استنفار أمريكي لحماية سفن العدو وصنعاء ترد: لن نتوقف حتى إنهاء العدوان على غزة
يمانيون – متابعات
على وَقْـــعِ إقرارِ الكيان الصهيوني بعدم قُدرتِه على مواجهة التهديد اليمني المتصاعد على أمنِه واقتصاده وحركته الملاحية، واستغاثاته بحلفائه الغربيين لمساعدته، أبدت الولاياتُ المتحدة استنفاراً لتولِّي هذه المهمة، حَيثُ أعلنت أنها تدرس تشكيل قوة مهام بحرية لمرافقة سفن العدوّ الإسرائيلي، وأرسلت مبعوثها لليمن إلى المنطقة في نفس السياق، لكن هذا الاستنفار قوبل برَدٍّ واضح ومعلَنٍ من صنعاءَ مفادُه أن استهدافَ الكيان الصهيوني مُستمرّ بكل الطرق الممكنة حتى إنهاء العدوان على غزة.
استنفارٌ أمريكي:
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الثلاثاء، إن بلادَه تدرُسُ تشكيلَ قوة عمل بحرية مع دول أُخرى لتوفير الأمن للسفن في البحر الأحمر، في إشارة إلى سفن العدوّ الصهيوني التي أصبح معظمُها يضطر إلى الدوران حول إفريقيا لتفادي عمليات القوات المسلحة في البحرين الأحمر والعربي والتي تأتي مساندة للمقاومة الفلسطينية.
وكشف هذا الإعلان عن تخبط أمريكي وعجز لا يقل عن العجز المعلَن من جانب الكيان الصهيوني الذي يصر دائماً على أن التعاطي مع التهديد اليمني كتهديد “عالمي”؛ لأَنَّه غير قادر على التعامل معه؛ فالولايات المتحدة قد شكَّلت بالفعل سابقًا قوة مهام مشتركة في البحر الأحمر تدعى (CTF-153) كما شكَّلت من قبل ما يسمى “تحالف أمن الملاحة” الذي مقرُّه في البحرين، ولم يفلح كُـلّ ذلك في الحيلولة دون قيام اليمن بفرض معادلته البحرية ضد سفن العدوّ الصهيوني؛ الأمر الذي يجعل الإعلان عن تشكيل قوة مشتركة جديدة محاولة مكشوفة لطمأنة كيان العدوّ وصناعة صورة ردع دعائية.
وكانت وسائل إعلام عبرية قد أكّـدت هذا الأسبوع أن الكيان الصهيوني لا يستطيع مواجهة الخطر المتزايد من اليمن؛ نتيجةً لبُعد المسافة؛ ولأنه يحتاج إلى تخصيص الكثير من الموارد.
ويرى مراقبون أن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن دراسة تشكيل قوة مشتركة بحرية لمواجهة التهديد اليمني يترجم بوضوح قلقها من الدخول بشكل مباشر في صدام مع اليمن، الذي أصبح لاعباً صعباً في المنطقة وبالتحديد على مستوى البحر، إذ تحاول الولايات المتحدة من خلال هذه القوة المشتركة أن تصنع صورة احتشاد دولي للضغط على صنعاء.
وبالتوازي أعلنت الخارجية الأمريكية أن مبعوثها الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، توجّـه إلى المنطقة لمناقشة “التنسيق الإقليمي لحماية الأمن البحري وتأمين وقف دائم لإطلاق النار في اليمن” حسب وصفها.
وأضافت الخارجية الأمريكية مبعوثها “سيشدّد خلال جولته على أن الصراع الأوسع في الشرق الأوسط لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ولا مصالح شركائنا الإقليميين، الذين يدعمون السلام الدائم في اليمن”.
ويكشف هذا البيانُ بوضوحٍ المهمةَ الحقيقية لليندركينغ الذي قدَّم نفسَه طيلة السنوات الماضية كوسيط سلام؛ إذ بات واضحًا أن نشاطه الأَسَاسي يتمحور حول ضمان مصالح الولايات المتحدة وكيان العدوّ الصهيوني على حساب أي شيء آخر بما في ذلك السلام في اليمن، والذي يبدو بوضوح أن الحديث عنه الآن يأتي من باب المساومة لصنعاء مقابل وقف عملياتها ضد كيان العدوّ وسفنه، وهو ما كانت الولايات المتحدة قد حاولت اللجوء إليه سابقًا ضمن محاولات “الترغيب والترهيب” التي تحدث عنه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه التاريخي بمناسبة ذكرى الشهيد.
صنعاء: لن نتوقفَ عن استهداف الكيان الصهيوني
ومثلما أكّـد قائد الثورة سابقًا وبكل وضوح، أن اليمنَ لا يكترثُ للتهديدات والترغيبات الأمريكية، جدّدت صنعاء الثلاثاء، التأكيد على أنها ستواصل عملياتها ضد الكيان الصهيوني ولن تترك المقاومة الفلسطينية مهما كان الثمن.
وفي هذا السياق أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، أن “موقف اليمن في مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة لا تراجع عنه”.
وأكّـد خلال توقيعه قانون حظر وتجريم الاعتراف بكيان العدوّ والتطبيع معه أن “استهدافَ الكيان الصهيوني سيستمر بكل الطرق الممكنة حتى يتوقفَ عدوانه والإبادة الجماعية التي يمارسُها بحق الأشقاء في غزة”.
وقال عضو المجلس السياسي الأعلى، أحمد غالب الرهوي، في تصريحات لـ “المسيرة”: إن اليمن اليوم “جزء من معركة طُـوفان الأقصى”، مُشيراً إلى أن تهديدات وإدانات مجلس الأمن “لن توقفنا”.
وأكّـد أن “عمليات اليمن ستستمر ضد سفن العدوّ الصهيوني، وهو من يتحمل تبعات تجاهل التحذيرات الصادرة عن القيادة اليمنية”.
وأضاف: “حَرِيٌّ بمجلس الأمن متابعة قراره بوقف الحرب على غزة وقرارته السابقة بخصوص القضية الفلسطينية التي لم يُنَفَّذْ منها أي قرار”.
وتوجّـه هذه التأكيداتُ رسائلَ واضحةً للعدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية بأن صنعاء ماضية في مساندة المقاومة الفلسطينية بكل الأشكال بما في ذلك العمليات البحرية، التي بات واضحًا من خلال بيان العملية الأخيرة أنها توسّعت لتشملَ البحرَ العربي؛ وهو ما يعني أن القواتِ المسلحة تمتلكُ خياراتِ تصعيدٍ أشدَّ تأثيراً ضد العدوّ مهما حاول الاحتماء بحلفائه وقِطَعِهم البحرية العسكرية في البحر.
هذا أَيْـضاً ما أكّـده نائبُ وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال، حسين العزي، الذي رَدَّ على الإعلان الأمريكي حول تشكيل قوة في البحر الأحمر قائلاً: “نكرّر نُصْحَنا بتجنب أي استفزاز، وقبل تشكيل أية قوة التقطوا قوانينَكم الدولية من تحت أقدام نتنياهو”، في إشارة إلى أن دعاياتِ تطبيق القانون الدولي التي تحاول الولايات المتحدة أن تصنعَ منها غطاءً شرعياً للتحَرّك في البحر الأحمر قد سقطت وفُضحت في غزةَ، ولم تعد تنطلي على أحد.
وَأَضَـافَ العزي في تغريدة على حسابه في منصة التواصل الاجتماعي (إكس) أنه “ليس من الجيد أي تصعيدٍ مع اليمن؛ فهذا قد يكلفكم 50 عاماً من المشاكل المرهقة”.
وتابع مخاطباً العدوّ ورعاته: “باختصار لن نترك غزة حتى توقفوا عدوانكم عليها”.
وتوضح هذه التأكيداتُ والردودُ الواضحة على المواقف الأمريكية أن انخراطَ صنعاء في معركة “طُـوفان الأقصى” وإقدامَها على المساندة العسكرية للمقاومة الفلسطينية لم يكن مُجَـرّد قرار انفعالي قابل للمساومة والمراجعة فيما بعد، بل كانت خطوةً محسوبةَ الأبعاد والنتائج والاحتمالات، بما في ذلك احتمالُ وقوع تصعيد معاد ضد اليمن، وهو ما أكّـده ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، الأحد، وقبله رئيس الوفد الوطني، محمد عبد السلام، حَيثُ صرَّحا بأن أي اعتداء أمريكي أَو إسرائيلي على اليمن سيقابَلُ بِـ رَدٍّ مؤلم وقوي ورادعٍ؛ الأمر الذي يعني أن استنفار الولايات المتحدة لحماية سفن العدوّ لن يؤثر كَثيراً على مسار العمليات القائم ولن يوقف تصاعدها إذَا استدعى الأمر، وأن المخرج الوحيد لتفادي المزيد من الضربات اليمنية الموجعة هو وقفُ العدوان على قطاع غزة والرضوخ لشروط المقاومة الفلسطينية.
المسيرة