محافظ حضرموت لقمان باراس: حضور القوات الأمريكية والبريطانية في حضرموت يشكل تهديداً على ممرات الملاحة الدولية
يمانيون -متابعات
دعا محافظُ حضرموت، لقمان باراس، الأحرارَ في المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحتَ سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ بأن يكونوا صفاً وطنياً واحداً في مواجهة الاحتلال ومرتزِقته.
وطالب في حوارٍ خاص مع صحيفة “المسيرة” تحالف العدوان على اليمن بالكف عن العبث بخيرات وثروات ومقدرات البلاد، مؤكّـداً أن مصير الغزاة إلى زوال.
وأكّـد أن حضور القوات الأمريكية والبريطانية في حضرموت يشكل تهديداً على ممرات الملاحة الدولية، وأن زيارات السفراء الأمريكيين والبريطانيين للجنوب المحتلّ تأتي للإشراف المباشر على تنفيذ المخطّط الأمريكي البريطاني لاحتلال عدن وشبوة وحضرموت والمهرة والجنوب بشكل عام، موضحًا أن السعوديّة تخلط الأوراق وليست واثقة بأدواتها من المرتزِقة.
إلى نص الحوار:
– بدايةً هناك مساعٍ للنظام السعوديّ لفصل محافظة حضرموت عن اليمن.. إلى أي مدى يمكن أن تنجح الرياض في ذلك برأيكم؟
في الحقيقة أن سياسةَ الاستعمار كانت وما زالت منذ احتلال عدن في ١٦ يناير عام ١٨٣٩م وحتى اليوم تقوم على التجزئة والتفرقة وفقاً لمبدأ (فَرِّقْ تَسُدْ)، حَيثُ جُزِّئَ جنوب اليمن إلى ٢٢ جزءاً أَو كياناً حملت أسماء سلطنات وإمارات ومشيخات، كما عملت على تجزئة اليمن إلى جنوب وشمال وكرست هذه التجزئة طول فترة احتلالها لأكثر من ١٢٩ عاماً، وعلى الرغم من طرد بريطانيا من جنوب اليمن وتحريره ونيل استقلاله في الـ٣٠ من نوفمبر عام ١٩٦٧م على أيدي ثوار ١٤ أُكتوبر، فَــإنَّ بريطانيا ظلت وما زالت تتآمر على اليمن شماله وجنوبه، بل وعلى كُـلّ الشعوب التواقة للحرية والاستقلال، تتآمر من خلال المرتزِقة ومن خلال التنسيق مع دول الاستكبار والقوى الرجعية في البلدان العربية، وما كان يعتمل في يمننا الحبيب من تآمر في إطار التجزئة من خلال مؤتمر الحوار، ومشروع التقسيم إلى أقاليم، فقد كان مصيره الفشل، ومع ذلك فَــإنَّ السعوديّة ومن ورائها لا تمل ولا تكل فقد جمعت مؤخّراً بعض الحضارم، معظمهم كما تفضّلت ممن يحملون الجنسية السعوديّة جمعتهم في الرياض؛ بهَدفِ تبنِّي مشروع فصل حضرموت عن اليمن، وإقامة دولة حضرموت المرسومة في أذهان حكام السعوديّة منذ زمن طويل؛ ليتسنى لها التدخل في شؤون حضرموت من خلال السيطرة المباشرة والشروع في نهب ثروات حضرموت المكتشفة وغير المكتشفة بمساعدة البريطانيين والأمريكيين.
لكن هذا المشروع سيفشل بالتأكيد كما فشلت قبله العديد من المشاريع، أهمُّها مشروعُ السيطرة على حضرموت بالقوة، بواسطة جيش الإنقاذ الذي أسَّسته السعوديّة، وأنفقت عليه الكثير من الأموال التي ذهبت أدراج الرياح، وتحطم مشروعها على يد الأحرار من أبناء حضرموت واليمن عُمُـومًا.
نحن واثقون بأن المشروعَ الجديدَ سيفشل، خَاصَّةً أن الشعبَ أصبح أكثر وعياً من ذي قبل، ووسائل التواصل متاحة للتشاور، وتوحيد الرؤى بين كُـلّ أحرار اليمن، وبالتالي مقاومة كُـلّ خطط وسيناريوهات المعتدين وإفشالها.
والواقع أن السعوديّة منذ تأسيسها وهي تطمع في التوسع على حساب أراضي الغير، ولقد استعانت بخبراءَ أجانبَ، وعلى رأسهم البريطاني ڤلبي الذي تم الترويج له بأنه أسلم وقام باستطلاع حدود السعوديّة مع اليمن صحاريها وجبالها وبحرها وبرها، وباختصار فَــإنَّ السعوديّة استقطعت من الأراضي اليمنية منذ تأسيسها، وحتى الآن ما مساحته مليونُ كيلو متر من الأرض اليمنية، وما زالت طامعة في المزيد، ومع قيادتها لتحالف العدوان وشن الحرب على اليمن وقتل الكثير من أبنائه رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، وتدمير بِنيته التحتية، كُـلّ هذا ليس إلا تنفيذٌ لمطامعها القديمة الجديدة في احتلال حضرموت والمهرة وشبوة، وبالتالي إضعاف اليمن بكامله؛ لتسهل لها السيطرة على كامل الأراضي اليمنية وتشكيل سلطنة يمنية ضعيفة تابعة لها ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
أما ما يتعلق بالإمارات فلم تكن لها مطامعُ سابقةٌ إلا أنها فقط لم تكن مطمئنةً من قيام الثورات وقيام الجمهورية.
– اليوم تظهرُ مليشيا الانتقالي وجماعة العليمي بصورة مزرية والكل يهتف برحيلهم ورحيل الاحتلال الذي جاء بهم.
أهمُّ شرط من شروط بقاء الأنظمة والمشاريع هو التأييد الشعبي، وكلا التكتلين يفتقدان للتأييد الشعبي، فقد ظهر للعيان وللمتابعين صراعهما على الكرسي وتوظيفهما لكل القدرات لخدمه مشغليهم دون الاكتراث للمتطلبات المجتمعية والمصلحة الوطنية.
يقول الله تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، فالمواطن يسعى للحصول على الاكتفاء الغذائي والأمن كأهم مقومات حياته، وأبناء حضرموت يلمسون التباينات ويعانون من الصراعات بين الأجنحة والتكتلات التي ضيقت عليهم معيشتهم وأفقدتهم أمنهم، وبالتأكيد كلا التكتلين لا يملكان قاعده شعبيّة.
– ما السبب في محاولة النظام السعوديّ على امتداد السنوات الماضية زعزعة الأمن والاستقرار في محافظة حضرموت وإرسال قواتها وتجنيد المرتزِقة للسيطرة عليها؟
مما لا شك فيه أن الأطماعَ السعوديّة ليست وليدة اللحظة؛ فهذه الدولة كما عرفها أبناء الجزيرة جميعاً دولة توسعية تسعى إلى قضم مساحات مختلفة من الدول المجاورة، وكانت دائماً تسعى إلى شراء الولاءات، ومن خلال الإغداق على حلفائها أَو التجنيس والدفع باتّجاه خلق حالة من الحنق الشعبي وَاللا استقرار عن طريق بث الطائفية والمناطقية من خلال أدواتها الممولة.
– مقابل الأحلام السعوديّة في السيطرة والاستحواذ هناك أطماع كبيرة للغرب وتنافس على احتلال المناطق الاستراتيجية باليمن ومنها حضرموت.
يقولُ الإمامُ عليٌّ -عليه السلام-: “لا رأيَ لمَن لا حُكمَ له”؛ ولهذا مهما تعاظمت أطماع السعوديّ والإماراتي، فلن يتعدى أن يكون سوى مُجَـرّد “أحلام”، فلن يسمح الأمريكيون والبريطانيون أن يتحقّق الأمر ما لم يصب في مصلحتهما، ولن تسمح لهما بالتفرد بالرأي، فعلى سبيل المثال اتّفاقيات التقارب بين السعوديّة والمنطقة يروّج لها بأن السعوديّ استقل بالرأي ونجح في اختراق السياج الأمريكي الذي فُرض عليه ونزع قراره، بينما الحقيقة أنه لم ولن يتجرأ السعوديّ على الخروج من العباءة الأمريكية؛ فهي الضامن والمدافع والمخطّط لبقاء نظام الحكم هناك، وعليه فَــإنَّهم لا يملكون حق التقرير، بل يملك السعوديّ حق الرأي فقط.
– عندما ننظر إلى مرتزِقة وأدوات الرياض وأبو ظبي مع سعي الإعلام الخليجي والأمريكي لصنع أحداث تخدم تحَرّكاتها السياسية، يظهر تنافس وصراع بين تلك القوى في حين أن المواقف الرئيسة تكشف أن التحَرّك يتم عبر طريق ورؤية واحدة للمحتلّ وإن تعددت الفصائل والمسميات.. كيف تعلقون على هذا؟
من وجهة نظري أنه منذ صعود ابن زايد وابن سلمان شكّلا معسكراً يعادي كُـلّ الأنظمة السياسية المجاورة، وظهرا على وفاق تام مما دفع الكثير من دول الإقليم إلى خلق تحالفات تحت عناوين مختلفة لحماية أمنها القومي من الممارسات الطائشة واللا مسؤولة للأدوات الأمريكية والبريطانية التي استثمرت موقعها الجغرافي وثقلها السياسي وقدراتها المالية في المنطقة وكانت جحر عثرة أمام أية حلول سياسية في المنطقة.
في المقابل يسعى صانع القرار الدولي إلى إبراز الاختلاف والصراع المفتعل بين ابن زايد وابن سلمان؛ حتى يتسنى لهم امتهان هذه التحالفات القائمة في المنطقة؛ فالإمارات ستسعى لتقاربات حقيقية مع إيران وتركيا، والسعوديّة ستسعى لتقاربات مع اليمن والقرن الإفريقي؛ لكي يعتقد الجميع أن السعوديّ والإماراتي سيسعيان لضرب مصالح بعضهما البعض.
وهنا نعيد التأكيد بأنها مسرحية هزلية رسمها وخطط لها الأمريكي والبريطاني.
– ألا يعيدنا اللعب الأمريكي البريطاني في الساحة اليمنية إلى صراعات الغرب المستعمر قديماً وتنافسهم على المنطقة العربية.. على سبيل المثال احتلال بريطانيا لجزيرة ميون العام ١٧٩٩م؛ بهَدفِ قطع الطريق على الفرنسيين بعد احتلال باريس لمصر آنذاك؟
بالتأكيد، هذا صحيح رغم اختلاف أشكال الاستعمار؛ فقديماً كان الاحتلال عن طريق إنزال القوات العسكرية، وحَـاليًّا عن طريق توظيف قوى عسكرية وقيادات تخدم أهداف المحتلّ وتؤمِّنُ له مصالحه.
– بالعودة إلى أطماع السعوديّة في محافظة حضرموت كانت هناك محاولات قديمة لضم هذه المنطقة الشاسعة ومحاولة إغراء عبدالعزيز ومستشاره البريطاني جون فيلبي -كما أشرت- لزعامات حضرموت بالذهب لكنه اصطدم بردهم الحاسم والرافض لمشاريع التوسع السعوديّ.. هل يمكنُ أن يتكرَّرَ هذا الموقف التاريخي اليوم في ظل استماتة آل سعود على ضم حضرموت ولو بالقوة؟
هناك من استوطنوا الأرض وهناك من استوطنتهم الأرض، وانتماؤنا للأرض يجري مجرَى الدم في العروق، وإيماننا بوحدتنا أرضاً وإنساناً متجذر في نفوسنا، وَما سعي السعوديّ أَو الإماراتي إلا خيالات لن تعودَ عليهم إلا بالخسارة اقتصاديًّا وَسياسيًّا.
– السعوديّة رغم علاقاتها الطبيعية مع اليمن قبل ٢٠١٥م كانت تحضّر لهذا السيناريو الذي نعيشه في جنوب اليمن المحتلّ، حَيثُ تشير وثائقُ تضمَّنت معلومات أن هناك أعداداً كبيرةً من اليمنيين المنتمين لحضرموت والمهرة كان يتم استقطابهم إلى المملكة عن طريق بعض المشايخ العملاء لنظام آل سعود، حَيثُ يتم منحهم الهُــوِيَّة السعوديّة ورصد رواتب مغرية لهم.. ألم يكن هذا إلى جانب عدم اعتراف السعوديّة بخرائط الحدود ما بعد اتّفاقية جدة ٢٠٠٢م المشؤومة كافٍ لإدراك ساسة البلاد آنذاك بأن السعوديّة تخطط للتآمر على اليمن في أية لحظة وأنه يجب الحذر منها؟
لا يختلف اثنان على حقيقة عداء السعوديّة التاريخي لكل ما هو (يمني)؛ كون السعوديّة ترى وجودَ حكمٍ رشيدٍ في اليمن مصدرَ قلقٍ لامتلاك اليمن الثروات الطبيعية والمخزون البشري والتجربة التاريخية في إقامة دول عريقة أوجدت الاستقرار والرخاء، ورجالات السياسة في وقتها يدركون ما هو أعمق من ذلك، ولكن المصالح الضيقة الفئوية، أَو الحزبية كانت هي السمة الغالبة على قرارهم.
– المصالحُ الضيِّقة التي تجعل الحاجة لوضع أُطُرٍ تحدّد مصالحَ البلاد وتحدّد خيارات التوجّـه لا التوجّـه الجماعي الذي يقود كُـلّ ساسة البلد أَو غالبيتهم وقتها للارتماء في أحضان الدولة الطامعة والعدوّ، كي توجد لهم مخرجًا بدأ بمؤامرة الأقاليم وانتهى باحتلال جنوب وشرق اليمن اليوم.
هَوَسُ السلطة والكرسي غلب على حب الوطن واعتباره أمانةً في الأعناق وكانت السفارات والممثِّليات تحتضن أشخاصاً وتوظف آخرين، وتوهمهم بأنهم رجالُ دولة وصانعو قرار؛ مما دفع الواهمين إلى المطالبة بالمشاركة الجبرية في السلطة وذلك عن طريق ضغوطات خارجية لها أبعاد تخريبية.
– يقال إن تشكيلَ مجلس حضرموت الأخير خطوة أولى لفك ارتباط تدريجي يبدأ بتسيير شؤونها ثم فصلها تماماً ثم إعلان وطلب عملاء السعوديّة ومجنسيها هناك بضمها رسميًّا لأراضي المملكة.. برأيكم، هل الأمر بهذه السهولة إن توقَّعها السعوديّون هكذا؟
للأسف رغم تعاقُبِ الحكومات في الجمهورية اليمنية وَما سبقها قبل الوحدة، دائماً ما هُمِّشَ أبناء حضرموت من المشاركةِ في صنع القرار بشكل جدي؛ مما انعكس على تطور النهضة الاقتصادية والمجتمعية وأوجد نقطةً رخوةً مكَّنت العدوّ من استغلالها عن طريق العزف على المظلوميات المجتمعية وقصور الأداء الخدمي من بنى تحتية وغيرها، مما دفع الكثيرين للوقوع فشارك العدوّ من خلال استقطابهم وتجنيسهم، ولكننا نثق بأن الوعي الوطني في كافة المحافظات سيكون هو الجدار الصلب أمام أطماع الطامعين، ولكن يتوجب على اليمنيين توحيد الصف ورأب الصدع وخلق مركز قرار وسطي ومتزن يتماهى مع متطلبات وآمال وتطلعات المواطن حتى يتم تحصينه ضد أية مخطّطات تفتيت وتمزيق للأرض والإنسان.
ويجدر بنا التذكير إلى أن حضرموت ليس من السهل ابتلاعها فهي مساحة وثقافة وتاريخ.
وعلى الرغم من وجود أطماعٍ لدى بعض الدول المجاورة وتنافسها الملحوظ للهيمنة على بعض المناطق مما أَدَّى كما شاهدنا من سابق إلى صراع بين الوكلاء من جهة والأُجَرَاء من جهةٍ أُخرى، إلا أنه لا يمكن أن ننكر بأن ما وصلنا إليه هو نتيجة لأخطاء متراكمة وترحيل الكثير من المشاكل من حكومة إلى أُخرى دون إيجاد حلول، في المقابل نؤكّـد أن الثقافة الوطنية ثقافة واحدية الأرض والإنسان هي المسيطرة على شرق الوطن وغربه شماله وجنوبه، ولكن سلاح الإعلام يوجه كَثيراً من الآراء باتّجاهات مغايرة تخدم مصالحه، وهي اتّجاه عكس ما هو بأرض الواقع، فأصبح الإعلام في اللحظة الراهنة “يصنع” الخبر بدلاً عن “نقل” الخبر.
– الشارعُ الحضرمي عانى الجوعَ والخوفَ بسياسة العدوان الممنهجة حاله حال بقية محافظات اليمن المحتلّة، والأهم تمكين “القاعدة” سعوديًّا من قَبل من رقاب أبناء حضرموت كي تقدم السعوديّة نفسها كمنقذ.. هل تقبل حضرموت الوسطية محاولات الإخضاع السعوديّ لها؟
“القاعدةُ” سعوديّة الهوى أمريكية الهُــوِيَّة، وهنا نؤكّـد أن حضرموت بثقافتها الوسطية وفكرها المعتدل ستلفظ أية أفكار متطرفة أَو نزعات تفتيت مهما تغيرت المسميات والأدوات.
لقد عانى الشارع الحضرمي من سياسة التجويع والخوف ونشر القاعدة في حضرموت وتحريكها متى ما رأت السعوديّة وأمريكا ذلك ضرورياً، واتضحت الحقائق لأبناء حضرموت بأن رفع شعار محاربة الإرهاب من قبل الغرب أُكذوبة وأن القاعدة صناعة أمريكية تحَرّك بالريموت وتمول من قبل السعوديّة؛ لذلك فالظروف قد اختلفت تماماً، وسيواجه أحرار حضرموت كُـلّ المخطّطات الهادفة إلى تدمير المحافظة ونهب ثرواتها وستتوحد جهودهم مع جهود كُـلّ القوى الوطنية في اليمن بإذن الله.
– السعوديّة مع محاولاتها إظهار نفسها لاعبًا حَذِقًا إلا أنها أخفقت كَثيراً لحد الإحباط.. هل تتفق معي في هذا؟
نعم، السعوديّة ليست لاعبًا سياسيًّا محترفًا، وَلا تمتلك استراتيجيات تمكّنها من التوغل والاستقرار إلا من خلال الأموال الموبوءة التي تنفقها يميناً وشمالاً دون تفكير، واستعْدت بأموالها الشعوب العربية والإسلامية لها والجميع يدرك أنه في حال وجود زلزال اقتصادي في السعوديّة فَــإنَّها سوف تركع ولن تستطيع تركيعَ أحد، وَإذَا ما لمسنا لها نجاحاتٍ بسيطةً في توظيف مكونات وأفراد، بالمقابل نرى إخفاقاتٍ متلاحقةً حرمتها الاستمتاعَ بلذّة الانتصارات الصغيرة.
– تواجد القوات الأمريكية والبريطانية في مناطق جنوب الوطن ومطاراته وسواحله وجزره وموانئه.. ألا يُنظَرُ إليه ضمن تفسيرات الصراع القائم بين واشنطن وحلفائها مقابل القوى العالمية الصاعدة كالصين وروسيا وحلفائهم إلى جانب أطماع هذه القوى في خيرات بلد غير مستقر؟
صحيح؛ فحضورُ القوات الأمريكية والبريطانية في حضرموت أَو غيرها له هدفان:-
الأولُ: استنزاف أكبر قدر ممكن من الثروات، خَاصَّة أن اليمن يمر بمرحلة اللا استقرار، وسيجبر وجودهما السعوديّة وغيرها على دفع فاتورة ضخمة تحت عناوين مختلفة.
الهدف الثاني: تشكيل تهديد على ممرات الملاحة الدولية مما يخلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي من خلال محاصرة دول كروسيا والصين وإيران، ونقل ساحة المعركة إلى مناطق نفوذ هذه الدول؛ لخلق استنزاف حقيقي للقدرات والمقدرات، وَإذَا ما نظرنا للخريطة سندرك أبعاد تموضع القوات الأمريكية والبريطانية في المنطقة.
– فيما يخص سلوك العدوّ في نهب ثروات البلدان.. هل توقفت عمليات سرقة وبيع النفط اليمني عبر موانئ الجنوب بعد رسائل تحذير صنعاء لسفن النهب بميناء الضبة وقنا؟
لطالما كانت منهجية الغازي والمستعمر هي الاستحواذ والسيطرة بأية وسيلة كانت؛ وكوننا نواجِهُ حرباً بدأت خارجَ إطار القانون وتستمرُّ خارج إطار القانون، وَلا تحترمُ قواعدَ وآدابَ الحرب؛ فمن الطبيعي أن السرقة لا تزال قائمة، فقط انتقلت من العلَنِ إلى السر.
واستهدافُ ميناء الضبة كان ضربة مدروسة ولها أثرها الذي أجبر العدوّ على الخروجِ من دائرة النهب علنًا والانتقال إلى آلياتٍ وأساليبَ تتم في جنح الظلام بتسهيل ومشاركة أمريكية وبريطانية.
– الحضورُ الأمريكي بقصر المعاشيق وطلب نشر كاميرات مراقبة بكل أحياء وأزقّة وشوارع عدن إلى جانب حديث لندن وترويجها عن تسلم الملف الاقتصادي للمناطق المحتلّة.. كيف تقرأون ذلك؟
زيارة السفير الأمريكي ستيفن فاجن ليست الأولى له ومن معه من الخبراء وضباط الاستخبارات؛ فقد سبقت هذه الزيارة زيارات إلى شبوة وحضرموت والمهرة وعدن، وكذلك زيارات السفير البريطاني وطاقمه، وأرى أن أمريكا وبريطانيا بعد أن وضعت سيناريوهات اليمن بشكلٍ عام والجنوب بشكل خاص، وبعد أكثر من ثماني سنوات لم تتمكّن السعوديّة ولا الإمارات ومرتزِقتهم من تنفيذ ما هو مطلوب لصالح البريطانيين والأمريكيين، ومع ازديادِ الغضب الشعبي في عدن وبقية المحافظات وخروج المظاهرات والوقفات للمطالبة برحيل التحالف وتحسين الخدمات ودفع المرتبات إلى آخر المطالب، شعرت هذه القوى بالإحباط ولهذا تأتي هذه الزيارة للإشراف المباشر على تنفيذ مخطّط الاحتلال من قبل أمريكا وبريطانيا لعدن وشبوة وحضرموت والمهرة والجنوب بشكل عام، ولكن هذه تبقى مُجَـرّد نوايا غير قابلة للتنفيذ في ظل تزايد الوعي الوطني وتزايد الغضب الشعبي واستعداده لمقاومة الاحتلال وبروز محور المقاومة على المستويين الإقليمي والدولي لمواجهة قوى الاستكبار العالمي.
– روَّجت السعوديّة لنقل حكومة العليمي إلى حضرموت، حَيثُ كانت في أكثر من مرة قد لوَّحت بنقلها للمكلا لتغطية شيء من إخفاقاتها المتلاحقة.. برأيكم في ظل حديث عن شارع حضرمي يرفض العليمي وجماعته.. هل تستسيغ هذه الفكرة؟
كان هذا أحد الخيارات سالفة الذكر للسعوديّة في نقل حكومة العليمي، ولكن السعوديّة روجت مؤخّراً للمجلس الحضرمي؛ لأَنَّها تدرك بأن العليمي غير مقبول في حضرموت وكذلك الانتقالي، والسعوديّة تخلط الأوراق وهي غير جادة ولا واثقة بأدواتها من المرتزِقة.
– قبل أن نختمَ سيادة المحافظ.. إلى أين تسير كُـلّ هذه الفوضى التي صنعها المحتلّ جنوب الوطن؟
تسيرُ نحو إقرار قوىً ثوريةٍ تناضِلُ؛ مِن أجل طرد الاحتلال وتحقيقِ الاستقلال دون أدنى شك.
– كلمة أخيرة لكم؟
أتوجَّـه بالشكر لكل أبناء المحافظات الجنوبية، وأخص بالذكر الأحرار منهم الذين حدّدوا مواقفَهم سراً وعلناً مما يحصل في محافظاتهم من ذل وهوان وسوء خدمات ونهب للثروات وتكريس للاحتلال، وأطالب بقية المواطنين في المحافظات الجنوبية أن يلتحقوا بإخوانهم الأحرار وأن يكونوا صفاً وطنياً واحداً في مواجهه العدوان.
كما أتوجّـه برسالتي إلى قوى التحالف وأقول لهم: “ارفعوا أيديكم عن اليمن، ألا يكفيكم ما فعلتم في بلادنا وبلاد العراق وسوريا ولبنان والسودان مؤخّراً من خراب؟”، كما أود التأكيد على أن مصيرَ العدوان ومرتزِقته إلى زوال، ولنا في التاريخ عبرة، وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز.
المسيرة – حاوره- إبراهيم العنسي