لماذا يغمض إعلام الغرب عيناه عن غزة..!
يمانيون – متابعات
لماذا يغمض الإعلام الغربي عيناه على ما يجري في غزة من حرب إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري وحصار مطبق وقصف صهيوني وحشي تعدى حدود مجازر الأنظمة النازية والفاشية وإلى ما قبل مذابح التتار، لكل ما هو حي وجماد في غزة؟ فلا حصانة هناك لشيء حتى الأطفال الخُدج والحالات المرضية المعلقة أرواحها بين الحياة والموت التي لا صوت لها غير الأنين، لم تسلم هي أيضاً من هولوكوست محارق بني صهيون وبطش الأسلحة المحرمة ..!؟
هكذا بدأت فرضية أحداث هذه القصة الخبرية التي بين يديك بسؤال استفهامي ينقلك إلى البحث عن إجابة سؤال آخر يشتركا في نفس الهدف ويجتمعا على نفس المصلحة، تجد أجابتهما فيما بين فقرات هذا التقرير، والآن برأيك لماذا تفتح تلك المؤسسات الإعلامية التي تصف بالحرة والعريقة عيناها وأذنيها وفاها وتشحذ همتها وتطلق عنان ألسنتها وتسخر كل إمكاناتها التقنية والفنية والبشرية لترويج الروايات الإعلامية الصهيونية المفبركة ذو العرق التلمودي تحت إشراف الأجهزة المخابراتية الصهيوغربية داخل الغرف المشتركة في عاصمة الكيان المحتل، مدينة يافا العربية، المساه بـ”تل أبيب”، وصولا لشيطنة المقاومة الفلسطينية.
400 وألف مجزرة
بينما يحاول الأحرار في العالم الضغط على زعماء شعوبهم بالخروج في مظاهرات ومسيرات سلمية تطالب بالوقف الفوري للمجازر التي يقوم بها الجيش الصهيوني المدعوم من الأنظمة الغربية، لعلهم يجدوا زعيماً يهديه لهم القدر يوقف المجازر الصهيونية التي تجاوز عددها الـ 1400 مجزرة في قطاع غزة.
من أولئك الأحرار المناهضين لإجهاض المخطط الصهيوأمريكي المحددة أهدافه بحرب إبادة شعب غزة وانتهاج عمليات التشريد والنزوح لمن حفتهم العناية الإلهية بالنجاة من صلف ما تسمى بمذابح عمليات “السيوف الحديدية” و”الأرض المحروقة” إنتهاءً بتهجير الغزيين إلى أرض سيناء.
نخص هنا أحرار شعوب دول الغرب التي تكفل قادة أنظمتها الداعين أنفسهم رعاة الإنسان وحقوقه، بمهمه إدارة الحرب الدبلوماسية ضد شعب غزة ومقاومته، داخل دهاليز وأروقة هيئات الأمم المسلوبة الإدارة والإرادة والقرار وسفارات العرب ممن وَقعت في فخ التطبيع ومصيدة الاتفاقيات الإبراهيمية.
لم تقف تلك الأنظمة الغربية بقيادة أميركا عند حدود الدفاع عن كيان إسرائيل بالدبلوماسية السياسية والحرب الإعلامية، بل أعلنت جهاراً إدانتها بشدة ووقوفها الكامل إلى جانب كيان اللقيطة المدللة بكل أشكال الدعم معنوياً ومالياً وعسكرياً ولوجستياً واستخباراتيا بشكل جعلوا مياه بحرا الأحمر والأبيض المتوسط تعج بالغواصات والمدمرات البحرية والبوارج الحربية.
كيف ينحاز إعلام الغرب؟
من نماذج الانحياز الصارخ لوسائل الإعلام الغربي في منظورها الأيدلوجي والعنصري وكتالوج سياستها الإعلامية تصنيفها فصائل المقاومة الفلسطينية بالإرهاب والإدانة المشددة بالاعتداء والقتل المتعمد للمدنيين وإقلاق السكينة العامة للمجتمع الصهيوني، في حين تصوّر كيان الأخيرة بدور الضحية المعتدى عليها والمقصوف مدنها المحتلة ومن يُذبح أطفالها وتقتل نسائها وتحاصر حدودها وتغلق معابرها.
ليس ذلك فحسب، بل تقوم وسائل إعلام الغرب، بحملات إعلامية منظمة لتضليل وإقناع الرأي العام العالمي بأحقية ذلك الكيان الغاصب في الدفاع عن نفسها على خلفية عملية “طوفان الأقصى” الهجومية يوم سبعة أكتوبر، بينما تخصص حيزاً ضئيلاً في تغطيتها الإعلامية لمذابح القصف الوحشي لطيرانها وجيشها براً وجواً وبحراً بأحدث الأسلحة المحرمة دولياً، التي أدت تكلفتها البشرية في القطاع المنكوب والمستثنى من حماية مواثيق الحياة العرفية والمعاهدات الإنسانية الدولية شطب أكثر من 14 ألف و532 شهيد ثلثيهم من الأطفال والنساء من كشوفات السجل المدني، ناهيك عن عشرات الآف الجرحى والمفقودين ومئات آلاف المشردين في العراء بلا ماوئ ولا طعام ولا شراب ولا دواء ولا يمتلكون أبسط مقومات الحياة الإنسانية المكفولة في شرائع الأديان والأعراف البشرية .
السؤال الإجباري
ضع نفسك في الحدث، وتخيل أنك تلقيت دعوة حضور كضيف محاور في أحد برامج القنوات الصهيوغربية، لنفترض في مدينة لندن عاصمة من حيث بدأ ميلاد النكبة البلفورية، ولم يكن بعلمك مسبقاً أن أول سؤال سيوجه لك المذيع المتحيز كهذه الصيغة : هل تدين هجمات حماس؟ ولا مناص ولا عذر لأي ضيف تستضيفه تلك القنوات والصحف الغربية من الإجابة عليه ..
ماذا سيكون جوابك..؟ وكيف سيكون موقفك في ذلك الوقت؟..
هكذا إذاً تستجوب وسائل إعلام الغرب ضيوفها المخضرمين بسؤال إجباري يدين حركة حماس هجومها البطولي لترويج الرواية الإعلامية الصهيونية التي تسوقها ماكينة إعلامه على أوسع نطاق للتأثير على الرأي العام وكسب التأييد المطلق وتحميل المقاومة الفلسطينية الذنب في كل ما يحدث في غزة ومنح العدو بعضاً من النصر المعنوي والضوء الإعلامي الأخضر.
سقوط في أول امتحان
يؤكد الإعلامي نواف التميمي، على إنحياز الإعلام الغربي عموماً والبريطاني خاصة، لكيان إسرائيل منذ ما قبل وعد بلفور.
ويقول: “لكن ما يحدث في رسالة إعلام الغرب حالياً وتحديداً عقب عملية “طوفان الأقصى”، غير طبيعي وغير معتاد”.
يضيف: “سقطت شعارات الحيادية والاستقلالية والموضوعية التي يروج لها الإعلام الغربي في أول امتحان”، في إشارة إلى حرب غزة..
التميمي، يعزي أسباب الانحياز المفضوح لمؤسسات الإعلام الغربي لصالح كيان إسرائيل إلى امتلاك تلك المؤسسات الغربية لشركات ومراكز قوى وكيانات يهودية لديها علاقات قوية باللوبي الصهيوني.
أفظع سقطات الغرب الإعلامية
من أفظع سقطات الإعلام الغربي، عقب عملية “طوفان الأقصى”، تبنيه الروايات الإعلامية المفبركة التي روّج لها ساسة الأنظمة الغربية ومؤسساته الإعلامية، بقيام مقاومي كتائب القسام التابعة لحركة حماس بذبح أطفال رضع أثناء هجوم عملية الطوفان المباغتة على مستوطنات الكيان الصهيوني .
ونفذت فصائل المقاومة الفلسطينية، يوم 7 أكتوبر 2023 ، عملية هجومية تحت أسم “طوفان الأقصى”، وصفت بالعملية الهجومية غير المسبوقة على مستوطنات العدو على حدود قطاع غزة أسفرت عن اقتحام معسكرات ومواقع عسكرية للجيش الصهيوني وقتل أكثر من 1400 جنود ومستوطنين وأسر 240 جندي ومستوطن صهيوني.
كيف بدأت كذبة الرؤوس المقطوعة!
من هنا بدأت فبركة رواية الرؤوس المقطوعة، وتحديداً يوم 10 عشرة 2023 ،وهو اليوم الثالث لعملية “طوفان الأقصى”، حيث قامت حكومة نتن ياهو بدعوة وسائل الإعلام لتغطية ما أحدثته عملية الطوفان في مستوطنة كفار عزا، حيث قامت مراسلة قناة I24 الصهيونية، نيكول زيديك، في حضور مراسلي وسائل الإعلام العربية والعالمية ببث إشاعة تفيد بالعثور على جثث أربعين طفلاً رضيعاً رؤوسهم مقطوعة في المستوطنة، وفقاً على تصريحات مسئولين صهاينة.
أستغل إعلام كيان العدو تلك الأكذوبة فجند ماكنته الإعلامية لترويج الشائعة لكسب ود وتعاطف الرأي العام الغربي والعالمي ضد المقاومة والضحية شعب غزة، إذ قامت صحيفة “ديملي ميل” بنشر صورة مفبركة تحاكي الرواية الكاذبة معنونة غلاف صفحتها بالخط العريض “أطفال بُترت رؤوسهم: 40 طفلًا قتلوا رميًا بالرصاص”، بينما عنونت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية على صفحتها الأولى، “حماس تذبح حناجر الرضع”.
ولاحقاً نقلت شبكة “سي إن إن”، عن مسئول صهيوني أن حكومته لا تستطيع تأكيد قطع رؤوس الأطفال.
ونشرت “نيوزويك”، مقال بعنوان “التقارير تُفيد بأن حماس تستخدم الاغتصاب سلاحًا في الحرب”.
في حين نفت مستوطنة بالقول: ” لم نتعرض لأي أذى من مقاومي القسام “.
كيف تم نفي الشائعة؟
ولم تمر بضعة أيام على ترويج تلك الأكذوبة فإذا بالصحفي الصهيوني، أورن زيف، الذي شارك بالجولة الإعلامية داخل مستوطنة كفار عزا، يؤكد في تغريده له على منصة “إكس” تويتر سابقاً، أنه لا وجود لأي دليل يدين حماس بقتل الأطفال الرضع.
سبق أن نفت المقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة حماس مثل تلك الأخبار المفبركة في بيان صحفي أكدت فيه، إن المقاومة لا تستهدف الأطفال، داعية وسائل إعلام الغرب تحرّي الدقة وعدم الانحياز لرواية الاحتلال الغاصب.
كيف أنخدع عجوز البيت بايدن؟
في سبيل نشر تلك الرواية الصهيونية الخادعة على نطاق أوسع، حيث استطاع رئيس حكومة الكيان بنيامين نتن ياهو اقناع الرئيس الأميركي جو بايدن باتصال هاتفي بتصديق أكذوبته وسرعان ما خرج الأخير، يعبر عن صدمته مما رأى من مشاهد لم يراها أمام عدد من قادة الجاليات اليهودية في واشنطن، لكن بعد ساعات قليلة أضطر البيت الأبيض إلى نفى الخبر من أساسه بعد أن أنتشر كالنار في الهشيم.
شيطنة المقاومة
استغلت مؤسسات الإعلام الصهيوغربية انتصار عملية “طوفان الأقصى”، لشيطنة فصائل المقاومة الفلسطينية ، بإدانتها وتصنيفها ضمن كشوفات المنظمات الإرهابية من خلال ترويج الأخبار الزائفة لتأليب العالم ضدها للحصول على مبرر لاستئصالها وتبرير المجازر التي يرتكبها الجيش الصهيوني في قطاع غزة.
لماذا يتعمد إعلام الغرب نشر الأكاذيب؟
يعزي المحقق الإعلامي حسام الهندي، تعمد وسائل إعلام الغرب نشر الأخبار الكاذبة لكسب الدعم المعنوي للمصدر المؤيد لها.
يقول الهندي، الذي يعمل مديرا لمنصة “FactCheck بالعربي”، في حديثه لـ TRT عربي:” أستطاع الإعلام الصهيوني التأثير والتلاعب في مضامين الرسائل الإعلامية بوسائل إعلام الغرب بسبب انحياز أنظمة الأخيرة لنظام كيان إسرائيل”.
يُسّعر إعلام الغرب نيران الحرب النفسية في رسالته الإعلامية تارة بنشر الشائعات وتارة باستباق التوقعات لترميم الانكسار النفسي لجنود جيش الاحتلال ومجتمعه الصهيوني ، مثل الحديث المبكر حول عن ما بعد الحرب ومصير حركات المقاومة وملف إدارة غزة بعد انتهاء العمليات الحربية في القطاع، بهدف بث حالة من الخوف في أوساط الشعب الفلسطيني والهزيمة النفسية في نفوس مقاتلي المقاومة وإيحاء العالم باقتراب نهاية الحرب وإعلان النصر.
تنتهج وسائل إعلام الغرب سياسة تحريرية تناقض ما يحدث على ميدان العمليان العسكرية في غزة، فتتعمد نشر أخبار رئيسة مفبركة لصالح كيان العدو على غلاف صفحاتها الأولى بعنوان “أطفال صهاينة مشوهين بقصف صواريخ حماس”، بينما تكتب عناوين أخبار ببنط صغير في ذيل صفحاتها، كـ عنوان “إصابة أطفال فلسطينيين الخطأ” أو بنيران صديقه .
تمارس مؤسسات الغرب الإعلامية ألاعيب كثيرة مخلة بأخلاق المهنة الصحفية أثناء تحرير وصياغة ونقل أخبار غزة، كأساليب التهويل والتهوين والنسخ والقص واللصق وإبراز وإخفاء حقائق أرقام الضحايا والمراوغة في كتابة عناوين ومقدمات القصص الإخبارية أثناء صياغتها خصوصاً عندما تكون لقيطة الكيان الصهيوني طرفاً فيها.
لعب ولا يزال يلعب إعلام الغرب دوراً كبيراً في ترويج أكاذيب الإعلام الصهيوني التي تروج بتحصن مقاتلي المقاومة داخل الانفاق تحت مباني مشافي غزة، حيث بثت مقاطع مرئية مفبركة للتأثير على الرأي العام لتحقيق وهم الانتصار الميداني التي يحلم به جيش الكيان لتخفيف الضغوط السياسية والنفسية والمجتمعية اللاتي تزيدان الخناق على رقبته وتكون لهم حجة لتدمير المستشفيات .
يرى مراقبون أن مثل هذا الانحياز الصارخ لم يأتي صدفة وانما تقف وراءه جماعات ولوبيات ضخمة داعمة لكيان إسرائيل سعياً لتعزيز الضغط على وسائل الإعلام الغربية يضمن تغطية أكثر ، دعما للكيان حتى ولو كانت مبينة على روايات مفبركة .
ما موقف الإعلام اليمني؟
يقف الإعلام اليمني ورجالاته على خطى قيادته الثورية والسياسية وضمير الإنسان اليمني الحي في توجيه الرسالة الإعلامية من مبدأ أخلاقيات المهنة والعمل الإعلامي الناقل للحقيقة كما هي، خلافاً لما تقوم به أغلب وسائل الإعلام العربية في تناولها حرب الإبادة التي تجري في قطاع غزة.
تتكفل وسائل الإعلام اليمنية بالمهمة المقدسة في نقل مظلومية الشعب الفلسطيني بشكل عام وأحداث القصف الهمجي الصهيوني الذي لا يبقي ولا يذر في قطاع غزة ، كما يضطلع بدوره الأخلاقي والإعلامي في خلق رأي عام إعلامي وسياسي ومجتمعي بمخاطبة أحرار العالم لتوحيد توجهاتهم لنصرة القضية الفلسطينية التي تقف أمامها أعتى قوة صهيونية مسنودة بدعم قوى أنظمة الغرب.
لكن لماذا يغمض إعلام الغربي عيناه!؟
الجواب جاء على لسان عملية “طوفان الأقصى”، التي فضحت أكاذيب الأنظمة التي تدعي الإنسانية والالتزام بحقوق الإنسان وأسقطت زيف الشعارات الأخلاقية ودعوات الاستقلالية ومبادئ الحياد وعدم الانحياز وكشفت حقائق مدارس أخلاقيات المهنة الصحفية التي تتغنى بها تلك أنظمة الغرب ومؤسساتها الإعلامية العريقة التي تعتبر نفسها نموذج المدرسة الإعلامية الحرة على مستوى العالم.
السياسية / صادق سريع