السيد عبدالملك والإنذار الأخير .. فرصة قصيرة
يمانيون – متابعات
حسم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الموقف اتجاه جولات التفاوض الأخيرة: لا تقدم.. وانصياع سعودي للإرادتين الأمريكية والبريطانية.
قدم السيد إنذار أخيرا، وكأنه منح فرصة جديدة قصيرة المدى لعل الوساطة العمانية تعود بأجوبة سعودية مقرونة بالافعال لا مجرد وعود كلامية.
بغص النظر عن معرفة صنعاء المسبقة بأن الرياض لا تملك كامل اوراق اللعبة، وأن الأميركيين ومعهم البريطاني هم من يتحكمون بكثير من الأوراق ومنها مسألة الحصار. ويؤكد ذلك تصريح المبعوث الأمريكي إلى اليمن “تيموثي ليندر كينغ” الذي صرح قائلا “إن مسألة المرتبات معقدة”. وهي إشارة بأن حلها بيد الأمريكي ووفق رؤيته، وأن الرياض لا تملك القدرة على مخالفة توجهات أميركية. فبالنسبة لصنعاء لا مبرر للرياض الخاضعة لما تريد واشنطن، وهي من سيدفع الثمن الأكبر حال حصل التصعيد.
لكن السؤال، لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ ولماذا أعطى السيد فرصة أخيرة مرفقة بإنذار أخير؟
بعد انتهاء الهدنة، ودخول مرحلة اللاسلم واللا حرب، ومع تبدل العديد من الظروف الإقليمية والدولية، تصاعدت الوساطة العُمانية، ونتج عنها لقاءات سعودية – يمنية مباشرة، منها ما ظهر الى الإعلام، كما حصل في زيارة السفير السعودية محمد آل جابر إلى صنعاء في شهر رمضان، ومنها ما بقي طي الكتمان.
قدم السعوديون خلال اللقاءات وعودا بالمضي قدما في بوادر حسن نية، تبدأ بتوسيع الرحلات من مطار صنعاء إلى وجهات مختلفة، وفتح ميناء الحُديدة وحل مسألة المرتبات. نفذ السعوديون جزءا بسيطا، وهو رحلات من مطار صنعاء، وفتح مقنن لميناء الحُديدة، وفيما يتعلق بالمرتبات تعهدوا بدفعها من خزينتهم، وهو ما رفضته صنعاء مرارا، وأصرت على دفع المرتبات من عائدات النفط والغاز، أو ما تسميه عائدات الثروة الوطنية.
أتى تعطيل مسالة المرتبات مع زيارات أمريكية إلى الرياض وعُمان، كانت اول زيارة للمبعوث الأممي مباشرة مع مغادرة الوفد السعودي صنعاء في رمضان، ثم زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى الرياض، وسط إعلان عن بحث ملف اليمن مع محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وهو أمر واضح.
صنعاء اكتشفت مبكرا المسألة، لكنها راعت ما كان يجري في الإقليم من تهدئة، وهي صراحة أرادت تأكيد مباركتها لهذه الجهود، علها تنعكس إيجابا على مختلف ملفات المنطقة ومنها اليمن، وهو ما كان مأمولا.
يبدو أن النظام السعودي، فهم التهدئة اليمنية في غير محلها، وقدر خطأ بأن التقارب مع طهران يمكن أن يهدأ الجبهة في اليمن، أو يمنع صنعاء من ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها. لا شك أن التقارب السعودي مع طهران وسع مروحة الاتصالات قليلا، لكن ليس بالقدر الكافي، باعتبار أن صنعاء حليفة لطهران، وان الأخيرة لديها مبادرة للحل اطلقت عام ٢٠١٥ ويمكن أن تشكل أرضية. لكن ذلك لم يحصل بالشكل المتوقع، نتيجة المناورة السعودية، من جهة، ومن جهة أخرى عدم قدرة الرياض على تخطي موانع أميركية.
إذا، كل ما حصل في المرحلة الماضية، لم يعط أي نتائج على أرض الواقع، بل ظهر السعوديون على الشكل التالي:
– خيارات ضيقة نتيجة العامل الأمريكي.
– عدم قدرة على الإلتزام أو الإيفاء بالتزامات يقدمونها.
– كسب وقت من خلال التعويل على التهدئة مع طهران.
– الذهاب نحو تنفيذ مشروع “الأقاليم الست”، حيث أمكن، وعملوا على دعم “مجلس حضرموت الوطني”، وهي خطوة خطيرة وتعني طرح مشروع تقسيم.
هذه العوامل، أكلمت رسم الصورة في صنعاء، خصوصا أن الأخيرة كانت قد لوحت بالخطوات الضاغطة على لسان السيد عبد الملك الحوثي اكثر من مرة، وعدم الذهاب إلى هكذا خطوات كان نتيجة اتصالات ووعود بحل مسألة المرتبات، وهو ما لم يحصل.
إضافة إلى ما تقدم، عمد الأمريكيون إلى تعزيز وجودهم البحري تحديدا، في المنطقة، وتركز في البحر الأحمر، بحر عُمان، وعلى مقربة من مضيق هرمز، وبحر العرب، وكذلك تعزيز وجود في سوريا، واستقدام قطع بحرية وطائرات حربية متطورة إلى المنطقة، وهو ما اعطى إشارات سلبية.
بناء على كل ما تقدم، فإن موقف السيد عبد الملك الحوثي الأخير، يعد بمثابة إنذار وفرصة أخيرين، إما تحقيق مطالب صنعاء في الملف الإنساني أو الذهاب نحو التصعيد، حسب توقيت صنعاء.
مجريات الأمور ترجح قرب التصعيد أكثر من أي أمر آخر لاعتبارات عدة، أبرزها أن الرياض لا يمكنها تخطي موانع وخطوط حمر يمنية، وهو ما يعرقل الحلول، بالتالي هي من سيدفع الثمن، وليست إشارة السيد الحوثي إلى “نيوم” والأمن والاستثمارات في السعودية، إلا تأكيد أن البداية ستكون من السعودية، فيما يترك موضوع البحر الأحمر لوقت تتحدث فيه “الضربات” عن نفسها.
موقع العهد الاخباري / خليل نصر الله