الاستراتيجيةُ الأمريكية في البحر الأحمر ومحاولةُ فصلها عن مجازر غزة
عبدالحكيم عامر
في ظِلِّ الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط، تُثارُ تساؤلاتٍ حول استراتيجية أمريكا في هذه المرحلة ودورِها في دعم العدوّ الإسرائيلي وتصعيد الأزمات الإقليمية، كما يتم استعراض الأحداث المتصلة باليمن والتدخل العسكري الأمريكي والبريطاني فيها وارتباط هذا التدخل بموقف اليمن من القضية الفلسطينية.
أمريكا وبريطانيا أبرز الدول المساندة للعدو الإسرائيلي، وذلك عبر توفير الدعم العسكري والسياسي والمالي لها، وفي ظل العدوان الإسرائيلي المُستمرّ على غزة، يظهر الدورَ المشبوهَ لأمريكا وبريطانيا في توفير الغطاء السياسي لهذه الجرائم، ومع ذلك، تقوم بنشر أساطيلهما العسكرية والبحرية في المنطقة؛ بهَدفِ حماية السفن الإسرائيلية وتأمين الخطوط الملاحية لها في البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدنَ.
وتتبنى أمريكا استراتيجية تهدف إلى فصل قضية استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر من القوات المسلحة اليمنية عن الأحداث في غزة؛ ولتحقيق هذا الهدف، تستخدمُ أمريكا وسائلَ الإعلام الخَاصَّة بها؛ لتشويه صورة اليمن وتصوير تحَرّكاته في المنطقة على أنها قرصنة تهدّد الملاحة الدولية بعيدة عن الصلة بغزة؛ بهَدفِ تبرير حصار غزة واستمرار الإبادة الجماعية من قبل العدوّ الإسرائيلي.
ولذلك، تحَرّكت أمريكا وبريطانيا بشن عدوانٍ على اليمن، ويتم تسويق هذا العدوان على أنهُ استجابةٌ لتهديدات أمنية للملاحة البحرية، ولكن الحقيقة تكمن في توجُّـه أمريكا وبريطانيا لضرب اليمن؛ بسَببِ موقفها المبدئي المناهض للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ومنعه من حَقِّه الشرعي والإنساني في كسر الحصار عن غزة.
ويظهر أمريكا وبريطانيا بشكل واضح في وسائل الإعلام، حَيثُ يدَّعون زورًا وكذبًا أن كُـلَّ ما يقومونَ به هو لتأمينِ الملاحة البحرية والحفاظ على الأمن الإقليمي، ومع ذلك، يعتبر هذا الادِّعاءُ مُجَـرَّدَ أكاذيب ومغالطات واضحة تهدف إلى تبرير أعمالهم غير الأخلاقية وهي شاهدُ صدق على قول الله تعالى عنهم بأنهم: (يُلْبِسُوْنَ الْحَقَّ بِالْبَاْطِلِ).
وليظهر الأمريكي والبريطاني بأنهما يتحَرّكان بنزاهة وشفافية، تضغط أمريكا على الدول وشركات الشحن العالمية؛ لتجنب المرور من باب المندب والبحر الأحمر، وتحاول أمريكا تصوير هذا الأمر على أنه إعاقة للملاحة الدولية، وليس مُجَـرّد إعاقة للسفن المتجهة للكيان الصهيوني، إلا أن الحقيقة تكمن في أن باب المندب والبحر الأحمر آمنان تماماً، ما لم تكن السفنُ تابعة للكيان الصهيوني أو متجهة إليه أَو السفن الأمريكية والبريطانية، حَيثُ إن اليمن تتحدث أنه يجب على الدول عدمُ الانسياق للزيف الأمريكي.
استراتيجيةُ أمريكا في هذه المرحلة تعتمدُ على الادِّعاءات الكاذبة والتضليل لتبرير تدخلاتها المشبوهة ودعمِها للكيان الصهيوني، يجب على الدول والمجتمع الدولي أن يكونوا واعين لهذه الحقائق وألا يسمحوا للأجندةِ الأمريكية بأن تتحكَّمَ في سياساتهم ومواقفهم، وينبغي التعاوُنُ مع الدول وشركات الشحن غيرِ المتأثرة بالضغوط الأمريكية؛ للحفاظ على حقوق الشعوب والتصدِّي للظلم والتوسع العدواني الذي يمارسُه الكيانُ الصهيوني على الشعب الفلسطيني المظلوم.