القوة المضاعفة لـ”طوفان الأقصى”… اليمن وإيران
يمانيون – متابعات
تشهد القوى الإقليمية في غرب آسيا تحديات ليست الأولى من نوعها، لكنها امتداد لحروب وصراعات سياسية قديمة متجددة برزت منذ زمن، وكانت للاحتلال الصهيوني اليد الطولى فيها.
فمع اندلاع ملحمة “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر والمشهد العام للمشرق العربي يزداد توتراً؛ نتيجة الحرب الإرهابية التي تنتهجها القوى الأميركية في المنطقة، سواء في سوريا أو في العراق أو في لبنان، وباتت مخرجات السياسات الأميركية تنذر بتفاقم الانقسامات والتوترات، رغم ما شهدته الدول المعنية بهذه الحرب من تطورات لصالحها، وخاصة الميدانية في أغلب المناطق، كما في سوريا.
فمنذ أن اندلعت الحرب الإرهابية على سوريا، ورغم تحرير 70 % من الدولة السورية من الإرهابيين، فإن مرتكبي الحرب الإرهابية عليها تعمدوا الاستقرار في المناطق التي توجد فيها مجموعات معارضة كما في الشمال الشرقي والغربي من سوريا، سواءً ميليشيا “قسد” الكردية أو المجموعات الإرهابية التي تلقى الدعم من النظام التركي.
وبالانتقال إلى العراق الذي أدت الحرب الأميركية عليه تحت ذرائع مختلفة، أهمها محاربة تنظيم “داعش” الذي أوجدته الإدارة الأميركية لتحقيق أهدافها في تقسيم هذا البلد باللعب على القوميات كما في كردستان العراق، وما تحاول تنفيذه في سوريا حيث تتموضع مجموعات معادية للدولة عبر علاقات كردستان العراق مع الكيان الإسرائيلي، وإمكانية جعل كردستان العراق مرتعاً للعمليات الإرهابية والتجسس من قبل أفراد الموساد الإسرائيلي.
وفي فلسطين تجري إبادة الشعب الغزاوي على مرأى من العالم بأسره، ومع تجاوز المئة يوم على الحرب المروّعة التي ترتكبها الولايات المتحدة الأميركية على يد الكيان الصهيوني تتوسع الجبهات والتحالفات التي تصب في كثير منها في خدمة الكيان الصهيوني عبر سياسات هزيلة لم تعطِ الشعب الفلسطيني أقل حقوقه في المساعدة والإغاثة ليتمكن من الصمود في مواجهة الحرب الكارثية الهمجية، وهذا ما شهدناه من قبل الحكومة المصرية التي أبرمت اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني الذي يقتل طفلاً فلسطينياً في كل عشر دقائق.
وفي لبنان الذي يشهد كما غيره من دول الشرق معاناة اقتصادية كبيرة نتيجة جملة من التأثيرات للحروب التي ألمّت بسوريا منذ 13 عاماً والعراق وفلسطين التي ما زالت تجابه هذا الكيان منذ 75 عاماً، وحزب الله الذي يقف في مواجهة هذه الضغوطات ويساند الشعب الفلسطيني في جبهته الجنوبية في حرب استنزاف تتطور مع كل يوم يمر على أهلنا في قطاع غزة.
ومن جهة أخرى، نجد الحليفين الداعمين للقضية الفلسطينية اليمن وإيران يشكلان قوة مضاعفة لمحور المقاومة في مجابهته الغطرسة الأميركية والصهيونية في جميع الميادين العسكرية والسياسية، فيقف اليمن متحدياً القوة الأميركية عبر باب المندب في البحر الأحمر والبحر العربي ويعلن عبر قواته اليمنية المسلحة هذا التحدي، ورغم التهديدات التي وجهتها كل من أميركا وبريطانيا لدولة اليمن فإنه ما زال مستمراً في دفاعه عن الشعب الفلسطيني، وكان آخر استهدافاته سفينة أميركية في البحر الأحمر غير آبه بالتهديدات والضربات الصاروخية الأميركية، فكما قال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي:
“سنستمر في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، والقصف على فلسطين المحتلة حتى ينتهي العدوان والحصار على غزة”.
ومن جهة أخرى، نجد الحليف الإيراني الذي لم يتوقف لحظة عن دعم فلسطين وسوريا والعراق، يقوم عبر قوات حرس الثورة الإيرانية في فجر يوم الثلاثاء الماضي بقصف ما سمّاه مراكز تجسس وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران في “أربيل” شمالي العراق وإدلب في سوريا حيث تتمركز مجموعات إرهابية على صلة بالكيان الصهيوني الذي ما زال يراهن على قدراته في تحقيق مكاسب على جبهات عدة عبر عملائه الذين يقومون بتنفيذ عمليات إرهابية، كما حصل في محافظة كرمان الإيرانية والتي راح ضحيتها 100 شخص.
ومع تعزيز الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدرتها كقوة إقليمية في المنطقة كان لا بد من الرد على عمليات الاغتيال التي تنتهجها الأيادي الصهيونية عبر ضرب مقراتهم في المناطق المذكورة، والتأكيد أن ما جرى من عمليات اغتيالات للقادة في حرس الثورة الإيرانية أو محور المقاومة لن يمر مرور الكرام، وتأكيداً لأهمية الدور العسكري والسياسي للدولة الإسلامية الإيرانية كحليف لمحور المقاومة وخاصة فلسطين التي يمر شعبها بأصعب الأوقات، والتي لا يمكن السكوت عنها وقد ترجم فعلياً على يد القوى البحرية اليمنية منذ اندلاع المجازر المروّعة في القطاع الفلسطيني.
في المحصلة، ما يجري من تطورات ميدانية عسكرية أو سياسية هي نتيجة حتمية لما تشهده المنطقة العربية من تطورات قد يفسره البعض بأنه لصالح الكيان الإسرائيلي والإدارة الأميركية، وأن من يتحكم في مشرقنا العربي هو الكيان الصهيوني، رغم أن معركة “طوفان الأقصى” قد أسقطت القناع وأظهرت حقيقة موقف القاصي والداني من القضية الفلسطينية الأعدل والأنبل في التاريخ الإنساني الحديث.
* المصدر: موقع الميادين نت