بدء العد التنازلي!
بصريح العبارة، عرَض «فعل الشرط» وحذر دول العدوان من جوابه، وحمّل قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، قادة التحالف مسؤولية كل ما ستؤول إليه الأمور إذا لم يُذعنوا لصوت السلام باستحقاقاته وموجباته الإنسانية.
تحذيرات السيد القائد في كلمته مساء أمس تبدو هذه المرة حاسمة، خصوصا وأنها تأتي بعد أشهر طويلة من الصبر وضبط النفس وإتاحة الفرصة لأي مبادرات سلام ممكنة تقوم على إنهاء العدوان والاحتلال.
وبهذه الجديّة في التحذير والوعيد، ينسف السيد القائد توهمات قادة العدوان وحُمَاتِه، بأن هذا الصبر إنما يعكس عجزا في اتخاذ القرار لتحرك عملي من أجل انتزاع الحقوق الوطنية المشروعة وإخراج المحتل على أية شاكلة كان، إذ أكد أن التحذير هذه المرة «جاد» لـ«تحرك حاسم»، ينهي الوضع القائم من خفض التصعيد إلى سلام شامل.
الواضح أن أمريكا وأتباعها كانوا أقل من أن يعوا معنى هذا الصبر، لذلك تمادوا بصنع حالة الفوضى العارمة في المناطق المحتلة وذهبوا يقتطعون من الأراضي والجزر ما يمكن أن يفرضونه كواقع على الأرض، خصوصا مع ما رشح من أخبار تفيد بأن هناك تحركات ومشاورات بين الجانب الوطني والرياض في ملف السلام.
وزادت أمريكا ومعها بريطانيا خلال الأشهر الماضية من تحركاتهما المباشرة في عدن ومناطق منابع النفط بقصد فرض السيطرة عليها، ثم ختمت أمريكا نشاطها العدائي قبل أيام، بتحريك عددها وعتادها إلى المياه الإقليمية في البحر الأحمر وباب المندب في محاولة لفرض صيغتها لشكل السلام.
الأكيد في هذه التحركات أنها أولا تحت رصد القوات المسلحة، كما أكدت ذلك القيادة البحرية قبل أيام، ثم أنها ثانيا، لا تنم أصلا عن قوة أو شجاعة وإنما عن حماقة من جهة، في تعيين القرار المناسب، وخوف من جهة أخرى، من تسرّب سلطة البيت الأبيض على المنطقة التي تحاول التعاطي مع قضاياها بمعزل عنه، بدليل هذا التخبط في تسويق المبررات والتي كان آخرها أن تواجدها هو من أجل ضمان وحماية عملية تفريغ السفينة «صافر»!!
أمريكا التي باتت تعي أن دور «شرطي العالم» لم يعد واقعيا مع المتغيرات التي يشهدها العالم، كما المنطقة، مع اتساع مساحة الجغرافيا الرافضة لمحاولاتها استعادة الهيمنة على شؤون الدول، واحتوائها المناطق الثرية، تستمر بمثل هذه المحاولات للحفاظ على أي مساحة ممكنة لتأثير هيبتها بما يبقيها حاضرة في التفاصيل وفرض رؤاها على الأنظمة.
إنما الرياح – كما يبدو – لم تعد تخدم السفن الأمريكية، فالمعطيات اليوم وحاصل تكوين المعادلات لم يعد في صالحها، ومحور المقاومة يبدو اليوم أقوى وأكثر تحديدا للهدف، كما عكست ذلك لغة الحزم في كلمة السيد القائد.
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، هي أن واشنطن باتت تدرك أنها أكثر عجزا من أي وقت مضى عن ارتكاب أي حماقة وأن حدود فعلها من هذا التواجد اليوم لن يتجاوز استعراض القوة من أجل إدامة التوترات وإقلاق سكينة مجتمعات دول المنطقة بدسائسها الخبيثة التي تعتمد فيها على حفنة العملاء والأتباع داخل هذه المجتمعات، وكذا دعم هؤلاء العملاء، كما أشار إلى ذلك السيد القائد، عدا ذلك فإن تفعيل قطعانها من العسكر وتوجيه أي ضربة عسكرية وفي أي اتجاه، تبدو مستحيلة قطعا لاعتبارات كثيرة أبسطها أن تداعيات ذلك ستكون وخيمة عليها، وأن قطعان أمريكا من غير المرجح أن تعود إلى وطنها بنفس العدد، فضلا عن فقدان الكيان الأمريكي للكثير من مصالحها، واختلاط وارتباك أوراق حساباتها للمنطقة بشكل كلي، وربما سيمثل الأمر نهاية قطعية لتواجد «شرطي العالم» الأمريكي في الشرق الأوسط، ثم وكناتج طبيعي لهذه الصورة، ستنسحب التداعيات على الكيان الصهيوني، الذي ربما ستحدد المعركة نهاية حتمية لاحتلاله الأراضي العربية ووجوده في المنطقة.
ومع هذه القناعة بأن أمريكا تدرك حدود تحركها واستعراض العضلات في المنطقة، فإن محور المقاومة لا يبدو أنه يركن إلى هذه القناعة وهو ما تعكسه هذه الجاهزية القصوى لجيوشه، وحالة الرفض للتواجد الأمريكي في المنطقة جملة وتفصيلا وتحت أي عنوان كان، حسب ما تؤكده دول المحور.