معركة الكرامة … مقاومة فلسطينية وخيانة سعودية
يمانيون – متابعات
( ألا يكفي ما حدث في حزيران , أليس علينا نحن على الأقل كفدائيين أن نعطي الأمثولة مرة واحدة , وأن نبرهن أن في العرب عرقا ينبض … علينا أن نسعى لتقويض اسطورة الجيش الذي لا يقهر حتى لو أدى ذلك إلى افنائنا جميعا ) .
معركة الكرامة … مقاومة فلسطينية وخيانة سعودية
من أجل حماية وأمن واستقرار الكيان الصهيوني عملت السياسة الاستعمارية البريطانية منذ وعد بلفور على ايجاد وزرع كيانات سياسية أخرى في المنطقة كحراس حدود للكيان النازي المحتل لفلسطين .
فأوجدت امارة شرق الأردن وكيان آل سعود وهذا ما اثبتته احداث التاريخ ووقائع اليوم ! -مسيرة النضال منذ عام 1965م قامت المقاومة الفلسطينية وحتى عشية نكبة 5 حزيران 1967م بما يقارب من مائتين عملية على طول الحدود العربية مع الكيان الصهيوني
وبالرغم من أن هذه العمليات كانت في نطاق متواضع بحيث أنها لم تعرض أمن الدولة العبرية للخطر , إلا أنها ساهمت في إقلاق الكيان الصهيوني بحيث اجبرته على السهر مع تعطيل طفيف لآليه انتاجه .
وذهب الكيان الصهيوني إلى اتهام الدول العربية بتشجيع ودعم الحركة الفدائية بالرغم من تواجدها في سوريا والاردن في 10 مارس 1968م التقي ياسر عرفات مع رئيس الأمن الأردني السيد عربيات في احد منازل قرية الكرامة ,
وقد أفصح عربيات عن معلومات مصدرها المخابرات المركزية الأمريكية تشير إلى اقتراب موعد هجوم اسرائيلي كبير على طول الحدود الأردنية يهدف إلى تحطيم قواعد المقاومة الفلسطينية على الحدود , وقد نصح عربيات بضرورة اللقاء العاجل مع رئيس الأركان الأردنية اللواء عامر خماش , وفي يوم 18 مارس كان اللقاء بينهما , وبعد النصائح العسكرية المحققة بعدم المجابهة مع جيش نظامي , قال خماش : عليكم أن تقوا أنفسكم بأسرع ما يمكن .
غير أن حركة المقاومة الفلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات آنذاك رفضت فقال عرفات : ( ما رأيكم سيدي , لو أخلينا الساحة مرة أخرى أمام الإسرائيليين , ألا يكفي ما حدث في حزيران , أليس علينا نحن على الأقل كفدائيين أن نعطي الأمثولة مرة واحدة , وأن نبرهن أن في العرب عرقا ينبض , ثم ختم كلامه أبو إياد قائلا : علينا أن نسعى لتقويض اسطورة الجيش الذي لا يقهر حتى لو أدى ذلك إلى افنائنا جميعا .. والتفت أبو عمار إلى خمادش وهو يودعه : أتدرى , في هذا المسدس تسع طلقات , وقد أدخرت الأخيرة لنفسي . لتبدا بعد ثلاثة ايام من هذا الاجتماع معركة الكرامة .
-معركة الكرامة
في 21 مارس 1968م شن الكيان الصهيوني عدوانه وهجومه , وبدأت المدفعية البعيدة بالرمايات التمهيدية تساندها طائرات سلاح الجو , فيما أرتال الدبابات تعبر جسري دامية والملك حسين , والطائرات المروحية تلقي بالمظليين خلف خطوط المقاومة والجيش الأردني ,
وقد تبين أن الهجوم الصهيوني كان بعرض 80 كم , غير أن وجهته الرئيسية كانت نحو منطقة الكرامة وكان فيها حوالي 300 فدائي فلسطيني , وقد أصدر اللواء مشهور حديثة قائد الفرقة الأردنية الأولى في المنطقة أوامره النهائية بفتح النار , وقد طلب إلى قادة ألويته ألا يسمحوا بمرور الجنود الصهاينة إلا على أجسادهم – وأقسم الجميع على القرآن بعدم الانسحاب – وما هي إلا دقائق حتي تحولت المنطقة إلى جحيم , وهبط الفدائيون من التلال ليخوضوا معركة مجابهة وبالسلاح الأبيض أحيانا , لتتواصل المعارك حتي مغيب الشمس وبعدها شرعت الشؤون الخلفية للصهاينة بتجميع قتلاهم وجرحاهم كمقدمة للإنسحاب , ومع الإنسحاب دمروا ثلاثة أرباع قرية الكرامة , لكن الهدف الرئيسي من الهجوم لم يتحقق , فقد ظل الفدائيون بمؤازرة حقيقة من الجيش الأردني يقاتلون حتى النهاية . وكانت النهاية هي انهزام وانسحاب الجيش الصهيوني وليس بقاءه , وكانت معركة الكرامة أساطير ينشرها الشعب المُخيب من نكسة حزيران ونتائجها !
وبعد أيام من معركة الكرامة كانت المعدات الصهيونية المدمرة والتي تركت في أرض المعركة تعرض في مسيرة عسكرية داخل شوارع العاصمة الأردنية عمان .
-الخيانة السعودية
عن معركة الكرامة يقول الكاتب اليهودي ( آشر سسر ) تحت عنوان ( الخط الأخضر بين الأردن وفلسطين ) في كتابه ( سيرة وصفي التل السياسية ) ما يلي : ( منذ الكرامة , فقد أدرك الملك حسين , الخطر الكامن في استمرار العمل الفدائي لكنه فضل التساهل على أمل ايجاد فرصة مناسبة للتوصل إلى تسوية مع الفدائيين , فقد تلقى تهديدات اسرائيلية متكررة , ونصائح عربية لا تقل خطورة , ومع ذلك فقد آثر الروية لأٍسباب أقلها أن أكثر من نصف شعبه هو من الفلسطينيين أيضا ) .
وفي ذلك الوقت الذى اشار إليه الكاتب اليهودي إلى – تهديدات اسرائيلية ونصائح عربية – كان الملك فيصل صاحب الرسالة الشهيرة إلى الرئيس الأمريكي جونسون قبل نكسة 5 حزيران 1967م .
يبعث برسالة تاريخية أخرى – اقل ما توصف بخيانة للقضية الفلسطينية ولتصفية المقاومة – إلى الملك حسين , وقد بعث بها في تاريخ 3 يناير 1969م وتحمل رقم الوثيقة 412 من مجلس الوزراء السعودي جاء فيها :
( صاحب الجلالة الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية ، حفظه الله . يا صاحب الجلالة سبق لي أن تحدثت لجلالتكم – كشقيق يسره ما يسركم ويضره ما يضركم – عن الحالة التي وصل إليها الأردن الشقيق ، بوجود ما يسمى ( المقاومة الفلسطينية ) ، وأفصحت لجلالتكم عن يقيني القاطع أن هذه ( المقاومة ) سوف تستغل ضدكم وتتحول من اسمها الظاهري ( مقاومة فلسطينية ) إلى ( مقاومة ) ضدكم وضد شعبكم إن أنتم تهاونتم بترك حبالها على الغوارب .. والآن … وبعد أن أتضح لجلالتكم أمرها جليا، فإنه لا يسعني إلا أن أكرر نصحى للاستفادة من هذا الوقت السانح لجلالتكم بمبادرة القضاء المبرم على هذه ( المقاومة ) فبادروا أيها الأخ العظيم قبل أن يحدث ما نتوقعه بين يوم و أخر ، وما نخشى عقباه باستبدال حكمكم لا قدر الله ، بحكم هذه (المقاومة الفلسطينية ) ، ومن ثم يأتي دورنا نحن ، حين يتحول الأردن من دولة شقيقة إلى وبال ثورة علينا ، فننشغل بمحاربة ثورتين شيوعيتين ، واحدة في جنوب مملكتنا والأخرى في شمالها ، حيث يصبح الأردن الشقيق كالجنوب المسمى باليمن الديمقراطي ، والذى لم نزل نتعاون و إياكم في مكافحة من أفسدوه.
*فإن لم يصبح الأردن دولة شيوعية بانتصار ( المقاومة ) لا قدر الله ، فإنه سيصبح بالتأكيد ولا محالة دولة ناصرية أو بعثية أو قومية ، وكل هذه التسميات وإن اختلفت مجاريها ، فإنها تصب في قعر بؤرة واحدة ، هي بؤرة الهدم ضدنا ، وضد أصدقائنا الأمريكان والإنكليز وأنصار النظام الغربي .
لذلك فإنني أعرض مجددا على جلالتكم – كشقيق لكم – رأينا النهائي ورغبتنا الملحة ، بالقضاء على كل هذه الزمر المفسدة المجتمعة فى الأردن باسم ( مقاومة إسرائيل ) ، بينما- يشهد الله– أن شر إسرائيل لا وجود له ، أمام شرور تلك الزمر المفسدة .
وبهذه الرسالة ، ما أردنا إلا تكرار عرض خدماتنا لجلالتكم بتحمل كافة المصروفات ، وما ستتكلفونه من مال وسلاح وذخيرة في سبيل مقاومة ( المقاومة) .
وإلا فإنني وأسرتي الصديقة التي ترى في هذا الرأي ، وتقره كما تعلمون ، سننضم جميعا ضدكم ، لنشكل الطرف الأخر لمقاومتكم ومقاومة هذه ( المقاومة ) غير الشريفة.. لأننا بذلك لا ندافع عن كيانكم فقط ، بل عن كياننا أيض.
وبانتظار الرد من جلالتكم ، أدعو الله أن يحميكم من كل مكروه وأن يأخذ بيدنا لإحباط كل ما يحيط بنا من أخطار المفسدين الملحدين. أخوكم المخلص فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية .
-تصفية القضية والمقاومة
بتاريخ 27 ديسمبر 1966م وحملت رقم 342 من ارقام وثائق مجلس الوزراء السعودي ارسل الملك فيصل رسالة الى الرئيس الأمريكي يحثه على ضرورة مساندة الكيان الصهيوني للقضاء على جمال عبدالناصر …
وفيما يخص فلسطين تضمنت رسالة الملك فيصل ا ما يلي : ( لا بد أيضا من الأستيلاء على الضفة ولغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ،وحتى لا تستخدمهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية )
فلم تكتفى السعودية بالتآمر مع الصهاينة والامريكان بنكسة 5 حزيران 1967م , وقبلها الدور الذي لعبه الملك سعود في انفصال الوحدة المصرية – السورية .
لتظل السعودية في الاسترسال بخياناتها للقضية العرب الأولى من خلال هذه الرسالة للملك فيصل والتي كانت سبب في ايلول الاسود 1970 وراح ضحيتها ما يقارب عشرين ألف فلسطيني وترحيل المقاومة الفلسطينية من الأردن .
واليوم تثبت معركة طوفان الاقصى حقيقة الدور السعودي في تصفية القضية الفلسطينية ومقاومتها والتطبيع مع الكيان النازي الصهيوني وايضا حقيقة وجود الكيان السعودي في قلب شبة الجزيرة العربية كخدمة للمخططات الاستعمارية الكبرى منذ اوجدته الدوائر السياسية والاستعمارية البريطانية .
26 سبتمبر / علي الشراعي