمريكية في المنطقة، كُـلُّ تلك المواقف تؤكّـدُ ظهورَ قوىً شعبيّةٍ وطنيةٍ انتفضت ضد الاستضعاف الأمريكي للشعوب العربية والإسلامية متوكلةً على الله سبحانَه وتعالى.
وستستمرُّ هذه الجبهة بالتحَرّك حتى زوالِ زمن الاستضعاف، وهذا ما يؤكّـدُ عليه السيدُ القائدُ في خِطاباته الأسبوعية.