دلالات ورسائل احتفال اليمنيين بذكرى المولد النبوي الشريف
يمانيون – متابعات
خرج الشعبُ اليمني، الأربعاءَ الماضيَ، في حشدٍ مليوني غيرِ مسبوق في تاريخ اليمن والبشرية؛ إحيَـاءً لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف -على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.
الخروج كان كالسيول المتدفقة الجرارة التي لا يرى أولها من آخرها، في الساحات المحمدية بكل المحافظات والمديريات، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، شيوخاً وشباناً، رسموا أعظم لوحة تاريخية تصف مدى حب وولاء الشعب اليمني لله ورسوله، وستظل شاهدة للأجيال القادمة وستظل تكبر كُـلّ عام عن العام الذي سبقه ولو كره المبغضون والمرجفون، الذين يتطاولون على الإسلام والنبي الكريم.
ولغرس القيم الإسلامية ومحبة الرسول الأعظم في نفوس الأجيال والشعوب العربية والإسلامية بل والعالم، وجّه الشعبُ اليمني رسائلَ متعددةً من خلال احتفالاته بذكرى المولد النبوي الشريف، الذي جدد فيه العهد بالالتزام بكتاب الله وسنة رسوله والوفاء والتفويض لقائد الثورة يحفظه الله، حَيثُ تميَّزَ شعبُنا بإحيائه لهذه المناسبة بشكلٍ كبيرٍ وبأنشطة متنوعة وفعاليات مركزية، وتصدر الشعوب الإسلامية في مدى اهتمامه بهذه المناسبة وابتهاجه بها وطريقة إحيائه لها.
وهذا ليس غريباً على هذا الشعب الذي يجسِّدُ إيمانَه برسول الله والتزامه بالجوانب العملية والاقتدَاء والاهتمام، كما يجسد ذلك بالتوقير والتعظيم لرسول الله كما كان آباؤهم وأجدادُهم الأنصار، الذين نصروا رسول الله وآووه في صدر الإسلام وحملوا رايته.
وفي هذا الصدد، يقول الباحثُ والنشاط السياسي رشيد الحداد: “لقد خرج الشعب اليمني خروجاً مشرِّفاً عظيماً بحشود مليونية لا نظيرَ لها في العالم كله، ويدل ذلك على أن شعبَ القرآن قد عرف الطريقَ ومصادر الانتصار”، مؤكّـداً أن رسالة تلك الحشود تدل على إعلان التولي لرسول الله بعد التولي لله تبارك وتعالى، وأنها مصداقاً لقول رسولنا الكريم -صلى الله عليه وآله-: “إني لَأَجِدُ نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن”، وقوله: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”.
ويضيف: “ما رأينا من حضور لافت واستجابة كبيرة لقائد الثورة -يحفظه الله- هذا العام يدل على أن الوعي يتنامى من عام إلى آخر مقارنة باحتفالات الأعوام الماضية، وهذا دليل على أن شعبنا هو معدن الإيمان الحقيقي الذي جاء به المصطفى”، مؤكّـداً أن “إحيَـاء المناسبة يعد تجديدًا للارتباط بالنبي محمد، وموقفاً علنياً واسعاً لرفض الإساءَات المتكرّرة للقرآن الكريم والرسول الكريم محمد”.
وعن رسالة الخروج المشرف وغير المسبوق للشعب اليمني في هذا العام لإحيَـاء ذكرى المولد النبوي الشريف، يؤكّـد الحداد أن “مناسبة ذكرى المولد النبوي والخروج المشرف للشعب غير المسبوق يحمل رسالة واضحة للعالم ولدول اليهود والأعداء، تؤكّـد مدى الصلة الوثيقة بين اليمنيين والنبي الخاتم -صلوات الله عليه وعلى آله- وعلاقة اليمنيين برسالة الإسلام والشريعة المحمدية في زمن نرى فيه الانحراف والتحريف سيد الموقف، خَاصَّة في البلدان التي تدَّعي حماية ورعاية المقدسات الإسلامية، خُصُوصاً أن الأُمَّــة الإسلامية أصبحت متفرقة؛ بسَببِ هيمنة الطائفية الدينية والسياسية”، مبينًا أن “الأُمَّــة الإسلامية لا يمكن أن تستعيد دورها الريادي في العالم، وحريتها وكرامتها، وأن تتحرّر من كُـلّ أشكال التبعية والهيمنة، إلا من خلال استعادة علاقتها بالرسول والقرآن والعودة الصادقة إلى القرآن، وتعزيز ارتباطها بهما، خُصُوصاً وأن الأُمَّــة تواجه الخطر الكبير في التبعية لأعداء الإسلام”، موضحًا أن “حركة اللوبي اليهودي الصهيوني في العالم وأذرعها أمريكا وإسرائيل وبعض الأنظمة الأُورُوبية وأتباعهم، تعمل على احتواء المسلمين واختراقهم، وهذا ما أكّـد عليه قائد الثورة في خطابه الأول ليلة المولد النبوي”.
ولهذا فَــإنَّ احتفال الشعب اليمني بالمولد النبوي وبالنبي محمد –عليه وآله الصلاةُ والسلام- يمثّل عنواناً للوحدة الإسلامية، وأن اليمن سيبقى عنوان المحبة والوفاء والإيمان بالرسول والرسالة ونصرة الحق وأهله، ونصرة القدس وفلسطين ورفض التطبيع بما يعطي تصوراً حقيقيًّا لمعنى الإسلام الحقيقي الذي لا ينفصلُ عن قضايا الأُمَّــة، وعلى رأسها قضية مسرى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، بالإضافة إلى ذلك فَــإنَّ الشعب اليمني يحمل راية الوَحدة الإسلامية ويفشل المحاولات الصهيونية والغربية لزرع الشقاق بين الأُمَّــة الإسلامية.
إدانةُ الإساءَات المتكرّرة:
وحول رسائل ودلالات إحيَـاء مناسبة ذكرى مولد النور المصطفى محمد -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم-، يقول الصحفي والناشط السياسي يحيى الشرفي: “إن الحشودَ المليونية رسالةٌ واضحةٌ سبق وأكّـد عليها السيد القائد عبدالملك الحوثي، بأن الخروج المشرِّف والمليوني يدُلُّ على ثبات الشعب اليمني في تمسكه بقضايا أمته الكبرى”.
ويوضح في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “التمسك أكثر بالنبي محمد ما هو إلا تعبير صريح عن رفضه لكل أشكال تشويه الإسلام من التعدي على قدسية المصحف الشريف في بعض الدول الأُورُوبية والغربية، وإدانة الإساءَات المتكرّرة، إلى ظهور مندسين على الدين الإسلامي يدّعون زيفاً أنهم علماء، وهم بعيدون كُـلَّ البُعد ليقدموا دين الإسلام بطريقة مشوّهة وقبيحة؛ بهَدفِ نقل صورة سيئة عن الإسلام لدى شعوب الدول غير الإسلامية، ولزعزعة ثقة المسلمين بدينهم ونبيهم، ودفع الشباب فيهم إلى التخلي عن الإسلام وإنكاره، والتحول إلى اعتناق المسيحية، أَو إنكار الأديان جميعها كما نرى اليوم، ووُصُـولاً إلى تلميع التطبيع مع العدوّ الصهيوني”.
ويواصل: “لهذا نلاحظ أن تقديمَ الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- للعالم قد شُوِّهَ؛ بفعل الجماعات الوهَّـابية والمتطرفة التي يدعمها الغرب ويقدمها بأنها النموذج الذي يقدم الإسلام فانتشرت الثقافات المغلوطة واكتسحت العالم بفعل النفط والمال والترويج لهذه الجماعات التي تقدم الإسلام بشكل هزيل أَو بلباس يسيء للإسلام ويضرب عظمة الإسلام في قلوب أتباعه قبل أعدائه، وأمام هذا الاستهداف الممنهج كان لزاماً على أبناء الأُمَّــة المتمسكين بهذا النبي حقيقة أن يقدموا النموذج الرائع والراقي والقوي عن الرسول والرسالة”.
ويضيفُ الشرفي أن “للحشد الهائل في اليمن بذكرى المولد النبوي الشريف رسالةً أُخرى تؤكّـدُ أن الشعبَ اليمني ما يزال على موقفِه الديني والمبدئي والأخلاقي مع الشعب الفلسطيني ومجاهدي حركات المقاومة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني بمختلف انتماءاتها وأطيافها وفي مختلف المناطق داخل أَو خارج فلسطين”.
ووفق الناشط السياسي الشرفي فَــإنَّ “مناسبة المولد النبوي الشريف والخروج المشرِّف له رسالةٌ ودلالةٌ أَسَاسيةٌ تؤكّـدُ أن كُـلّ محاولات الأعداء في ثني الشعب اليمني وحَرْفِه عن مبادئه وأخلاقه وقِيَمِه الإيمانية التي شهد له بها النبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- قد فشلت جميعُها، بل إنها لا تزيدُ اليمنيين إلا ثباتاً أكثرَ على دينهم ومبادئهم، وهذا الخروج الهائل هو أكبر استفتاء على أن الشعب اليمني هو هذا الذي خرج بهذه الحشود الهائلة، وليس أُولئك النفر المرتزِقة الذين يتسكعون من فندق إلى آخر في الرياض أَو أبوظبي ودبي أَو القاهرة وإسطنبول، والذين يتحدثون في وسائل إعلام العدوان باسم اليمن، وشعب اليمن واليمن واليمنيين منهم بُراء”.
تذكيرٌ بأُسُسِ ومبادئِ الدين:
وبخصوص رسالةِ ذكرى المولد النبوي وتأثيرها على الأعداء واليهود، يقول الصحفي والناشط السياسي يحيى الشرفي: “من الواضح أن طائفةَ اليهود الأشد كفراً هم أكثر من يتأثرون بهذا الحشد الهائل، الذي يشكّل خطراً حقيقياً عليهم؛ لذا سيهتمون به ويعملون على تحليل هذه التطورات بشكل دقيق جِـدًّا وسينفقون الأموال والوقت والجهد لإيجاد أساليبَ وطرق جديدة لمحاربة الشعب اليمني في عقيدته ودينه وثوابته ومبادئه وقيمه، وسَتكون هناك هجماتٌ متكرّرة على اليمنيين، سواءً من اليهود بشكل مباشر أَو عبر حلفاء اليهود في المنطقة والمتمثلين بدول التطبيع ومن معهم من أدوات وأبواق ارتزاق من المنسلخين عن هُــوِيَّتهم اليمانية، وسنرى في المستقبل القريب العديدَ من أشكال هذه الهجمات التي لن يكون لها من مجال إلا أن يتم بثها عبر وسائل الإعلام فقط؛ بهَدفِ زعزعة قناعة اليمنيين وتشكيكهم في قيادتهم وفي دينهم وفي هُــوِيَّتهم وقد يصل الحال ببعض الهجمات إلى محاولة اليهود وعبر مرتزِقتهم تشكيك المسلمين بكتاب الله عز وجل أَو ببعض آياته، وقد شهدنا مثل هذه الهجمات على مدى سنوات الحرب الماضية”.
ويؤكّـد أن “الهدفَ من وراء محاولات اليهود ذلك هو أن يفصلوا الأُمَّــة عن ماضيها، عن عزتها، عن كرامتها، عن من يمثل القيم والمبادئ السامية في دينها، عن تذكر الماضي الذي نحتاجه في الحياة وفي مسارنا العملي”، لافتاً إلى أن “مناسبة الاحتفال بذكرى المولد، تعتبر حلقة وصل تربط حاضر الأُمَّــة بماضيها، وتعزز ارتباطنا بالإسلام والقرآن وتعزز الوعي وزكاء النفوس، وتذكرنا بأسس ومبادئ الدين التي كان عليها رسول هذه الأُمَّــة، ولذلك رأينا أُولئك الذين يُبدّعون ويكفّرون ويشنعّون ويشنون الحملات على هذه المناسبة”.
وبحسب الشرفي فَــإنَّ “أكثر من يدرك ما هو سر تفوق الشعب اليمني، هم اليهود والكيان الصهيوني بدرجة أَسَاسية؛ ولهذا فهم حريصون كُـلَّ الحرص على محاربة اليمنيين في عقيدتهم بكل الوسائل وباستخدام أقذر الأساليب ولو اضطرهم الأمر إلى تجنيد يمنيين مرتزِقة للعمل معهم لتحقيق هذا الهدف، ولكن هيهات، فكلما حاولوا مواجهةَ الشعب اليمني كلما زاد اليمنيون قناعة بهُــوِيَّتهم ودينهم ومبادئهم وتمسكهم بقيادتهم، وأبرز دليل على ذلك ما نشهده من تعاظم الحشود الشعبيّة من عام إلى آخر أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والتي تجاوز تأثيرها حدود اليمن ليسجل اليمنيون أكبر حشد بشري في تاريخ البشرية على مستوى العالم في مشاهد ومظاهر لم يسبق أن شهدتها دولةٌ حول العالم”.
ثورةٌ مُستمرّةٌ ضد أعداء الله ورسوله:
وكون الشعبِ اليمني يستمرُّ في إبهار العالم بهذه الحشود، ولعل حشد هذا العام المليوني هو الأكبر والأكثر زخمًا بكل المقاييس، يقول سند الصيادي -رئيسُ الدائرة الإعلامية لحزب الحشد: “الحشودُ الشعبيّة المهيبة المحتفلة بذكرى مولد النور المحمدي -صلوات الله عليه وعلى آله- هذا العام، أبهرت العالَمَ الذي يراقب عن كَثَبٍ تصاعدَ الحشود الشعبيّة في اليمن مع كُـلّ مناسبة؛ وهو ما يعني أن كُـلّ مخطّطات الأعداء على اختلاف أشكالها: العسكرية والدينية والثقافية والسياسية، مُنيت بالفشل الذريع، وَأن الإيمَـان والحكمة في اليمن ينتصران مجدّدًا، وكذلك الوعي الشعبي في حالة ثورة مُستمرّة ضد أعداء الله ورسوله”.
ويؤكّـد رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الحشد في تصريح خاص لـ “المسيرة”، أن “إحيَـاء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف رسالة لكل العالم وشعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية، بأن الشعب اليمني يعرف معنى الاصطفاف خلف الرسول الأعظم، وإعلاء ذكره والالتجَاء إلى الله ورسوله في كُـلّ الأحوال، ناهيك عن الحاجة الملحة إليه في مثل هكذا ظروف وأوضاع تمر بها البلاد والأمة جمعاء”، موضحًا أن “الاحتفال بهذه المناسبة يمثّل استجلاباً لكل عناصر القوة في ميدان المواجهة مع الأعداء”.
وتحت هذه المعطيات وفق الصيادي كانت الرسائل التي صدّرها اليمنيون في ذكرى المولد الشريف إلى العالم متعددة وواضحة، يفهمها العدوّ جيِّدًا، وبموجبها يعيد تقييم ومراجعة سياساته، على المستوى الإسلامي عُمُـومًا، على الأعداء أن يكفوا عن الإساءة للقرآن الكريم والرسول محمد بعد قراءة هذا المشهد اليمني الذي تكفل به اليمنيون بالنيابة عن شعوب الأُمَّــة الإسلامية التي تعيش تحت وطأة أنظمة الخيانة والارتهان، منوِّهًا إلى أنها رسالة متعددة العناوين في مواجهة الإساءَات للدين الإسلامي وَمواجهة العدوان على اليمن، وأن عليهم أن يتقوا غضبَ هذا الشعب الذي لن يفرط بهُــوِيَّته الدينية والإيمَـانية ولا بأرضه وسيادته واستقلاله، وهو على استعداد أن يقدم جُلَّ التضحيات في سبيل ذلك.
ويزيد الصيادي: “كما كان التفويضُ للسيد القائد عبدالملك -يحفظه الله-، من هذه الحشود رسالة أُخرى مضافة، إلى أننا نزداد تماسكاً واصطفافاً خلف قيادتنا الثورية وخياراتها سلماً وحرباً”.
بدوره يؤكّـد مديرُ مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة، قيس الطل، في تصريح خاص لـ “المسيرة”، أن “تلك الحشود المليونية في العديد من الساحات وَكلها بصوت واحد: لبيك يا رسول الله. هي ترعبُ أعداءَ الله من اليهود والنصارى وَالكفار والمنافقين، أكثر من القنابل النووية وَالهيدروجينية وَجميع الأسلحة الفتاكة؛ لأَنَّ تلك الحشود المليونية الهائلة رجالاً وَنساءً وَأطفالاً بثقتهم بالله تعالى، وبثقافتهم القرآنية وَباقتدائهم برسول الرحمة وَالجهاد، وَبتفويضهم لعلم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وَبهُــوِيَّتهم الإيمانية المترسخة وَبتاريخهم العظيم وَالمشرف هم يمثلون القوةَ العظمى وَيمثلون المَثَل الأسمى، الذي ستحذو حذوَه شعوبُ الأُمَّــة العربية وَالإسلامية، وَسيشكل النواة الأولى للوحدة الإسلامية، وَسيقدم القرآن الكريم وَالرسالة الإلهية كمشروع عملي واقعي، هو الوحيدُ القادرُ على إخراج البشرية من ظلمات جاهلية العصر إلى نور القرآن وَعظمة الإسلام.
المسيرة | عباس القاعدي