الـــطريق إلى الـكويت …وخيارات ما بعد انكسار العاصفة
يمانيون../
كلما أقترب موعد الجولة الثالثة لانطلاق المفاوضات اليمنية- اليمنية للمرة الثالثة، تتكشف من جديد نوايا العدوان القائمة على الخداع وفرض شروط تعجيزية، تنم عن قراءة خاطئة للمرونة التي يتعامل بها أنصار الله والقوى الوطنية في الداخل مع الملف السياسي، بدءا بمشاورات مسقط، وليس انتهاء بتفاهمات ما قبل الذهاب إلى الكويت.
وبينما أنجز أنصار الله اختراقاً مهما على صعيد التفاوض المباشر مع الجانب السعودي، فإن الرياض كانت وما زالت تسوق لعدوانها باعتباره خطوة عربية حازمة ضد المشروع الإيراني في المنطقة، والتعامل مع أنصار الله على أساس أنهم ميليشيا انقلابية لا أكثر، قبل أن تضطر للتفاوض معهم بشأن انسحاب الجيش واللجان الشعبية من عمق الحدود السعودية، وهي الخطوة التي كان يتوقعها وينتظرها أنصار الله، فأحسنوا استغلالها، باتجاه العمل من خلالها على وقف العدوان على اليمن، وإنجاز تسوية سياسية تحد من تداعيات الحرب، وتفضي إلى تعزيز مكانة اليمن كنّد للجار الذي أوغل في عدوانه، فلم يحصد إلا الخيبة والانكسار.
بيد أن آل سعود وهم ينحنون لمطالب السلام، يعملون بمختلف الأساليب المراوغة والملتوية، على تصوير العملية الحوارية المرتقبة، وتقديمها كإستسلام من طرف واحد، وهو ما اتضح جليا من صياغة مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، التي تفصح بنودها أن أنصار الله والمؤتمر الشعبي قد قبلوا بإيقاف الحرب الداخلية كإملاء سعودي أمريكي، مقابل توقف العمليات العسكرية وبالذات البحرية والجوية التي تشنها دول العدوان.
وبعيداً عن حقيقة أن المؤتمر وأنصار الله لم يوافقا على البنود بصيغتها المسربة، فإن صياغة البنود على هذا النحو تفصح أن الجانب السعودي يحتفظ بحق خرق الهدنة واستئناف الغارات بزعم ( الدفاع عن النفس). وهو فوق ذلك يطالب الطرف المعتدى عليه بالتهدئة الإعلامية، ولا يلزم جانب العدوان ومرتزقته شيئاً من هذا القبيل.
والأهم من ذلك أن مؤشرات التهدئة ووقف إطلاق النار ليست إيجابية بالقدر الكافي حتى الآن، بالنظر إلى الإجراءات الميدانية التي كان يفترض إنجازها قبل العاشر من إبريل، وعلى العكس من ذلك جرى تصعيد كبير على مختلف الجبهات في الداخل، بالموازاة مع تصعيد سياسي تمثل في تعيين علي محسن نائباً لهادي.
ثمة من يقرأ التصعيد هنا وهناك، في إطار تحسين ورقة التفاوض بالنسبة للأطراف اليمنية، وأن قرار السلم قد أنجز سعوديا من خلال تفاهمات لم يعلن عن تفاصيلها بعد، لكن مصداقية الرياض على المحك، خاصة وأن أنصار الله أكدوا- وبلغة الواثق- أن عجلة المفاوضات لن تدور قبل تثبيت وقف إطلاق النار. وهذا يعني أن مفاوضات الكويت رهن توقف العدوان السعودي والغارات الجوية على اليمن.
من هذا المنطلق يصبح خيار السلام سالكاً، وإن اعتورته المطبات والعراقيل، خاصة مع التهدئة التي يشهدها الملفين السوري والليبي، والسعي الحثيث من قبل واشنطن لإنقاذ آل سعود من ورطتهم في اليمن.
وتشي المعلومات المسربة على محدوديتها، أن ولي العهد السعودي نايف بن عبدالعزيز يدفع نحو التهدئة والحل السياسي في اليمن، وأن وزير الدفاع محمد بن سلمان يسايره في هذا الخط، مع الحذر من أن يحسب السلام لصالح نايف.
هل يتحضر بن سلمان لجولة ثانية ومختلفة من الحرب على اليمن، ويكون فشل المفاوضات مقدمة لها؟
خيار وارد أيضا، وليس في أنصار الله من يتغافل عنه، بدليل أن الجيش واللجان الشعبية صعدوا في الأيام الأخيرة من استخدام الصواريخ الباليستية في رسالة موجزها مفادها: نفاوض واليد على الزناد.
وثمة خيار ثالث يعتمد على التجربة التاريخية في علاقات البلدين، حيث دأبت السعودية على إغراق اليمن بالفوضى وشراء الولاءات، ولعلها وقد فشلت في عدوانها المباشر، تسعى إلى الخروج من المأزق اليمني، لكن بإشعال فتنة دائمة بين القوى اليمنية، تحت عناوين طائفية وجهوية، وباستخدام مرتزقتها، وأدواتها الإرهابية القاعدة وداعش.
لكن أياً تكن خيارات آل سعود، فإن صمود الشعب اليمني، وانتصارات الجيش واللجان الشعبية، في ظل قيادة ثورية تتمتع بالحنكة والمسئولية، وبالالتفاف الجماهيري غير المسبوق، كلها عوامل تصب في صالح اليمن، التي تعيش لحظة تاريخية فارقة، وهي تخوض معركة الدفاع المقدس عن حرية وكرامة الشعب اليمني، واستقلالية قرار دولة الجمهورية اليمنية.