يديعوت أحرونوت: الجيش يغرق في مستنقع غزة
يمانيون – متابعات
الجيش الإسرائيلي يغوص في مستنقع غزة”.. بهذه الكلمات وصف مراسل الشؤون العسكرية والأمن في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشع، ما تعيشه قوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة.
ويتفق في وصفه مع التحليلات التي تجمع بأن المعارك البرية تتجه لتكون حرب استنزاف، وهو ما يعكس صمود حركة حماس التي تُكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالجنود والعتاد والآليات العسكرية.
وتحمل هذه الكلمات التي لخصها يهوشع بالقول إن “الجيش الإسرائيلي يغوص في مستنقع غزة، وإن وحل غزة بات واقعيا”، في طياتها رسائل تدحض ادعاءات الجيش الإسرائيلي أنه يسيطر على مناطق واسعة شمالي القطاع، وكذلك تعبر عن التحديات التي تواجه القوات المتوغلة، في ظل المعارك الضارية والاشتباكات العنيفة مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي توقع قتلى وجرحى بصفوف الجنود يوميا.
وأضاف المحلل العسكري أن الطقس العاصف زاد الطين بلة وصعّب من عمليات التوغل، فيما تفاقمت تعقيدات المعارك البرية المتمثلة بالاشتباك وجها لوجه، المسافة صفر، وإطلاق القذائف والصواريخ المضادة للدبابات والدروع، وأيضا نصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة وإلقاء المتفجرات، والتخوف من إطلاق نيران صديقة، وكلها سمات “حرب العصابات”، حسب وصفه.
وأوضح يهوشع أن الجيش الإسرائيلي يواجه سيناريوهات معدة مسبقا من قبل مقاتلي حماس الذين يختبئون بالأنفاق، ويفخخون المنازل ويطلقون القذائف المضادة للدبابات.
وأكد أن هذه السيناريوهات تحولت إلى واقع على الأرض خلال سير المعارك البرية، قائلا إن “هذه الظروف واستعدادات حماس تقودنا إلى أننا ندفع وسندفع أثمانا باهظة في مواجهة مهمة احتلال الأرض وتطهيرها من المسلحين والقضاء على حماس، حتى يتمكن سكان النقب الغربي من العودة إلى بيوتهم”.
والحقيقة البسيطة، يقول المحلل العسكري، “هي أن الغارات الجوية والمدفعية وحدها لن تحقق هذه النتيجة، فقد بنت حماس مدينة تحت الأرض تعمل قوات الجيش الإسرائيلي على تفكيكها، وهو أمر صعب ومؤلم ومكلف”.
وينقل يهوشع عن مصدر عسكري في الجيش الإسرائيلي أن حماس “أقل ميلا إلى الدخول في اشتباكات ومواجهة مباشرة أو شن اقتحامات منظمة، وتفضل إطلاق النار من الخلف، وزرع العبوات الناسفة وألغام ضد المعدات والآليات العسكرية وتفجير وهدم مبان على قوات الجيش الإسرائيلي”.
القراءة ذاتها، استعرضها المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، الذي أكد أن هجمات قليلة تكفي لحماس لتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر بالأرواح والمعدات بشكل يومي حتى في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، والتي تشهد معارك ضارية واشتباكات عنيفة.
وأوضح المحلل العسكري أن استمرار العمليات العسكرية البرية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ينطوي عليها احتكاك شديد مع التشكيلات الدفاعية التابعة لحركة حماس التي تستمر في محاولات تعقب القوات المتوغلة في المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بينما في الأماكن التي لم تتحقق فيها السيطرة بعد، تكون المقاومة صعبة للغاية.
عندما تهاجم قوات ضخمة القطاع، لا تقل عن 4 فرق، يقول المحلل العسكري “فهذا يعني مساحة احتكاك كبيرة ومعقدة مع العدو، ضمن مناطق مكتظة بالبناء، حيث دُمِّرَت أجزاء كبيرة منها، بينما تحت الأرض، لا يزال نظام الأنفاق نشطا.
ويتم تنفيذ معظم الهجمات المضادة التي تقوم بها حماس بأساليب حرب العصابات”.
الجنود النظاميون والاحتياط الذين قتلوا بالحرب، يقول هرئيل “ذهبوا إلى الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول مع شعور قوي بأنه لا يوجد خيار آخر، سوى توجيه ضربة قوية لحماس، بما في ذلك عملية برية بالقطاع، لمحاولة تقليل بعض الأضرار التي سببها الهجوم المفاجئ، وتحسين الوضع الأمني بالجنوب ولتهيئة الظروف لعودة المختطفين”.
وبعد مرور 80 يوما، يقول هرئيل “مع مرور الوقت، سيجد الجمهور الإسرائيلي صعوبة في تجاهل الثمن الباهظ، وكذلك التشكيك في أن أهداف الحرب لا تزال بعيدة عن التحقيق، وأن حماس لا تظهر أي علامات على الاستسلام في المستقبل القريب”.
وفي ظل تعقيدات المشهد العسكري، وتعزيز التقديرات أن أهداف الحرب لن تتحقق على المدى القريب، ومع اشتداد المقاومة والاشتباكات في كل محاور التوغل، يعتقد مراسل الشؤون العسكرية في الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، يؤاف زيتون، أن المعارك البرية تتجه لتتحول إلى حرب استنزاف.
ويشير المراسل العسكري أن روتين القتال في غزة بدأ يستقر في أنماط ثابتة، متشابهة مع بعضها، قائلا “لقد أصبحت الوتيرة أبطأ لعدة أسباب، عمليات المسح المتكررة للخلايا المسلحة في المناطق التي سيطر عليها الجيش، والخوف من إطلاق نيران صديقة”.
وفي هذه الأثناء، يبدو أن حماس، يقول زيتون “تحقق أيضا في سير الأحداث والعمليات، وتتعلم الدروس، وتبحث عن نقاط الضعف في قوات الجيش الإسرائيلي بعد كل حادث، استعدادا لجولة أخرى من القتال في اليوم التالي”.
ومع ذلك، في معركة التعلم التي لا تنتهي، يقول المراسل العسكري “تظهر حماس صبرا ربما كان مخططا له مسبقا، حيث يلاحظ تضاعف استخدام القناصة ضد الجنود إلى جانب تسلط الضوء على نقاط ضعف الجيش، في وقت تبحث حماس باستمرار عن طرق لتجاوز العوائق التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على أسلحتها”.
أمام هذا الواقع والتطورات الميدانية في ساحات القتال، يقول زيتون إن “الجيش الإسرائيلي لا يشعر بساعة رملية للتوقف أو ضغطا لإنهاء المناورة، لكن معدل تقدم القوات ليس سريعا، حيث يود الجيش إظهار أنه حقق بعض الإنجازات عند الانسحاب للمناطق الحدودية، والحفاظ على الوضع القائم من خلال التوغل البري المحدود وهجمات من الجو”.
وحول سير القتال وتطورات المعارك، يقول زيتون “يتم تمرير تعليمات للمسلحين عبر رسائل ورقية، وسط زيادة استخدام القناصين والعبوات الناسفة المموهة، حيث تخوض حماس معركة تعلم وتدريب قبالة الجيش الإسرائيلي، الذي يستخدم من ناحية أخرى حيلا قاتلة، وهناك في الجيش من يذكرون الحزام الأمني بالجنوب اللبناني، أي نقل النموذج اللبناني إلى غزة”.