لهذا السبب.. فرار طيارين سعوديين بطائراتهم الحربية؟!
يمانيون../
تقوم العقيدة الايديولوجية – السياسية والعسكرية للكيان السعودي وإلى اليوم منذ أن زرعته بريطانيا تزامنا مع وعد بلفور في قلب شبة الجزيرة العربية على العدوان والتوسع واحتلال أراضي الجيران بدأ من الكويت وقبلها دولة عُمان ومن ثم اليمن.
ومازالت تلك العقيدة السعودية العدوانية التوسعية الطامعة بأراضي وثروات جيرانها تتثمل اليوم بعدوان 2015م على اليمن , ومع استمرارها ايضا باتباع السياسة السادية والهيمنة والتسلط على بقية جيرانها في الخليج العربي .
–تحالف العدوان
مع تفجير ثورة 26سبتمبر 1962م وما احدثته من صدأ كبير على المستوي الاقليمي والعربي والدولي واعتراف الاتحاد السوفيتي بالنظام الجمهوري بصنعاء بعد يومين من الثورة مما جعل لها دوي عالميا أكبر وفاق أزمة صواريخ كوبا بين موسكو وواشنطن حينذاك . لتتكالب على ثورة 26 سبتمبر قوى الهيمنة والاستعمار والرجعية السعودية وقيام الرياض بالتحالف سياسيا وعسكريا ولوجستيا مع بريطانيا وامريكا وفرنسا وايران وبلجيكا وحتى الكيان الصهيوني والعديد من الدول الغربية وجلب مرتزقة من مختلف بلدان العالم قدر عددهم بخمسة آلاف مرتزق لشن عدوان على اليمن بذريعة استرجاع شرعية حكم الإمام البدر والقضاء على ثورة 26 سبتمبر1962م .
بالرغم أن العلاقات التاريخية بين آل سعود وبين أسرة حميد الدين في اليمن لم تكن طيبة في أى وقت من الأوقات فإلى جانب المنافسة التقليدية بين الأسر الحاكمة في شبة الجزيرة العربية كان بين اليمن والسعودية صراع وصل إلى حد الحرب عام 1934م بسبب المطامع التوسعية السعودية وعدوانها واحتلالها للمناطق وأراضي يمنية ( نجران وجيزان وعسير) .
وفي 5 نوفمبر 1962م عقدت السعودية مع الأردن حلف عسكري وإقامة مجلس للدفاع المشترك بينهما واتخذت الأردن مقرا للقيادة العسكرية – بالرغم ان الملك عبدالله بن الشريف حسين مؤسس المملكة الهاشمية الاردنية كان يذكر بأن آل سعود اغتصبوا ملك أسرته في الحجاز وساندا لاحقا كل التمردات التي كانت تقوم في الحجاز وعسير ضد حكم عبدالعزيز آل سعود – وبتكتم شديد وخوفا من تمردات عسكرية داخلية ضد هذا التدخل الاردني بالشؤون اليمنية أرسلت الاردن ما يقارب الألف وخمسمائة جنديا اردنيا قتل منهم 280 جنديا اردنيا .
ويعود التدخل السعودي منذ اليوم الأول للثورة اليمنية لمساندة القوات الملكية لاستعادة عرش بيت حميد الدين تخوفها من تطور وضع اليمن من خلال قيام النظام الجمهوري وتحولها إلى قوة مؤثرة في الجزيرة العربية بما تملك اليمن من مقومات الموقع والكثافة السكانية , ولا سيما ايضا ‘ذا استطاعت الثورة في الشمال دعم الثوار في جنوب اليمن الساعية لطرد المحتل البريطاني , ومن ثم تحقيق وحدة اليمنيين أرضا وإنسانا , الأمر الذي سيجعل اليمن اكبر قوة في شبة الجزيرة العربية مما سيحدث توازن قوى بالمنطقة ومن ثم مطالبة اليمن بالأراضي التي كانت السعودية قد احتلتها بعد حرب 1934م .
–فرار طيارين
تأكد الدعم السعودي للملكيين بعد نزول أولى الطائرات الحربية السعودية في مطار القاهرة في صباح الثاني من اكتوبر 1962م , محملة بالأسلحة والذخائر كانت متوجهة من مطار جدة نحو مطار نجران لدعم الملكيين والقضاء على ثورة 26 سبتمبر في اسبوعها الأول .
ليتولى بعد ذلك فرار طيارون سعوديون آخرون بطائراتهم الحربية و طائرات النقل العسكري محملة بسلاح وذخائر إلى مصر .
حيث ازدادت المعارضة داخل المؤسسة العسكرية السعودية شعورا بقوميتهم العربية وبحق الجوار واستنكارا لما تقوم به حكومتهم من محاولة لضرب الثورة اليمنية , حيث أدت تلك الحوادث وفرار الطيارون بطائراتهم إلى أيقاف جميع فعاليات السلاح الجوي السعودي عن العمل وتم استبعاد العناصر المشكوك في ولائها للسلطة الحاكمة في الرياض .
ففي صباح يوم 2 اكتوبر 1962م فوجئ مطار ( الماظة ) بالقاهرة بطائرة حربية تقترب منه , ويطلب قائد الطائرة النزول فيه قائلا : ( إنه لدية معلومات خطيرة تهم القاهرة) ونزلت الطائرة وكانت من طائرات النقل الأمريكية الكبيرة طراز ( فير تشيلد 123ب) تحمل علامات السلاح الجوي السعودي .
ثم نزل منها ثلاثة من الطيارين السعوديين هم : الرئيس طيار رشاد ششة , والرئيس طيار أحمد حسين , والفني محمد أزميرلي ) وقالوا : إن طائرتهم محملة على آخرها بالأسلحة والذخائر , ثم بدأوا في رواية التفاصيل فقد كلفوا بالتوجه إلى مطار جدة في الساعة الواحدة من صباح الثلاثاء 2 اكتوبر وهناك وجدوا طائرة النقل الكبير تشحن بصناديق من السلاح والذخيرة وكانت الأوامر الصادرة إليهم أن يذهبوا بها على الفور إلى مطار نجران على الحدود السعودية – اليمنية وسوف يجدون هناك من يتسلمها منهم .
واما هم فعليهم أن يعودوا بطائرتهم لأن امامهم أن يكرروا الرحلة من جدة إلى نجران بحمولات مماثلة ثلاث مرات في نفس اليوم .
واضافوا انهم بعد أن صعدوا بطائرتهم في الجو تداولوا فيما بينهم واتفقوا على ان واجبهم القومى لا يسمح لهم بأداء ما كلفوا به , فقد عرفوا بالطبع أن هذه الشحنة من الأسلحة , وما سوف يليها موجهة ضد الثورة في اليمن .
ولقد قرروا فيما بينهم أن الواجب القومي يفرض عليهم أن يجيئوا بطائرتهم وحمولتهم إلى القاهرة , وهم بذلك يحققون هدفين : هدف الحيلولة دون وصول شحنتهم من السلاح إلى حيث تستعمل ضد ثورة اليمن , ومن ناحية أخرى فإنهم بذلك يكشفون عمليا دليل التآمر لضرب هذه الثورة .
وبدأ تفريغ شحنة الطائرة وكانت تحوى على عشرين صندوقا من المدافع الرشاشة سريعة الطلقات تحتوى على 240 مدفعا , كما كانت هناك أعداد ضخمة من الصناديق الملأى بذخائرها .
وكانت المفارقة أن كل هذه الصناديق تحمل شارة كفين يتلاقيان , وهى شارة المعونة الأمريكية .
وطلب الطيارون السعوديون الثلاثة حق اللجوء السياسي إلى مصر . وفي يوم 3 اكتوبر 1962م تكرر نفس المشهد , وفي مطار أسوان هذه المرة فنزلت فيه طائرة حربية سعودية من نفس الطراز , وكان فيها اثنان من الطيارين هما : الرائد طيار محمد عبدالوهاب والملازم طيار محمد على الزهراني .
وفي يوم 8 اكتوبر 1962م تكرر نفس المشهد للمرة الثالثة ونزلت في مطار الماظة بالقاهرة طائرتان سعوديتان مقاتلتان يقود الأولى الرائد طيار أحمد موسى عواد ويقود الثانية الرائد طيار عبداللطيف الغنوري .
ومع تحالف الاردن مع السعودية بالمشاركة بالعدوان على اليمن تنفيذا لمعاهدة الدفاع المشترك بينهما احدثت ردة فعل داخل المؤسسة العسكرية الاردنية الرافضة لتدخل بشؤون اليمن ففي 12 نوفمبر 1962م هبطت في مطار القاهرة طائرة عسكرية وكانت بقيادة الطيار سهل حمزة قائد سلاح الطيران الاردني الذى طلب حق الالتجاء السياسي إلى مصر , وفي اليوم التالي 13 نوفمبر هبطت في مطار القاهرة ايضا طائرتان أردنيتان ونزل منهما ضابطان وهما الطيار تحسين صيمه والطيار حربي صندوقة .
وقد طلبا كلاهما الالتجاء إلى مصر .
وكان دافع الطيارين الاردنيين الثلاثة هو نفس الدافع فكلهم لم يكونوا مستعدين لتقل الأسلحة والذخائر إلى حشود الملكيين في جيزان ونجران ولا كانوا مستعدين للاشتراك في عمليات عسكرية ضد الثورة اليمنية .
– تصدع سياسي
في اغسطس 1962م شهد الشارع السعودي مظاهرات وإجراء اعتقالات ووقوع اضطرابات سياسية وخلاف كبير بين الأسرة المالكة السعودية كادت كل تلك الاحداث الداخلية أن تعصف بدولة آل سعود بدأ بإقالة الملك سعود أخيه الأمير فيصل من رئاسة الوزراء ومن ثم قيام الأمير طلال بن عبدالعزيز بمحاولة انقلاب في اغسطس 1962م والذي كان قد اشترك في الوزارة التي شكلها الملك سعود قبل شهور بمحاولة الانقلاب على ولي العهد الأمير فيصل واقيل من منصبة كوزير للمالية .
ليغادر على أثر ذلك إلى جنيف ومن ثم إلى بيروت والذي عقد فيها مؤتمرا صحفيا اعلن فيه الامير طلال : انه لن يعود للسعودية , ثم بدأ في مهاجمة نظام حكم أخيه سعود ويكشف عن حقائق وأوضاع في المملكة لم يستطع أن يسكت عليها .
وأعلن الأمير طلال في مؤتمره الصحفي في بيروت عن اسباب خلافه مع الملك سعود وهي اسباب تتعلق بطريقة الحكم في المملكة , وبالفساد المستشري في قصورها , وبالأسلوب المتبع في حكمها .
وقال طلال : إن خلافه مع الملك ليس خلافا شخصيا وإنما هو خلاف يقوم على أسباب موضوعية ومبدئية . وتأزم الموقف داخل الأسرة السعودية الحاكمة عندما انضم أربعة من الأمراء الشباب من اولاد الملك عبدالعزيز آل سعود مع الأمير طلال وهم ( عبدالمحسن وبدر وفواز وسعد ) وشكلوا فيما بعد ( حركة الأمراء الأحرار ) وأعلنوا انهم سوف يناضلون ضد الحكم القائم في الرياض .
وأمر الملك سعود بسحب جوازات هؤلاء الأمراء المتمردين عليه ثم اتبع ذلك بمصادرة أموالهم واحتلال قصورهم .
وفي يوم 19 اغسطس 1962م وصل الأمراء الخمسة إلى القاهرة , وفيها أعلن الأمير طلال أن ( معركتهم ضد سعود ومن أجل تغيير الأوضاع في الرياض سوف تنتقل إلى داخل السعودية ) .
-بيان للشعب السعودي
اعتبر الأمير طلال بن عبد العزيز : ( إن الإطاحة بالحكم الرجعي في اليمن , عمل خالد سيخلده التاريخ بأحرف من نور, وإن جبهة التحرير السعودية باسم ملايين من أبناء السعودية , تعرب عن تهانيها لشعب اليمن الشقيق وجيشه المظفر )
ودعا الأمير طلال من القاهرة لتكوين جبهة تحرير عربية تساند ثورة اليمن ضد الهجمات الخارجية , وشكل تنظيما أطلق عليه تنظيم الأمراء الأحرار لمعارضة نظام الحكم في السعودية .
وفي 11 اكتوبر 1962م وجه الأمير طلال بن عبدالعزيز من القاهرة بيان إلى الشعب السعودي قال فيه : ( انتم طبعا تتابعون الأحداث في العالم العربي .. هذه الأحداث التي اطاحت بطغاة ظلمة فاسدين وهزت اخرين هم الآن في حالة لا يحسدون عليها ..
وهذا هو منطق التاريخ وهذه هي إرادة الله وإرادة الشعوب , ولكن حكام السعودية لا يعترفون بهذا المنطق ولا بإرادة الله وإرادة الشعوب …. لا شك أن الملك سعود قد طار عقله عندما سمع بثورة اليمن ولا شك أنه فقد اعصابه عندما جرؤ وتحدى إرادة شعب اليمن واعلن مساندته لحكامه السابقين …
ما الذي حشر الملك سعود وجعله يتدخل في شؤون اليمن الداخلية ؟
السبب أن سعود يريد الإبقاء على الحكم الرجعى في اليمن حتى يبقى هو نفسه … أوليس من الأفضل لسعود أن يحمى نفسه أولا قبل أن يساعد غيره ويحميه !
وهذه المبالغ الضخمة التي عودنا سعود على صرفها يمينا وشمالا على مؤامراته ودسائسه اليست البلاد في حاجة إلى كل قرش منها ؟ ).
–انقلاب الرياض
أن التدخل السعودي قد قاد إلى انعكاسات حادة على الوضع السياسي الداخلي فيها سواء على الصعيد الشعبي او على صعيد الأسرة المالكة .
فعلى صعيد الأسرة المالكة أعاد فيصل وكان وليا للعهد آنذاك سيطرته على الوضع في البلاد واقال حكومة الشباب التي شكلها الملك سعود , وعين وزراء موالين له الأمر الذي حدى ببعضهم معارضته واللجوء إلى الخارج فعمل الملك فيصل على اتخاذ عدة إجراءات لمواجهة كل معارضيه من امراء الأسرة الحاكمة داخليا وقيامه بتشكيل حكومة جديدة استبعد منها ستة وزراء من خارج الأسرة الحاكمة الداعم للثورة والنظام الجمهوري في اليمن ولموقفهم المعارض للتدخل حكومتهم بالشؤون اليمنية الداخلية ومخالفه صريحه ونقضا للمعاهدة وبنود معاهدة الطائف عام 1962م بين الرياض وصنعاء .
وبعد ذلك وبدعم امريكي – بريطاني قام الأمير فيصل بالاستيلاء على الحكم وتم اقصاء الملك سعود منه سنة 1964م . مما جعل سعود ينظم للمعارضة السعودية ( الأمراء الأحرار) في مصر ويطالب بالحكم باعتباره الحاكم الشرعي للسعودية .
أما على الصعيد الشعبي فقد حدثت انتقادات واسعة من قبل ابناء الشعب للتدخل السعودي في اليمن حيث اعتبر تدخلا سافرا في شؤون شعب ينشد الاستقلال والتحرر الكاملين .
كما تشكلت تنظيمات جديدة اتخذ بعضها من اليمن منطلقا له مثل ( الجبهة الشعبية لتحرير الجزيرة العربية ) واقتصاديا مما لا شك فيه أن الدعم الذي كانت تقدمه السعودية بصور شتى للملكيين في اليمن قد انعكس بصورة سلبية على الوضع الاقتصادي الداخلي السعودي في وقت كانت الخزينة السعودية تعاني من المشاكل ولم تدخل فترة الطفرة الاقتصادية بعد
–وثائق سرية
في 4 اكتوبر1962م كان فيصل وليا العهد السعودي على موعد لمقابلة الرئيس الأمريكي ( جون كنيدي) في البيت الأبيض في وقت كانت ثورة اليمن وما تلتها من تطورات متسارعة في آخر سبتمبر وأوائل اكتوبر 1962م تشكل بنظر واشنطن خطرا على مصالحها الاقتصادية في المنطقة .
وقد كان الاجتماع بين كنيدي وفيصل حساسا إلى درجة أن المحضر الخاص بوقائعه وضع في خزينة مكتب الرئيس ضمن الوثائق التي لا يمكن إذاعتها أو الحصول عليها بواسطة قانون حرية المعلومات .
ومن ثم غادر فيصل من واشنطن نحو لندن استكمالا للقيام بعدوان وحرب على اليمن تماشيا مع الاطماع الانجلو – امريكية وما يحدث اليوم من عدوان على اليمن منذ 2015م ما هو الا استكمال لمطامع وحروب عدوانية وتوسعية تأجلت بالماضي من قبل المشروع الغربي وتنفذه نفس الايادي مع اشراك دويلة مستحدثة .
- نقلا عن 26سبتمبر نت